د. عبد علي عوض
لقد أصبحَ المختبر العراقي واحد من أغنى مختبرات العالم في مجال التجارب السياسية وألإقتصادية وألإجتماعية. حيث لاتزال تتوالى عليه مختلف المعضلات المصاحبة لتبعاتها ألإنهيارية ... فلو سادَ الصمت من قِبَل المعنيين بألشأنين ألإقتصادي والمالي العراقي لقلنا أنه لا مفر من إستقدام الوصفات الجاهزة من الخارج وألإستعانة بألمؤسسات ألإقتصادية والمالية الدولية ومراكز البحوث العلمية العالمية، لكن ما بعد عام 2003 نُشِرَت مختلف الدراسات والبحوث لمعالجة ألإقتصاد العراقي وكيفية النهوض به ولم تجد آذاناً صاغية.
إنّ آخِر تصريح لوزير المالية – علي علاوي – بجعل سعر كل 100 الدولار تساوي 300 ألف دينار كما كان ما قبل عام 2003 يؤكد أنه متمسك بتوجيهات البنك الدولي متذرعاً بأنّ رواتب منتسبي قطاع الدولة ترهق ألميزانية! فلم يكلف نفسه مع طاقمه ألإستشاري العناء بإشراك وزارة ألتخطيط لوضع دراسة متكاملة لتحويل غالبية منتسبي قطاع الدولة إلى القطاع الخاص ألذي يشترط بدوره توفير فرص العمل من خلال منح القروض مع تطبيق قانون الضمان ألإجتماعي لمنتسبي ذلك القطاع. لقد ذكرتُ قبل عدة سنوات إنّ ألإقتصاد الوطني بقطاعه الخاص يحتاج تقديراً إلى 50 ألف مشروع إنتاجي صناعي وزراعي وخدمي وهذا العدد ألهائل من المشاريع يستطيع إمتصاص البطالة بشقيها المعلَنة والمقنّعة/ منتسبي قطاع الدولة الزائدين عن الحاجة/.
يبدو واضح لنا ألتناقض بين تشريعات البرلمان وإتفاقات السلطة ألتنفيذية ألتي تتخذ طابع الصفقات، فأين إلتزام مجلس الوزراء بتنفيذ قانوني حماية المنتوج الوطني وحماية المستهلك!... لذا نرى ونلمس أن قرارات وزير المالية وقعت كألصاعقة على مداخيل الفقراء وذوي ألدخل المحدود.
إنّ المشكلة المتوارَثة بإدارة الدولة هي أن الحاكم يمتلك الحق المطلق بألتصرف بأموال الدولة ألتي هي أموال الشعب بعكس ما هو سائد في البلدان ذات الديمقراطيات العريقة بمؤسساتها الدستورية.. وها نحن على أبواب إنعقاد ألإجتماع الثلاثي بين الكاظمي والملك عبد الله الثاني والرئيس السيسي، ومؤشرات ذلك ألإجتماع توحي أنّ ألعراق يجب أن يكون سوقاً إستهلاكياً لسلع تلك الدول إضافةً إلى إصرار ألأردن ومصر على إنجاز مَد أنبوب النفط من العراق إلى ميناء ألعقبة على نفقة ألعراق والمستفيد من ذلك المشروع هما ألأردن ومصر أما العراق فهو المتضرر الوحيد.. كذلك، رغبة مصر بتصدير عمالتها إلى ألعراق وكأنّ العراق يعاني من شحة ألأيدي العاملة الداخلية ... مَن يريد بناء بلده عليه أن يضع نصبَ عينيه العراق إلى اللانهاية. من الممكن عقد أية إتفاقيات بين العراق وأية دولة أخرى إذا كانت تلك ألإتفاقيات تصب في مصلحة البلدين، أمّا إذا كانت تصب في مصلحة البلد ألآخر وتسبب ألضرر للعراق فلا داعي ألتفكير بها.