مقدمة :

مبدئيّاً مثلما هناك قانون معروف على مستوى العالَم إسمه (مُعاداة الساميّة) ,أنا لستُ ضدّه بالطبع .فالأولى والأشمل أن يوجد قانون إسمه على سبيل المثال: (قانون مُعاداة الإنسانيّة)!

مثل هذا القانون (لو تمّ إقرارهِ عالميّاً) سيكون مُقيّد لكل كلمة أو قول أو فعل يحّث أو يقود لكراهيّة الآخر وسفك دمهِ!

مُعاداة الساميّة!

مُصطلح مُعاداة الساميّة

Judenhass

تمّ سكّه في ألمانيا عام 1879 على يد الباحث الألماني (فيلهم مار)!

أغلب العرب يعترضون على قانون معاداة الساميّة كونه يختص باليهود تحديداً !

يقولون نحن العرب أكبر الأقوام الساميّة التي خرجت من جُحر الجزيرة العربية.

هناك أيضاً الآشوريّون والآراميّون والفينقيّون ,هذه كلّها أقوام ساميّة!

في الواقع هذا الإعتراض ينطبق عليه مَثل (يعرف ويَحرف)!

بمعنى العرب يعرفون جيداً أنّ فكرة (معاداة الساميّة) نشأت في أوربا أواسط القرن التاسع عشر ,نتيجة ما تعرضّ له اليهود (بالذات) على مدى التأريخ من كراهيّة ,قادت أحياناً الى مذابح جماعيّة في كثير من مناطق العالَم ,بحجة أنّ (بعض اليهود) يسيطرون ماليّاً على المجتمعات!

ومن الأمثلة الشهيرة لما تعرّض له اليهود على مرّ التأريخ :

1 / مجازر راينلاند قبل الحملة الصليبية الأولى عام 1096

2 / مرسوم طرد اليهود من إنكلترا عام 1290

3 / مذابح اليهود الإسبان عام 1391

4 / ملاحقات محاكم التفتيش الإسبانية وطرد اليهود من هناك عام 1492

5 / مجازر القوزاق في أوكرانيا بين عامي 1648 ــ 1657

6 / مذابح اليهود العديدة في الإمبراطوريّة الروسيّة بين عامي 1821 ــ 1906

7 / قضية النقيب الفرنسي اليهودي الفريد دريفوس 1894 ــ 1906 

8 / وثامنهم أفظعهم المحرقة النازية لليهود في أوربا أينما حطّ النازيّون ,التي نتج عنها ضحايا يهود يصل عددهم الى 6 مليون بريء أو يزيد!

9 / السياسات السوفيتية المعادية لليهود بالأخص زمن جوزيف ستالين ,الذي ظنّ أنّ أمريكا تريد إنشاء وطن قومي لليهود في شبه جزيرة القرم الأوكرانية ,بينما هو كان يفضل أرض إسرائيل أو (فلسطين حسب التسمية العربية)!

10 / توّرط الكثير من العرب في معاداة اليهود بعد الحرب العالمية الثانية وخلال إقامة دولة إسرائيل ,على سبيل المثال فرهود اليهود في العراق!

(المصدر : ويكيبيديا ومقالات متفرقة)

***

أمثلة لمُعاداة الإنسانيّة؟

كلّ رفض للآخر المُختَلِف ,مُبالغ به الى حدّ السعي العلني الى قتلهِ أو فنائهِ ,هو عمل معادٍ للإنسانية ,هل هناك أدنى جدل؟

كلّ تحريض (عن طريق وسائل الإعلام بأنواعها أو بيوت العبادة ,أو أماكن التعليم ...الخ) على قتل الأبرياء ,هو عمل إجرامي معادٍ للإنسانية ,أليس كذلك؟

كلّ حرب تُشّن بسبب إختلاف العرق الجنس العقيدة الدين الطائفة ..الخ , هو عمل معادٍ للإنسانية ,يتحتم تجريمهِ!

كلّ عمل (عن قصد) لتدمير وتخريب الطبيعة والمناخ والحياة على ظهر كوكبنا الأزرق الجميل هو عمل معادٍ للإنسانية ,هل هذا محل نقاش؟

كلّ عزل لناس مسالمين وحصارهم وتجويعم لحدّ الموت ,هو عمل معادٍ للإنسانية

والأمثلة أكثر من ذلك ,قد يشمل هذا الأمر مَن يمنع نقل أو زرع الأعضاء لضرورة إستمرار الحياة .ربّما لدى القرّاء الكرام أفكار بهذا الخصوص!

***

الخلاصة :

كلّما إرتقت البشرية في الحضارة والحكمة والإنسانية ,ستجد سُبُل أكثر وأفضل للتعايش والتعاون البشري على ظهرِ هذا الكوكب!

كلّما رغب الإنسان (الفرد الطبيعي) بزيادة سعادته ,إلّا وإحتاج لإسعاد مَن حوله وكلّما زادت المحبّة عموماً في قلوب وعقول الناس ,إلّا وقلّت معاناة البشرية!

[.. عندما تغدو القوّة رحيمة وتنزل من عليائها الى المجال المرئي ,جمالاً سأدعو هذا النزول ,وما مِن أحدٍ اُريد منهُ جَمالاً مثلما اُريدهُ منكَ أيّها القويّ .فليكن خيركَ آخر إنتصار على نفسِكَ] ! 

هكذا تكلّمَ زرادشت / فريدريك نيتشه!

***

رعد الحافظ

1 أغسطس 2021