سؤال الى زعيم الثورة
    الثلاثاء 13 يوليو / تموز 2021 - 19:12
    حيدر الصراف
    ماحدث يوم 14 تموز 1958 هو ثورة بمعنى الكلمة و ليس أنقلاب عسكري فقط حيث انتقل العراق من نظام ملكي مدني دستوري الى نظام عسكري دكتاتوري جمهوري و من معسكر تسليحي الى آخر حيث تحول من التسليح الغربي و بالأخص البريطاني الذي كانت تعتمد عليه القوات المسلحة العراقية الى لأتجاه نحو الكتلة الأشتراكية و بالأخص الأتحاد السوفييتي في التسليح و التجهيز الحربي و كذلك تحول العراق من نمط السوق الحر في الأقتصاد المعتمد في نظام الحكم الملكي الى نمط الأقتصاد الموجه او حتى الأشتراكي و اعتماد سياسة تأميم الشركات الكبرى و حتى الصغرى و حعل ملكيتها للدولة و أدت كل تلك التغيرات الى تغيير في العلاقات الأجتماعية لذلك كانت حركة تموز ثورة تغيير جذرية و شاملة .

    لم يكن نظام الحكم الملكي و على الرغم من كل نواقصه و عيوبه بذلك السؤ الغير قابل للأصلاح و كان من الممكن و كما حدث في العديد من المناسبات ان تراجعت الحكومات الملكية المتعاقبة عن اتفاقية او معاهدة ما تحت ضغط الشارع و الجماهير المتظاهرة و كذلك استطاعت الجماهير من أسقاط العديد من الوزارات في انتفاضات جماهيرية غاضبة من اداء تلك الوزارات و هذا ما يحسب للنظام الملكي و الذي يتمتع بهامش واسع من الحرية و الديمقراطية و لم تكن المؤسسات الحكومية من الجيش و الشرطة تقابل المتظاهرين بالحديد و النار الا ماندر و لذلك كانت اعداد الضحايا قليلة مقارنة بالأنظمة الجمهورية اللأحقة و لم تكن الحكومات الملكية المتعاقبة تنتهج اسلب القمع و البطش المفرط .

    كان النظامان الملكيان الهاشميان في العراق و الأردن صنوان و تؤمان حيث كانت العائلة المالكة في البلدين واحدة و ابناء عمومة من الأسرة الهاشمية الحجازية و هما متشابهان في كل شئ تقريبآ في ادارة الدولتين الجديدتين العراق و الأردن و كان الفراق بين البلدين حين وقعت ثورة تموز في العراق و استولى الضباط على الحكم و قتلوا العائلة المالكة و تغير النظام من الملكي الى الجمهوري و ما آلت اليه الأوضاع في العراق بعد ذلك في حين حافظ النظام الملكي في الأردن على مكانته و ديمومته على الرغم من المشاكل و المؤامرات الكثيرة التي احاقت به الا ان العائلة المالكة الأردنية استطاعت بحكمة و حنكة بالنجاة من كل تلك المصاعب و تمكنت من جعل هذا البلد الفقير بالموارد الطبيعية بلدآ آمنآ و مستقرآ و من الأقتصاديات القوية في المنطقة و قبلة و مقصدآ للباحثين عن فرص للعمل و الحياة .

    بعد ثورة تموز استولى ضباط الجيش على الحكم و قتلوا و نكلوا بالعائلة المالكة المسالمة و بدأت حينها مسيرة العسكر الدموية الذين اهملوا كل شئ في البلد و تفرغوا للأنقلابات و المؤامرات و قتل بعضهم البعض و هكذا تداول الضباط الحكومات الجمهورية فيما بينهم بالأنقلابات و المؤامرات و التصفيات و بدأت حروبهم الداخلية حين جردت الحملات العسكرية المتعددة في قمع الحركة التحررية الكردية و كذلك كانت انتفاضات الجنوب تقمع بالقوات المسلحة الى ان حل عهد مهووس بالحروب و المعارك ( صدام حسين ) الذي كان الخلاصة الطبيعية لتلك الأنظمة العسكرية العدوانية و الذي بدأ ( عهده ) بالحرب على ايران و كانت خاتمة ( حكمه ) احتلال العراق و الأطاحة بالحكم و الدولة و المجتمع .

    لا نحاكم الماضي بمعطيات الحاضر و لكن لو فرضنا جدلآ ان ثورة تموز لم تقع و استمر الحكم الملكي في العراق و مع الأستغلال الأمثل للثروات الطبيعية الهائلة و التي يزخر بها البلد و مع تلك الكفاآت و الخبرات الأدارية الرصينة و في كل المجالات تقريبآ و مع ميل الدولة و رجالاتها نحو السلام و نبذ الحروب و النزاعات و ايجاد الحلول للمشكلات بين الدول الأقليمية عن طريق الحوار و الطاولة المستديرة و مع عقلانية حكومات العهد الملكي و صفة التسامح التي تحلى بها رجالات ذلك العهد و ميلهم الى توطيد السلم الأهلي و تداول السلطة بالوسائل السلمية و عن طريق الأنتخابات و التي سوف تكون اكثر شفافية و نزاهة و سوف يتاح المجال امام كل الأحزاب و الحركات السياسية بما في ذلك الأحزاب التي تناصب الحكم العداء و تدعو الى اسقاطه بغية دمجها في الحياة السياسية السلمية و امام كل هذه المعطيات سوف يكون لهذا البلد ( العراق ) شأنآ مهمآ و كبيرآ في المنطقة و العالم و ليس كحال العراق الممزق و المنهك حاليآ و سؤالنا الى زعيم الثورة و هو عند ربه في الدار الآخرة لو كان يعلم ما آلت اليه أوضاع الدولة بعد الثورة هل سوف يقوم بتلك الثورة مجرد تساؤل و ان كان متأخرآ .

    حيدر الصراف
    © 2005 - 2025 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media