الهابطات!!
    الجمعة 3 مارس / أذار 2023 - 20:13
    د. صادق السامرائي
    هبط: إنهار , إنخفض , نقص وقل , نزل
    وفي بعض اللهجات المحلية "مهبوط" , أي سمع خبرا غير سار , أو تعرض لضرب شديد.
    وسلوك الهبوط  يعتري الأفراد والأمم والمجتمعات فتنحدر من مكانتها التي كانت عليها إلى حضيض ما تصل إليه , بسبب ما يتفاعل فيها من العناصر المدمرة لوجودها الذاتي والموضوعي.
    فبعض المجتمعات تتدحرج بسرعة , وأخرى بخطوات وئيدة , حتى تصل إلى ذات النهاية المنخفضة , والتي تتوطن ما دون وجودها السابق.
    ومن أهم عوامل الهبوط , إنحطاط الرأس وإنتشار الفساد والمتاجرة بالمعتقدات والأديان , وسلب حقوق المواطن ومصادرة قيمته , وفقدان الأمان وتردي الأوضاع المعيشية , وسيادة الباطل وتمكن الرذائل , والفتك بثروات البلاد , وإيداعها في مصارف الآخرين ليستثمرونها في مشاريعهم.
    وعندما يسري مفعول الهبوط فأنه يصيب كل المجتمع بنشاطاته المتنوعة من أعلاها إلى أسفلها , فتكون هابطة ومناهضة للوجود المقتدر القويم.
    وفي زمن الهبوط يتعلم الناس كيفيات التعايش مع التفاعلات الهابطة , فالهبوط مَثلهم الأعلى , لأن القدرات الفاعلة في المجتمع يعبر عن السلوك الهابط المعزز بالمكافآت المادية والمعنوية.
    فنجد الكذب منتصرا على الصدق , والباطل قابض على الحق , والنهب والسلب من مفردات المعتقد , وحتى سفك الدماء يصبح من طقوس الدين المسوَّق على لسان تجار الدين بعمائمهم ولحاهم.
    فالهبوط مرض ساري ومعدي , كالوباء الطاعوني والسرطان العدواني العنيف , لا يبقي ولا يذر , وتكون خاتمته القضاء عن الوطن ووجود المواطنين فيه.
    فلا أحد لديه المناعة من داء الهبوط , إذا إنتشر في المجتمع وتمكن من قياداته , وصار صاحب عرش كبير فوق كراسي السلطة.
    فالهبوط يتسبب بإنتفاء وجود الوطن , وقهر المواطن ودفعه للبحث عن وطن بديل.
    و" الأمم الأخلاق ما بقيت...فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا"!!

    د-صادق السامرائي

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media