ونستعرض في جزئنا حقبة من الإرهاب والعنف الذي لامثيل له وهي حقبة الطاغية فرعون والذي بكل جبروته وغطرسته يريد ان يقتل النبي موسى (ع).
والطاغية فرعون هو انه عندما أتته النبوءات من العرافين الذي عنده بأنه سيولد نبي سيقوض حكمه ويقضي عليه ، ليصدر حكماً بقتل كل الأطفال الذين يولدون وكان القتل على قوم بني إسرائيل والقتل كان بالجملة وليوضح أن الإرهاب كان ومنذ ذلك الوقت موجود وبغض النظر عن الدين أو العرق ، ولتمثل أن القوى المتسلطة والغاشمة يكون لها الدور الأكبر في ممارسة الإرهاب والقتل والذبح ولكن الله ينجيه بلطف ورحمة الله الواسعة والذي ينصر رسله وانبيائه وعباده الصالحين في كل وقت وزمان ، وليكون أن يأخذه فرعون وأمرأته آسيا بنت مزاحم وليربي هذا الطفل موسى ، والذي هو عدو الطاغية فرعون ، وليتخذه ولداً له ولزوجته ، وكل هذا بتدبير من الله وعنايته من أجل أن ينهض هذا الطفل بأعباء النبوة وليقضي على حكم الدكتاتورية والمتمثلة بفرعون وهامان وقارون ، وينجي الله انبياؤه ورسله وعباده الصالحين ليكون دورهم في اصلاح المجتمعات التي والأمم التي بعثوا إليها وبالرغم من كل ظلم وقوة قوى الظلم الطغيان والاستكبار ، وهذا مصداق لقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } (1).
" إذا أردنا التعرّف علي صفات الإسرائيليين فعلينا بالقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يشوبه شائب، يتلو علينا من نبأ موسي وفرعون بالحقّ، وكذلك يقصّ علينا أحسن القصص التي تكشف لنا الشخصية اليهودية ماضيها وحاضرها ومستقبلها... فإذا اطّلعنا علي ذات اليهود عرفنا ذاتية الصهاينة المريضة والغير المستوية، ولا سبيل أوثق من القرآن الكريم في هذا المجال.
ثمّ إنني وجدت هذه الصفات قد تناقلتها الأبناء عن الآباء جدّاً عن جدّ، وترسّخت فيهم وراثياً، بحيث أن صهاينة اليوم ليس لهم حول ولا قوة في العدول والتخلّي عنها.
وتدور هذه الرذائل علي محورين :
الأول: المحور المادّي ويتجلى في أكل الربا والفساد في الأرض، وكنز الأموال، وتحريف كلام الجبّار والافتراء عليه، وقتل الأنبياء بغير حقّ ومعاداة أهل الإيمان...
الثاني : المحور الروحي والنفسي، ويتجلى في حيازتهم على الصفات الرذيلة من الحرص والطمع والجبن والخوف والذلّة والفرار من الزحف، وقساوة القلب وعدم الوفاء بالعهد، والعناد وعدم التسليم لربّ العباد.
عبدة العجل، أصحاب الشكّ والاعتراضات في الأمور، بغاة مستكبرون، منكرون لنعم السماء، المدّعون بأنهم ليسوا من أصحاب النار، وانّهم شعب اللّه المختار...
العاقبة انّ شعباً مثل الصهاينة لابدّ وأن تكون عاقبتهم شؤماً وسوءاً ونري أنّ القرآن الكريم يبيّن لنا كيفية انتقام الجليل من هؤلاء الشرذمة بأبشع صورة، حيث ذلّهم في الحياة الدنيا قبل الآخرة.
هذا ما أردنا أن نفصّله في مقالتنا هذه ولا ندري هل يقع موضع الرضا لدي القرّاء أم لا؟ " (2).
وهذا هو ديدن اليهود في أنهم عرفوا بالحقد والكراهية والغدر على طول أزمانهم ومع انبياؤهم حتى وصفهم القرآن الكريم بقوله : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا }(3).
قد تكرر في القرآن ورود قتل بني إسرائيل أنبياءهم بغير حق، مثل قول الله تعالى : { ...أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ } (3)،وقوله تعالى :{ ...وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ... } (4)، وقوله تعالى: { ... وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } (5).
وذكر بعض المفسرين أسماء هؤلاء الذين قتلهم بنو إسرائيل، قال البيضاوي في تفسيره: فإنهم قتلوا شعياء وزكريا ويحيى وغيرهم (6).
وحتى مع الله كانت علاقة اليهود بالله جل في علاه أسوأ علاقة بين عبد وخالقه، وبين معبود وإلهه الذي يعبده، وبين إنسان وولي نعمته وصاحب كل الفضل عليه؛ فقد اعتقدوا فيه الاعتقاد الباطل، وقالو عنه قالة السوء والبهتان، ونسبوا إليه النقص والتعب والحزن والبكاء، والجهل والضعف، وزعموا أنه صارع عبده يعقوب فصرعه يعقوب فتوسل الرب لعبده أن يتركه، فأبى يعقوب أن يترك إلهه المصروع حتى يباركه.. تعالى الله.
وصفوه بالبخل فقالوا: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } (7)، ونعتوه بالفقر فقالوا :{ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ }(8)، ونسبوا إليه الصاحبة والولد،{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ...} (9). إلى غير ذلك من أقوال الكفر والزور والباطل والبهتان.
فإذا كان هذا حالهم مع الإله الخالق الكريم فكيف سيكون حالهم مع المخلوقين؟
وفي جزئنا القادم وفي هذه العجالة نتحدث عن اليهود وعلاقتهم بالأنبياء والمرسلين.. اعتقادهم فيهم، ومعاملتهم لهم إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصادر:
1 ـ [غافر : 51]
2 ـ مأخوذ من مقال بعنوان(القرآن الكريم وسمات بني إسرائيل ) ، (خلاصة البحث). موقع حوزة ، موقع الحوزة الإعلامي. قسم المقالات. الرابط
3 ـ [ البقرة : 87 ].
4 ـ [ آل عمران : 21].
5 ـ [ البقرة : 61 ].
6 ـ راجع موقع لإسلام ويب. الرابط :
7 ـ [ المائدة : 64 ].
8 ـ [ آل عمران : 181 ].
9 ـ [ التوبة : 30 ].