السيدة فاطمة الزهراء رحمة وبشرى
    الخميس 27 يناير / كانون الثاني 2022 - 06:57
    علي آل غراش
    كاتب واعلامي
    يوم عشرين جمادى الآخرة، يوم فرح وسرور ورحمة وبشرى لأهل السماء والأرض، لأنه ذكرى مولد سيدة نساء العالمين بضعة النبي الكريم خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، وزوجة ولي الله أمير المؤمنين الإمام علي -عليه السلام- وام الحسن والحسين وزينب -عليهم السلام- وكل أحفاد النبي (ص) من نسلها -عليها السلام-، والإمام الموعود الإمام المهدي الهادي المنتظر (عج) الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا من ولدها، وهذا تكريم من الخالق -عز وجل- لسيدة نساء العالمين سيدة الجنة.

    *السيدة الزهراء أم الأنوار*

    السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- رحمة لأهل السماء والأرض، فهي نور يزهر لأهل السماء ولهذا سميت بالزهراء كما جاء في رواية؛ سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن فاطمة: لِمَ سمّيت زهراء؟ فقال: «لأنّها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض».
    والسيدة الزهراء -عليها السلام- رحمة لأهل الأرض في الدنيا وفي يوم القيامة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):«إنّما سمّيت ابنتي فاطمة لأنّ الله عزّ وجلّ فطمها وفطم من أحبّها من النار». ورويَ عنِ الإمامِ الباقرِ (عليهِ ‌السّلام) أنّهُ قالَ: لفاطمةَ وقفةٌ على بابِ جهنّم... فتقولُ: إلهي وسيّدي، سمَّيتَني فاطمة، وفطمتَ بي مَن تولّاني وتولّى ذُرّيَّتي منَ النّارِ، ووعدُكَ الحقُّ وأنتَ لا تُخلفُ الميعادَ.
    فيقولُ اللهُ (عزَّ وجلّ): صدقتِ يا فاطمة، إنّي سمّيتُكِ فاطمة وفطمتُ بكِ مَن أحبَّكِ وتولاّك، وأحبّ ذرّيَّتك وتولاّهم منَ النّار، ووعدي الحقُّ وأنا لا أُخلفُ الميعادَ.  بحارُ الأنوار ٤٣ / ١٥.

    *السيدة الزهراء في القرآن الكريم*

    فاطمة وما أدرك من هي .. واي مقام ومكانة لها عند الله -سبحانه وتعالى- وعند والدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واي فضائل  ..: فقد أنزل الله -سبحانه وتعالى- عددا من السور التي ترتبط بالسيدة فاطمة الزهراء (ع) منها سورة الكوثر حيث قال الله (عزَّ وجلَّ): (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ).، و آية (التَّطهِير)، حيث قال -سبحانه وتعالى- : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً) [الأحزاب: 33]، وآية (الإِطعَام)، قال - جل وعلا- : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً) [الإنسان: 8 ـ9]، وآية (المَوَدَّة)،  إذ قال الله (عزَّ وجلَّ): (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى) [الشورى: 23]. وآية (المباهلة)، قال (سبحانه وتعالى): (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُلْ تَعَالُوا نَدْعُ أَبنَاءَنَا وَأَبنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُم وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُم ثُمَّ نَبْتَهِلُ فَنَجْعَلُ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ) [آل عمران: 61]. وآية (خَيرُ البَرِيَّة) إذ قال -العلي العظيم- في كتابه الكريم : (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّة) [البيِّنة: 7]. وغيرها من آيات في كتاب الله الحكيم.

    *الزهراء في حياة الرسول الأعظم*

    السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- لها مكانة عظيمة عند والدها، رحمة العالمين ،النبي الأكرم محمد (ص)، فهو أعرف الخلق بمكانة أبنته الزهراء عند الخالق -عز وجل- و اسرارها وإمكانياتها وعلمها، كما انها مصدر فرحه وسعادته، يفرح برؤيتها ولفرحها. وهي مستودع علمه وأسراره، وهي القدوة والأسوة الحسنة وبالخصوص للمرأة (البنت والأم والزوجة) التي تتحمل المسؤولية، والمدرسة التي تُعدّ وتخرج الأفراد لصناعة المجتمع وبناء الفرد والأمة الناجحة والتاريخ في كل زمان، ودورها في الرسالة الإسلامية، ولهذا نجد النبي (ص) في حياته إلى وإلى آخر لحظاته معها، فهو رغم انشغاله بأمور الرسالة وبناء المجتمع الإسلامي ورغم التزاماته العائلية الزوجية .. إلا انه يخصص وقتا في برنامجه اليومي لزيارة ورؤية ابنته فاطمة الزهراء -عليها السلام- فهو لا يستغني عنها في كل الأيام والأحوال ولهذا قال (ص): (فاطمة أم أبيها) فهي بلسم الروح والراحة.  كما قال (صلّى الله عليه وآله)) بحقها عدد من الروايات منها: (( فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي ، يُريبُنِي ما رابَها ، وَيُؤذِيني ما آذاهَا )). وقال (ص): ((فاطمة .. سيّدة نساء العالمين)) وبقوله (ص): ((إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضىٰ لرضاها)).

