بين مبادى أهل البيت السياسية.. وقادة شيعة العراق الحاليين.. جدلية..
    الأحد 29 أغسطس / آب 2021 - 05:48
    د. عبد الجبار العبيدي
    السياسة لغةً:
    هي رعاية شئون الدولة والناس، وأصطلاحاً هي فن الممكن . تشكل السياسة العادلة  في نظرية مبادىء أهل البيت المحور الرئيسي الذي منه تتفرع بقية المحاور الانسانية الاخرى ، على الرغم من انهم لم يحددوها في نص مطرد واحد..لكنه كان نصا شموليا كي تتحقق العدالة المطلقة التي نادى بها الحق "ان الله هو الحق"..شرط ان يكون هذا النص  يفسر بلا عواطف لضمان حق الرعية دون استثناء بين الرجل والمرأة على حدٍ سواء.."انا خلقناكم من نفسٍ واحدةٍ" قابلا للتطور مع الزمن لذا بقيت مبادئهم بحاجة الى فقه جديد دوما  دون تقديس.ليتماشى مع محور الزمن في التطبيق.. وهذا ما تحاول جماعات الردة المذهبية والطائفية والطامعين في العراق من أتباعهم من الوقوف ضده واستحالة تطبيقه لأنهم من الناكثين بالعهد والحانثين للقسم واليمين..

    هذا الفن السياسي  ليس جديدا ، بل وجد منذ عهد الامبراطريات  الكبرى في التاريخ،اليونانية والعراقية. اليونانية التي ثبتها الفيلسوف هرقليط والتي عزاها الى الصراع  (polemos) من اجل العدالة.. والعراقية التي ثبتها آورنمو وحمورابي في في شريعته وهي العدالة دون تفريق لادارة شئون الرعية وثبتت في شريعة القانون. هذه السياسة الصارمة العادلة بحق الرعية نظر اليها الامام جعفر الصادق (ع) بجدية التطبيق ولكن من منظور اخر مغاير حين التزم الحياد بينه وبين العباسيين في احقية الخلافة  وقيادة الدولة وحقوق المواطنين ، حتى لا يحدث مالم يكن بالحسبان للعلويين على يد المنصور المستميت في وراثة الخلافة للعباسيين خروجا على أحقية القانون. والى هذا الموقف الذكي الذي وقفه الامام الصادق يرجع الفضل في سلامته وقومه من اذى العباسيين ودعاتهم ورجالهم , وان لم يسلموا منهم كما في مقتل الامام موسى أبن جعفر(ع) على يد هارون الرشيد.. والأمام الرضا (ع) على يد الخليفة المآمون.
    أنظر كتاب فقه الصادق.

    ان منهاج مدرسة أهل البيت مبني على الرأي والرأي الاخر، لأنه مستمد من أمور آلهية مرتبة بلا زمان ولا مكان مبنية على العقل  الفعال، والنفس الكلية، لذا كانت المدرسة تنظر الى العدالة من رؤية واحدة.. بلا زمان يتناقض لأن العدالة مفهوم لدني لا يـتأثربصيرورة التاريخ في التغيير. ان قادة الاسلام منذ العصر الاموي والعباسي لم يدركوا مفاهيم النظرية فحسبوها زمانية تتغير بتغير الازمان والمكان والمصالح.... لذا تخلوا عن كل قيم سياسة أهل البيت ومبادئهم  من أجل المصالح الذاتية..لكننا حين نتحدث عن موقف المدرسة  في المفهموم السياسي العام، ندرك ان هناك مدرسة اعدت لتعليم صفات المتقين وكيفية التعامل بينهم وبين الناس وفقا للشريعة الاسلامية النقية . ان مبادىء المدرسة  مستمدة من عهد الرسالة  النبوية حين وضع الرسول (ص) دستور المدينة في السنة الخامسة للهجرة  وضمنه حقوق وواجبات الناس  في امة الاسلام، هذا الدستور الذي اخفته الدولتان الاموية والعباسية ومن جاء من بعدهما لكي لا يكون مستندا للمسلمين في نظرتهم لسلطة الدولة القائمة على العدل والمساواة، بعيداً عن نظرية الحق الآلهي المقدسة  والتي تتناقض وموقف الاسلام السياسي في ادارة حكم الدولة.. بالشورى.؟؟؟؟

