الاتفاقية مع توتال انرجيز.. انجاز مهم ام تدوير ممارسات تفتقر الشفافية والجدوى الاقتصادية
بعد أربع زيارات فقط الى العراق وعقد اجتماعات خلف الابواب المغلقة تمكنت شركة توتال، بسرعة فائقة غير مسبوقة، من توقيع هذه الاتفاقية مع حكومة تصريف الاعمال برئاسة مصطفى الكاظمي. تضمنت الاتفاقية أربعة مشاريع؛ ثلاثة منها مشاريع معروفة تتعلق بالقطاع النفطي، اما الرابع فانه الاول من نوعه، من حيث الحجم، ويتعلق بالطاقة الشمسية الذي لا يتعلق مطلقا بالقطاع النفطي، بل يقع ضمن مهام كل من وزارة الكهرباء والهيئة الوطنية للاستثمار.
عقد رئيس مجلس الوزراء محمد السوداني وبعد اربعة أسابيع فقط من استلام مهمه اجتماعا مع بعض المسؤولين في وزارة النفط (بغياب وزير النفط) لمناقشة مشاريع مدرجة في الاتفاقية وبحضور رئيس شركة توتال-انرجيز وذلك في 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2022. اثار ذلك الاجتماع غير الموفق الكثير من الاستغراب والرفض مما دفعني الى التنبيه والتحذير من هكذا ممارسات غير مسبوقة وغير مبررة وغير مقبولة.
لتوفير المزيد من المعلومات وتوسيع دائرة النقاش والحوار بشأن هذه الاتفاقية عقدت منصة "المشترك" ندوة حوارية وذلك بدعوتي لتقديم مداخلة تبعتها مناقشات وطرح الآراء. استخدمت في مداخلتي سلايدات باوربوينت تضمنت بيانات احصائية واشكال ببيانية ورصد وذكر الادلة المادية وغيرها من المعلومات المتعلقة بموضوعات الحوار ومداخلاتي السابقة وروابط الاطلاع عليها. يمكن الاطلاع مداخلتي وعلى مجريات الندوة الحوارية من خلال الرابط التالي: https://bit.ly/3iUoOfn
تهدف المداخلة الى محاولة فهم ماهي هذه الاتفاقية ومكوناتها وشروطها، وكيف تم التوصل اليها بهذه السرعة غير المسبوقة ومن قبل حكومة تسيير اعمال، ومدى توافقها مع المصلحة العراقية وما العمل لمواجهة تأثيراتها السلبية وما هي البدائل الواقعية الممكنة وغيرها من التساؤلات المهمة والمشروعة.
للإجابة على هذه الاسئلة تم عرض وتحليل ومناقشة المواضيع التالية
مساهمة شركة توتال المتواضعة جدا في القطاع النفطي بعد احتلال 2003
التسلسل الزمني والاحداث المتعلقة بالاتفاقية... تساؤلات!!؟؟
المشاريع الاربعة التي تضمنها الاتفاقية- هيكل الكلفة والعوائد
مشروع حقن ماء البحر- اهم مشروع ومن اكبر مؤشرات فشل الوزارة
مشروع تطوير حقل ارطاوي النفطي- لا يوجد أي مبرر لإحالة المشروع بشروط توتال المجحفة، فلماذا استمرار التنازل!!
Ø مشروع تطوير الغاز المتكامل- حرق الغاز المصاحب أحد اهم مؤشرات فشل الوزارة واستمرار تخبطها
Ø مشروع انتاج الطاقة الشمسية "المُحَيـر" وتكرار ممارسة "الدفعة الكبرى" غير الواقعية!!
بعد عرض وتحليل المواضيع اعلاه تم تقديم الخلاصة والاطروحات التالية للحوار:
1- لا اعتقد ان الاتفاقية بصيغتها الحالية تخدم المصلحة الاقتصادية العراقية وإنها تتعارض مع مبادئ الدستور وتخالف بعض بنود العقود السارية لمشاريع تطوير الحقول النفطية وقوانين الموازنة العامة السنوية والادارة المالية وتتجاوز على صلاحيات ومهام مجلس النواب وتؤسس لسابقة خطيرة في استخدام النفط "ضمان" لمشاريع الاستثمار الاجنبي المباشر.
2- انعدام الشفافية وعدم تقديم حسابات الجدوى الاقتصادية للاتفاقية ككل ولا لاي من مشاريعها الاربعة، مما يدلل على عجز وزارة النفط في اثبات مبررات هذه الاتفاقية. والسؤال هنا، إذا كانت الوزارة مقتنعة بجدوى الاتفاقية فلماذا لم تعلن ذلك بكل شفافية وبشكل كامل.
3- لا يوجد أي مبرر لتطوير حقل ارطاوي النفطي بما يتعارض وشروط العقود المماثل للحقول المنتجة، ولا تقديم تنازلات مكلفة جدا تخدم مصلحة شركة توتال على حساب المصلحة العراقية. على الوزارة ابقاء هذا الحقل ضمن الجهد الوطني وتطويره مستقبلا، حيث لا يوجد أي مبرر لتطويره في المستقبل المنظور وذلك لوجود بدائل مجدية اقتصاديا وذلك من خلال تنفيذ العقود السارية حاليا لتطوير الحقول.
4- خالفت وزارة النفط وتخالف البنود التعاقدية القائمة والمتعلقة بمعالجة الغاز المصاحب، ثم تعود بإحالة معالجة الغاز المصاحب الى هذه الشركة وغيرها بشروط تخدم مصلحة شركة توتال وغيرها على حساب المصلحة العراقية. على الوزارة تفعيل الفقرات المتعلقة بمعالجة الغاز المصاحب لتقليل الحرق في عقود جولات التراخيص، بدلا من اعفاء الشركات المتعاقدة واحالة الموضوع الى شركات اخرى بعقود مكلفة!!!ها
5- اهدرت وزارة النفط 12 عاما في "ارضاء" اكسون موبل لتنفيذ مشروع حقن الماء والان تسترضي توتال انرجيز: "التركيز على شركة مغادرة وعلى شركة متواضعة المساهمة، وتترك الشركة ذات المساهمات الاساسية في اربعة حقول نفطية. فهل فقدت الوزارة البوصلة والرؤية الاستراتيجيةا!!!! على وزارة النفط اعتماد صيغة EPC و/او التعاقد مع شركة CNPC كمنفذ رئيسي للمشروع!!
وفي هذا المجال ادعو الى التركيز على توسيع استخدام الماء الصناعي المصاحب (تجربة حقل الرميلة) لأغراض حقن الماء واعداد دراسة الجدوى الاقتصادية لهذا البديل في جميع الحقول النفطية، واخذه بنظر الاعتبار في تحديد السعة المثلى لمشروع حقن ماء البحر.
6- يعاني مشروع الطاقة الشمسية الكثير من الاشكالات. على وزارة النفط ان لا تزج نفسها في هذا المشروع، ويترك امره الى كل من وزارة الكهرباء والهيئة الوطنية للاستثمار، على ان يتم اعداد الجدوى الاقتصادية التفصيلية الرصينة، وهذا لم يتم مطلقا لغاية تاريخه.
وفي هذا المجال أأكد على ضرورة معالجة مسائل "أمثَلةْ Optimisation " الموقع وحجم وفعالية الكلفة لكل مشروع. ويجب التاكيد كذلك على عدم السماح باستخدام النفط "ضمان" لتحويل المستحقات التعاقدية لمشاريع الاستثمار الاجنبي المباشر هذه.
احمد موسى جياد
استشارية التنمية والابحاث
النرويج
21 كانون ثاني 2023