تعريف بكتاب العاقل / تأريخ مُختَصَر للنوع البشري!
    السبت 4 يونيو / حزيران 2022 - 18:55
    رعد الحافظ
    كاتب عراقي مغترب مقيم في السويد
    [أنصح كل مُهتم بتأريخِ جنسنا البشري قراءة هذا الكتاب] .. بيل گيتس

    مقدمة :
    عنوان الكتاب بالعربية : العاقل / تأريخ مُختصر للجنس البشري!
    (Sapiens: A Brief History of Humankind)
    تأليف (يوفال نوح هراري / 46 عام) مؤرّخ إسرائيلي ,نال شهادة الدكتوراه من جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة عام 2002.
    نُشِرَ الكتاب أوّل مرّة بالعبرية عام 2011 .ثمّ تُرجم الى الإنكليزية  2014.
    لاحقاً تُرجم الى 45 لغة عالمية من بينها العربية.
    قام بالترجمة العربيّة حسين العبري وصالح بن علي الفلاحي ,شكراً لهم!
    بعض المشاهير علّقوا على هذا الكتاب كما يلي :
    (إنّهُ يتناول أسئلة التأريخ والعالم المُعاصر الكبرى ,مكتوب بلغة زاهية لاتُخطئها العين) ..جارد دايموند ,عالم أمريكي تأثّر بآرائهِ مؤلف هذا الكتاب!
    (كتاب مُذهِل يُغيّر نظرتكَ للعالَم) ..سيمون مايو / صحفي بريطاني!
    (كتابٌ لامع مُمتع بقدرِ ماهو مُحفّز للتفكير) .. صحيفة سنداي إكسبريس!
    (يكنس الأوساخ من عقلكَ ,يشّع طاقة ووضوح ,يجعل العالَم غريباً وجديداً)..
    صحيفة السنداي تايمز!
    [[article_title_text]]
    صورة غلاف الكتاب!

    نظرة عامة على الكتاب (بالإستعانة بوكيبيديا)!
    ذكر مؤلف الكتاب (يوفال نوح هراري) في مقدمتهِ تأثّرهِ بأعمال (جارد دايموند)
    عالم وكاتب علمي أمريكي ,خاصةً كتابهِ (سلاح ,بكتريا ,فولاذ) ,الذي جعله يسأل عن أشياء معقدة ,ما دفعهُ للإستعانة بالعلوم المختلفة للإجابةِ عنها.
    (في الواقع إستخدم الكاتب عشرات المراجع العلمية مذكورة في نهاية الكتاب)!
    يعرض الكتاب مراحل تأريخ البشرية منذ تطوّر الإنسان البدائي القديم في العصر الحجري ,حتى الوقت الحالي .ثمّ يضيف في نهاية الكتاب تصوّراته لمّا قد تؤول إليه البشرية في قادم الأيام! 
    فرضيتهِ الأساسية أنّ سبب سيطرة الإنسان العاقل (هومو سابينس) على العالم من بين كل الكائنات الأخرى ,هو أنّه الحيوان الوحيد القادر على التعاون مع عدد كبير من أقرانه بشكل مرن ,بسبب قدرتهم الفريدة على الإيمان بأفكار من تأليف خيالهم ,مثل الآلهة ,الدول ,المال ,حقوق الإنسان ..الخ.
    بالتالي فإنّه يشير إلى أن كلّ المُعتقدات الإنسانية التضافريّة كالسياسة ,الدين ,
    شبكات التجارة العالمية ,المؤسسات القانونية ,...هي أفكار تعتمد على الخيال! 
    كما يشير إلى وجود أدّلة على أنّ (البشر العاقلين / هومو سابينس) قاموا بإبادة الأنواع الأخرى من البشر الأوائل ,كالـ (النياندرتال)! 
    من الحُجج الأخرى التي إعتمدها هراري في كتابه أنّ المال هو نظام ثقة متبادلة!
    أنّ الراسماليّة هي دين وليست نظرية في الإقتصاد وحسب!
    أنّ الثورة الزراعية نتجت للحاجة للترف لكنّها إنتهت بجعل حياة الانسان أسوء!
    أنّ الإمبراطورية من أنجح الأنظمة السياسية الشائعة خلال ألفي عام الماضية!
    أنّ المال والإمبراطوريات والدين مجتمعين ,هو ما يوّحد العالم!
    أنّ إستئناس الحيوانات من أسوء الجرائم التي حدثت في التاريخ!
    أنّ إنسان اليوم لا يعيش أسعد فتراته في التاريخ ,وهو بصدد تطوير نفسه إلى درجة الآلهة!
    ***
    الجزء الأوّل / الثورة الذهنيّة!
