هل ننزع ظفرنا من جلدنا... لنتساوى في حقوق انسان الزمن.؟
د. عبد الجبار العبيدي
نعم هكذا هي الحياة منذ الأزل..اصل وفصل وحقوق انسان البشر..مترابطة لا تنفصل . قال الانسان وقالت الديانات والقبائل عن الحق والحقوق لا احد يستطيع ان ينزعها من البشرعبر الزمن..قيل لهتلرقائد المانيا العظيمة انت عدو انسان الزمن..لماذا سموك هتلرا لأنك تؤمن بلقب عداوة البشر..فقال لهم هكذا كان جدي هتلرا فكيف انزع جينات الزمن..؟
الانسان هو من عرف التاريخ واحوال البشر، وما تجمع له على السنين من اراء وأنظار،وما استخرجه بنفسه من ملاحظات وهو يقلب صفحات تاريخ الزمن..لم يقصد المؤرخ ان يقدم اجابات شافية ووافية عما يطرحه الانسان من اجل حقوقه في الزمن..بل ليقرر للقارىء حقائق ثابتة في تاريخه ليفتح له بابا في التفكير والحرية والمناقشة لتوجه ذهنه وفكره نحو الانتباه لقضايا جديرة بأن تعلمه التأمل والبحث في موازين الزمن..ليصبح الأنسان جاهزا لأن يقيم ما يطرحه الذهن عليه لمجابهة حوادث وقضايا الزمن..فأذا ادرك الحقيقة تكامل عنده الاهتمام بمواصلة تحدي صعوبات الحياة التي قد تصادفه غدا في الزمن ..بهذا التوجه الحقيقي سيفي على الغاية من تعلمه وما يطرحه عليه مؤرخ تاريخ الزمن..هكذا هو انسان الحضارة في هذا الزمن .
يتكلم المؤرخون عن فلسفة التاريخ وما فيها من غوامض الزمن..لكن الحقيقة ان لا فلسفة للتاريخ بل فَهم مختلف ومُشترك من المؤرخين لمعرفة القوى المسيرة للتاريخ التي تتحكم في سير حوادث ومتطلبات الزمن..من هنا أدرك غالبيتهم معرفة قوانين وقواعد تتحكم في سير الحوادث حتى ادركت اسباب قيام الحضارات الانسانية بمرور الزمن ..فتنبهت أذهانهم الى معرفة وضع القوانين التي تميز بين حضارة واخرى وحق انسان وأخر ، فوجدوا ان الحق والعدل هو قانون الزمن...فحثوا الناس والحاكم على ضرورة ادراك ما وراء الزمن لمعرفة الصحيح من الخطأ لتكوين مجتمع الرفاهية والقانون عبر الزمن. حتى توصلوا الى شروط كتبوها حين يريدون تكوين المجتمع الأنساني تتوفر فيه اسباب الرخاء او ما يسمى بالسعادة للبشر.هذه هي معايير الحياة (العدل) في قوانين الديانات للبشر.
لقد كتب الأنبياء في قصصهم التي تركوها للانسان البشر، والفلاسفة في تأملاتهم التي عاشت حية في اذهانهم ، كتبوا كيفية شروط بناء مجتمع انسان السعادة بعد ان واجهت الانسانية شرور الظلم والأضطهاد من حكام الزمن ، فكتب هيكَل وماركس وآدم سمث كل منهم من وجهة نظره في عدل وقوانين الزمن ..،فكان هيكل يناصر الرأسماليين العتاة الذين يحبون المال والجاه والسلطان دون ملل...يقابله كارل ماركس الذي يعتقد ان العمال هم الذين يصنعون التاريخ بأيديهم وثمرة أعمالهم فلهم حق عدل الزمن ..لكنهم يتفقون ان الحق والعدل في التفيذ هو أصل حقوق الزمن..ثم جاء أدم سمث ليشجع رأس المال في توظيفات رفاهية البشر..حتى سمى كتابه "ثروة الأمم"..فتكونت الرأسماية التي انتجت الحضارة للأمم.
