بمناسبة حلول عيد الغدير الأغر وهو عيد الله الأكبر سنلقي الأضواء في مقالنا البحثي ماهية وصاية امير المؤمنين الموضوعية وهل بيعة أنها جاءت وليدة اللحظة واستحكمت ظروفها في تلك اللحظة؟ أم أنها تسلسل منطقي وموضوعي في أهلية وأحقية الأمام أمير المؤمنين(ع) في الوصاية والخلافة والتي توجت ببيعة غدير خم. ولا نقوم بإيراد الأحاديث والمصادر في حصول بيعة الغدير والتي الكثير من المخالفون والنواصب ينكرونها والتي تعرضنا لهذا الموضوع من قبل في مقالات سابقة واوردنا كل الكثير من الأدلة والمصادر على تلك البيعة المباركة من قبل رسول الله الأعظم محمد(ص) للأمام علي(ع)ومن قبل كل الفرق والجماعات. ولكن في مقالنا البحثي سنورد الأحاديث النبوية الشريفة وحتى الآيات القرآنية والتي تكون أكبر على في أن الأمام علي وكما عندما يذكر في الآذان (أشهد أن علي أمير المؤمنين ولي الله)ليكمل المؤمن المستمع ويقول حقاً حقاً لنثبت هذه المقولة وأن أمير المؤمنين هو ولي الله في أرضه ووصي رسول رب العالمين بدون أي شك أو ريبة أو شبهة تدخل في هذا الأمر الرباني والمنزل من رب السماوات والأرض من خلال كتاب الله المحكم القرآن الكريم، ومن خلال ما يقول نبي الله الحبيب محمد(ص) { والذي لا ينطق عن الهوى إن الا وحي يوحي }، ولهذا فإن كل ما يقوله الرسول الأعظم هو أمر من الله سبحانه ويجب الالتزام والإقرار به بدون اي نقاش أو جدال مصداقاً لقوله في محكم كتابه{...وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(1).
والذي بشر من يخالف الرسول محمد(ص)فله عقاب شديد وهذا ما ذكر في الآية الكريمة التي اوردناها. وعموماً أن هذه السندين المذكورين وهي القرآن الكريم والحديث الشريف لا يختلف عليها وكل الفرق والجماعة ولهذا لكي تكون الصورة في ايراد تلك الأدلة والمصادر والتي لا نعيد ونكرر على ما أكد عليه الله سبحانه في خصوص النبي محمد(ص) ومنزلته وضرورة الالتزام بما يقوله ويأمر به.
حديث المنزلة
وهذا الحديث مروي عن النبي(ص) و بخصوص الأمام علي(ع)، وسمي بهذا الاسم لذكر المنزلة في الحديث النبوي الشريف والذي يكشف في مضمونه عن منزلة أمير المؤمنين من قبل الرسول الأعظم محمد(ص)، وهو من الأحاديث المتواترة، ووردت في مصادر الفريقين وتم تصحيحه من قبل علماء الحديث من الشيعة والسنة.
والمعروف أن علماء الشيعة قد اعتمدوا هذا الحديث لأثبات وصاية وخلافة الأمام علي(ع) بعد النبي محمد(ص). والملفت للنظر أنه تم تشبيه النبي (ص)منزلة الأمام علي بمنزلة هارون من موسى، والمعلوم أن هارون أخي موسى كان وزيراً وخليفة كما صرح بذلك القرآن الكريم.
وقد رد حديث المنزلة بعبارات مختلفة ، غير أنّه يشترك في مقدار متواتر ، يُثبت من خلاله المنزلة التي للإمام علي من الرسول الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم ، ومن هذه العبارات :
«یا عليّ! أنت منّي بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبيّ بعدي»(2).
«أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟»(3).
«ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا (ليس) نبيّ بعدي»(4).
