*الإمام المهدي نعمة إلهية..العدالة والأمل الموعود، وحال الأمة*
    السبت 11 مارس / أذار 2023 - 16:59
    علي آل غراش
    كاتب واعلامي
    لقد وعد الخالق -عز وجل- أن يعم العدل والأمان والسلام والخير .. على وجه الأرض، وأن ينعم كل مستضعف بالنصر و العزة والخير، بعدما ملئت الأرض ظلماً وجوراً ، وهذا الوعد الإلهي يتحقق على يد المخلص، وكل الأديان السماوية وغيرها تؤمن بظهور مخلص، وأتباع الدين الإسلامي يعتقدون أن المخلص هو الإمام المهدي الهادي المنتظر  (عج )، هذا الوعد الالهي و مجئ المخلص يمثل صمام أمان و أمل للمظلومين و المستضعفين و المصلحين و المقاومين لتحقيق العدالة على الأرض . 
    ومن المستحيل أن يستمر الظلم والجور والظلام والاستبداد والفساد والفقر والحرمان، بل لابد من النور والعدالة، لينعم كل مظلوم ومستضعف بالعدالة والأمن والسلام ونيل الحقوق .. 

    الإمام المهدي نعمة إلهية 

    تحقيق العدل والقسط نعمة إلهية ورسالة إصلاحية وهي من أهم النعم العظيمة، و قد كلف بها شخصيةً عظيمة حسب مواصفات الخالق -عز وجل- الذي اختاره من أهل بيت النبي المصطفى (ص) الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و هو حتما الإمام المهدي الهادي المنتظر (عج)، حفيد النبي الكريم واسمه محمد يوافق اسم جده الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) الذي قال حول الإمام المهدي : "التاسع منهم من أولاد الحسين سلام الله عليه من أهل بيتي ومهديّ أمّتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله". و قال (صلى الله عليه وآله):"المهدي من ولدي أسمه أسمي، و كنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقًا و خُلقًا، تكون به غيبة وحيرة تضل فيها الأمم ثم يقبل كالشهاب الثاقب يملؤها عدلًا و قسطًا كما ملئت جورًا و ظلما".

    الإمام المهدي والأمل 

    الله -سبحانه وتعالى- جعل للناس أملاً موعودا بالتحقيق، و على العباد أن يتمسكوا بهذا ((الأمل)) لانه الطاعة والتوفيق والنجاح في الدنيا والآخرة، فالإنسان بلا أمل إيجابي يشعر بالكسل والخمول والإحباط واليأس والاستسلام للواقع الذي يعيش فيه، فتكون النهاية الضياع والخسران في الدنيا و الاخرة. 

    عندما يكون الإنسان مريضا أو فقيرا أو معتقلا أو مظلوما بلا أمل..، يعيش في ألم ويأس واستسلام للواقع السلبي..؛ حيث ان الصبر والتحمل و الصمود يتحقق بالأمل؛ فمع الأمل يأتي الإيمان والتوفيق والتفاؤل بأن هناك الأفضل، وان هناك نهاية لهذا الواقع المأساوي مهما اشتد، وأن هناك علاج للمرض ونهاية للمشكلة مهما كانت.. فعندما يكون هناك أمل بالفرج و نهاية الأزمة والمشكلة، يمكن للمنتظر تجاوز الأزمة. 

    الله سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم العادل المنتقم، وعد المؤمنين المنتظرين الثابتين على مبادئ الحق الإمام الحجة المهدي، والمتمسكين بالأمل- الانتظار الإيجابي- بالفرج عبر ظهور الإمام -عج- ليتحقق على يديه الوعد الإلهي ويملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا.

    التمسك بأمل ظهور المخلص الإمام المهدي (عج) امر يستحق الإهتمام من البشر، فالمستضعفون والمظلومون يتطلعون لتحقيق العدالة والقسط و زوال الظلم والجور والظلام والاستبداد والفساد، وظهور الإمام المهدي الهادي المنتظر المخلص (عج ) امر حتمي حسب العقيدة الاسلامية.
    "و ظهور الإمام المنتظر قد حاز على الدرجة القطعية من الاخبار المتواترة، و تم تدوينها في كتب السنن والصحاح المعتبرة فلا مجال للتشكيك فيها، بل التشكيك في ظهور الإمام المهدي يعتبر تشكيكا في ضرورية من ضروريات الدين وقد نقل عن الرسول الأعظم -صلى الله عليه واله وسلم- أنه قال: "من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد (ص)".
    و الله -سبحانه وتعالى- قال في الآية الكريمة((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)). (القصص). يؤكد فيها بانه سينعم على الذين استضعفوا وتعرضوا للاضطهاد والظلم، و سيعوضهم و يجعلهم سادة وقادة، كما ان الآية الكريمة تدل على إمامة وقيام وظهور الإمام المهدي صاحب العصر والزمان (عج).
    و قال تعال: ((يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللّهُ مُتِمّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)).(الصفّ).
    وقال عز وجل: ((يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَىَ اللّهُ إِلاّ أَن يُتِمّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الّذِيَ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىَ وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) (التوبة).
    و عن سعيد بن جبير في تفسير قولـه عز وجل: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)، قال: (هو المهدي من عترة فاطمة).
    و عن أبي سعيد الخدري قال:
    قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أبشّركم بالمهدي يُبعث في أمّتي على اختلاف من الناس و زلازل، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحاً. فقال له رجل: وما صحاحا؟ قال: السوية بين الناس".