    الإنسان كان حيوان لا أهميّة له!
    1 / قبل حوالي 13,8 مليار عام ,خرجت المادة والطاقة والزمان والمكان الى حيّز الوجود بما يُعرف بالإنفجار العظيم ,تسمى قصة هذه الملامح الأساسية لكوننا ..الفيزياء!
    2 / بعد هذا الظهور بحوالي 300 ألف عام ,بدأت المادة والطاقة بالإلتحام في بُنى مُعقدة تدعى الذرّات ,إتحدت لاحقاً فكونّت الجزيئات .تسمى قصة الذرات والجزيئات والتفاعلات فيما بينها ..الكيمياء!
    3 / قبل 3,8 مليار عام إندمجت جزيئات مُعيّنة على كوكب يُدعى الأرض ,
    لتشكل بُنى كبيرة معقدة تسمى المتعضيّات ,وهي كائنات حيّة نافعة (عكس الآفات التي هي كائنات حيّة ضارة) ,تسمى قصة المتعضيات علم البيولوجيا!
    4 / قبل حوالي 70 ألف عام بدأت متعضيات تنتمي الى نوع الإنسان العاقل (هومو سابينس) بتشكيل بُنى أدق وأكثر تفصيلاً تسمى الثقافات .يُسمى النمو اللاحق لهذه الثقافات البشرية .. التأريخ!
    ثلاث ثورات مهمّة شكلّت مسار التأريخ ,هي :
    الأولى / الثورة الذهنية :هذه قدحت زناد التأريح قبل حوالي 70 ألف عام!
    الثانية / الثورة الزراعيّة : هذه سرّعت التأريخ قبل حوالي 12 ألف عام!
    الثالثة / الثورة العلمية :هذه ظهرت قبل 500 عام فقط!
    وقد تنهي هذه الثورة الأخيرة التأريخ ,ليبدأ شيء مختلف تماماً .
    يسرد هذا الكتاب قصة تأثير هذه الثورات الثلاث الكبرى في البشر ,والمتعضيات (الأحياء) المرتبطة بهم!
    وُجِدَ البشر قبل وجود التأريخ بفترة طويلة جداً.
    ظهرت الحيوانات الشبيهة بالبشر المُعاصرين لأوّلِ مرة قبل 2,5 مليون عام!
    لكنّها بقت لأجيال لا تُحصى غير متميّزة عن الحيوانات الأخرى التي شاركتها مواطنها الطبيعية .وقعَ البشر الغابرون في الحُبّ ,لعبوا وكونوا صداقات حميمة وتنافسوا من أجلِ المكانة والسلطة .لكن هذا مافعلتهُ أيضاً الشنابز والرباح والفيلة.
    لم يكن هناك ما يُميّز البشر .ولم يكن لدى البشر تصوّر بأنّ سلالتهم ستمشي يوماً ما على القمر وتشطر الذرّة وتسبر أغوار الشفرة الجينيّة وتُحبّر كتب التأريخ.
    إنّ أهمّ مايجب معرفته عن بشر ما قبل التأريخ أنّهم كانوا حيوانات عديمة الأهميّة ,لا يتجاوز تأثيرها على بيئتها تأثير الغوريلات أو اليراعات أو قناديل البحر.
    ص 13 / التسمية !
    يطلق علماء البيولوجيا على الكائنات الحيّة أسماء لاتينيّة متكونة من مقطعين.
    إسم الجنس متبوعاً بإسم النوع .إنسان اليوم هو : الإنسان العاقل .
    هومو سابينس (هومو تعني إنسان وسابينس تعني عاقل)!
    تجمع الأجناس بدورها في فصائل أو عوائل ,مثلاً :
    فصيلة السنوريّات تضم الأسود والفهود الصيّادة وقطط المنزل ,جميعها تشترك بسلَف سنيوري عام عاش قبل 25 مليون سنة!
    فصيلة الكلبيّات تضّم الذئاب والثعالب وبنات آوى ,تشترك بجدّ واحد!
    الإنسان العاقل أيضاً ينتمي لفصيلة .كانت هذه الحقيقة البديهيّة واحدة من أكثر أسرار التأريخ تعميّةً .فطالما فضّلَ الإنسان العاقل أن يعتبر نفسه مُنفصلاً عن الحيوانات ,هكذا يتيماً دون اُسرة ,عديم الإخوة والأخوات ,عديم الأقارب ,
    والأهمّ بلا أبوين!
