لعبة الدولار!
    الجمعة 17 مارس / أذار 2023 - 17:36
    زاهر ربيع
    كما كان متوقع، المشكلة الخاصة بالدولار، وارتفاع سعر الصرف في السوق العراقية، لم يكن لها علاقة بسعر الصرف الرسمي، وقد اتخذت الحكومة قراراً بتخفيض سعر الصرف بعد اقتراح البنك المركزي العراقي، لذا جرى التخفيض من سعر 1470 إلى 1320 دينار، قبال الدولار، في اعتقادٍ بأنّ ذلك سيعالج المشكلة بصورةٍ سريعة. وعلى الرغم من ذلك، لم ينخفض السعر. بل بدأ بالارتفاع، ليصل إلى سعر 1560 دينار أمام للدولار، ما يعني فرق يقارب 24 ألف دينار لكل مائة دولار، وهذا ساهم في زيادة مساحة الأرباح المُتاحة للمتلاعبين بالعملة الصعبة.
    الغريب مع كل جيش المستشارين المحيطين برئيس الوزراء، والبنك المركزي، يتم الذهاب إلى حلولٍ حتى المواطن البسيط يعتقدُ بأنها غير مجدية، إذ يجب البحث أولاً بأسباب ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية، والذي من الواضح يرجع إلى ارتفاع حجم الطلب على الدولار، بعد الاجراءات والعقوبات التي فرضت على التحويل الخارجي؛ للتقليل من عملية تهريب الدولار، ولتعويض هذا النقص الذي حصل يتم سحب الدولار من السوق؛ مما يؤدي إلى ارتفاع سعرهِ ويتسبب بالضرر على المواطنين، جرّاء ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
    وباعتماد السعر الجديد للدولار؛ لتغطية الاعتمادات المستندية، وتغطية تكاليف الواردات للعراق من السلع والمنتجات، يُفترض أن تنخفض أسعار هذه السلع في السوق، ولكن مع ذلك لم يحصل أي تغيّر. حتى أسعار المنتجات التي تكون عراقية الصنع أو جزء منها عراقي، لم تنخفض. لذلك يجب البحث في الأسباب التي لا يخفى أن يكون لها علاقة بمافيات، ومجاميع مسلحة، وجهات لها أنشطة اقتصادية، وليس لها مصلحة بانخفاض الأسعار في السوق، في الوقت الذي يجب فيهِ على الدولة القيام بإجراءات جادة، وليس اتخاذ قرارات لها علاقة بسعر الصرف، بل يجب أن يكون هناك تدخل في مراقبة أنشطة السوق والأسعار ومحاسبة المتلاعبين، ولكن ليس ببعيد أن يكون هناك مصالح مشتركة لبعض المحسوبين على مؤسسات الدولة؛ مما يعيق عملية المراقبة والمحاسبة.
    كما بدأت تظهر طرق جديدة للاستفادة من هذا الوضع الخاص بسعر الدولار، عبر قيام شركات سياحية ومجاميع، بالتحايل على النظام المصرفي، واستغلال موضوع بيع الدولار للمسافرين، إذ يقومون بشراء الدولار، وإعادة بيعهِ عبر إغراء المواطنين بسفراتٍ مجانية، فضلاً عن استغلال موضوع التحويل عبر خدمة الـ(ويسترين يونين) لنفس الغرض، وقد لاحظ الكثير، طوابير المواطنين منذ الصباح، أمام أبواب بعض المصارف للتحويل وشراء دولار المسافرين.
    إن آثار هذا الفرق بين سعر الصرف الرسمي وغير الرسمي، تساهم في خلقِ مافيات فساد إضافية، وتسبب الضرر للاقتصاد العراقي، وتستنزف العملة الصعبة، وتسهم في تدهور وضع ذوي الدخول المحدودة، وتساهم في إعادة توزيع الثروة لصالح الفاسدين، وبالأخص من المشتغلين بالقطاع المالي. المطلوب اليوم حلول شجاعة، تبتعدُ عن القرارات الترقيعية، وتبحث في منافذ تهريب العملة، ومن يقوم بشرائها؟ ولصالح من؟ ومراقبة الأسعار. كما يجب النظر بموضوع شراء الدولار للسفر والسياحة والعلاج، ومحاولة قطع الطريق أمام من يستغل هذا الباب عبر إجراءاتٍ إضافية.
    كما على الجهات المعنية، من غرف تجارية، واتحادات خاصة برجال الأعمال، والصناعات، وغيرها من النقابات والاتحادات والمنظمات والمختصين، أن يقدموا حلولاً، ويساهموا في الضغط على الدولة؛ لإيجاد معالجات سريعة وفعالة تسهمُ في استقرار الاقتصاد العراقي.

     "طريق الشعب" 

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media