استيقاظٌ مُبْكِر أو نَوْمٌ مُتَأَخِّر أو الاثنان معاً، أَضِفْ إليها ساعات نهاريّة، وامْلَأها جميعها بمشاهد المثابرة الدّراسيّة من الصّباح إلى المساء، بَلْ إلى خِضَمّ اللّيل، ولا تنسَ المرور بالنّهار ولا تَغْفَل عن نصيبه من الامتلاء.
ما الخبر؟ إنّه نموذج لطريقةٍ كذائيّة قد تُشَكِّل مساراً لطالبٍ على مقربةٍ من امتحانات فصليّة أو رسميّة. ولكن، لكي تُؤتي الطّريقة أُكُلَها المحمودة، لا بُدّ لعنصر التّكرار أن يفرض حضوره وللدّوام أن يُكْمِل سبيله إلى فترة معيّنة. تالياً، يُتَوَقَّع الظّفر بالنّجاح المُراد والتّفوّق المأمول: أَكْمِلْ أيّها المُجْتَهِد.
لا تبتعدوا عن مجال الدّراسة، وَسِّعوا زاوية النّظر لتتأمّلوا المراحل التّعليميّة: روضات، ابتدائي، متوسّط وثانوي. ثمّ انتقلوا إلى الحقبة الجامعيّة ولاحِظوا تنوّع مستوياتها: إجازة، "ماستر"، "دُكتوراه" وأبحاث مستمرّة. إِذاً، المتابعة مطلوبة وإكمال المسار العلمي هدفٌ منشود. ليس خياراً صائباً التّوقّف عن التّحصيل المعرفي، ومن الطّبيعي أن يرفض العقلاء فكرة عدم إكمال تلقّي المعلومات، وصحيحٌ أن يُشَجِّع الآباء أبناءهم ويحثّوهم على الاستمرار في مختلف المراحل والتّرقّي في الدّرجات التّلقّفيّة: أَكْمِلْ أيّها المُجْتَهِد.
لا بأس بتغيير المجال، نوعٌ آخر من التّحضير والعمل التّمهيدي قبل الشّروع في عملٍ تجاري "ربحوي"، لإطعام الأنفس والعيال، والإنفاق في سبيل اللّه تعالى، مشاورات ولقاءات، وطلب آراء أهل الخبرة ونصائح أبناء الاختصاص. تالياً، بداية المشروع والمُضي تِباعاً في الإنتاج وتوابعه. بعد ذلك، استقرارٌ في العمل وتطوّر في التّحصيل "الكسبوي"... إلى ما شاء اللّه تعالى إلى ذلك سبيلا.
ولكن، ليستمرّ العمل ولا "يفرط" المشروع، الإكمال مطلوب وعدم التّوقّف عنصر أساسيّ: أَكْمِلْ أيّها المُجْتَهِد.
في الميدان الرّياضي، اللّعبة المُفَضَّلة كرة القدم وغيرها، في اللّعب الجماعي والفردي، لمواصلة الأداء المُمَيَّز وتحقيق النتائج المُبْهِرة، لا بُدَّ من الاستمرار في التّمرين بشكل مدروس ومواصلة الحصص التّدريبيّة بنمط مُنتظِم: أَكْمِلْ أيّها المُجْتَهِد.
في الجانب العائلي التّربوي، العمل على تلقين المفاهيم الأخلاقيّة والقِيَم الخَيِّرة للأطفال بشكل دائم يؤدّي إلى إنتاج ذرّيّة صالحة تكون ذخراً لآبائهم وأمّهاتهم في الدّنيا والآخرة: أَكْمِلْ أيّها المُجْتَهِد.
وقبل النّهاية، وإلى السّاحة العروجيّة ذات النّكهة الرّمضانيّة، شهرٌ فضيل، أيّامٌ مباركة وساعاتٌ مُغْتَنَمة، حالاتٌ روحيّة من نوع خاصّ، تزكيّة للنّفس وتصويبٌ للمسار السّلوكي.
والسّؤال: ماذا بعد؟
الجواب: على غرار مجالات أخرى حيث الاستمرار عنصر للنّجاح، بعد الشّهر الفضيل الاستمرارُ مطلوب، وعلى المؤمن أن يحرص على عدم التّفريط بمخزونه التّزوّدي، بل من المفيد أن يجعله نقطة انطلاق نحو الاستمرار في الصّعود دون كللٍ أو مَلَل: أَكْمِلْ أيّها المُجْتَهِد.
[وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ]
وللحكاية تَتِمَّة
[وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ]
أبو تراب كرّار العاملي