من هنا بقي الحق والعدل بين الناس من قبل حكوماتهم مجرد تصورات واماني لا ترتجى ولم تطبق الا من أمن بها وبهم في الزمن..لكن هذه التصورات التي نطرحها حكموا من جاؤا بعد2003 بظلم الوطن في الزمن ..لا قوانين ولامحاسبة لمن يسرق اموال الوطن ، فعمموا الكراهية بين انسان الوطن بعد ان نشروا نظام الحواجز النفسية لتدمير وعي الذات بعد ان سلموا السلطة للمتدينين السياسيين الذي يؤمنون بانهم اهل المعرفة والعرفان ولا غيرهم له حق قيادة الوطن في الزمن ..فكان انتهاك القانون والقيم في مجتمع الوطن.. فضيعوا الانسان والحق والمبادىء والدين والقيم في وطن الزمن..واليوم الكل ترفع شعار"نعمل انتخبونا لنتقدم في الوطن..الكذب لاينطوي اليوم على انسان الزمن ..فالاشرار ليس لهم مكان في الوطن..؟
قامت حضارات وبادت حضارات عبر الزمن ، ولكن لم نقرأ منها او فيها الا ما صوره لنا المكتشفون من حفريات الزمن هي عظام المنشآت كالاهرامات والزقورات وقصور فرساي وعمائر الحمراء في الأندلس .. لكنها في الحقيقة وان لم تثمر لكنها كانت تمثل ما قامت عليها حياة البشر..في الاستقرار وقيام نظريات الحقوق للأوطان والافراد في ذلك الزمن.حتى جاءت الديانات والأنبياء والرسل ..تأكيدا لما هو موجود في الزمن وليس اكتشافا منهم في الزمن .لو ان الارض ومن عليها خضعت لقوانين العدول من حكموا في الزمن لما حصل الظلم والحروب وشرور الزمن ..فهل من يظلمون اليوم ويقتلون وينهبون يستطيعون اخضاع مفردات الحياة لهم دون زمن ودون اعتراض من كتب الديانات وقوانين حضارة الزمن ..هذا مستحيل ان تحكم الشعوب بدون قانون عدل الزمن...لذا تتبدل حكومات وتقوم مؤسسات من اجل ثبات قانون حضارات الزمن.فمن طبق نجح ..ومن خالف سقط..؟
يبقى العقل الموزون في تصرفه واللا عقل هو المقياس في الأستفادة من المخترع والضرر في التدمير ولو ان كلاهما يؤديان نفس الغرض...فالصاروخ الذي يحمل مركبة الفضاء ليصعد بها لاكتشاف القمر ..هو هو الصاروخ الذي يحمل قنبلة ذرية وحطم مدينتي هورشيما ونكزاكي اليابانيتين وحياة البشر.هنا قال الانبياء بضرورة تطبيق عدل البشر في الزمن..فكيف مؤسسة الدين اليوم التي تدعي الولائية من الله وهي تعمل ليل نهار للتفريق بين البشربمذاهب مخترعة ليس لها في الدين من اصل في معتقد الزمن ؟، وتدمر اوطان البشر..فاي دين يسمح لها بأسم المذهب بالاعتداء على حقوق وحريات البشر في الزمن.؟
رجال دينٍ ، ومتعلمين ، وفلاسفة عرضوا على الناس كل خبرا تهم لينالوا حظهم في مساعدتهم لتحقيق عدالة الأرض في الزمن..ولكن حينما تمكنوا قلبوا ظهر المجن للدين والذين وقفوا معهم من اجل ان لا تتغيير مضامين الزمن لصالح الانسان البشر،هكذا هي أنانية رجل الدين الظالم في الزمن ،هكذا هي قوانين الغاب حين يمتلكها اللابشر...ماذا تسمي هؤلاء ..رجال دين مخلصين او فلاسفة تاريخ او قضاة عدول ..أم مخربي زمن..؟ فحين تحكُم لا تحكم على الدين والقانون بسلبية حكم الوطن..بل على منهج ديموغوجي يمتلكه رجل دين الوطن..وهكذا ضاعت دول الاسلام السياسي عبر الزمن..هؤلاء هم أشباه من رافقوا الأجنبي الغاصب في اسقاط الوطن.. وأقسموا أمامه بأن الوطن يمتلك اسلحة الدمار الشامل ليدمر بها الوطن.