    ان مبادى ومعاييرسياسة اهل البيت مدونة في خطب ورسائل نهج البلاغة   المتضمنة   والتي تعد بحق الدستور السياسي لمن يريد ان يسوس الدولة بالحق والعدل والمساواة بين الناس، وتقف رسالة الامام علي (ع) الى مالك الاشترعامله على مصر في المقدمة ، تقول الرسالة: "ان السياسة لا تراد لنفسها ،وانما تراد للذكر الجميل فهي لم تعد حقا الهياً يتولاه الحاكم نيابة عن الله، وانما هي منوطة بارادة الناس، توليها من تشاء بحسب اعتبارات تتعلق بمصلحة الجماعة حين يقول (آلزموا السواد الاعظم فأن يد الله مع الجماعة) نهج البلاغة..
    لذا فهي ليست سلطة للقهر والعنف والعسف، لكنها مندمجة معهم تراقب احوالهم وتضع الحلول الناجعة لها. والامام يرى ان الحاكم عليه واجبا دينيا مقدسا هو ان يكون بين الناس لا بعيدا عنهم حين يقول (فأن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق، وقلة علم بالامور).. وهنا تقف نظرية القرآن شاخصة في منهج المدرسة (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)، فلا مجال للحاكم من التهرب من مسئولية الامة وما يقع عليها من ظلم تحت اي ظرف كان مادام هو في مسئولية الامة..فهي مخالفة شرعية لحكم الناس... وليس السكوت والتغليس على الباطل كما يفعلون اليوم.

    وهي ليست وسيلة للاثراء غير المشروع، والتوسعة على الاهل والاقارب بغير حساب دون الاخرين كما فعلها من يدعون بهم اليوم، لكنها تحقيق عدل وانصاف حق ومساواة  بينهم حين يقول: (فلا يكن حظك في ولايتك مالا تستفيده،ولا غيظا تشفيه،ولكن أماتة باطل  واحياء حق) ومن وجهة نظره (ع) ان الناس عباد الله، والمال مال الله، يقسم بينهم بالسوية، ثم يقول: في المحافظة على اموال الدولة (ألا ان كل قطيعة أقطعها (فلان) وكل مال اعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال، فأن الحق القديم لا يبطله شيء والعقل مضطر لقبول الحق، ففي العدل سعة.. ومن ضاق عليه العدل ..فالجور عليه أضيق(. كما انها ليست أحسابا تشاد عليها الامجاد، ولا شرفا يدفع الى التكبر والتجبرحين يقول (اذ لا حسب كالتواضع، وليست استبدادا في الرأي ولا خداعا للناس لكسب المجد والسلطان).

    أنها برأيه صراحة في القول ، ونزاهة في العمل، وصدق في المعاملة ، حين يقول ( يا ولاة الامور ، يا من تحكمون الناس : "اصدقوا ما وعدتم به الناس، ولا تخونوا عهدا تعاهدتم به مع الناس، ولا تنكثوا أيمانا اقسمتم عليه، فمن اراد ان يكون أماماً للناس عليه ان يبدأ بنفسه قبل غيره، وليبدأها بسيرته قبل لسانه"، انها سياسة مجسدة في قول الامام الحسين (ع) في تطبيق سياسة الدولة: (كونوا مع الحق ،ولا تخشوا الدنيا كلها، ولا تقبلوا باطلا ابدا، فأن جدي رسول الله مني بالدنيا كلها من قريش فآثر الحق عليها، ولم يقبل منها منةً).

    هنا كان النص الديني يشكل المعيار الوحيد للسلوك السياسي في نظرية أهل البيت. وفي هذا الخصوص يقول الامام موسى بن جعفر(ع) مخاطباً الرشيد من سجنه الانفرادي في بغداد حين طلب منه الرشيد العفو والرضى وتأييد سياسة العباسيين حين خاطبه الرشيد طالباً منه التأييد لشرعية الحكم: (أنصفنا يا موسى فانتم اعمامنا ،أذكرنا بخير ولك منا ما ترغب وتريد..خذ الكرخ كله ) ، فيرد الامام من داخل سجنه على الرشيد قائلا: (يا ظالم العصر ان الظلم فاشٍ ببابك، والله يا هارون نحن ورثة مدرسة آهل البيت  لا نرضى بذل او معصية‘ فلن ينقضي عني يوم من البلاء، حتى ينقضي عنك يوم من الرخاء، وغدا نحن جميعا امام الله سواء). فليقرأوا أهل الحكم في العراق ومرجعياتهم الدينية رأي أهل البيت في الحق.. ولا يبقوا ظالمين.. يضحكون على الناس بتزييف الحقيقة.

