هل الانتخابات القادمة ضحك على الذقون؟؟!! وانها مجرد تهيئة جديدة ..لافتراس عراقنا..!
أ. د. حسين حامد حسين
يحدثنا التأريخ الاسلامي السياسي والاجتماعي، أن الطبيعة التي جبلت عليها الاكثرية العراقية من الناحية النفسية ، كانت دائما تتسم بخيانة العهود والذمم ورفض القائد الضعيف. وقد برهنت السياسات العراقية دائما وعلى مدى التاريخ وللاسف ، على افتقارها للنضج والحكمة في ادارة الدولة ولجوءها الى العنف من اجل الهيمنة واستباب الامور ، فاصبح ذلك السايكولوجية العراقية منذ قديم الزمان . كما أن العراقيين قد تعاملوا مع مسألة الدين والايمان بشكل لا يتسم بالاهمية المفترضة ، فكان سيف الحاكم ، والى الان ، هو الدواء لجرائم الفوضى التي لا علاج لها سواه.
فمنذ الاطاحة بالحكم الملكي في 1958 والى هذه اللحظة، كانت التجربة السياسية الجديدة ومنذ ذلك الوقت تتسم بالفوضى السياسية والتخبط ، حيث امتدت لسنوات طويلة على حساب انهار من الدماء بين العراقيين لمجرد الاختلاف في الرؤية والتصور للمنحى العقائدي بين الاحزاب السياسية، فكانت النتائج ان سادت نزعة صارمة من اجل القضاء على الاخر، من اجل اللانقضاض على السلطة. كما وازدادت على مدى السنين الانانيات الضيقة والجشع والطمع والولاءات الخارجية وفتح الابواب العراقية على مصراعيها للسماح لتدخلات خارجية في شؤون النظام وادارة السلطة ، لكن الامر ومنذ 2003، قد تعدى شكله الطبيعي المألوف حتى اصبح تهرا واستهتارا كلف السمعة العراقية وشعبنا الكثير. كما ولعبت تلك الاحزاب السياسية ولا تزال ادوارا رعناء في الكشف عن احقر غرائزها اللانسانية التي لم تبالي بانهاء وجود الاخر لمجرد الاختلاف بالرأي معه. واستمرت تلك الاحزاب السياسية تصب جام غضبها على بعضها البعض ، حتى اصبح العداء فيما بينها كتعامل الضباع مع الجريح بينهم. فكانت تجربة استهتار لا اخلاقي شجعت حكم الفوضى والاستبداد لصدام حسين ، فكانت تجربة حكمه ، ولا تزال حية في الذاكرة العراقية الى الان على مستوى الشعب العراقي كله، ان استغلها الدكتاتور المتغطرس ، لتركيع الشعب العراقي والتعامل مع الجميع بنوع من عبودية ، فراحت الاكثرية العراقية تتسابق في مدحه والرقص له على انغام أسواط البطش المهين ولخمسة وثلاثين عاما ، من خلال نطرية الترويض الشائعة.
فلولا الغزو الامريكي للعراق في 2003، لوجدنا أن صدام لا يزال الى الان مستمر في نتف اللحى والشوارب لهؤلاء "الرجال العراقيين" انفسهم والذين أصبحوا الان "النخب الجديدة" لحكام اذلاء ساعدوا احزابهم على سرقة الثروات الوطنية ، وخصوصا، ان "بريمر" سعى لتنصيبهم بعناية فائقة لتدمير العراق مستندا على "فهم" عملي عميق للسايكولوجية العراقية للاميين والذين يستميتون عشقا من اجل السلطة . وهكذا ، تحولت السلطة العراقية لحبل راح يلتف على رقاب شعبنا من قبل "قيادات العراق الجديد" .
وهكذا راح هؤلاء الاميون يغرقون في حب السلطة التي لم يكن ليحلم بها ايا من هؤلاء ، عربا واكرادا ، شيعة وسنة ،وقد عاش هؤلاء في الشتات باحثون عن ملاذات امنة بالامس القريب. وتحت ذلة لقمة عيشهم . وهكدا ، تدريجيا ، اصبح هؤلاء المشردون "ابطالا" وطنيون ،يرأسون احزابا سياسية عادت للعراق بلهفة الضمأن بعد مسيرة طويلة في صحراء قاحلة.
