تصدّر في الآونة الأخيرة الكلام عن مزاد العملة، وسبقها تغيير سعرالصرف للدولار، وغيرها من القضايا الاقتصادية التي تناولها الشارع العراقي، باللوم على السياسة النقدية التي يسوسها البنك المركزي العراقي.
ولكن القليل ممن هم من ذوي الاختصاص، على دراية بما ورائيات هذه الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي، والغاية منها، وقد يتهم بانجراره لغايات سياسية مرة، او انقياده لجهة ما مرة اخرى.
في البداية وكما هو معروف، فان استقرار الحياة الاقتصادية، لأي بلد مرتبط بشكل اساسي بالجو السياسي العام للبلاد، ومدى استقراره وما له من تاثير على مستوى ثبات واستقرار العملة المحلية.
وفي ساحة سياسية مثل الساحة العراقية ما تشهده من احداث متسارعة، تعد بيئة قلقة وغير مشجعة لتحسن قيمة العملة المحلية، بل وتجعلها مهددة بعدم الاستقرار، وهذا بدوره ينسحب على عملية التداول المصرفي والذي يجعل المواطن لا يطمئن لقيمة العملة المحلية، وبهذا سيكون هناك مؤشر على زيادة الطلب على الدولار مما يشكل ضغط في عملية التحويل، وبالنهاية سيؤدي الى ارتفاع سعر الصرف.
اما ما يخص نافذة بيع العملة، فان البنك المركزي ياخذ على عاتقه ادارة هذه النافذة عبر توفير العملة الصعبة للمواطنين الراغبين بالحصول عليها للاعمال التجارية او لأكمال الدراسة في الخارج بسعر مدعوم، وغيرها من الامور، لذلك فان البنك يوفر العملة الاجنبية للسوق العراقية، بصورة نظامية مع فحص للدولار السليم، اي انه يجنب المواطنين التعامل مع مزيفي العملة.
وهو بذلك يشرف بشكل مباشر على ادارة سعر صرف العملة، رغم ما يضفي عليها من سمات التضخم! والذي يدل على (عافية الاقتصاد). قد يستغرب البعض من هذه العبارة ولكن الاقتصاد المتضخم هو الاقتصاد الذي يشهد ارتفاع معدلات الطلب في مقابل عرض أقل، مع وجود القدرة الشرائية للفرد، على العكس مما تعانيه بعض اسواق المنطقة من تضخم في الاسعار ويقابله عزوف في عمليات الطلب مما يسبب كساد اقتصادي وخمول للعملة.
لم يقف البنك المركزي العراقي على حدود مهامه الاساسية في ادارة النقد المحلي، ورسم السياسة النقدية فقط، بل ساهم في الحفاظ على المال العام، من خلال فرض سلطته النقدية على بقية المصارف الاهلية، والحد من عمليات التلاعب او الاحتيال التي يُسمع عنها هنا وهناك.
_ اذ فرض سلسلة من الاجراءات الصارمة على المصارف الاهلية تلزمها بها، ووضع آلية لمنح التراخيص لتأسيس المصرف نفسه، كذلك مراقبة راس المال وعمليات الصرف، والاشراف المباشر من قبل كوادر البنك المركزي، لعمل تلك المصارف على ارض الواقع، من خلال زيارات دورية، ويتم من خلالها تصنيف المصارف حسب ما تقدم للمواطن من خدمات من جهة، والتزامها بالضوابط من جهة اخرى.
_ كذلك استحدث البنك المركزي (منصة خطابات الضمان) وهي آليه جديدة اتبعها البنك المركزي من اجل فحص وتدقيق كل خطاب ضمان مقدم من خلال اي مصرف فلا يتم المصادقة على اي خطاب الا بعد مروره بهذه المنصة، بعد ان يستوفي كافة الشروط لمنحه للمستفيد، وقد تم العمل بها.
_منح مبادرات صندوق الاسكان عبر قروض ميسرة، وتعزيز تلك المبادرة بالغاء الفائدة، وبذلك يكون البنك قد اسهم بما يقارب ( ٣٠_٤٠%) من اجمالي معدل التنمية الاستثمارية.
_كذلك طرح البنك المركزي مبادرة الطاقة المتجددة بالتعاون مع وزارة البيئة، وذلك بترسيخ مبادئ الاعتماد على الطاقة الشمسية في توليد الطاقة الكهربائية، من خلال منح قروض للمواطنين لشراء تلك الوحدات، التي تساهم بالحد من التلوث البيئي، وتوفير الوقود وتعتبر من البدائل الاقتصادية لتوفير الكهرباء، والتي ستساهم في تخفيف العبئ عن المواطن الذي يشكو باستمرار من ارتفاع اسعار المولدات الاهلية، وسوء خدماتها المقدمة.
لم تقتصر مساهمات البنك المركزي في المجال الاقتصادي والتنموي فقط، بل كان له دور في دعم ورعاية والاشراف بعدة مبادرات مجتمعية فعالة، قد لاقت استحسان الشارع العراقي ومنها؛ اعادة اعمار شارع المتنبي، شارع بغداد الثقافي الذي عانى من الاهمال لعقود.
كذلك اشرف البنك المركزي بالتعاون مع المصارف الاهلية على مبادرة اعمار اهم ساحات العاصمة بغداد واعاد لها رونقها الخاص.
كذلك لم يغفل البنك المركزي الجانب الانساني، اذ يقدم عدة مساعدات لبعض شرائح المجتمع، عبر مبالغ مالية تقدم كرعاية لكبار السن، او ممن بحاجة لعلاج وغيرها .
في النهاية يجب ان نشيد بعمل المؤسسات التي تمثل وتد الامان لهيكل الدولة منها المؤسسة القضائية التي كرست مفهوم الاستقلالية والترفع عما يدور في الساحة العراقية من شد وجذب وتصارع، فكانت قوية وستبقى، كذلك مؤسسة عريقة كالبنك المركزي وما يحمله من ارث اقتصادي وما يعمل لحماية الدينار يجب ان لا يكون موضع للشك او الريبة....
حفظ الله العراق ...