    لكن هذا ليس صحيحاً البتّه ,فسواءً قبلنا أم رفضنا فنحنُ أعضاء فصيلة كبيرة تتميّز بصخبها تُدعى (النسانون الكبار) تشكل الشنابز الغوريلات الأورانجوتانات أقرب أقاربنا الأحياء .والشنابز هم الأقرب إلينا ,فقبل 6 ملايين سنة فقط كان لنسانة اُنثى إبنتان ,غدت إحداهما سلفاً لجميع الشنابز ,أمّا الأخرى فهي جدّتنا!
    ص 14 / هياكل عظمية في الخزانة!
    عموم الناس إعتادوا أن يحسبوا أنفسهم البشر الوحيدين ,لأنّه خلال الـ 10 آلاف عام الماضية ,كان نوعنا هو النوع البشري الوحيد المُتبقي على قيد الوجود!
    لكن في الواقع المعنى الحقيقي لكلمة (إنسان) هو :حيوان ينتمي لجنس الإنسان!
    ولطالما كانت هناك أنواع أخرى من هذا الجنس بجانب الإنسان العاقل!
    وربّما (كما سنرى في الفصل الأخير من هذا الكتاب) علينا أن نرضى في مستقبل غير بعيد ,بوجود بشر من غير نوع العاقل!
    ***
    الخلاصة :
    الكتاب مليء بالمعرفة النافعة والسلسة في نفس الوقت ,ليس بالطريقة العلمية التفصيلية المُملّة لبعض الناس ,لكن ليس بعيداً عمّا توصلت إليه العلوم!
    (متوفر على الشبكة ممكن تنزيله مجاناً)!
    مثلاً / يخبرنا الكاتب أنّ البشر تطوّر لأوّل مرّة قبل نحو 2,5 مليون سنة ,في شرق إفريقيا من جنس أقدم من الإنسان يُسمى (أسترا لوبيثيكس).
    وقبل نحو 2 مليون عام رحلَ بعض هؤلاء الى شمال أفريقيا ثمّ أوربا وآسيا وإستوطنوا تلك الأماكن .وكلّ فرقة منهم تطوّرت بحسب طبيعة وجغرافية المنطقة والجو والأمراض والآفات والمصاعب والأخطار التي جابهتهم هناك!
    فأصبحت هناك أجناس بشرية عديدة تعيش في أماكن مختلفة على كوكبنا الأزرق الجميل .لكن لاحقاً إنقرضت جميعها ما عدانا (الإنسان العاقل) لأسباب مذكورة!
    علماء البيولوجي أعطوا أسماء علمية لاتينية رنانة لكل صنف منهم!
    في غرب آسيا وأوربا تطوّر البشر الى نوع إسمه / إنسان نياندرتال.
    في شرق آسيا تطوّر نوع بشري آخر إسمه الإنسان المُنتصب /هومو إريكتوس.
    بينما في جزيرة جاوة الأندونيسية عاش إنسان سولو الذي تعايش مع المناخ الإستوائي ,ثمّ لاحقاً تعرّض هذا الصنف لعملية تقزيم ,بسبب شحّة الموارد ,فمات منهم الأكبر حجماً الذي يحتاج لغذاء أكثر.
    وفي عام 2010 إكتشف العلماء في سيبيريا ,نوع بشري جديد كان مجهولاً لهم أسموه (هومو دينيسوفا) ,الكلمة الثانية هي إسم الكهف الذي وجدوا فيه الإحفورة.
    وخلال تطوّر البشر في تلك المناطق إستمرت شرق إفريقيا (مهد البشرية) ,في إنشاء أنواع جديدة أخرى مثل إنسان رودولف (هومو رودولفنيس) ,والإنسان العامل (هومو إيرجاستر) ,وأخيراً نوعنا الذي أسميناه دون أدنى تواضع ,الإنسان العاقل / هومو سابينس!
    على كلٍ الكتاب ممتع ومفيد ,وددتُ ترغيب القاريء به ,كوني أعلم يقيناً أنّ عامة العرب قلّما يقرؤون ,بالاخص مايكتبه الآخرون من غير العرب .
    يعتبرون كلّ شيء من خارج ثقافتهم مؤامرة عليهم تُهدّد وجودهم لا محال .
    بينما معظم البشرية تسير في طريق إنفتاح الثقافات على بعضها وتعاونها لأجل مستقبل أفضل للإنسان والحفاط على البيئة الصالحة قدر الإمكان!
    في الواقع ليس من طريق أرقى للتعاون والإرتقاء البشري ..من المعرفة!
    [ في المعرفة يتطهّر الجسد ,وفي المجاهدة من أجلِ المعرفة يرتقي العارف بنفسهِ ,مُقدّسة تغدو كلّ الغرائز لدى العارف ,والذي بلغَ السموّ مرحة تغدو روحهِ]
    هكذا تكلّم زرادشت / نيتشه!
     
    رعد الحافظ
    4 يونيو 2022
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media