    "عن الإمام الرضا عن آبائه عليه و عليهم السلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال للحسين عليه السلام: « التاسع مِن وُلدك ـ يا حسين ـ هو القائم بالحقّ »".

    "و عن دِعبِل الخُزاعي، عن الإمام الرضا عليه السلام: « يا دعبل، الإمامُ من بعدي محمَّد ابني، وبعد محمّدٍ ابنُه عليّ، وبعد عليٍّ ابنُه الحسن، و بعد الحسن ابنُه الحجّة القائم، المنتظرُ في غَيبته، المُطاعُ في ظهوره، لو لم يَبقَ من الدنيا إلاّ يومٌ واحد لطوّل اللهُ ذلك اليومَ حتّى يخرج فيملأها عدلاً كما مُلئت جوراً وظلُماً".

    يوجد الكثير من النصوص الدينية عند المسلمين عامة، تؤكد حتمية ظهور الإمام المهدي (عج) و تغيير حال المستضعفين و المظلومين و المحرومين و المضطهدين في الأرض ليكونوا هم المنتصرين و أهل العزة و الكرامة و يعود لهم الأمر على يدي الإمام المهدي (عج). 
    هذا الوعد لمن ينتظر بشكل إيجابي ويحمل في قلبه عشق الإمام المهدي الهادي المنتظر(عج)، ويعمل حسب منهجه، ويتمسك بالأمل لتجاوز كل الصعوبات و التحديات و المشاكل و الأزمات. 

    الأمة في أسوأ الحالات 

    الأمة في هذا العصر في أسوأ حالتها من الضعف والاستسلام والتشتت والضياع والبعد عن القيم والمبادىء المهدوية، ..فقد أزداد فيها الظلم والاستبداد والجوع والفقر والأمراض بأنواعها، وانتشار عادات معادية للطبيعة البشرية ومخالفة أحكام الرسالات السماوية، من قبل أعداء الإنسانية والإيمان والسلام من قبل اتباع الشيطان الذين يعبثون في الأرض.. و هناك من يروج لأفكار هدامة على أساس انها من الدين، و هناك من يطالب بالتنازل عن بعض الواجبات باسم التحضر والتطور، ومواكبة الموضة والاعلام، ضمن مشاريع تدار بأيدي أعداء الإنسانية والاديان السماوية، بينما يمنع صوت من يتمسكون بالإيمان والحق والعدل و بالأمل الموعود الإمام المهدي المنتظر (عج) من التعبير عن ارائهم و اظهار الحق والحقيقة والدعوة لمنهج الإمام المهدي!. فيصبح من يثبت على الحق ويتمسك بالإمام المهدي كالماسك بيده الجمرة. 

    إلى متى يستمر هذا الظلام والظلم، و ما المطلوب من عشاق الإمام المهدي، أصحاب الحق والحقيقة، ومن المتمسكين به كمخلص وأمل لتحقيق العدالة؟. 

    الدعاء لصاحب العصر والزمان 

    "روي عن الإمام الرضا -عليه السلام- انه كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر المهديّ المنتظَر سلام الله عليه بهذا: «اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد، وادفَعْ عن وليِّك وخليفتِك، وحجّتِك على خَلْقك، ولسانِك المعبِّر عنك بإذنِك، الناطقِ بحكمتِك... ( إلى أن قال في دعاءٍ طويل: ) وصلِّ على محمّدٍ وآله، وأملأْ بهم كلَّ أُفقٍ من الآفاق، وقُطرٍ من الأقطار، قسطاً وعدلاً، ورحمةً وفضلاً، واشكُرْ لهم على حَسَبِ كرمك وجودك، وما مَنَنْتَ به على القائمين بالقسطِ من عبادك، واذْخُرْ لهم من ثوابِك ما تَرفَعُ لهم به الدرجات، إنّك تفعل ما تشاءُ وتحكم ما تريد، آمين ربَّ العالمين»".
    اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، اِلـهي عَظُمَ الْبَلاءُ، وَبَرِحَ الْخَفاءُ، وَانْكَشَفَ الْغِطاءُ، وَانْقَطَعَ الرَّجاءُ، وَضاقَتِ الأرض، وَمُنِعَتِ السَّماءُ، واَنْتَ الْمُسْتَعانُ، وَاِلَيْكَ الْمُشْتَكى، وَعَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ والرَّخاءِ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، اُولِي الأمر الَّذينَ فَرَضْتَ عَلَيْنا طاعَتَهُمْ، وَعَرَّفْتَنا بِذلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ، فَفَرِّجْ عَنا بِحَقِّهِمْ فَرَجاً عاجِلاً قَريباً كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ اَقْرَبُ، يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ اِكْفِياني فَاِنَّكُما كافِيانِ، وَانْصُراني فَاِنَّكُما ناصِرانِ، يا مَوْلانا يا صاحِبَ الزَّمانِ، الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ، اَدْرِكْني اَدْرِكْني اَدْرِكْني، السّاعَةَ السّاعَةَ السّاعَةَ، الْعَجَلَ الْعَجَلَ الْعَجَل، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، بِحَقِّ مُحَمَّد وَآلِهِ الطّاهِرينَ.

    علي سلمان ال غراش
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media