موت ستالين The Death of Stalin
    الخميس 7 يوليو / تموز 2022 - 06:16
    د. ميسون البياتي
    موت ستالين فيلم من تأليف وإخراج أرماندو ايانوتشي بالإشتراك مع ديفيد شنايدر وإيان مارتن . مادة الفيلم مأخوذه من روايه فرنسيه منشوره في حلقات ومكتوبه على شكل سيناريو مصور صدرت بين عامي 10 _2012 . تم إنتاج الفيلم عام 2017 نجومه هم :  الممثلون ستيف بوسيمي ، وسيمون راسل بيل ، وبادي كونسيدين ، وروبرت فريند ، وجيسون إيزاك ، ومايكل بالين ، وأندريا ريسبورو ، وبول وايتهاوس ، وأولغا كوريلينكو ، وجيفري تامبور
    تم عرض الفيلم أول مره في مهرجان تورنتو السينمائي , وعرض في بلجيكا نفس العام , أما في العام 2018 فتم عرضه في فرنسا والمملكه المتحده . تم منع عرض الفيلم في روسيا وقيرغيزستان بتفسير أنه يسخر من القادة الروس 
    حصل الفيلم على أكثر من 13 جائزه دوليه , يمكن متابعته مجاناً على قناة موفي بوكس 
    لا يمكن لمتابع الفيلم أن يفهمه بشكل جيد دون أن يكون قد قرأ 3 كتب تدور مواضيعها حول الحقبه الستالينيه . الكتاب الأول هو (  على حافة الحرب البارده : الدبلوماسيون والجواسيس الأمريكيون في براغ ما بعد الحرب ) تأليف إيغور لوكاس , لنفهم كيف تأسست الحرب البارده بالإتفاق بين الولايات المتحده والاتحاد السوفييتي 1948 في عهد ستالين بإتفاقهما على اصطناع المواجهه في تشيكوسلوفاكيا , المواجهه التي تدفعهما الى العناد الذي تنبثق عنه الحرب البارده وتتعزز

    الكتاب الثاني هو ( فودكا كولا ) تأليف جارلس ليفنسون , الكتاب قديم صدر عام 1977 ثم نُسي دون أن يترجم الى الإنكليزيه , بعد سقوط الاتحاد السوفييتي تأكدت آراء الكتاب فأعيد طبعه وتمت ترجمته الى الانكليزيه , صورة الغلاف دمية بتروشكا روسيه تمثل قنينة الفودكا للعالم الخارجي لكنها حقيقةً , مفتوحه من وسطها وتظهر داخلها قنينة كولا لأن بتروشكا تعيش بدم كولا , بمعنى أن الاتحاد السوفييتي قائم بالدعم الامريكي ومتى زال الدعم سينهار الاتحاد , وهذا ما تحقق فيما بعد , شعارات التعايش السلمي في العالم كانت تعني أن الحكومات تتعايش فيما بينها سلمياً لكن ذلك غير مسموح للقواعد التي ينبغي لها القتال والنضال ضد بعضها , وهكذا يحقق التعايش السلمي تبادل العملات والمصالح بين الحكومات مع بقاء الحرب البارده قائمه الى أن تحقق هذه الحرب كل آمال الولايات المتحده , يتم عندها إنهاء الحرب وينتهي الاتحاد السوفييتي 

    الكتاب الثالث هو ( بلاط القيصر الأحمر ستالين ) تأليف سيمون سيباغ مونتيفيور . الكتاب ليس اجتهاد أو رأي شخصي , صدر عام 2003 بعد سقوط الاتحاد السوفييتي , دخل المؤلف الى أقبية كي جي بي وأخرج كل الوثائق التي تتعرض الى حياة ستالين منذ الولاده حتى الموت وعرضها لنا . كان ستالين يقيم  حفلات سكر ثقيل للرفاق ويستدرجهم بالحديث وهم سكارى ومن تبدر منه كلمه يعدم في اليوم التالي . بعد واحده من هذه الحفلات يصل ستالين ثملاً الى غرفة نومه يقوده اليها وزير داخليته ومدير أمنه بيريا الذي يحقن ستالين ابرة سامه ويخرج ويغلق الباب ويأمر الحرس بعدم ازعاج القائد .. بعد يومين عثر على جثته ساقطاً من السرير .. فيلم موت ستالين لا يتعرض لهذا الامر ويدّعي أن ستالين مات بنوبة قلبيه بعد رساله تلقاها من احدى النساء دخلت الكنيسه ودعت عليه بالموت 
    [[article_title_text]]

