تعريف بكتاب الجين الأناني / ريتشارد داوكنز!
    الأثنين 27 سبتمبر / أيلول 2021 - 04:55
    رعد الحافظ
    كاتب عراقي مغترب مقيم في السويد
    مقدمة :
    ألّفَ هذا الكتاب عالم البايولوجي الشهير د. ريتشارد داوكنز عام 1976 , عنوانه بالإنكليزية :
    The Selfish Gene
    ترجمته الى العربية تانيا ناجيا , مطبعة / دار الساقي ـ بيروت!
    يحوي الكتاب 13 فصل ,إضافة للمصادر والمراجع والفهرس!
    رغم مرور 45 عام على نشر هذا الكتاب الذي اُعيد طبعه عشرات المرّات بمختلف لغات العالم وبيعت منه ملايين النُسخ ,لكن المُلفت أنّهُ جاء في المرتبة الأولى عام 2017 في إستطلاع أجرته الجمعيَّة الملكيَّة البريطانيّة لأكثر كتاب علمي تأثيراً في التاريخ على الإطلاق!
    لذا وجدتُ من المفيد للقاريء (بالعربية) تعرّفهِ على هذا الكتاب ولو على سبيل الإطلاع والمعرفة!
    [[article_title_text]]
    صورة غلاف الكتاب!

    الفصل الأول / لماذا وُجدَ البشر؟
    تبلغُ الكائنات العاقلة في أيّ كوكب سُنّ الرُشد عندما تنجح في إكتشاف (علّة وجودها) ,الأمر الذي ظلّ عصيّاً علينا طوال أكثر من 3000 عام .
    حتى تجلّت الحقيقة أخيراً أمام عيني أحد هذه الكائنات إسمه (تشارلس داروين)!
    بفضلِ داروين باتَ في مقدورنا تقديم إجابة ذكيّة عن السؤال الذي يطرحهُ أيّ طفل فضولي ,مثل السؤال الذي إعتمدتهُ عنواناً لهذا الفصل!
    اليوم لم نَعُد بحاجة للخرافات للإجابة على أسئلة وجوديّة من قبيل :
    هل للحياةِ معنى؟ / ماسبب وجودنا؟ / مَنْ هو الإنسان؟
    في أيامنا هذه (1976) تبدو نظرية التطوّر موضع تشكك على غرار النظرية القائلة بأنّ الأرض تدور حول الشمس!
    إنّما تدريجيّاً يتّم إدراك المعاني الضمنيّة الكاملة لثورة داروين على نطاقٍ واسع!
    لكنّ الفلسفة ومواضيع معروفة (بالإنسانيّات) مازالت تُدّرَس وكأنّ داروين لم يولد قط .لكن بالتأكيد هذا الواقع سوف يتغيّر مع الوقت!
    جدلية هذا الكتاب تقوم على واقع أنّنا نحنُ البشر وغيرنا من الحيوانات نكوّن آلات توّلدها جيناتنا .فقد تمكنّت جيناتنا من البقاء على مرّ ملايين السنين في بعض الحالات في عالَم محكوم بالتنافسيّة الشديدة!
    هذا يخوّلنا لنتوقع تحلّي جيناتنا ببعض المزايا !
    لابدّ لي من التاكيد أنّ (الانانية المطبوعة بإنعدام الشفقة) هي ميزة طاغيّة نتوقع توفرها لدى الجينة الناجحة!
    وفي العادة ستؤدّي أنانية الجينة الى تعزيز الأنانية في السلوك الفردي!
    لكن ظروف خاصة ( كما سنرى لاحقاً) تتجلى وتسمح للجينة بأن تُحقق (أهدافها الأنانية) على نحوٍ أفضل من خلال تعزيز شكل محدود من (الإيثار) على مستوى الحيوانات الفردية!
    يبقى الحُبّ الكوني ورخاء المجموعة مفهومين لا يُعبّران بكلّ بساطة عن حسّ تطوّري!
    أنا لا اُدافع عن سلوك يستند الى التطوّر .أنا فقط أتحدّث عن كيفية تطوّر الأشياء!
    كما أنّني لا أتحدّث عن (السلوك الأخلاقي) الذي يجدرُ بنا نحنُ البشر إعتمادهِ!
    أنا اُشدّد على هذه المسألة كوني أعلم بوجود خطر إساءة فهمي من المتدينين!
