ولو توقفنا عن مسلسل العنف والإرهاب عند نبي الله إبراهيم ونشير إلى محطة مهمة وهي :
أوجه الشبة بين نبي الله إبراهيم (عليه السلام) والإمام الحسين(عليه السلام)
ولو رجعنا إلى البلاءات أبتلى ربه نبي الله إبراهيم(عليه السلام) والإمام الحسين(عليه السلام) نجد فيها تقارب واضح وشديد للغاية ، وهذا ليس بمستغرب لأن الإمام الحسين(عليه السلام)قد خلق وما كان من سيرة حياته هو في منزلة ومصاف الأنبياء والمرسلين ، وهذه واحدة من هذه الصور.
في رواية جابر عن الامام الباقر عليه السلام انه قال: قال الحسين عليه السلام لأصحابه إن رسول الله قال لي انك تستشهد بها (ارض كربلاء) ويستشهد معك جماعة من أصحابك لا يجدون الم مس الحديد وتلا قوله:" قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم " ومحل الشاهد يذكر أنه كان يختص في تفسير حدث مهم وتاريخي جرى على أبو الأنبياء إبراهيم(عليه السلام)والتي ذكرناها آنفاً من قبل عمل أخدود النار من قبل الطاغية نمرود والتي تصل لحد الجحيم لحرق إبراهيم ،والفائدة من ذكر تلك الحادثة والتي حدثت قبل الاف السنين ، ليثبت أن القرآن الكريم هو قد نزل من عند الله سبحانه وتعالى ، فمن أين علم الرسول بهذا الحدث لولا الله عز وجل الذي جعلها ضمن اعجاز القران. فهل نقف عند هذا الحد في تفسير الآية ؟ الجواب كلا، لان القرآن معجزة الله الخالد ويجب ان يكون مع الزمن تتجدد مصاديقه ولان القران قرن بأهل بيت محمد طبقا لحديث الثقلين، فإن التجديد في التفسير هو من اختصاص الثقل الأصغر.
والآية الكريمة التي استشهد الرسول الأعظم محمد(صل الله عليه وآله)لتشير إلى استشهاد ولده ومع أصحابه يوم واقعة الطف الخالدة ، ولتعطي الدرس البليغ عن ماهية ملحمة الطف. . تفسير الآية متفق عليه ألا وهو حكم نمرود بقتل ابراهيم حرقا بالنار بعد ان هدم أصنامهم واقحمهم بالحجة فما كان منهم الا الجحود وإنكار الحق بعد ان تيقنوا انه الحق، وكان التدخل الإلهي بجعل النار بردا وسلاما.
ولو بحثنا في مفردات الآية الكريمة و طبقناها على ما حدث في عرصات كربلاء وما اصب الحسين وأهل بيته وأصحابه لنجدها تنطبق أشد الانطباق على الحسين وأصحابه وهي صورة طبق الأصل عن ذلك الحدث لإبراهيم. حيث أن شيعة يزيد والقوم قد جحدوا حق الحسين مع اعترافهم بانه بنت نبيهم رسول الله وأنه الحق ، حتى أن انس ابن سنان طالب عبيد الله بن زياد بأن يملا له الخيل ذهبا وفضة لأنه قتل خير من هو على الارض، وهذا هو الجحود بعينه
املا ركابي فضة وذهبا***أنا قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس اما وأبا***وخيرهم إذ ينسبون نسبا
فقال له عبيد الله بن زياد: ويحك، فان علمت أنه خير الناس أبا واما لم قتلته إذا؟ وَاللّه ِ ، لا نِلتَ مِنّي خَيرا ، ولَاُلحِقَنَّكَ بِهِ ، فَقَدَّمَهُ وضَرَبَ عُنُقَهُ (1).