وقد وردت الكثير من الأحاديث بهذا الحديث الشريف إلا اكتفينا بهذا القدر، ولكن رغم وجود الاختلافات في صياغة الحديث، والاختلاف وارد وذلك يرجع إلى نقل الرواة ومدى ضبط نقل العبارات وهي تختلف من شخص إلى أخر، مضاف أن هذا الحديث من الرسول الأعظم محمد(ص)صدر في موضع كثيرة لا في موضع واحد كما يشير إليه العلماء, وعلى العموم فهو حديث صحيح ومسند من قبل كل الفرق الإسلامية ولا يختلف عليه أثنان.
والحديث صدر وباتفاق الشيعة والسنة في السنة التاسعة للهجرة في غزوة تبوك عندما استخلف النبي محمد(ص) في المدينة وهو بالحقيقة وحسب الروايات، حيث يروي محمّد بن سعد في الطبقات(5)باسناده عن البراء بن عازب وعن زيد بن أرقم قالا :
لمّا كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)لعلي بن أبي طالب : « إنّه لابدّ أنْ أُقيم أو تقيم » .
يظهر أنّ في المدينة في تلك الظروف حوادث، وهناك محاولات أو مؤامرات سنقرأها في بعض الأحاديث الآتية، وكان لابدّ أنْ يبقى في المدينة إمّا رسول الله نفسه وإمّا علي ولا ثالث، أحدهما لابدّ أنْ يبقى، وأمّا الغزوة أيضاً فلابدّ وأنْ تتحقّق، فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لعلي : « إنّه لابدّ أنْ أُقيم أو تقيم »، فخلّفه
" ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخبر في حديث المنزلة عن ثبوت جميع المنازل القرآنية في منزلة هارون من موسى وهي النبوة والخلافة والوزارة والقرابة من علي ، عن ثبوتها جميعاً لعلي ما عدا النبوة، لقد أخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)النبوة بعد شمول تلك الكلمة التي أطلقها، هي تشمل النبوة إلاّ أنّه أخرجها واستثناها استثناءً، لقيام الضرورة على أنْ لا نبي بعده (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويبقى غير هذه المنزلة باقياً وثابتاً لعلي (عليه السلام) "(6).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصادر :
1 ـ [الحشر : 7].
2 ـ القمي، تفسیر القمي، ج 2، ص 109، ذيل سورة نور الآيات 55-61؛ العیاشي، تفسیر العیاشی، ج 1، ص 332 ذيل سورة مائدة، رقم 153؛ الشیخ الصدوق، الامالي، ص 491، المجلس 63، ح 10؛ الشیخ الطوسي، الامالي، ص253، المجلس 9، ح 45؛ المجلسی، بحارالانوار، ج 38، ص 334، ح 7؛ أحمد بن حنبل، المسند، کتاب فضائل الصحابة، ج 2، ص 700 ح 954؛ صحیح مسلم، کتاب فضائل الصحابة، باب 4: من فضائل علي، ح 30/2404.
3 ـ البخاري ، صحیح البخاري، کتاب فضائل أصحاب النبی، باب 9، ص 659 ، ح 3706. سنن ابن ماجة، باب 11: فضل علي بن ابي طالب، ج 1، ص 42، حدیث 115.
4 ـ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 4، ص 163؛ الشیخ الطوسي، الامالي، ص 261، المجلس 10، ح 13، مجلس 10؛ وعنه في البحراني، غایة المرام، ج 2، ص 84، ح21 ؛ صحیح البخاري، کتاب المغازي، باب 80، ص 777، ح 4416.
5 ـ طبقات ابن سعد 3/24 ـ دار صادر ـ بيروت ـ 1405 هـ . راجع كتاب(حديث المنزلـة)تأليف: السيد علي الحسيني الميلاني. باب نصّ حديث المنزلة وتصحيحه، ص 26. منشورات المكتبة الحيدرية.
6 ـ نفس المصدر كتاب(حديث المنزلة)ص 33.