نعم أبا الحسن ... لقد فزت ورب الكعبة ... ج3
ضربت مكة جائحة الجوع، واعتادت ان يتكفل باشباعها " عمرو" بن عبد المناف الذي سمي وباستحقاق " هاشم" لانه هشم الثريد لبطون اصابها الجوع مقتلا . واستمرت هذه السلالة النبيلة، تمضي عل هذا العهد، حتى جردت سيد البطحاء " ابو طالب" مما ادخر . اصابه قحط المال والحال، فانتخى ابن اخيه محمد ص مع عمه العباس بكفالة اثنين من ولده . كان جعفر حصة العباس وعقيل الضعيف المريض بحماية ابيه . وتناول الجوهرة الدره، علي ع في رعاية الاب والاخ والراعي محمد ص . ترعرع في حجر وبيت سيدته خديجة اما رؤوما، وكرما وحنانا منقطع النظير . من هنا بدأت الخطوات الاولى، ونمى الوعي تحت ظلال شجرة قدسية. نشأ الفتى وتنعم بنعمة التوحيد، وخفق القلب، وتوهج الذهن، ونمى الجسد منصهرا بين الايمان وقوة الارادة وعظمة جسد لم يدانيه من المخلوقات مهما عظم شأن التبجح بفروسيتها. كان علي الناهض الناجز وهو في عز شبابه يلتهم التقى بالصادق الامين، والهدى حيث يثوًر الرأس اسئلة حول ماهية الوجود، العلم للسيد المصطفى والباب للهادي المرتضى، والمعرفة والحكمة، وهو بليغ البشرية وحكيمها . حيث يقول ع : ((أَنَا وَضَعْتُ فِي الصِّغَرِ بِكَلَاكِلِ الْعَرَبِ وَكَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ وَيَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ وَيُمِسُّنِي جَسَدَهُ وَيُشِمُّنِي عَرْفَهُ وَكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ وَمَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ وَلَا خَطْلَةً فِي فِعل ))
ربيب النبوة، ينهض بما كلف، واي كلفة، مهامها تصاغر الاخرون ازاءها، وارتجف لهولها،الرؤوس، وارتعدت الاوصال حين حان اوانها، فكان الاول من يتقدم، حين تبرز لهم المقامات العالية في الفروسية والشجاعة . تمرغل بالتراب من ادعى فارس العربان ذات الصيت والشأن" عمر بن ود" وشق بسيفه نصفين دعي اليهود " مرحب" وتوسله حامل الراية الذي فيه المنتهى والغاية" طلحة بن ابي طلحة" ٍ ويوم حنين اذا اعجبت الجيش الكثرة، وحين حوصروا هربوا، كان وحده من يدافع عن راعيه واخيه محمد ص . لسنا بصدد المناقب وانما بماهية المواهب، التي تميز بها . هو الابلغ والاقضى والاعدل والانزه والمتقشف من غرورها . مبتسم كثير المرح، والمرحون يحملون فلسفة انسانيه . كان يتبع الرسول ص، اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ، يلقمه فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ . علمه التأويل والتفسير والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والخاص والعام . ولولا ذلك الاحتجاز القسري، لضاع تفسيرها وتحليلها وحرامها وحلالها، فوضع الثوابت، ورسخها بالدعائم . حيث يقول ع : (وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملا قلبي علما وفهما وحكما ونورا)
اشتد الغيض والغل، والنفوس المغلوبة بالحقد والحسد، والمتمنية السلطه، وان اخذتها، الا ان وجود علي ع يقلقها، فايما سبيل للخلاص منه . جيشوا الجيوش في الجمل، فانتهى بما حمل . وجيشوالجيوش في صفين،فلم يربحوا الحرب، بل ربحوا معركة الغدر تحت عناوين شتى . انحرف ممن يدعون يفقهون وهم اغبياء لا يدركون مثل الخوارج، واستل الاشعث بن قيس حرابه ليضيق الدائرة على الامام تحت حجة رفع القران، واستغل عمرو بن لعبة المقامرة والمغامره مع رجل اقرب الى البلاهة، فكان الصلح المبطن بالمناوره .
وهو في محراب الله وقبلته، كانت المؤامرة قد نضجت بين رجل اغراه معاوية بالامارة كالاشعث بن قيس، ورجل خسر معركة الادعياء في النهروان، ولكن السبب الحقيقي للاغتيال هي تلك الجميلة الغناء الفتنة بفن الدعر، التي سلبت لب هذا الاحمق، الذي ذاب في اغراءها، وتعلق بحابلها، حتى ماع العقل ليتوثب القلب الاعمى بغرام العهر . حيكت المؤامره وافضل تنفيذ للجبناء هي حين يذوب علي ع في التوجه الى ربه، ويلتصق الزاهد في محراب القداسة . واذ يصرخ الاشعث للشيطان النجاء النجاء، وثب الخنزير، ليطبر الراس. ليتجمد الزمن، ورجفت الراجفه ومادت الارض وقصف البنيان وتهدمت الاركان . لامست يده الجرح العميق ولحيته الغارقه بالدماء . بل لم تنم اي ايماءة عن ضيق منه وقال : لقد فزت ورب الكعبة ..... نعم ابا الحسن لقد فزت بالاثر العظيم ومنابر التبر والخلود والاقلام التي لم تتعطل في الكتابة عن عظيم البشرية واسطورة العدالة .... واين الثرى واين الثريا ......واين معاوية واين عليا .