«كومو» المأسوف على موقعه
    الثلاثاء 10 أغسطس / آب 2021 - 06:03
    أ. د. محمد الدعمي
    كاتب ومؤلف وباحث أكاديمي/أريزونا
    لا تجد المؤسسة الرأسمالية الأميركية العملاقة صعوبة في الاستغناء عن خدمات أي فرد مهما كان، بغضِّ النظر عن عرقه ولون بشرته وأمواله وانتمائه السياسي؛ بَيْدَ أنها تواجه صعوبة بالغة في الاستغناء عن "الجبابرة”، بمعنى تسقيطهم: وأقصد بهؤلاء كبار الساسة وصانعي القرارات من الموظفين الكبار، أمثال الرؤساء وأعضاء الكونجرس وحكام الولايات ورجال المال المتنفذين.
    ويبدو للمطلع (حسب مراقبتي الدقيقة لهذا الموضوع المعقد) أن أفضل الأسلحة لتسقيط هؤلاء "المتجبرين” يتلخص في استخدام النساء ضدهم، خصوصًا النساء اللائي يدَّعين أنهن قد تعرضن للتحرش الجنسي أو للمغازلة من قبل المتجبر المقصود تسقيطه: ونتذكر جيدًا ما حدث للرؤساء السابقين من أمثال "جون كنيدي” و”بيل كلينتون” و”دونالد ترامب”، ناهيك عن سواهم من الأسماء اللامعة والعناوين الحكومية الرنانة.
    والآن، جميع مدافع الميدان الثقيلة موجهة إلى حاكم ولاية نيويورك "أندرو كومو” Andrew Cuomo، وجميعها تعتمد حسان النساء لوضع نهاية لهذا الحاكم المهم ولدوره السياسي والإداري الخطير (باعتبار نيويورك العاصمة الحقيقية للولايات المتحدة).
    لذا، فقد خرجت عدة نساء من بارعات الجمال على الإعلام، وعلى حين غرة، تدَّعي الأولى أن كومو قد لامس أجزاء من جسدها أثناء العمل، بينما تدَّعي الثانية بأنه قد مدَّ يده تحت قميصها لملاعبة ثدييها، وتذهب الثالثة إلى اعتماد تعليقاته وتلميحاته الجنسية على سبيل نشر أجواء "بيئة سامة” لا توافق شعور الموظفات بالراحة أثناء العمل على سبيل إزاحته أو استقالته. وهكذا تظهر أنواع الاتهامات التي لا تنقص "مشاجب الاتهامات: المهيأة "للجبابرة” على نحو خاص!
    وإذا كان كومو قد تشبث بعنوان وظيفته المهمة، حاكمًا لنيويورك، فإن للمرء أن يتوقع بأنه سيبرر ويصمد لبضعة أشهر قبل أن يقع على الأرض بسرعة مثل أوراق الخريف. هو يدَّعي بأنه معتاد على سباق "تقبيل” الأعزاء عليه، وعلى احتضان العاملين معه، تقديرًا لخدماتهم، ويقدم صورًا فوتوغرافية لنماذج من القُبل والاحتضانات، ولكن مع رجال أعمال أو رجال دولة، وليس مع النساء. لذا فإنه يدَّعي بأن أمثال هذه الأفعال الحميمة قد حدثت "بحسن نية”!
    ولكن برغم كفاءة الرجل، حاكمًا لنيويورك، يبدو أن الأمر أعمق بالنسبة للأيادي الخفية التي تحلم أميركا عمليًّا والتي حركت هذا الجمع من الحسناوات (إحدى عشرة امرأة) لحمله على الاستقالة أو لاجتثاثه الآن وإلى الأبد.
    لست أشك قط بأن "كومو” لم يعد مناسبًا في نظر هذه الأيادي الخفية الحاكمة الحقيقية هناك، وبأنه مهما حاول أن يقاوم ويدافع عن نفسه وعن إدارته، لن يتمكن من أن ينجو بنفسه وبسمعته من هذا الفخ الذي نصب له "بعناية فائقة”. وسنسمع أخبار استقالته طوعًا، أو إقصائه في آن ليس ببعيد!

    كاتب وباحث أكاديمي عراقي
    © 2005 - 2025 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media