ملخص بالإجراءات العملية الآنية للنهوض بالواقع الصحي في العراق
    الأربعاء 15 سبتمبر / أيلول 2021 - 07:44
    أ. د. محمد العبيدي*
    بروفيسور متخصص بعلم الفسلجة والعقاقير الطبية
    يواجه القطاع الصحي في العراق تحديات هائلة، حيث يعاني نظام الرعاية الصحية تدهوراً كارثياً منذ الإحتلال في 2003 ولغاية الآن مما أدى إلى إرتفاع معدلات الوفيات بين الرضّع والأطفال والأمهات والشيوخ إرتفاعا كبيراً فضلاً عن إنخفاض معدلات العمر المأمول. وتكمن العوامل الرئيسة وراء هذه الحالة بالتدهور المستمر في مستوى الصحة العامة خلال العقدين الماضيين، والزيادة المطردة في مستويات الفقر والبطالة وتردي التغذية وسوء خدمات الصرف الصحي ومشكلات توفير المياه الصالحة للشرب وتراجع مستويات التعليم فضلاً عن إنتشار أنماط حياتية غير صحية. ولاشك في أن معالجة هذه الآثار والنتائج سوف يستغرق وقتاً طويلاً. 
    وقد عانت الخدمات الصحية  في العراق تدهوراً مماثلاً خلال الفترة ذاتها بعد أن كانت تمثل واحدة من أفضل الخدمات الصحية المتاحة في المنطقة. ومن العوامل التي أدت إلى هذا التدهور الخطير هو الفساد الإداري والمالي في وزارة الصحة والبيئة رغم الميزانية الجيدة المخصصة للوزارة، يضاف لذلك إنعدام الصيانة والإستثمار وسوء الإدارة.    
    ومن أجل إعادة واقع الخدمات الصحية لما كان عليه سابقاً بل وأفضل، فعليه أقترح العمل على تطبيق ما يلي:  
    1.إجراء مسح شامل للواقع الصحي في العراق من أجل تطويره ومن خلال تطبيق الطرق التالية:
    2.إعتماد الوثائق الرسمية للتعداد السكاني والتوزيع الجغرافي للعراقيين ورسم الخريطة الجغرافية للتوزيع السكاني في المدن والقرى.
    3.رسم الخريطة الجغرافية لتوزيع المستشفيات والمراكز الصحية على مراكز المحافظات والمدن والقرى لدراسة الحاجة لفتح مستشفيات أو مراكز صحية في المناطق السكانية التي تفتقر إلى الخدمات الطبية وفقاً للمعايير العراقية والعربية والعالمية وتختص الدراسة بالأقسام التي يجب توفيرها بشكل متكامل وإعداد ميزانية مركزية وخطة زمنية لتنفيذ تلك المشاريع.
    4.مقارنة التناسق بين التوزيع الجغرافي السكاني والتوزيع الجغرافي للمستشفيات والمراكز الصحية ومن ثم إعداد دراسة إستنتاجية حول الحاجة لفتح أو غلق مستشفيات أو مراكز صحية مع الإستفادة من المعايير العالمية لمنظمة الصحة العالمية والمكتب الإقليمي لشرق المتوسط.
    5.بحث ملائمة الخدمات والإختصاصات الطبية مع إحتياجات الكثافات السكانية وفقاً للمعايير العراقية والعربية والدولية.
    6.إعداد دراسة حول إمكانية إعتماد نظام الإحالة من المراكز الصحية إلى المستشفيات وبالعكس وكذلك بين مراكز المحافظات.
    7.دراسة واقع المستشفيات العراقية والمراكز الصحية وإعداد تقارير فنية عن كل مستشفى ومركز من ناحية الكوادر والأجهزة والهيكل الهندسي الطبي لغرض الوصول إلى إستنتاج حول جدوى التحديث أو الإضافة أو الغلق.
    8.دراسة حاجات رئاسات الصحة في جميع المحافظات لبعض الصلاحيات اللامركزية المهمة لتنفيذ خططها الصحية وإعداد خطة زمنية لإزالة المركزية في وزارة الصحة مع حصر السياسة الصحية والتخطيط العام والميزانية الطبية الوطنية بوزارة الصحة. وبهذا تقوم رئاسات الصحة بإدارة أعمالها وفقاً للخطة المصادق عليها مركزياً. 