واليوم تثور ثورة المخلصين من ابناء دولة الاعتداء على الرئيس الذي نفذ حكم باطل الزمن..ولكنهم لا يقرأون اليوم،لا بل يدافعون وبكل قوة عن بلد يريد صناعة اسلحة الدمار الشامل ليغير سياسة اوطانهم والأخرين لصالحه حتى لو دمرت اوطان الزمن .. وهل يعلمون ماذا بعد الاسقاط واستلام سلطة الزمن..سينقلب الأقوياء الى ذئاب كاسرة تأكل اللحم والعظم وتشرب الدم لأنها تريد البقاء لها وحدها عبر الزمن..هذه هي عقيدة اصحاب سلطة الزمن ..فهل حقا هؤلاء يعترف بهم الدين والانسان في الوطن..؟ وتدعي تمثيله ولا غيرها يمثل وطن..أم هكذا هي الحياة في الزمن ؟؟
على واضعي منهج الدراسة ان يُعلموا طلاب المدرسة مصطلحات التقدم والتأخر لمن ولماذا لتتفتح الاذهان على حقائق الزمن..؟ وان يعلموهم السرعة في العمل،فمن قصر عنها تأخر ومن جاراها تقدم..هذه كلها ذكرت في كتب السماء والفلاسفة فلماذا حجبوها عن طلاب البشر..في القرآن ذكرت فكرة الحركة،أي ان الزمان والاشياء في تغير وتحول دائمين،فلماذا نحن نسينا النص ولم نطبقه في الزمن..يقول الحق: "قل سيروا في الأرض فأنظروا كيف بدأ الخلق" اي كيف بدأ ،وكيف يتغيرفي الزمن ".
اذا قرآنا ما كتبه الفيلسوف اليوناني "هرقليط" القرن الثالث ق.م في الحركة الدائمة..وجدنا انه أكد على ان الكون في حركة دائمة ،وان سبب هذه الحركة هو"الصراع" وهو في رأيه الأساس لتحول الاشياء في الارض بعضها الى بعض،وان حياة كل جديد تقضي موت شيء أخر في الزمن..فالنار تحي موت الهواء، والهواء يحي موت النار ،والماء يحي موت التراب، والحيوان يحي موت النبات ،لكن الأنسان هو المخلوق الوحيد الذي يحي موت الأثنين ،أي يعيش بموتهما معاً.. أنظركتاب الحضارة للعلامة حسين مؤنس ص149.
هنا تظهر النظرية الهرقليطية ان الوجود موت يتلاشى، والموت وجود يزول،كذلك الشر خير يتلاشى، والشر خير يزول ،فالخير والشر والكون والفساد أمور تتلازم وتنسجم في النظام العام لتكون حياة البشر..لا يقومها الا عدل البشر..ألم يقل القرآن الكريم : "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور أية الملك" 2" .اي ان الموت والحياة كلاهما خلق ،وكذلك الخير والشر كلاهما خلق.
من هنا عرف الفلاسفة القدامى ومنهم أرسطو ان الفساد هو التحول،فالأرض تفسد اذا تحولت الى شجر والانسان يفسد اذا تحول الى مصلحة ذاتية دون منفعة ..لذا قالت الديانات بضرورة اتباع الحق والعدل والقانون لحماية المجتمع من التفكك والتفسخ والفساد ومن أي خطر يهددها.. فعندما نست او تناست الدولة حقوق الناس ونظرية العدل اهدرت الحقوق وانتهت الدولة...فكان انتهاؤها حتماً لانها لم تحرص على أستيفاء الجانب الشرعي من تكوينها..فعمر الدولة والانسان لم يحصل على العماد الشرعي لها وله الا بأتباع العدل المطلق وهذا الذي جاء في الرسالات السماوية فنسيناه اعتمادا على قوة الانسان لا قوة العدل بين الناس في الزمن .يقول الحق:"واذا قلتم فأعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون،الانعام 152". نص مقدس ما قرأناه في كتب الآولين واللاحقين .ولو قرأناه وآمنا به لأنتصرنا في الزمن...لكننا اليوم له ناكرين..فسقطنا في الزمن .