فمن كان ليتوقع أن هذه الشخصيات التي عاشت بالامس على فتات الموائد الاجنبية انها تتحول لتصبح قيادات وطنية لعراق غارق بالفوضى ؟ وخصوصا ان الغزو الامريكي قدم لهؤلاء فرصا ذهبية للتعامل مع الحرام من خلال سرقة ونهب الثروات العراقية وتدمير البقية الباقية من وطن عراقي لم يعد يفقه رأسه من رجليه؟؟!!
فهل من غرابة في امر هؤلاء "القادة" العراقيين الذين حكموا عراقنا منذ 2003، وراحوا يفترون على الدين والمذهب؟ بهذا المسعى الخبيث ، حتى اصبحت اساءاتهم للوطن العراقي نوعا من هواية يمارسها الخونة ولا يحاسبون عليها؟
وهكذا بدأ العمل "القادة" الجدد بنشر هذا الفساد الذي راح يستشري يوما بعد يوم ، واصبح تقسيم الغنائم العراقية فيما بينهم أمرا حتميا لارضاء الجميع. فكان ان يصبح رئيس الوزراء شيعيا، ورئيس البرلمان سنيا، ورئيس الجمهورية كرديا... !! واصبح بامكان الالاحزاب الشيعية وبحرية كبرى تسعى لتوطيد العلاقات العراقية بايران وبشكل يجعل ذلك من بين اعظم المساعدات من اجل ايران على حساب البؤس العراقي وشعبنا!! ومن جانب اخر، راح رؤساء البرلمان المتعاقبون ، يوطدون علاقاتهم بالسعودية ودول الخليج ، في حين، اصبح الاكراد من اهم حضور سياسي ومعنوي لاسرائيل. كل ذلك، كان من خلال انتخابات "شكلية" تم تزويرها بشكل علني في دورة انتخابية وتحت يافطة الولاءات للاكثرية الشيعية . وهكذا تم فرض اسماءا من قبل ايران كرؤساء للوزراء أمثال اياد علاوي وابراهيم الجعفري ونوري المالكي والدكتور العبادي الى عادل عبد المهدي والكاظمي اليوم!!! وبين هؤلاء ممن تصرفوا بولاءات مطلقة لتعزيز الولاء مع ايران على حساب الاساءة لوطننا العزيز . شأنهم ، شأن كل من كان لا يزال يجد في ايران وطنا بديل عن العراق بسبب انه عاش في ايران وتعلم اللغة الغارسية واصبح ولاءه للعراق في خبر كان !! أن هؤلاء اليوم هم الذين يمثلون هذه المليشيات الايرانية التي لا تزال تفتك بشعبنا غدرا.
الانتخابات القادمة في اوكتوبر، ان شاء الله هي اخر امل يعيشه العراقيون من اجل انقشاع ظلام ليل طال السهاد فيه. وبصراحة، وعلى المستوى الشخصي اني لا اجد نفسي متفاؤلا باي أحداث جديدة ستأخذ مجاريها في عراقنا الجريح والى درجة، انها سوف تمسك بدفة السفينة العراقية شبه الغارقة لتنقذها وتعيد الحياة من جديد للعراقيين؟؟
شخصيا اني ارى واقرأ "حماسا" اعلاميا كبيرا من اجل هذه الانتخابات القادمة. ولكن السؤال الاكثر اهمية، هو هل سيطرأ التغيير الكبير المطلوب كما يطبل ويزمر له الاعلام العراقي؟ ام يا ترى أن اللصوص والقتلة المجرمين من الاحزاب الايرانية – العراقية باقون مترصدون للانتقام من العراقيين الوطنيين الاحرار، وأن الانتخابات هذه هي مجرد ضحك اخر على الذقون؟؟؟!!!
حماك الله يا عراقنا السامق
June/25/2021