د. صادق السامرائي
هذا العصر فتان منان , أسقط الأقنعة وتهاوت فيه الجدران , وتعرّى الضلال والبهتان , وتبين أن آفة الشعوب والأمم تتلخص بالأديان.
والسبب الذي جعل الأديان آفات الشعوب , ليست بما فيها من رؤى وتصورات وعبارات , وإنما الذين يدّعون التدين ويتخذون من الدين صنعة أو تجارة , وإن شئت "بزنز" , فهؤلاء الذين يتبزنزون بالدين هم آفة الدين وشيطانه الرجيم.
ولهذا فأن الأديان وبلا إستثناء قد سقطت في هاوية الشرور , وإتخذت الدين ذريعة لسفك الدماء والظلم والنيل من حقوق الإنسان , بل جعلته وسيلة للقهر والإستعباد وإتخاذ القرارات المذلة المشينة بحق الإنسانية جمعاء , وأفتى المتبزنزون بالدين بالتطهيرات العرقية , وإعتبار الآخر غنيمة ومُلكا مشاعا للمُضللين المعفرين بالبهتان ومُعطيات أمّارة السوء التي فيهم.
والتأريخ البشري مليئ بتفاهات ومنكرات وآثانم وخطايا هؤلاء الذين دينهم هواهم , وربهم على مقاسات نواياهم السيئة المحقونة بالكراهية والعدوانية والإنتقامية من الحياة والأحياء , لأنهم يعتقدون بأن الحياة حكرا لهم , وهم الأسياد الذين ينفذون إرادة ربهم المجنون فيمعنون بالبشائع والمجون.
فهم الذين يقتلون ويعذبون ويقهرون ويدمرون ويخربون ويفسدون ويغتصبون , ويعيثون شرا وكفرا في البلاد والعباد , وتراهم يتعبدون في محراب الأباطيل والدجل والأفك والمراءات , والتبعية والعبودية لشخص مقنّع كذّاب أثيم , وما يحصدون غير الدماء والدموع والويلات والأنين , وهم فرحون بما يقترفونه من الجرائم بحق القيم والأخلاق وأبسط المعايير.
هؤلاء هم الذين كلما زاد عددهم في أي مجتمع تحوّل إلى ميدان صراعات وخرابات وكراهيات وطائقيات , وعشعش فيه الفساد والإقتتال بين أبناء الدين الواحد , والهدف واضح ومبين , إنها "البزنزة" , فأرباحهم تزداد كلما تفاقمت الصراعات وتنامت الشرور , وهم الأتقياء الأعفاء الذين يأتيهم الرزق الوفير من ربهم السقيم الذي يعبدونه ولا يخشعون لعبدٍ سواه , وربهم مثل اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى , وهم الذين يسبّحون بأسمائها ويحسبون أنهم يطيعون رب العالمين.
لقد كذبوا وتعبّدوا في محراب جيوبهم ومنافعهم وكراسيهم المؤيدة بأسيادهم وأربابهم الطامعين!!
فارجموهم والعنوهم وأدركوا معنى الحياة والدين , ولا تصدقوهم لأنهم من أكذب الكاذبين!!
فدينهم الدجل , وربهم الذي يملأ جيوبهم بالمال الحرام وهم يتغافلون , وفي سكرتهم يتطوّحون!!
د-صادق السامرائي