في مولد أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب(عليه السلام)الشريف كان لا بد أن نستذكر الشخصية الربانية الى أمير المؤمنين(عليه السلام)والتي وهبها الله سبحانه وتعالى إلى البشرية جمعاء والتي تعد من المنن الإلهية التي منَّ الله بها على عبادة.
ولهذا فإن المنح الإلهية التي وهبها جل وعلا إلى الإمام علي(عليه السلام)كثيرة ولا تعد ولا تحصى ، وهذا يدل على عظم منزلة سيد الوصيين والمتقين(عليه السلام)السامية والتي لا يدانيها من البشر من الأولين والأخرين بعد الرسول الأعظم محمد(صل الله عليه وآله).
ومن هذه الإشراقات والمنح الإلهية هي التكلم في المهد، والسجود لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له.
وفي رواية عن بريد بن قعنب وجابر الأنصاري نذكر منها " فلما قربت ولادته أتت فاطمة إلى بيت الله وقالت. رب إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب مصدقة بكلام جدي إبراهيم فبحق الذي بنى هذا البيت وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت علي ولادتي، فانفتح البيت ودخلت فيه فإذا هي بحوراء ومريم وآسية وأم موسى وغيرهن فصنعن مثل ما صنعن برسول الله وقت ولادته. فلما ولد سجد على الأرض يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله واشهد أن عليا وصي محمد رسول الله بمحمد يختم الله النبوة وبي تتم الوصية وانا أمير المؤمنين) " (1).
وروي عن القاضي أبو عمرو عثمان بن أحمد في خبر طويل " ولما حملت بعلي ازداد حسنها فكان يتكلم في بطنها فكانت في الكعبة فتكلم علي مع جعفر فغشي عليه " (2).
وأن ولادة أمير المؤمنين(عليه السلام)في شهر كان بتدبير إلهي وهو أول الأشهر الحرم وهو شهر الله أي كان ولادته بعناية من الله تعالى وتدبيره ، وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: " سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: { آه آه لقد سألتني عن خير مولود ولد بعدي على سنة المسيح عليه السلام ، إن الله تبارك وتعالى خلقني وعليا من نور واحد قبل أن خلق الخلق بخمسمائة ألف عام ، فكنا نسبِّح الله ونقدسه } " (3).
وسجود الإمام علي(عليه السلام)في ولادته وفي المهد هو سجود على الفطرة التي فطر بها الله بها الإمام قبل أن يخلق الخلق ، وهذا هو يعتبر من الإسرار المكنونة في أمير المؤمنين(عليه السلام) ، مضاف ولادته في جوف الكعبة هو بحد ذاته تعتبر من المعاجز الكبيرة والتي تحمل في طياتها الكثير من المعاني الى المتأمل ، وهي ولادة لم تحدث لأحد من الأولين والآخرين ، وهي تبين لنا عن مصداق من المصاديق المستفادة من قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنهم خلقوا قبل أن يخلق الخلق بخمسمائة ألف سنة، حيث كانوا يسبحون لله ويقدسونه.
وأن ولادة الإمام علي(عليه السلام)قد ذكرها جميع الفرق وأقرت بذلك وهي لا تعد ولا تحصى ، والتي ذكرتها في أسفل المقال وبالأخص من أهل السنة والجماعة (4).
ولهذا كان حب الإمام علي وولايته هي تبين الإيمان التي خلق بها عباده المؤمنين ، لأنه ليس هناك منطقة وسطية في حب الإمام علي(عليه السلام) كما يوجد هاك مودة ووصل مع أعداء أمير المؤمنين ، ولهذا ففي السرائر: من كتاب انس العالم للصفواني قال: ( إن رجلا قدم على أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني أحبك وأحب فلانا، وسمى بعض أعدائه، فقال عليه السلام: أما الان فأنت أعور، فإما أن تعمى وإما أن تبصر ) (5).
وهذا ما اشار إليه الإمام الصادق(عليه السلام) حيث قيل له : " إن فلانا يواليكم إلا أنه يضعف عن البراءة من عدوكم، فقال: ( هيهات كذب من ادعى محبتنا ولم يتبرأ من عدونا ) " (6).
ولهذا كان حب من علامات المؤمن ومسلماته والحديث النبوي الشريف معروف لدى كل افرق الإسلامية وهو { عُنوانُ صحيفة المؤمنِ حبُّ عليِّ بنِ أبي طالبٍ } (7).