    وهكذا فعلها الامام الرضا (ع) مع المآمون رغم حراجة الموقف. يقول المآمون: (لا بد من قبولك ما اريد، فاني لا اجد محيصا عنها، بك يستتب الامن، وتهدأ الجموع، فيرد عليه الامام:) ليس بي ما تريد ولكن بالحق والعدل تحكم الناس، نحن ابناء  آهل البيت كلنا شهداء الحق والعدل(، (ان الله هو العدل الذي لا يجور) مما أكد شكلانية البيعة كما ادركها الامام الرضا، نعم كان شجاعا عدلا، لا يهاب الموت في سبيل الله، يقول المؤرخ الطبري : والله عترة آهل البيت  أهيب من الاسد في صدور الناس.. فهل حقا من يحكمون اليوم في بلدي العراق هم منهم .. كما يدعون..لا ورب الكعبة أنهم اعداؤهم الحقيقيون..؟

    لقد وضعت المدرسة مبادىء الحكم الاسلامي والزمت الناس باتباعه حين جعلت مبادىء السياسة لا تقتصر على الفرد ،بل  على الجماعة والفرد معا، ًلذا فالنظرة موحدة وشاملة للاثنين ، لان مصلحة الاكثرية هي الاساس يقول الامام علي (ع): "فسخط العامة يُجحف برضى الخاصة، وان سخط الخاصة يُغتفر برضى العامة). ومن يطلع على العهد المكتوب لمالك الاشتر من الامام علي  يجد بكل صراحة ووضوح: ان نظام البرلمان ومبدأ سيادة الامة هو من قواعد الحكم واصول الاسلام.ان ما قررته المدرسة في اصول  الحكم  طالبت بتطبيقه دون اي اعتبار اخر،وخاصة في مجال الحقوق الكثيرة التي اوردتها  في منهجها الصالح ومنها:-
    الحرية :-
    ----------
    لقد انطلقت المدرسة من النص القرآني ،ففي مجال الحرية ،التي هي اسمى ما في الوجود،أعطت للانسان حرية الاختيار في الفعل الذي يريده،حين امر الله سبحانه وتعالى الانسان بفعل الواجب ،ولم يجبره عليه،بل ترك الامر لاختياره وارادته ،لكنه حذره من المعصية ،واوعده بالعقاب والثواب ، وهذا ما نلاحظه تماما في سورة الكهف آية 29(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفرانا اعتدنا للظالمين نارا).هنا اقامت الاية الكريمة علاقة جدلية بين الكفر والايمان وعدمه،وبما ان الكفر ظلم للنفس البشرية من الناحية العقائدية ،وقد يرتكب من غير الكافر ايضا ،فقد وسع القرآن العقوبة حين قال (أعتدنا للظالمين نارا) لان الظلم يرتكب من قبل الكافر والمؤمن على حد سواء  والقرآن وكلماته المتميزة  لاتقبل الترادف اللغوي ابدا. ولكي تبقى العقوبة محددة بمواثيق دقيقة كي لا يعتدي الحاكم على الناس بدافع الضغط والأكراه..

    هذا الفهم العميق للحرية كان الاساس الذي بنيت عليه علاقة الحاكم بالمحكوم ،فالحاكم يعترف بحق الاخرين في ان يكونوا معه اوعليه،فليس من حقه الضغط والاكراه، فيقول الأمام : (ولست ارى ان اجبر احدا على عمل يكرهه)وهنا يصبح حق العمل من حق العامل نفسه.لكنها لم تغفل الحق العام حين ربطت العمل بالخدمة الحياتية ومنفعة الناس دون غرور وتبجح واحتكار لاقوات الناس (وابتذل من نفسك فيما افترضَ الله عليك .....ومن الحق عليك حفظ نفسك والاحتساب على الرعية بجهدك ،فأن الذي يصل اليك افضل من الذي يصل بك).وهكذا فان حرية العمل والعمل نفسه وحده المسئول عن اشاعة الطمأنينة  والرخاء المجتمعي. وينسحب هذا القول على حرية السكن والمعتقد حين يقول العهد الى عامله في مصر (لا تبغِ على اهل القبلة  ولا تظلم اهل الذمة  فهم في الخلق سواء).اذن كيف يفرقون اصحاب أهل البيت بين الناس ويضيعون حقوقهم دون سبب..بعد ان أماتوا حقوقنا دون قانون..؟
       المساواة:
    ------------
    وفي مجال المساواة اهتمت المدرسة بعدم التمييز بين الناس فيما هم فيه أسوة. وقد تحددت المساواة بأن لا يتميز احد على احد،بل وحرمت المدرسة ان يعيش أيا كان مركزه  مكتفبا وحوله من يجهد نفسه باحثاً عن لقمة العيش يسد بها رمقه.وقد حذرت من مغبة الاستئثار بشيء يزيد على بعض الناس مما تجب فيه المساواة بينهم حين قال(واياك والاستئثار بما الناس فيه اسوة).ونظرت في المساواة ان البشر متساوون في الحقوق العامة ومساواتهم لم تكن نابعة من الدين،بل من اشتراكهم في الانسانية والمولد والدين معاً حين يقول: (الرعية صنفان ،اما اخٍ لك في الدين ،او نظير لك في الخلق .