    9.يجب وضع خطة عاجلة وطارئة وبالسرعة الممكنة لتقييم واقع المستشفيات كافة من قبل شركات إستشارية عالمية متخصصة (ISO) ترفع تقريرها إلى وزير الصحة والبيئة بهدف معرفة الخلل في تلك المستشفيات وصلاحياتها لأن تبقى كمؤسسة علاجية من عدمه وكذلك لغرض تطوير تلك المستشفيات لتتماشى خدماتها وإمكانياتها مع المعايير العالمية في تقديم الرعاية الصحية.
    10.من المهم جداً إدخال نظام البطاقة الصحية والرقم الصحي لكل مواطن عراقي لكي يتوفر سجله الصحي إليكترونياً في جميع المؤسسات الصحية وطنياً، وكما هو معمول به في معظم دول العالم ومن ضمنها العديد من الدول العربية. ويعمل الجانب الصحي الأمريكي الآن مع الجانب العراقي على إدخال نظم وتكنولوجيا المعلومات الصحية المعمول بها في الولايات المتحدة والتي هي مجموعة من حوالي 100  وحدة برامج متكاملة توفر القدرة على تنظيم، والسيطرة على، السجلات الصحية الإليكترونية لكل الشعب، ويستفيد منها الأطباء في جميع أنحاء العراق من خلال تناولهم لتلك المعلومات إليكترونياً. 

    لقد فشلت وزارة الصحة في مواكبة التطور الذي يجري في دول العالم، ومنها العديد من الدول العربية الأخرى، فيما يخص أبنية المستشفيات والمراكز الصحية وتطويرها المستمر أو إعادة بنائها بما يتماشى مع ضروريات العلاج الطبي ونجاحه. إذ لا توجد في وزارة الصحة حالياً دراسة عميقة لواقع المستشفيات في العراق، كما ليس للوزارة القدرة على التعامل مع الواقع لتغييره إلى مستوى متقدم، حيث:
    1.تفتقر المستشفيات حالياً إلى أبسط المسائل الضروري توفرها في مؤسسة طبية علاجية حيث تفتقر جميع مستشفيات العراق إلى التهوية الصحية وتفريغ الهواء بشكل صحي وسليم ومرشحات الأتربة والجراثيم، خصوصاً في صالات العمليات. هل تصدقون أنه يتوقف إجراء العمليات الجراحية عند حدوث عواصف ترابية؟ أية مهزلة هذه؟؟؟
    2.ولا ننسى أيضاً إفتقار المستشفيات إلى أنظمة كفوءة للتدفئة والتبريد المركزيتين والتي يجب أن تحافظ على درجات حرارة ثابتة في صالات العمليات والردهات والمكاتب وكل مرافق المستشفى الأخرى. كما لا تتوفر سبل إستمرار وضمان إشتغال تلك الأجهزة بشكل مستمر وكفوء رغم وجود المولدات الكهربائية.
    3.تفتقر صالات العمليات إلى أجهزة المراقبة والتخدير الحديثة والنواظير التي تتماشى مع الحاجة الفعلية للمستشفيات، كما ويجب أن لا ننسى عدم توفر العديد من الأجهزة والمعدات الطبية المهمة جداً التي تستعمل في عمليات التشخيص والعلاج السريعين.
    4.لا يتوفر نظام صرف صحي فعال في أغلب المستشفيات، والكبرى منها على وجه الخصوص، يمثل الطامة الكبرى والخلل الكبير في أي مؤسسة صحية سواء كانت مستشفى أو مركز صحي، والشواهد كثيرة على هذه الحقيقة المرّة، إضافة لما يلي:
    عدم توفر مراقبة صحية مستمرة وفعالة للبيئة داخل المستشفيات ولا يوجد هناك برنامج بحثي أو روتيني يراقب ويدرس إحتمالية إنتقال الأمراض بين ردهات المستشفى أو حتى بين أسرّتها.
    عدم توفر الشروط المناسبة والأجهزة الضرورية في أقسام الطوارئ مع إفتقارها إلى أطباء متخصصين بطب الطوارئ وكادر صحي مساند. كما يغيب نظام فعال لإستقبال المرضى في أقسام طب الطوارئ.

    *بروفيسور متخصص بعلم الفسلجة والعقاقير الطبية
     ومستشار بإدارة المؤسسات الصحية وخبير دولي
     بالصحة البيئية والتغذية العلاجية
    mhd.obaidi55@gmail.com
    بريطانيا في 15 أيلول/سبتمبر 2021
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media