ولهذا روى عن طريق الديلمي عن أمّ المؤمنين عائشة قالت: " قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: { حُبُّ عليّ عبادة } (8).
وأن حب علي والثبات على ولايته هي الحد بين بين النفاق والأيمان للعبد المؤمن ولهذا روي عن روى الحافظ شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي قال:
روي عن أبي ذر عن رسول الله(صل الله عليه وآله) : { عليّ باب علمي ومبيّن لأمّتي ما أرسلت به من بعدي، حبُّه إيمان وبغضُه نفاق، والنظر إليه رأفة ومودته عبادة }(9). (حديث الطبري)
ونحن نكتب هذه المقالة المتواضعة في نشر فضائل أمير المؤمنين تأسياً بحديث النبي الأكرم محمد(صل الله عليه وآله) والتي قال فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله): { إنّ الله جلّ جلاله جعل لأخي عليّ بن أبي طالب فضائل لا تحصى كثرة، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقّراً بها غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن أصغى إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتاب في فضائل عليّ غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر. قال: النظر إلى عليّ بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل الله إيمان عبد من عباده كلّهم إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه }(10).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصادر :
1 ـ مناقب آل أبي طالب، ج2، ص21.
2 ـ مناقب آل أبي طالب: ابن شهراشوب، ج2، ص21.
3 ـ أنظر: بحار الانوار: العلامة المجلسي، ج35، ص12.
4 ـ مروج الذهب ۲ ص ۲ تأليف أبي الحسن المسعودي الهذلي. تذكرة خواص الامة ص ۷ تأليف سبط إبن الجوزي الحنفي. لفصول المهمة ص 14 تأليف إبن الصباغ المالكي. السيرة النبوية ۱ ص 150 تأليف نور الدين علي الحنبلي الشافعي. شرح الشفا ج ۱ ص ۱۵۱ تأليف الشيخ علي القارئ الحنفي. مطالب السئول ص ۱۱ تأليف أبي سالم محمد بن طلحة الشافعي. محاضرة الأوائل ص ۱۲۰ تأليف الشيخ علاء الدين السكتواري. مفتاح النجا في مناقب آل العبا تأليف ميرزا محمد البدخشي. المناقب تأليف الأمير محمد صالح الترمذي. مدارج النبوة تأليف الشيخ عبدالحق الدهلوي.نزهة المجالس ۲ ص 204تأليف عبدالرحمن الصفوي الشافعي. آئينه تصوف ط ص ۱۳۱۱ تأليف شاه محمد حسن الجشتي. روائح المصطفي ص ۱۰ تأليف صدر الدين أحمد البردواني. كتاب الحسين ۱ ص 16 السيد علي جلال الدين. نور الأبصار 74 تأليف السيد محمد مؤمن الشبلنجي. كفاية الطالب ص ۳۷ تأليف الشيخ حبيب الله الشنقيطي.
5 ـ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٧ - الصفحة ٥٨.
6 ـ نفس المصدر.
7 ـ بشارة المصطفى: ١٥٤، المناقب لابن شهر آشوب: ٢ / ١٥١؛ الصواعق المحرقة: ١٢٥ / ٣٢ كلها عن أنس. تاريخ بغداد: ٤ / ٤١٠ / ٢٣١٤، تاريخ دمشق: ٥ / ٢٣٠ / ١٢٦٢، المناقب لابن المغازلي:
٢٤٣ / ٢٩٠. الفضائل لابن شاذان: 97.الراوي أنس بن مالك ن المحدث الالباني . من موقع الدررالسنية.
8 ـ تفريح الأحباب في مناقب الآل والأصحاب: ص 340 ط. دهلي.
9 ـ فردوس الأخبار: ج 3 ص 91 ط. بيروت. کتاب : حب علي بن ابي طالب عليه السلام و آثاره الدنيوية و الاخروية نویسنده : أبو معاش، سعيد جلد : 1 صفحه : 14. موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج ١١ - الصفحة ١٩٤. منشورات المكتبة الشيعية.
10 ـ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٦ - الصفحة ٢٢٩. منشورات المكتبة الشيعية. الأمالي - الشيخ الصدوق - الصفحة ٢٠١. منشورات المكتبة الشيعية. راجع موقع جامع الأحاديث الرابط :
https://hadith.inoor.ir/ar/hadith/358199/hadith-noorlib?rownumber=NaN