    والمساواة تمتد في رأي الأمام لتشمل كل انواع التسوية سواءً في العطاء حين يقول مخاطبا الاشتر:  (واني اقسم بالله قسما صادقا لئن بلغني انك خنت من فيء المسلمين شيئا صغيرا او كبيرا،لاشدن عليك شدة تدعك قليل الوفر ،ثقيل الظهر ،ضئيل الامر).،او امام القانون حين يقول (ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء..... والزم كل منهم ما الزم نفسه) أنظر النهج  ...او في كل صنوف العدالة الاجتماعية حيث العدل اساس الحكم الصالح والمواطنة الصحيحة،فأن (أفضل قرة عين الولاة استقامة العدل في البلاد  وظهور مودة الرعية ).هذه المبادىء السياسية هي مبادىء اسلامية تخلت عنها الدولة الاسلامية بعد الرسول(ص) والى اليوم.فليقرأوا من يدعون بهم كيف ظلموا الناس وباعووا الوطن وملكوه للأخرين والأبناء..لكنهم شطار في الاستحواذ على السلطة وخيانة المبادىء...
    وينظر الامام الى سياسة الباطل،فيضع تحته كل مسميات النفاق والرياء والمخاتلة وطعن الاخرين بدون وجه حق، فيقول مخاطبا احد عماله على الولايات (أيها الرجل،لا يؤنسك الا الحق،ولا يوحشك الا الباطل،ولا تحكم الا بالعدل).جالس العلماء فهم ذخيرتك..فليقرأ رئيس مجلس القضاء الاعلى الذي غلس على قتل العلماء بالباطل .
     الموقف من السلطة:
    ------------------
     وموقف المدرسة من استلام السلطة ،اعتبر السلطة وسيلة لا غاية لتحقيق حكم الله في الارض ونشر العدالة الاجتماعية ،لان  القانون بحاجة ماسة الى من ينفذه على الارض.واحلى ما حدده العهد ،ان مهام السلطة محددة باربعة امور هي :( جباية موارد الدولة وايداعها في بيت المال سليمة،والدفاع عنها وعدم تمكين عدوها منها،واستصلاح اهلها علما ومعرفة وكفاية، وعمارة بلادها دون نقص يذكر). من هنا انطلق العهد بضرورة التكاتف والتعاون لاسعاد الشعب وعمارة الوطن  لينعم الجميع بتلك السيرة الحسنة والنهج القويم.
    هذا التوجه مستمد من غاية السعي المعرفي للانسان في فهم الادراك المعنوي للسلطة لتحقيق الجانب الانساني فيها..ومعرفة حقوق الله حق المعرفة..لاما تفتي به مرجعيات الدين التي لا أصل لها في التوجية والتثبيت..بل القانون..؟
     المعاهدات الدولية:-
    ------------------
    وفي مجال عقد المعاهدات الدولية مع الاخرين ودخوال الحرب يقول العهد العلوي:"لا تدخلوا الحرب الا مكرهين،ولا تخوضوا غمارها الا في سبيل الله دفاعا عن النفس ، وصالحوا من يصالحكم صونا للنفوس ان لا تشحن بالضغائن والاحقاد،حقنا للدماء مستشهدا بالاية الكريمة (وان جنحوا للسلم فاجنح لهاوتوكل على الله –الانفال 61). لذا في عهده توقفت الفتوحات الظالمة على الشعوب الأخرى..