هنا بيت القصيد في دولنا العربية والاسلامية وفي عراقنا خاصة اليوم ..حين نسوا نظرية العدل المطلق..فكان اعتمادهم على رجالهم الاشداء ومؤيديهم وعصبيتهم دون ان تحرص على ربط نفسها بالأمة والسماح لها بالمشاركة في الحكم او الحصول على اي نصيب فيه..ولهم فقط حق الحياة والموت دون مسائلة القانون..كما تراهم اليوم أمام العيون كيف هم محتارون...لا يدرون ما يفعلون ..حين حسبوها زقاً وقينة كما كان الاسلاف يعملون..؟ .
ان الذين أنقطعت صلتهم بالأمة اسرع اليهم الجفاف لتوقف الحركة والاتصال بين الجانبين،لأن العلاقة بين الطبقة الحاكمة والامة هي نفس العلاقة بين الشجرة والتربة التي تنبت فيها..فاذا اعتمد الحاكم على نفسه أو على فئة قليلة فاسدة..لم يلبث بمرور الزمن ان تنفر منه العامة فيضعف ويتدهور ويسقط كما في الدولتين الاموية والعباسية..ودولة العراق الحالية التي أصبح حكامها لا ينظر اليهم الا بمنظر الأشمئزاز والكراهية لأنهم ظالمون ..ودولتهم ينتظرمنها الأنحلال والسقوط..حين اصبحت مثل عجوز مهما جملوها لا ينظر اليها الا بما يخالف الذوق والقانون..دولة العراق الحالية مثالاً حياً لما نقول ..
وهذا ما سماه المؤرخ العلامة أبن خلدون :"قيام الدولة على الغصب وأنقطاع الصلة بين هيئة الحكم وجمهور الناس..وانعدام القانون والمحاسبة وغياب المؤسسات.فتفككت الدولة وانتهت..أنظر نظرية أبن خلدون في العمران..
فهل يفكر من هم جاؤا بالمحتل خطأ بأمتلاك الدولة لاسباب القوة التي يدافعون عنها وسلموها للأعداء التاريخيين الآولين سينجحون ؟، حين تنكروا لها في وطنهم العراق..حتى اذا ما تمكنوا حلت بالوطن كل اسباب الضعف والخيانة والانهيار..متذرعين بأفضلية الدين والمذهب اللذين لا يصنعا دولة ..- وهما براء منهم- متخذين منهما وسيلة للسيطرة على عقول الناس وكما قيل: "اذا أردت ان تتحكم في جاهل عليك ان تغلف كل باطل بغلاف الدين..ونحذركم من التعامل باللقب والمذهب مع الشعب ،والسماح للفاسدين من الترشح مرة اخرى للانتخاب ،فالمجرب لا يجرب . لقد علمنا التاريخ ان الاعتماد على النص الثابت دون خضوعه لصيرورة الزمن لا برهان فيه ..والتراث الفقهي المنقول من الاحاديث الوهمية لا نتيجة عقلية ترتجى منه ..والتاريخ الاسلامي المسجل من مؤرخي السلطة هو سقوط لحقيقة الزمن.
فهذا العراق اذا غضب يرفع القِدر والغطاء ليحرق باطل الزمن..هكذا قالها علي (ع) أمير المؤمنين يوم حَكمَ الزمن ؟..كما عاملتمونا في ضياع الحقوق على المذهب واللقب ..فالقَدرَ ينتظركم في كل حين ساعتها لا مندم..ايها الحاكمون في الزمن الغريب..؟ أما شبعتم مالاً حراماً ، ومناصب باطلة لا تستحقونها ، وشهادات علمية مزورة ، ورتب عسكرية ألبستموها لحفاة الزمن فجاءت من العدم ،عمالة للأجنبي الحاقد التي بها أضعتم شخصية جيش الوطن .. أنتبهوا لأقدار الزمن.. فالاوطان لا تباع ولا تشترى مثل الظفر.. لا ينزع من الجلد .. واذا نزع قهرا..ظهر البديل..في الزمن..؟
jabbarmansi@gmail.com