في بداية مقالي أود أن أشير إلى نقطة مهمة وهو سؤال يراود الكثير من الناس وبالذات النخب المثقفة وهو : هل يمكن إحصاء الجرائم الصهيونية في فلسطين منذ 1948 وحتى قبل ذلك؟
وباعتقادي المتواضع لا أعتقد ذلك ، لأنه في المرحلة التي سبقت التوثيق لهذه الجرائم في دير ياسين والطنطورة وغيرها من المدن الفلسطينية، فالمنظمات الإرهابية الصهيونية سليلة منظمة "الهاغاناه" الدموية كمنظمة "أرجون" أو منظمة "شتيرن" وغيرها من العصابات المسلحة ، وهذه هي النواة التي تأسس منها الجيش الصهيوني والذي هو الآن يقصف الأحياء السكنية والمدنيين في قطاع غزة وهو نفسه يمارس الإرهاب في باقي مدن فلسطين وهو تاريخ متسلسل منذ ثلاثينات القرن الماضي.
ولو تتبعنا تلك الجرائم(سواء الأخيرة أم السابقة) فأنها لا تميز بين مدرسة ومسجد ومبنى سكني، لا تفرق بين مدني ومسلح بل تستهدف الإنسان على الأرض الفلسطينية كعنوان للوجود العربي على الأرض، ففي العدوان الأخير استهدف الجيش الإسرائيلي الأبراج السكنية بغزة دون تمييز بين قاطنيها.
الجريمة لو تم ملاحظتها هي جريمة مزدوجة فالقاتل هو مستعمر استيطاني نهب الأرض وهجّر السكان الأصليين ، وهو الآن يمارس القتل والتطهير العرقي و بأبشع صوره ، وفي مأمن من اي عقاب أو مساءلة هذا السلوك العدواني المتوحش يواجه بصمت عربي وعالمي متواطئ وهم كالنعامة التي تغرس رأسها في الرمال وتكشف مؤخرتها وهذا هو حال الحكام العرب والدول العربية وحتى الإسلامية الآن إلا باستثناءات قليلة.
والذي أمام التاريخ الطويل من الجرائم الإرهابية لا يتم وصف اللقيطة إسرائيل أن توصف بالدولة الإرهابية في الخطاب الإعلامي العالمي ، لأنه الإرهاب العالمي لا يملك تعريف دقيق له ، بل هو عبارة مطاطية يتم استخدامها من دول محور الشر وفي مقدمتها امريكا والغرب حسب ما يملي مصالحها واهوائها ، ولهذا كل من يعارض هذا المحور تراهم رأساً يتم نعت تلك الدول بالإرهاب وتصويرها بأنها دول شريرة وإرهابية وتمارس العنف والقتل بأبشع صوره ، وما تم التصريح من قبل الرئيس بايدن من قطع رؤوس الأطفال من قبل منظمة حماس هو تحريف وتزييف الحقائق ، والتي تراجع البيت الأبيض والعجوز الخرف بعد ذلك عن هذا التصريح.
ويلاحظ في المشهد الأول أي قارئ متتبع يستقرئ الأحداث بصورة موضوعية يدرك وللتو أن هذا المصطلح هو أمريكي النشأة وضع من أجل نعت مجموعة بشرية وعقائدية معينة ليتم استهدافها حتى يكاد مصطلح الإرهاب في الخيال الجماعي العالمي يعني المسلمين دون غيرهم، فالمركب النعتي "الإرهاب الإسلامي" وهذه هي الشيطنة من قبل محور الشر وبأم العين التي نراها حيث نلاحظ لا يغيب عن اي نشرة أخبار دولية وحتى عربية من المتصهينين والتي تمثل كالملح على الطعام وأن هذا حصر الإرهاب في المسلمين وقصر على العرب منهم بشكل خاص دون غيرهم.
