اللماذائيون!!
    الثلاثاء 7 سبتمبر / أيلول 2021 - 04:38
    د. صادق السامرائي
    الكلمة مشتقة من " لماذا" , وتعني الذين يمعنون بالتغني بلماذا ويتركون الحبل على الغارب ,  ويحسبون أنهم قد وجدوا حلا للمشكلة.
    فهم لا يعرفون سوى طرح أسئلة لماذا.
    لماذا تأخرنا؟
    لماذا الفقر يدوم؟
    لماذا الجهل مستوطن؟
    ألف لماذا ولماذا والجواب واحد , يتلخص بما مضى وما إنقضى.
    ولا يوجد مَن يسأل , كيف نتقدم؟
    كيف نتعلم؟
    كيف نكتفي زراعيا؟
    كيف نصنع؟
    فهذه الأسئلة محرمة ولا يجوز طرحها في واقعنا , الذي يتأسن بمستنقعات لماذا التخديرية التنويمية الإلهائية , القاضية بالإستكانة والقنوط , وعدم إعمال العقل لصناعة الحاضر والمستقبل.
    المجتمعات المتقدمة لا تتوقف عند لماذا وتقرنها بكيف , وهذا السلوك منطلق تفاعلي على مستوى الأفراد والمجتمع بمؤسساته ودوائره وما يتصل به ويعمل فيه.
    فعندما يُطرح لماذا هذا الأمر السلبي قد حصل , يكون السؤال متصلا بسؤال كيف نتفادى حصوله ثانية أو كيف نمنع تكراره؟
    فتتحقق الدراسة والبحث وتبادل الآراء وطرح الأفكار اللازمة لمنع حصوله مرة أخرى , ومنها توضع خطة وقائية لدرء التكرار.
    وعندنا نكتفي بلماذا , ونشعر بأننا قد عرفنا وحسب.
    إن لماذا قدحة إبتداء ولا يمكنها أن تكون إعلان ختام.
    ولو تأملنا ما أنتجناه من تفسيرات وتحليلات على مدى القرن العشرين وما قبله وبعده , سيتضح لنا بأن الأجيال مقيدة بأصفاد لماذا , فالمفكرون وعلماء الإجتماع والفلاسفة , ما تمكنوا من التخلص من هيمنة لماذا على تفكيرهم.
    ويبدو أنها توفر لهم الطريق  السهل الذي يجعلهم يتوهمون بأنهم قد أجابوا , ولهذا تراهم يعززون ويسوّغون ويبررون ما يجري في الواقع , وما تفاعلوا مع موضوعات كيف , فالمفكرون العرب ومنذ منتصف القرن التاسع عشر توحلوا بسؤال لماذا تأخرنا , وما تفكروا في كيف نتقدم ونكون.
    وعليه فمن الواجب الحضاري والمسؤولية التأريخية أن نجد الأجوبة العملية على أسئلة كيف ففيها سر القوة والنجاح , وبها نكون وبغيرها نهون!!
    معاقل لماذا تنهينا وفضاءات كيف تحينا!!
    *لماذا تأخرنا , أجيب عليه من قبل البعثات التي أرسلتها تركيا ومصر للدول الغربية في منتصف القرن التاسع عشر , وكان الجواب , علينا أن نهتم بالعلم ومناهج البحث العلمي , فثارت ثائرة فقهاء الكراسي واعتبروا ذلك بدعة ضد الدين!!

    د-صادق السامرائي
    172019
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media