في العقود الماضية وبالتحديد من بداية الثمانينات من القرن طفت على سطح الأحداث ظاهرة مخيفة وخطيرة هزت العالم وهي نشوء ظاهرة الإرهاب وما فيها من قتل وعنف وإسالة الدماء وباسم الدين وقيم سماوية سامية عليا والتي كل الأديان السماوية وبضمنها الدين الإسلامي الحنيف براء منها ولا يمت لها بأي شكل من الأشكال وبراءة الأديان منها كبراءة الذئب من دم النبي يوسف(عليه السلام).
والملفت للنظر أن ظاهرة الإرهاب وما حوت من قيم وأفكار متعصبة ومنغلقة قد اقترنت بالدين الإسلامي وحتى بنبي الرحمة محمد(صل الله عليه وآله )ومن خلال قيام الإرهاب بالقتل بالهوية ورفع التكبير والصاق كل ما يقومون من جرائم وحشية بالإسلام ومن خلال حملة اعلامية منهجية ومدروسة غايتها تشويه الفكر الإسلامي وما يحمله من سماحة وفكر سامي عالي المضامين تم الصاق هذا الفكر الإرهابي بديننا الحنيف.
وللوقوف عند هذا الأمر المهم لابد من إلقاء الضوء على ماهية الفكر الإرهابي؟ وهل هو وليد الفكرة الحديثة ومنذ اواخر القرن الماضي كما أشرنا إلى ذلك ام قبل ذلك؟.
ومن هنا يجب الرجوع الى الوراء ومعرفة هل هذا الفكر المتطرف والمجرم هو موغل في القدم ومنذ بدايات الخليقة ومعرفة بدايات نشوئه، والحقيقة لو تعمقنا في التاريخ لوجدنا أن الفكر الإرهابي قد بدأ ومن نشوء الخليقة.
وقصة هابيل وقابيل هي توضح بداية الأجرام ومنذ ذلك الوقت في تطويع الشيطان في قتل الإنسان لأخيه الإنسان وبدم بارد حيث سولت نفس قابيل بقتل اخيه هابيل وهذا ما أشار اليه الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه حيث يقول { لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }(1). ومنذ هذه اللحظة بدأ الصراع بين قوى الخير وقوى الشر ولتكون قوى الخير هي القربان الذي يذبح على مذابح إعلاء قيم الحق والعدالة ضد قوى الظلم والباطل، ولتكون بداية العنف وسيلان الدماء و يصطبغ التاريخ باللون الأحمر الدامي ...ويستمر هذا الدم عبر التاريخ ومن أجل الاطلاع عليه نلاحظ أن العنف والقتل (الإرهاب) مستمر وبلا هوادة ويزداد عنف وقسوة ووحشية وكان ذلك ممثل بوجود سلطات حاكمة غاشمة تفعل أي شيء من أجل استمرار حكمها الظالم والطاغي ضد كل المصلحين والعباد الصالحين وبالأخص الأنبياء والرسل.
وتتضح هذه الصورة في نبي الله إبراهيم(عليه وعلى نبينا محمد افضل السلام)ومن خلال قيام الملك نمرود بمحاولة قتل النبي إبراهيم(عليه السلام)ومن خلال عمل أخدود كبير للنار ورميه بالمنجنيق إلى النار لأن النار التي عملها تحرق حتى الطير الذي يمر من فوقها في سابقة خطيرة تمثل مدى الوحشية والتي يحملها الحكام الديكتاتوريين والتي هي موجودة في كل زمان ومكان ولحد وقتنا الحاضر وبشكل أشد وأكثر وطأة من ناحية العنف والوحشية وهي قوى الشر والممثلة في دول الشر من أمريكا وإسرائيل ومن لف لفهم. وبلطف من الله ورحمته نجى الله جل وعلا نبيه إبراهيم(عليه السلام) من تلك النار حيث ذكر ذلك القرآن الكريم ليقول { قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ }(2). وكان من شدة النار أنها وصفها اناس بالجحيم ولكن الله سبحانه وتعالى نجاه وجعل الذين كفروا والممثلة بقوى الشر من الطاغي نمرود ومن معه من الأخسرين ليؤكد على ذلك ويقول {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ }(3). وكان الرضا بقضاء الله وقدره هو السمة الغالبة في ما يمرون به الأنبياء والرسل من مخاطر وأزمات ، حيث تذكر الروايات أنه عندما تم رمي نبي الله إبراهيم على النار وبالمنجنيق فتلقاه جبرئيل في الهواء فقال: هل لك من حاجة؟
فقال: أما إليك فلا! حسبي الله ونعم الوكيل، فاستقبله ميكائيل فقال: إن أردت أخمدت النار فإن خزائن الأمطار والمياه بيدي؟ فقال: لا أريد! وأتاه ملك الريح فقال: لو شئت طيرت النار؟ قال:
لا أريد! فقال جبرئيل: فاسأل الله، فقال: (حسبي من سؤالي علمه بحالي ) (4).
وكان هذا المسلسل مستمر عبر حقب التاريخ ومن خلال قصص الانبياء والرسل من خلال نبي الله يوسف(ع) وكيف تم القاءه في الغياهب الجب(البئر)ومن خلال أخوته ولتمثل مدى قوة الشيطان في إغواء البشر وأنفسهم في عمل الشر وبكل ضراوة وشدة ووحشية ثم
ليتضح بعد ذلك في قيام الحاكمين بسجن النبي يوسف ولمدة سبع سنين وفي سجون قاسية وسجانين لا يعرفون الرحمة والشفقة، ومن اجل فعل ما يحرمه الله من فعل الرذيلة والفاحشة ولكن هذا هو حال الحكام وحتى من اعتبرهم في خانة الإرهاب هم يفعلون ما يحلو ويبررون ما يقومون باسم الدين والفضيلة وهو نفس ما يحصل عندنا في وقتنا الحاضر من قبل الدواعش وكل من ما محسوب على الإرهاب والقتلة والمجرمين من جهاد النكاح وحتى تبرير اللواط (أجلكم الله)وكل ما هو حرام وباطل وبعيد كل البعد عن الإسلام ولا يقر به جملة وتفصيلاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1 ـ [المائدة : 28].
2 ـ [الأنبياء : 68 - 70].
3 ـ [الصافات : 97 - 98].
4 ـ ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٦٥٨. منشورات المكتبة الشيعية. البحار: 71 / 155 / 170.