والمشهد الثاني الذي نراه في مقطع الفيديو وهو يصور مئات الشباب الصهاينة يغنون في تل أبيب " غزة مقبـرة ،لا مزيد من المدارس للأطفال لأنه لم يعد هناك أطفال في غزة" وذلك إثر قصف مدرسة الأونروا وفي كتابة مقالي هذا ، وللعلم أن نفس هذه الهتافات قد رفعت من قبل المستوطنين الطائفيين وتردد في قصف غزة عام(2014)في المشهد الاحتفالي يتكرر وهم نفس الوجوه الكالحة والمجرمة وسليلة أباءهم وأجدادهم منذ عام(1948).
هذا المشهد الاحتفالي يذكر باحتفال المستوطنين الأميركيين من رعاة البقر ورقصهم حول جثث الهنود الحمر، ومن بعدهم المهاجرون السود الذين تحرقهم عصابات "الكلو كلاكس كلان" صلبا في مزارع القطن.
والسؤال المهم الذي يتبادر على الفور : هو ماذا لو قام بهذا الأمر شبان مسلمون؟ ليتم اقامة الدنيا ولا يتم قعودها ، لأنه فعل إرهابي ومجرم.
ولكن اقول وبكل صراحة تلك الفيديوهات هل يمكن لغير سفاح أو ابن سفاح أن يفرح بمقتل الأطفال؟ هل يمكن للدولة الديمقراطية الوحيدة في المشرق العربي(كما يدعي الصهاينة العرب من مثقفينا)أن تقبل الاحتفال بقتل الأطفال؟ لماذا لا تنشر هذه الصور كما تنشر صور الإرهاب الأخرى الخاصة بالعرب والمسلمين؟
وهذا التوثيق هو خير دليل على مدى أجرام وإرهابية تبك الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق العربي والتي يصفها قادة أمريكا والغرب ، والتي هم يأتمرون بأمرها وبأمر الماسونية ولا يحيدون عن طاعتها والمسير في فلكها.
" ارتكبت العصابات الصهيونية المُسلّحة خلال أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948، عشرات المجازر التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الفلسطينيين "العُزّل" في مختلف القُرى والمُدن.
ورغم المحاولات الإسرائيلية الحثيثة لإخفاء وطمس حقيقية تلك المجازر، إلا أن شواهد تاريخية كـ"المقابر الجماعية" وشهادات لجنود إسرائيليين شاركوا في ارتكاب هذه الجرائم، ظلّت دليلا دامغا على وقوعها.
وبحسب تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية عام 2019، فإن فرق من وزارة الدفاع الاسرائيلية أزالت منذ أوائل العقد الماضي مجموعات من الوثائق التاريخية لإخفاء دليل النكبة والفظائع التي رافقتها، كما حاولت إخفاء شهادة من جنرالات حول قتل المدنيين وهدم القرى، أو طرد البدو خلال العقد الأول من قيام الدولة.
وعام 2013، اكتشفت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" وجود 6 مقابر جماعية تضم مئات الرفات والهياكل العظمية لشهداء ومدنيين قُتلوا خلال عامي 1936 و1948؛ وذلك خلال أعمال ترميم كانت تقوم بها المؤسسة في مقبرة الكزخانة في مدينة يافا (شمال).
فيما كشفت صحيفة "هآرتس" في 21 يناير/ كانون الثاني الماضي، عن آخر هذه الشواهد، والتي كانت مقبرة جماعية لفلسطينيين قتلوا إبّان حرب 1948 على شاطئ مدينة قيسارية الشهير (شمال) .
ويقول فلسطينيون إن المجموعات اليهودية المسلحة نفذت العديد من المجازر بالقرى الفلسطينية خلال حرب 1948 لإجبار سكانها على الرحيل " (*).
ولنا وقفات أخرى أن شاء الله توضيح البعد الإجرامي للكيان الصهيوني اللقيط والذي على النخب المثقفين والمحققين توثيق تلك الجرائم لتكون شاهد موثق على أفعالهم المجرمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مأخوذ من مقال بعنوان( ). غزة/ نور أبو عيشة/ الأناضول . دولي, الدول العربية, التقارير, فلسطين, إسرائيل. وكالة أنباء الأناضول. منشور بتاريخ : 8 / 2 / 2022.