في حفل التوقيع النهائي لعقود الجولة الخامسة مع شركات أجنبية بمقر وزارة النفط، بَشَّرنا المحتفلون بأن هذه الجولة ستجلب الخير الوفير للبلاد (ملايين البراميل، ومئات مليارات الدولارات)، بل وأكثر من هذا، قال رئيس الحكومة الحاضر الحفل "أن تأخر تنفيذ الجولة الخامسة لخمس سنوات كبّد العراق خسائر كبيرة وأضرارا بيئية مؤسفة" ("صوت العراق"، 21 شباط 2023).

   أنا كمواطن عليَّ أن أفرح بالخير الموعود من هذه الجولة، وأن أُبارك للحكومة هذا النجاح، ولكني كباحث علمي لا أرى خيرا كثيرا ومُجزيا منها إذا ما قيّمتها بمعياريَ (المصلحة) و(المنفعة):

1) معيار المصلحة الذي يتبناه المحتفلون: ويعبرون عنه بمؤشرات فنية (زيادة احتياطيات وإنتاج النفط والغاز)، ومؤشرات اقتصادية (زيادة التصدير والإيرادات) لصالح الحكومة، ولكن المشكلة أن هذه المؤشرات في عقود الجولات الأربع السابقة جرى إنتاجها بغيابنا التنظيمي الوطني الفاعل عن إدارتها (وبالغياب التام في الخامسة)، ولم تصل أقيامها حتى إلى مستوى (30%) مما هو متفق عليه بعد أكثر من (14) عاما على إبرامها. أليس من المصلحة الوطنية تفعيلها أولا؟   

2) معيار المنفعة الذي يتبناه الدستور: لم يتحدث الدستور عن (مصلحة الحكومة) عند استغلال الموارد النفطية، وإنما تحدث عن (المنفعة الأعلى للشعب العراقي) الغائبة في عقود جميع الجولات ومنها الخامسة الجديدة، والتي يمكن تحقيقها ببعض مؤشرات تنظيمية:

•تبني شركاتنا نمط الجهد الوطني المباشر لتنفيذ العمليات النفطية حيثما كان ذلك ممكنا!

•مشاركة شركاتنا للمقاول النفطي الأجنبي لاكتساب مهارات الاستثمار والتنظيم والتكنولوجيا!

•إنتاج وتوطين قدر كبير من القيمة المضافة للعمليات النفطية في مناطق الاستخراج!

•ربط الاقتصاد المحلي وقطاع أعماله الخاص بالعمليات النفطية في مناطق الاستخراج!

•الإشراك المباشر للسلطات المحلية في مناطق الاستخراج بإدارة العمليات النفطية!

... المصلحة (سمجة) يصيدها الغريب ويهبها مشوية لحكوماتنا، والمنفعة (أدوات وعمليات ومهارات) يجب على الحكومات دستوريا إتاحتها ووضعها بيد أهل بحيراتنا لصيد السمج ... بأنفسهم!

د. جواد الكعبي، 23 شباط 2023 

jawadlafta@yahoo.com