    يبدأ الفيلم بجوزيف ستالين يستمع في الداتشا ( قصره الريفي ) عبر إذاعه موسكو الى حفل موسيقي  لكونشيرتو البيانو رقم 23 لموزارت . يتصل تلفونياً بالإذاعه ويأمر بإرسال تسجيل الحفل له , ولكون الحفل غير مسجل يضطر القائمون على الحفل الى إعادة عزفه وتسجيله في أجواء بوليسيه أرهبت المايسترو والمدعوين وكل العاملين . حين يصل مبعوث ستالين لتسلم التسجيل تقوم عازفة البيانو الروسيه ماريا يودينا 1899_ 1970 بوضع رساله في مغلف شريط التسجيل كتبت فيها أنها ذهبت الى الكنيسه ودعت على ستالين بالموت لأنه أعتقل عائلتها وأرسلهم الى القلغ في سيبيريا . يتسلم ستالين التسجيل ويتناول العشاء مع أعضاء اللجنه المركزيه مولوتوف ومالينكوف وخروتشوف وبيريا ، ثم يذهب الى غرفته ليستمع الى الكونشيرتو المسجل فيعثر على رسالة يودينا وحالما يقرأها يضحك بهستيريه ويصاب بنوبة دماغيه .  سمع حراسه سقوطه على الأرض لكنهم لم يحققوا فيما سمعوا خوفاً منه ، ولم تكتشفه إلا مدبرة منزله في صباح اليوم التالي 
    يتوافد أعضاء اللجنه المركزيه الى قصره الريفي , يصل بيريا أولاً يليه مالينكوف وكان مذعوراً لكن بيريا يهدأه ويقرر استخدامه كستار أو دميه لتغطية نفسه أمام المتنفذ خروتشوف الذي يصل ثالثاً , بعدها يتوافد بقية الرفاق 
    من قبل موت ستالين تمت سرقة ممتلكات قصره وإبعاد المقربين منه من العاملين لديه والتخلص ممن يشك في ولائهم المطلق له ثم تولى خروتشوف الذي كان يتمنى موت ستالين ليحل محله مهمة البحث عن طبيب لرفيقه , بينما تولى بيريا وزير الداخليه مهمة الحفاظ على الأمن بإقفال مداخل موسكو حتى لا تتوافد الجموع من أنحاء البلاد ويحصل مالا تحمد عقباه 

    كانت مهمة البحث عن طبيب مهمة عسيره لأن ستالين كان قد شن حملة على الأطباء قبل فتره فقتل منهم من قتل وهرب الباقون , في نفس الوقت كانت مهمة خروتشوف وبيريا صعبه في السيطره على سفيتلانا ابنة ستالين شبه المختله عقلياً بعدما كان والدها قد قتل أمامها الرجل الذي كانت تحبه من أجل منعها من الإقتران به , ومهمتهما أصعب في السيطره على فاسيلي ابن ستالين غير المستقر عقلياً والمدمن على الكحول بإفراط 

    الضرب تحت الحزام بدأ بين بيريا وخروتشوف , مولوتوف كان من أقوى معارضي تسلط خروتشوف لهذا قرر بيريا مغازلة مولوتوف بإطلاق سراح زوجة مولوتوف من المعتقل الذي كان ستالين قد اعتقلها فيه لضمان ولاء مولوتوف وعدم خروجه عن طوعه وطاعته . رد خروتشوف على هذا الموقف بالأمر بفتح بوابات موسكو والسماح بتوافد الجموع من أطراف روسيا لمعاينة جثة ستالين الذي مات رغم ربطه على جهاز تنفس صناعي امريكي , لعدم العثور على طبيب كفؤ لمعالجته 