    *فاطمة فما أعلاها*

    وقال الشاعر الكبير محمد إقبال:
    و المجـد يشــرق من ثــلاث مطالــع ** فــــي مهــد فاطمـة فمــــا أعلاهــــــا

    هي بنت من هي زوج من هي أم من ** من ذا يدانــــي فـــي الفخــار أباهــــــا

    هي ومضة مـن نور عين المصطفى ** هــادي الشــعوب إذا تـروم هداهــــا

    و لــزوج فاطمة بســـورة هـل أتـــى ** تـــاج يفوق الشـمس عند ضحاهـــــا

    فـــي روض فاطمة نما غصنان لـــم ** ينجبهمـــا فــــــي النيرات سواهــــــا

    *أين شخصية السيدة الزهراء؟*

    الله -عز وجل- أعطى هذه المنزلة العظيمة للسيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- وقال رسول الله -صلى الله عليه واله وسلم- بحقها كل تلك الأقوال والتقارير .. فهو حتما لهدف سامي وعظيم؛ انه لتأكيد وترسيخ مكانتها ودورها .. .
    أين السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- في حياة الأمة الإسلامية من خلال التكريم وإبراز مكانتها وشخصيتها ودورها في كافة مجالات الحياة والمؤسسات الرسمية والأهلية في مناهج التعليم ووسائل الإعلام والتربية والمجتمع والمؤسسات الدينية والحقوقية وغيرها لتكون في كل جيل كما أراد الله -عز وجل -ورسوله الصادق الأمين (ص) أفضل أسوة وقدوة حسنة.
    لماذا كل هذا التهميش والتغييب لشخصية السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- لماذا تتعرض ريحانة النبي وبضعته لكل هذا الظلم الذي بدأ وشاهدته بعد شهادة والدها رسول الله (ص) وإلى غاية اليوم يستمر !؟.

    لقد خسرت البشرية الكثير نتيجة تغييب شخصية السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- والمؤلم ان بعض من يحملن اسم فاطمة الزهراء لا يدركن قيمة هذا الأسم العظيم وشخصية صاحبة الأسم، و ماذا يترتب على من يحمل اسم السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- وكيفية التعامل مع من يحمل هذا الأسم فاطمة الزهراء أو اي اسم من أسمائها مثل: الكوثر والبتول والصديقة والراضية والمرضية والانسية والطاهرة .. وغيرها.
    هنيئا لمن يحب ويوالي ويسير على منهج السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- ويرضيها للحصول على رضى الله ومحبته ورضوانه -سبحانه وتعالى- ومحبة الرسول(ص). والويل لكل من ينصب العداء لها ويغضبها فقد حذر الرسول الأعظم من ذلك بقوله (ص): "إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضىٰ لرضاها" وقال (ص): "فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي ، يُريبُنِي ما رابَها ، وَيُؤذِيني ما آذاهَا".

    *مولد الزهراء حياة للقلوب*

      الاحتفال بذكرى مولد السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- من قبل محبيها؛ احياء لرسالة السماء الأصيلة التي حملها الرسول الأعظم سيدنا محمد -صلى الله عليه واله وسلم- والد السيدة الزهراء (ع). وفي احياء هذه المناسبة احياء للقلوب والعقول و التزود من نور رحاب علم الزهراء، والسيدة البتول باب من أبواب الله الله -عز وجل-، باب استجابة الدعاء والرحمة والتوفيق... ومن باب الرحمة انها تشفع وتفطم محبيها ومحب ذريتها من النار.

    يوم 20 جمادى الآخرة يوم ليس بقية سائر الأيام، بل إنه مولد النجم الزاهر في سماء الوجود.
    وبهذه المناسبة المفرحة العظيمة مولد سيدة الجنة، النور الزاهر السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- نزف التهاني والتبريكات إلى مقام رسول الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين وإلى المؤمنين والمؤمنات والأحرار والشرفاء في العالم.. ؛  متباركين.

    سلام على سيدة الجنة وسيدة نساء العالمين، ام أبيها وبضعة النبي المختار وزوجة علي الكرار وام الحسنين، سيدة العطاء والتضحية والبناء، السيدة الكوثر والبتول والحوراء والطاهرة والمنصورة والانسية التقية والنقية، المعصومة والصديقة، الرضية والمرضية، الزكية والشريفة.. .

    السلام عليك يا سيدتي ومولاتي يا فاطمة الزهراء المظلومة، المغيب قبرها، سلام عليك يوم ولدتي المناسبة المفرحة، ويوم شهادتك المصيبة العظيمة المؤلمة، رزقنا الله في الآخرة شفاعتك. متباركين بمولد النور أم الأنوار فاطمة الزهراء -عليها السلام- سيدة نساء العالمين وسيدة الجنة.

    علي آل غراش
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media