                      ويقول (اذا ما عقدتم الصلح فعليكم ان يكون محكما بالفاظه ،صريحا في دلالاته،فلا يتحمل اكثر من معنى واحد ،حتى لا تتطرق اليه التأويلات والعلل وطلب المخارج .واختاروا لمن يفاوض من خيرة الناس عدلا وعلما ومعرفة ،انها امانة الوطن ،واذا وقعتم عقدا فلا بد من الالتزام به وعدم نقضه،اعتمادا على تأويل خفي ،لان هذا من باب النفاق والرياء،وأردف قائلاً : ولا تعقدوا عقدا تجوز فيه العلل ويتزعمه الجاهل،ولا تعولن على لحن القول بعد التاكيد والتوثيق ،ولا يدعونك ضيق امر ٍلزمك فيه عهد الله الى طلب انفساخه بغير الحق،فأن صبرك على ضيق امر ٍترجو انفراجه ،خير من غدر تخاف تبعيته) أنظر النهج .وفي مجال جهاد الاعداء حفاظا على الوطن يؤكد ما جاء في سورة التوبة اية 43 التي اشار فيها القرآن الى الموقف السلبي من بعض اعراب الجزيرة حين تلكئوا عن مقاتلة الروم في عهد رسول الله(ص) ،لان الوطن امانة بيد الحاكم فلا يجوز له شرعا التصرف به دون رأي الامة..أنظروا الى اتباعهم وكيف خانوا الوطن..وباعوالأرض والعرض والمال للأخرين دون خوف من قانون..؟
     اصلاح حال الرعية:-
    --------------------
               وفي مجال صلاح حال الرعية يدعو العهد الى الاهتمام بشئون الامن والثقافة والصحة ووظائف الدولة والخدمات وعدم الاخلال بها مطلقا،ولا يمكن لهذه الخدمات ان تتم الا اذا بنيت على الصدق والاخلاص والتعاون بين الحاكم والمحكوم،ضمن اطار مصلحة الوطن والمواطن حين يقول الأمام: (ايها الناس ان لي عليكم حقا ،ولكم عليَ حق ،فأما حقكم عليَ  النصيحة لكم وتوفير فيئكم وكفايتكم فليس  من حق الحاكم ان ينام ليلته وفي وطنه معوزُ واحد ، وعلي تعليمكم كي لا تجهلوا ....اما حقي عليكم الطاعة حين أأمركم  والوفاء لي ولوطنكم ،واكد على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ،على ان تكون الكفاءة شرطا للاختيار والتوظيف ، لا القرابة والصداقة، فقد ذكر لنا السيوطي في تاريخه ان اخاه عقيل طلب منه ان يوليه ولاية ويعطيه من بيت مال المسلمين فرفض ذلك بشدة  اذ يقول : (أتريدني ان آخذ من أموال المسلمين  فأعطيكها دونهم، أتريد مني ولاية وانت لست بقادر عليها ، ومالا وهو ليس مالي ولكن مال المسلمين ،اتقي الله ياعقيل في دينك)..وطالب الامام بالتوسعة على من يحمل الامانة حتى لا يدب الفساد في نفسه ولا يستغل منصبه لشخصه ،وعلى الامة مراقبته بدقة ولا تخفوا عوجا الا وتعلموه،فما جزاء الاحسان الا الاحسان ،وما جزاء السيئة الا بمثلها)..انظروا كيف قبلوا بتزوير الشهادات ليعتلوا مناصب الدولة العليا بعلمهم.
     شخصية الحاكم:-
    -----------------
    وفي مجال شخصية الحاكم او المسئول فلا يجب اختياره الا من بين  اكثرهم كفاءْة واستقامة ،من اهل الورع والصدق ،الذين لا تستميلهم الاهواء ولا تأسرهم المطامع او الشهوات أو تطربهم المدائح ،لانها من الامور التي تصرفهم عن جادة الحق وسواء السبيل.والفضيلة شرطا من شروط اختيار الحكام وعليه رعايتها ونشرها بين الخاصة والعامة،لذا لايُقبل للحكم الا اذا كان من اتباعها حتى لا يؤثر سلبا على حالة المجتمع .ويؤكد عل اختيار اقوياء الشخصية والمقدرة في ادارة امور الدولة ،لذا اكد العهد على ضرورة حسن اختيار المسئول لممارسة الوظيفة حتى لايستغل في المواقف الصعبة، ولا يداهن في دينه على حساب وطنه،لان الموظف مسئول امام الله وامام نفسه ومن هم على راسه . وعلى من يتم اختياره يجب ان يكون منزها عن الشبهات وفياً بالعهد والتجربة والكفاءة والشجاعة في قول الحق والمواقف الصعبة ،لا على اساس القرابة والصداقة والمصلحة الشخصية كما هو شائع اليوم في عراقنا المغتصب منهم ..الذي حولوا الباطل الى قانون...
    بهذا يكون العهد قد سما بالدولة الى المستوى الانساني الرفيع ،حفاظا على الوطن والمواطن من عاديات الزمن ،وما تخبئه الايام  من نوازل.