    شخصيّاً أعتقد أنّ المجتمع البشري المبني فقط على قانون الأنانية الكونية العديمة الشفقة للجينة سيكون مجتمعاً كريهاً يصعب العيش فيه!
    لكن لسوء الحظ مهما بلغ إستهجاننا حدّاً كبيراً فهذا لا يحول دون كونه حقيقة!
    لابدّ لي من القول أنّ غايتي من هذا الكتاب أن يكون مُثيراً للإهتمام!
    لكن إن كنتَ توّد الخروج بعبره منهُ فإقرأهُ كإنذار!
    في حال كنتَ مثلي ترغب ببناء مجتمع يتعاضد أفراده بسخاء بعيداً عن الأنانية لما فيه الخير العام ,فلا تتوّقع الحصول على دعم كبير من الطبيعة البايولوجيّة!
    إذاً لنحاول تعلّم الكرم والإيثار لأنّنا ولدنا أنانيين! 
    لنحاول فهم ما تُخطط له (جيناتنا الأنانية ),لأنّنا قد نحظى حينئذٍ بفرصة لإفساد مُخططاتها .هذا أمرٌ لم يسعَ إليه أيّ من الكائنات الأخرى!
    نستنتج منطقيّاً من ملاحظات التعليم بأنّ الفرضية التي تقول (الطباع المتوارثة جينيّاً ثابتة لا يمكن تعديلها) ,تكوّن إعتقاد خاطيء وشائع في نفس الوقت!
    نعم تُعلّمنا جيناتنا أن نكون أنانيين ,لكنّنا لسنا مجبرين بالإمتثال لها طوال حياتنا!
    الإنسان وحدهُ (من بين الحيوانات) محكوم بالثقافة وتأثيرات التنشئة ,لذا فالجدل قائم بين تأثير هذه العوامل مقابل تأثير الطبيعة ذاتها ,الإيثار المُكتسب مقابل الأنانية الطبيعية الضرورية للبقاء والتطوّر!
    ***
    الخلاصة :
    يقول السير (جون كريبس) في مقال له عن كتاب الجين الأناني ما يلي :
    اُشبّه (د. ريتشارد داوكنز) بسبّاك أفكار وأكثر .يمكنه إصلاح العقول الخربة!
    عندما بدأ يكتب عن نظرية التطوّر سعى زملاؤه الاكاديميون لوضعه في نطاق على أحد طرفيه لقب (مُبسط العلوم للعامة) ,وعلى الطرف الثاني (عالِم العلماء) ومُبتدع معرفة جديدة خالصة!
    لكن بعد إنجاز داوكنز لكتابه الثالث قالوا عنه : (إنّ داوكنز وطّدَ دعائم الثورة الداروينية التطوّرية ,كما فعل غاليلو مع ثورة كوبرنيكوس في الكونيّات]!
    أشهر كُتب داوكنز :
    الجين الأناني 1976  ,النمط الظاهري 1982 , صانع الساعات الأعمى 1986
    ,النهر الخارج من عدن 1995 ,الصعود الى جبل اللاإحتمال 1996 ,
    تفكيك قوس قزح 1998 ,قسيس الشيطان 2003 , حكاية الجدّ الأعلى 2004,
    وهم الإله 2006 ,أعظم عرض 2009 , سحر الواقع 2011 
    له عشرات الأفلام العلمية والندوات والحوارات والمناظرات ,حتى معارضيه (الدينيين) يقرّون بإسلوبهِ البليغ وفصاحتهِ وذكائهِ المتوقد وسرعة البديهه!
    ولاحظوا مايلي / عندما نشر داوكنز كتابه الأوّل الجين الأناني عام 1976 
    إعترف بوجود الشكّ يحوم حول نظرية داروين (التطور والإنتقاء الطبيعي).
    بينما اليوم يكاد لا يوجد عاقل يُشكك بهذه النظرية التي أصبحت الحقيقة المركزية الأولى في علم البايولوجي والعلوم ذات الصله به كالوراثة وجميع فروع الطب.
    أكثر من هذا حتى رجال الدين (والبابا نفسه) يقرّون بهذه النظرية يقولون (ربّما بذر الله البذرة الاولى ,ثمّ تركها بعد ذلك لتتطوّر)!
    [ لو قابلتم شخصاً متميزاً بذكائهِ فإسألوه عن الكتب التي قرأها ]!
    الفيلسوف الأمريكي / رالف والدو إمرسون

    رعد الحافظ
    27 سبتمبر 2021
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media