الطغاة المستبدون يعتبرون أنفسهم الوطن كلّه!
    الثلاثاء 22 مارس / أذار 2022 - 06:44
    رعد الحافظ
    كاتب عراقي مغترب مقيم في السويد
    مقدمة :
    [أيّ دولة لا سيما الدولة الروسية ,يُمكنها التمييز بين الوطنيين الحقيقيين والخونة, يمكنها لفظهم كما لو كانوا ذُبابة تدخل فمهم بالخطأ, أنا على قناعة أنّ هذا التطهير الذاتي الضروري والطبيعي للمجتمع ,سوف يزيد بلادنا قوة]!
    هذا شطر من خطاب فلاديمير بوتن يوم الأربعاء 16 مارس 2022 
    الى هذه الدرجة وصل جنون العظمة لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.
    يصف معارضيه من الشعب الروسي العظيم بالخونة .يشبههم بحشرة غير مرغوبة تدخل الفم عن طريق الخطأ .يصف هروبهم القسري من بلادهم التي يعشقونها ,بالتطهير الذاتي الضروري .عِلماً أنّهُ كان قد أصدر قانون يعاقب كلّ مُعارض للحرب بـ 15 عام سجن .لا بل حتى وصف الحدث بأنّهُ حرباً هو أمر مُخالف للقانون ,فالتسمية الرسمية حسب الكرملين :عملية عسكرية خاصة.
    الرابط الأوّل !
    هل يذكركم هذا ,بهتلر وموسوليني وصدّام والقذافي وباقي الحثالة من الطغاة؟
    [[article_title_text]]
    صورة بعض الطغاة!