والأمر المهم أنه قتل الإمام الحسين والتمثيل به وبأصحابه وبصور بشعة جداً وغاية في الأجرام والعنف ، حيث بدأوا بالسهام ومن بعد سقوطه من على فرسه جريحا وطأته خيولهم على ظهره وصدره الشريف، ومن ثم قطع شمر اللعين راس الحسين عليه السلام وهذه بالمقاييس الطبيعية تعتبر تنكيل وتعذيب قاس للنفس البشرية اضافة الى ذلك ان عملية تسليم الروح هي الاخرى فيها الم كما ذكر سلمان المحمدي عليه السلام في روايته المشهورة عند موته، كل هذه الالام حاضرة بالنسبة للحسين عليه السلام واصحابه، وهي بعينها الام الحرق لو كان الحرق حصل لإبراهيم عليه السلام ولأن امر الله عز وجل بان تكون النار بردا وسلاما فجاء التشبيه بالآية الكريمة لواقعة الطف بان الم الحديد والجراح وخروج الروح كانت في غاية الاطمئنان والامان والارتياح للحسين واصحابه. ولهذا كان أصحاب الحسن(عليه وعليهم السلام) كان متهللة وجوههم ويستبشرون بالشهادة التي لابد منها لنصرة أمامهم وقائدهم الحسن(عليه السلام )، وكانوا يستعجلون للشهادة والموت وللرحيل ، وهذا ما تؤكده ما وقع في كربلاء واراجيزهم في واقعة الطف وما حدث مع برير وحبيب بن مظاهر ، ومع عابس الشكري الذي نزع درعه ولامة حربه ليقاتل عاري الصدر وهذا وصفهم الشاعر :
قوم إذا نودوا لدفع ملمة***والخيل بين مدعس ومكردس
لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا ***يتهافتـون على ذهاب الأنفس
نصروا الحسين فيـا لهم من فتية***عافوا الحياة و ألبسوا من سندس (2).
وهذه الأبيات تجسد مواقف العز والإباء في ملحمة الطف الخالدة. هنا تتجلى عظمة القرآن وهنا تتجلى حجية المعصوم ولابد منه لتثبيت مصاديق الآيات القرآنية على ما يجري في الدنيا.
ويستمر هذا المسلسل الدموي والارهابي ليصل الى نبي الله يحيى والذي قصته تروى ومن أصحها ما روى ابن أبي شيبة في المصنف عن عروة بن الزبير قال: ما قتل يحيى بن زكريا إلا في امرأة بغي قالت لصاحبها لا أرضى عنك حتى تأتيني برأسه، فذهب فأتاها برأسه في طست. وقال بعضهم أنه رفع إلى السماء استدلالاً بقوله تعالى: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾(3)، فقيل أن السلام في الموت معناه أنه لم يقتل(4).
أوجه الشبة بين نبي الله يحيى (عليه السلام) والإمام الحسين(عليه السلام)
وقصة النبي(ع) هي مشابهة في فصولها لقصة الأمام الحسين(ع)لأنه قتل وقطع وعلق رأسه على رمح ليدور به في الأمصار ومأساة الحسين هي تمثل قمة الإرهاب والظلم والقهر الذي مورس على الأمام الحسين(ع) وعلى أهل بيته وأصحابه وهي امتداد للإرهاب منذ بدء الخليقة وما قام به معسكر يزيد وابن مرجانة يعتبر قمة الوحشية والأجرام وهم بحق الأجداد اللعناء لكل إرهابي في وقتنا الحاضر من القاعدة وداعش وبوكو حرام والنصرة ومن لف لفهم من زبانية العصر الحالي من هؤلاء الشياطين المتمثلين بهيئة البشر عليهم لعائن الله من اجدادهم الإسلاف والحاليين من فرعون ويزيد في عصرنا الحالي.
والتي سوف نكمل في جزئنا القادم إن شاء الله أوجه التشابه بين مقتل النبي يحيى والإمام الحسين لنتعرف إن الإرهاب والعنف والقتل هو كان ممتد عبر العصور.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصادر :
1 ـ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٤ - الصفحة ٣٢٢. مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص 39. موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5. المؤلف :سيّد محمود طباطبايينژاد , محمد الریشهری (المؤلف)
2 ـ لواعج الأشجان - السيد محسن الأمين - الصفحة ١٣٨
3 ـ [ مريم : 15 ].
4 ـ ابن كثير. قصص الأنبياء. بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٤ - الصفحة ١٨١.