    نعم هذا هو رأي  مدرسة آهل البيت العظام في الدولة والمواطن،هؤلاء الذين، عاشوا بين الفقراء وضد الفقر،ومع المحرومين وضد الحرمان ، ومع الجماهير وضد الطغاة..نعم هذا قول  لا يبارى..فأين ممن يحكمون الوطن اليوم من خونة قادة الشيعة الذين يدعون بهم  ...بعد ان كفروا بكل المبادىءالتي جاءت بها المدرسة.

    لقد اثبت التاريخ ان كل فكرة طرحت في حكم الناس  - من دون شرع القرآن الحقيقي والجماعة – كانت فكرة مميتة ومن اتبعها كان لا يحسن قراءة التاريخ،وكان عليه ان يتعلم القراءة ،وكان عليهم ان يتعلموا الدرس والقراءة بانفسهم،وهم يدعون ورثة هذه  المدرسة  ومنهجها الصالح، حتى يولدوا ولادة حضارية جديدة خلال معاناة  لما فاتهم من زمن ظالم ورديء،فهناك علاقة  تبادلية أو جدلية بين الانسان والبناء الحضاري،فكلاهما يولد من جديد في الاخر.وكلاهما يتطور ضمن كلية تفاعلية واحدة،هذا المنطق ينطبق على كل الحضارات  بما فيها حضارة الاسلام رغم ان نهج البناء الحضاري الاسلامي جاء مختلفا حين كان رسول الله قمة الكمال ، وقمة الكمال لا ياتي بعدها الا النقص.
    ان  مسيرة النقص والمعاناة التي نعاني منها الان هو اننا بحاجة الى التعايش مع النص القرآني صدقا وحقيقة ومنهج مدرسة آهل البيت صدقاً وحقيقةً،فالاسلام الحق هو الذي يجب ان نتعايش معه بلغتنا وواقعنا  قولا وتطبيقا،لكن الاسلام اليوم ومنهجه القويم  صار يعيش قي لغة الناس وليس في واقعهم..كما هم خونة التاريخ يتصرفون..

             ان الافتراق التدريجي بين التجربة السياسية الحالية وبين المنهجية القرأنية ،  وخاصة في امر الحكم والمال ، شكلت بدايات التدهورفي وطننا العزيز العراق حتى وصلنا الى نقطة نرى منها ان معدل النقص اصبح يعلو على معدل القوة  فظهر التدهور بيننا في كل مجالات الحياة،وان ادعينا عكس ذلك ،فالشواهد على الارض لا تسعفنا حجةً،وهو تدهور ان لم نتلافاه سيسقطنا حتما في هاوية السقوط الكلي  الذي لا ترجى منه شفاعة ابدا.وساعتها ليس من حقنا ان نندم ،بعد ان قصرنا بما لزم علينا عمله  عمداًً.لن يتحرر العراق ويعود لأهله حتى تسقط هذه القيادة الفاسدة ويعود الشعب يحكم الوطن..
    أطلب الحق اخي المواطن ولا تعطي صوتك لمن خان وغدر..وأحترم شجاعة من يقول الحقيقة..ففيها خلاصك....؟

            المصادر المعتمدة
    -------------------------
    - القرآن الكريم
    - نهج البلاغة
    - مقاتل الطالبيين - الاصفهاني
    - تاريخ الخلفاء  للسيوطي
    -الفلسفة والاعتزال  -قاسم حبيب جابر
    -أصول الضعف –علي كريم سعيد
    - كتاب الحضارة –حسين مؤنس
    الكتاب والقرآن –محمد شحرور
    الدولة العباسية في عهد الخليفة المهدي العباسي-  عبد الجبار العبيدي

                                       
       jabbarmansi@gmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media