    تجتمع اللجنه وتسمي مالينكوف رئيساً كما هو منصوص عليه في الدستور السوفييتي , لكن مالينكوف كان ضعيف الشخصيه يخضع بشكل كبير لسيطرة بيريا ، الذي يستخدمه لتحسين وضعه , نتيجة لذلك  تم تهميش خروتشوف وتحميله مسؤولية التخطيط لجنازة ستالين 

     حين علم بيريا بأن خروتشوف تقرب من جوكوف وزير الدفاع طالباً منه تدخل الجيش للسيطره على الوضع ليتسلم خروتشوف الحكم بدل مالينكوف , أمر بيريا بفتح النار على حشود المواطنين التي توافدت على موسكو لتعم الفوضى وتصعب السيطره على الوضع , فقتل 1500 مواطن 
    وبدل أن يقوم المواطنون بتحية جثمان ستالين بدأوا برمي الجيش بالحجاره وهم يصرخون : تباً لكم . ثم بدأ الشارع بترديد نشيد الأممية الثانيه , بما يعني أنه يتبرأ من البلاشفه وأمميتهم الثالثه الكومنترن 
    كان مقتل 1500 مواطن على يد الجيش مخالفة كبرى تقرر تعليقها برقبة الضباط الصغار , لكن بيريا عارض ذلك وأصر على محاسبة المسؤول عن فتح بوابات موسكو بعدما كان بيريا قد أمر باغلاقها , بما معناه أنه سيطيح بخروتشوف 

    خروتشوف إلتقى سراً بباقي الرفاق وكذب عليهم واحداً بعد الآخر أن هناك إجماع على العمل ضد بيريا , مالينكوف الذي يسيطر عليه بيريا عارض ذلك , ولكن تمّ إلقاء القبض على بيريا ومعاملته بطريقة مهينه , ومحاكمته في مرحاض ويده مقيده الى مبوله , وتم اتهامه بإغتصاب النساء والإعتداء الجنسي على الأطفال ثم حكم خروتشوف على بيريا بالإعدام . صرخ مالينكوف : هذا مهين , يجب أن تتوفر له محاكمه عادله , إنه واحد منا . لكن خروتشوف يناوله قلماً ويأمره بالتوقيع 
    يتم سحب بيريا الى الخارج بعنف ثم أطلق جندي طلقه على رأسه فقتله وتم صب البنزين عليه وإحراقه . ثم أعطى خروتشوف تذكرة سفر الى فيينا الى ابنة ستالين التي تطالب بأخذ شقيقها معها لكن خروتشوف يرفض ذلك 
    بعد عامين أي في 1955 تمكن خروتشوف من الإطاحه بمالينكوف وأصبح هو رئيساً للبلاد . في مشهد الختام نتابع خروتشوف يرعى حفلاً موسيقياً تعزف فيه ماريا يودينا .. بينما يراقبه ليونيد بريجينيف من أحد الصفوف الخلفيه .. ليونيد بريجينيف الذي سيتمكن من الإطاحه بخروتشوف والحلول محله عام 1964  بتهم الإختلال العقلي والرعونه وسوء التصرف , ضرب خروتشوف لمنصة الأمم المتحده بالحذاء عام 1960 كان واحداً من البراهين على هذه التهم 

    كان بود كاتبة السطور الحديث عن الآله الأمريكيه التي أدارت كل هذه اللعبه وكم استفادت من : البلاشفه , الكومنترن , الستار الحديدي , الإنشقاق البلشفي الاول والثاني , الحرب البارده , ازمة الصواريخ الروسيه في كوبا , وسبب الإيعاز الى بيريا بقتل ستالين , لكنها تتوقف عن ذلك لأن هذه المواضيع تقع خارج إطار عرض فيلم سينمائي 

    د. ميسون البياتي   



    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media