    الطغاة يعتبرون أنفسهم هم الوطن!
    [من الآن فصاعداً لن تكون هناك رحمة ,مَنْ يقف ضدّنا سيتم القضاء عليه]!
    هذا شطر من كلمة هتلر  ألقاها في 27 فبراير 1933 عشية إحتراق مبنى الرايخستاغ (البرلمان الألماني) .إتّهم فيها الحزب الشيوعي بالجريمة .رغم أنّ العديد من الساسة الألمان يتهمّون هتلر نفسه وحزبه النازي بهذا الحريق ,ليحرق معه الديمقراطيّة ويُثبّت قبضته على السلطة ,ثمّ يقضي على جميع معارضيه!
    وفي خطاب لطاغية ليبيا (معمر القذافي) يوم 21 أغسطس 2011 وصف الثائرين عليه وكانوا يضمّون غالبية الشعب الليبي ,بالجرذان المتمردين التي يجب القضاء عليها حتى لو أدّى ذلك الى موتِ الجميع ,فذلك أفضل من الموتِ بالتقسيط حسب قولهِ!
    أمّا الطاغية الأبشع على ظهر الكوكب (صدّام حسين) ,فعشية تنصيب نفسه رئيساً للعراق عام 1979 وفي خطابه الذي تناول مصير رفاقه القياديين في حزب البعث ممن عارض إزاحة البكر وتنصيب صدّام فقد قال مايلي :
    [يجب أن يكون مفهوماً لجميع العراقيين أنّ الذي يضع يده النظيفة تحت خدّه لينام ,فلن يوقظه أحد بمنتصف الليل (يقصد رجال مخابراتهِ). وأضاف :
    أمّا الذي يعمل ضدّ الثورة (يقصد نفسه) فسوف نبتره بتراً ,سوف يشعر أنّ الأشباح تلاحقهُ وتوقظه من نومهِ ,هذا يشمل حتى مَن يظنّ نفسهُ مُحصنّاً آمنّاً!
    كلّ من يعمل ضدّنا فهو من الخونة ,وأنتم تعلمون ماهي إجراءاتنا تجاه الخونة ,ببساطة لا شيء سوى السيف]!
    أمّا الديكتاتور الكوري الشمالي المجنون (كيم جونغ أون) ,الذي ألغى حتى التقويم الميلادي والتوقيت العالمي (حسب كرينيج) وأسمى قراره (ولادة توقيت بيونغ يانغ) ,فقد أصدرَ قراراً بمنع المواطنين من إدارة ظهورهم لتماثيلهِ وصورهِ المُنتشرة في أغلب ميادين الدولة .وعلى تلاميذ المدارس تقبيل صورتهِ.
    ومن يتوقف عن التصفيق له قبل إشارتهِ ,يُسجن عشرة أعوام.
    كما أعاد كتابة تأريخ بلاده السياسي وألغى 99% منه ,بما فيه من حقبة والدهِ.
    وأنّ 8 يناير (يوم مولدهِ) ,من كلّ عام عطلة وطنية!
    هكذا هو تفكير الطغاة  وهذه بعض أساليبهم في الحُكم .فكرتهم الأولى تتمثل بأنّ أيّ مجموعة تعارضهم حتى لو كانت نسبة تلك المجموعة تشمل غالبية الشعب ,فهي بالضرورة خائنة تستحق الإبادة والفناء!
    وبالعودة لموضوع الساعة (حرب بوتن على اوكرانيا) ومعارضة بعض الشعب الروسي لهذه الحرب ,فآخر المُنشقين الذين تصدّروا عناوين الاخبار هي الإعلاميّة (مارينا أوفسيانيكوفا) ,عندما إقتحمت نشرة الأخبار في التلفزيون الروسي الرسمي في ساعة الذروة ورفعت لافتة مكتوب عليها :
    [لا للحرب ,لا تصدقوا البروباغندا الحكومية ,إنّهم يكذبون عليكم]!
    كما نشرت شريط فيديو مؤلم عن الحرب في مواقع التواصل الإجتماعي .وبالطبع لم تُرَ مارينا بعد ذلك .الرابط 2
    ***
    الخلاصة :
    مفهوم التعامل مع الحاكم الطاغية لدى العرب يصلنا عن طريق الحديث القدسي (أيّ على لسان الله نفسه) ,الذي يقول : 
    [الظالم سيفي في الأرض أنتقم به في الدنيا من عدّوي ,ثمّ أنتقم منهُ في الآخرة]!
    لكن مشكلة هذا المفهوم ,أنّ الظَلَمة أمثال صدّام وبوتن ,إنتقموا من الشعب كلّه ,بل من شعوبٍ أخرى عدا شعوبهم ,فهل هؤلاء جميعهم كانوا أعداء الله ,وهو الذي خلقهم على هذهِ الحال أصلاً؟ أليست غريبة هذه الفكرة!
    من جهة أخرى صحيح أن بوتن يُعتبر ملاك مقارنةً بـ (كيم جونغ أون) ,لكن روسيا دولة عظيمة وشعبها عظيم ,المفترض أن يعيش هذا الشعب بنفس مستوى وحرية ورفاهية الدول الغربية .حتى جيرانه الشعب الأوكراني ,الذي قتل منهم الآلاف وهاجر لحدّ الساعة 10 ملايين منهم داخل وخارج أوكرانيا. كما فرّ عشرات الآلاف من الروس من بلادهم .وهم يدفعون أثماناً باهظة لركوب الطائرات القليلة التي تطير إلى الخارج .بعضهم يقطعون الحدود البريّة بإتجاه دول الاتحاد السوفياتي (المُنحَل) ,تلك التي تقع نوعاً ما خارج نطاق غضب السيد بوتن مثل أرمينيا وجورجيا وكازاخستان .وبهذا الصدد تقول السيدة (فيرونيكا 30 عام) وهي من سانت بطرسبيرغ وصلت إسطنبول يوم الجمعة الماضية:
    [بصراحة لا يروقني أن أكون مواطنة روسيّة في الوقت الراهن ,أنا أشعر بالخزي والعار نتيجة هذه الحرب ولديّ إحساس بأنّي قد ساهمتُ الى حدٍ ما فيما يحدث الآن]!
    هكذا تدفع الشعوب ثمن جرائم طغاتها ,يعيشون باقي حياتهم بألم وحسرة ,يتلبسّهم الشعور بالذنب ,كونهم مواطنين من ذاك البلد لم يستطيعوا منع جرائم حاكمهم ,
    ضدّ الإنسانية!
    [مُذ كان هناك بَشراً على وجه الأرض ,لم يكُن للإنسان أن يفرح إلاّ لماماً ,وكلّما تعلّمنا كيف نَفرح أكثر ,إلاّ ونسينا كيف نؤلِم وكيف نبتدع ضروباً من إيلامِ الآخرين] هكذا تكلّمَ زرادشت / نيتشه!
     
    ***
    الروابط
    الأول / الإندبيندنت / روس فروا إلى الخارج لا يرون مستقبلاً لهم في وطنهم!

    الثاني / مقال في الإندبيندنت لـ (شون أوغرايدي) ,روسيا تخسر الحرب الإعلامية! 

    رعد الحافظ
    22 مارس 2022
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media