الحلول الإنفعالية!!
    السبت 6 مارس / أذار 2021 - 05:48
    د. صادق السامرائي
    الظواهر السلوكية تحتاج  دراسات وتقيمات وإستنتاجات عملية تؤدي إلى حلول ذات قيمة تربوية نافعة للمجتمع , ولا يمكن التمسك بالردع والقوة والتهديد والوعيد كجواب على التحديات السلوكية القائمة.

    فمجتمعات الدنيا تتخذ من التفكير العلمي ومناهجه وسائل للتصدي لما يواجهها من مشكلات وتطورات ومستجدات , ولا تستجيب لها بردود أفعال إنعكاسية وإنفعالية , وإنما بفهم علمي وإستقصاء وتحليل وبحث عن الأسباب والدواعي التي أنتجتها , لكي تجد ما يساهم في معالجتها بمهارة ودراية ومتابعة متواصلة ,  لتقدير النتائج والتفاعلات المترتبة على المعالجات ليتم تطويعها لما هو أصلح وأشفى وأنجع.

    فعندما تُلاحظ ظاهرة تجمّع الطلبة في قاعات للألعاب وتمضية الوقت , وتُحسب هذه النشاطات غير سليمة ومتقاطعة مع ما يجب أن يقوم به الطلبة من دراسة ومتابعة علمية وتطوير معرفي وثقافي , لا يمكن معالجتها بالتوبيخ والإجراءات الحازمة بغلق النوادي الترفيهية والتهديد والوعيد.

    والأجدى والأنفع أن يفكر المسؤولون بالبدائل , وبآليات لتصريف وإستثمار طاقات الشباب بما يخدم الحاضر والمستقبل , ففي هذه الحالة - على سبيل المثال - يمكن التفكير ببناء المكتبات العامة المعاصرة التي يتوفر فيها ما يساهم في تنمية قدرات الطلبة المعرفية والعلمية والإجتماعية , وتشييد النوادي الرياضية المنضبطة المراعية للسلوك التنموي السليم , والتي تضخ ما يحتاجه الطلبة من قدرات للنجاح في الحاضر والمستقبل.

    فالتوبيخ والردع لا ينفع بل يخنق المشاكل ويراكمها ويزيدها تفاقما وإنفجارا , ويتسبب بإنحرافات سلوكية عند الشباب , وهذه هي العلة الكبيرة التي تعاني منها المجتمعات العربية , لإنعدام قدرات التفكير بالمعالجات البديلة وبمحاورة أصحاب المشكلة , والتوهم بأن الحل بالقوة وحسب.

    بينما العالم اليوم بآلياته التواصلية قد إنتقل بالبشر إلى فضاءات أخرى , فيها نسبة غير مسبوقة من الحرية والتفاعلية العولمية , التي تحفز في الشباب طاقات وقدرات غير مؤلوفة لدى الأجيال التي تسيطر عليهم وتضغط على أيامهم.

    ومن هنا فالمطلوب ممارسة التفكير العلمي والتحاوري لمواجهة أي مشكلة , ويتحتم على الشباب أنفسهم أن يساهموا بالدراسات والمقترحات , التي يرونها ذات قيمة في إيجاد الحلول والبدائل الأصلح والأنفع للمجتمع.

    فالواقع يتغير والقوى المُسيطرة على مصير المجتمعات لا تتغير , وإنما تتعفن في رؤاها الراكدة وتستنقع فيها حد الإنقراض , وعليه فلا بد من السباحة الماهرة في نهر الزمن المعاصر , وإلا فأن الغرق هو المصير!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media