ديمقراطية الأرقام!!
    الأثنين 20 سبتمبر / أيلول 2021 - 05:50
    د. صادق السامرائي
    ذات مرة في ستينيات القرن العشرين , سألوا أحد قادة المنطقة المعروفين في حينها , عن الشعب العربي , فكان الجواب: إنه إثنان وعشرون شخص , فعن أي شعب تسأل؟!!
    وفي بعض مجتمعات الأمة يتحدثون عن الإنتخابات , وبأن الشعب سينتخب , ويريدونه أن يشارك عسى أن يأتي بمفاجأة كما حصل في إنتخابات المغرب , التي صوَّت الشعب فيها بحرية وإرادة ذات إستقلالية فاعلة , فحقق ما يريد.
    وهذه المجتمعات يمكن إختصارها ببضعة أشخاص  , فعن أي إنتخابات يتحدثون؟
    الديمقراطية بحاجة لمجتمع حر الإرادة , يقرر مصيره وفقا لما يراه ويقيّمه , ويختار مَن فيه أمل  لتأمين مصلحته وبناء وطنه , أما أن نتحدث عن الديمقراطية في مجتمعات مختصرة بأشخاص يتحكمون بمصير الملايين , فأنها أشد من الديكتاتورية والإستبداد والطغيان , لأنها تمنحهم شرعية بأصواتها , فيكون الإستبداد هو الديمقراطية , وعلى الناس أن تتبع وتخنع وتخضع , وتدعهم يصولون ويجولون , ويعبثون بشؤون البلاد والعباد.
    هذا ما يجري في بعض المجتمعات التي ينخرها الفساد , وتتفاعل فيها الطائفيات والمذهبيات والفئويات , وتتمنطق بالديمقراطية , وتحسبها إنتخابات وحسب , وهي لا تقيم وزنا لوطن ومواطنة , ولا تعبر بسلوكها عن الوطنية .
    أما المواطن فهو رقم لا أكثر , يمكن جمعه وطرحه وضربه وقسمته على نفسه , دون إكتراث وإعتبار على أنه بشر أو بعض إنسان , ولهذا تكون حقوقه مهدورة , وإن طالب بها يُعدُّ من الخارجين عن مسار السمع والطاعة , ومن المعادين لكذا وكذا من التوصيفات التي تناهض إرادة السماء.
    والقلة المتعالية المستبدة من البشر تتمتع بقدسية ومثالية , وتتصرف بأمر ربّها الذي تستحضره على هواها , وما فيها من النوازع المطمورة , التي تعززها أمّارة السوء الفاعلة فيها.
    ولا فرق في مجتمع كهذا بين أن تنتخب أو لا تنتخب , لأن النتائج محسومة , والحالة مرسومة , والأرقام تُجمع وتضرب وتطرح , لكي تتحقق النتيجة التي عليها أن تكون ,  لخدمة مصالح الأسياد , وتأمين إرادة الطامعين في البلاد.
    فهل وجدتم رقما ينتخب؟!!

    د-صادق السامرائي
    1492021
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media