والان نأتي الى حادثة مهمة تمثل قمة العنف والإرهاب وهي مبايعة الأمام علي لأبي بكر والتي كتب عنها التاريخ مئات بل الأف الحوادث وكلها تناقض الواحدة الأخرى. والحقيقة والمهم أنه تم أخذ الامام علي وفي رواية الإحتجاج: انطلقوا به ملبباً بحبل(1). أو بثوبه(2).
وبعض الروايات تذكر: أنهم قادوه في حمائل سيفه(3). والملبب: هو الذي جَمَعْتَ ثيابه عند صدره ونحره(4)، في الخصومة، ثم تجره. أو يجعل في عنقه ثوب أو غيره، ثم يجرُّ به(5). وقد يحتج بالحديث عن شجاعة الأمام علي وكيف سكت. ويفسر العلامة باقر القريشي(رحمه الله هذا الأمر فيقول : " الحديث عن الشجاعة في غير محله هنا.. لأن أي عنف يثيره علي(عليه السلام)، أو يعطي مهاجميه مبرراً لإثارته، سوف ينتهي بقتل جميع المؤمنين في المدينة بأسرها.. لأنهم في ليلة دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ملأوها بالمسلحين، حتى تضايقت بهم سككها وطرقاتها...والمدينة بلد صغير جداً قد لا يصل عدد سكانه إلى ثلاثة أو أربعة آلاف نسمة، بين صغير وكبير، وامرأة ورجل، ومهاجري وأنصاري، وما إلى ذلك. وقد أفاق الناس ليجدوا في أزقتها أربعة آلاف مقاتل على أقل تقدير. وقد شكلوا مجموعات لمداهمة البيوت، واستخراج من فيها، وسحبهم بطريقة مهينة للبيعة. ولم يستطع، ولا يستطيع أحد من أصحاب علي (عليه السلام) ومحبيه الوصول إليه (عليه السلام). فأي عنف ينشأ بين المهاجمين وبينه (عليه السلام) سوف ينتهي باستئصال جميع هؤلاء المؤمنين الذي كانوا بمثابة أسرى بأيدي الفريق المناوئ. فلا معنى للتفريط بهم في مثل هذه الحال، وعلى من يكون علي (عليه السلام) خليفة بعد الآن إن قتل هؤلاء؟! "(6).
وهنا نقول اليس ما حدث في هذه البيعة الغادرة هو نفس ما جرى في وقتنا الحاضر من احتلال الدواعش للموصل وباقي المناطق من عنف وقتل. ويبدو وكما أكرر وأقول أن التاريخ يعيد نفسه مما حدث من عنف وإرهاب وقتل. لأن هؤلاء الأجداد هم شر سلف لأعتى خلف من وهم
الدواعش ومن لف لفهم من الإرهابيين في وقتنا الحاضر. ولهذا قال الخليفة عمر (كانت بيعة أبي بكر فلتة)(7). والفلتة هي الزلة والفجأة وهذا ما ذكره أبن الأثير.
وليعرف مدى قبح تلك البيعة حتّى عند عمر من قوله: ((فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه))(8).
ويضيف ابن الاثير فيقول (وقيل: أراد بالفلتة: الخلسة، أي: أنّ الإمامة يوم السقيفة مالت إلى تولّيها الأنفس، ولذلك كثر فيها التشاجر، فما قلّدها أبو بكر إلاّ انتزاعاً من الأيدي واختلاساً))(9).
ويستمر مسلسل الإرهاب وليجلس على الحكم الطلقاء من بني أمية " ولتنتهي باستشهاد امير المؤمنين الأمام علي(ع)علي يد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم(عليه لعائن الله) والذي من أجل بغي حبها هذا الملعون واغرته بأن يكون مهرها هو قتل الأمام علي. وقطام هي قطام بنت شحنة التيمية وقد اشتهرت بالبغاء العلني في الكوفة وكانت لها قوادة عجوز اسمها لبابة هي الواسطة بينها وبين الزبائن, كان اباها شحنة بن عدي واخاها حنظلة بن شحنة من الخوارج وقد قتلا معا في معركة النهروان, فأصبحت والغل يأكل قلبها لهذا طلبت من عبد الرحمن ابن ملجم عندما جاء لخطبتها ان يضمن لها قتل سيدنا علي (ر) ويصدقها بثلاثة الاف درهم وغلام وجارية ، وقد قال الشاعر الفرزدق في مهر قطام :
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة***كمهر قطام من فصيح وأعجمِ
ثلاثة آلاف وعبد وقينة***وضرب علي بالحسام المسممِ
ولا مهر أغلى من علي وإن غلا***ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجمِ.(10)
ولم يشف غليل هذه الزانية مقتل الامام بعدما سمعت بمقتل ابن ملجم ايضا لهذا بعثت الى مصر من وشى على جماعة من العلويين هناك عند الوالى عمرو ابن العاص ابن البغي سلمى بنت حرملة , ومن هؤلاء الجماعة خولة بنت عبد الله وعبد الله وسعيد ابناء عمرو بن ابي رحاب " (11).
وكان يقول رسول الله(ص) للإمام علي يقتلك أشقى الاخرين وهو بن ملجم ابن اليهودية. وهذه قطام احدى الجدات البغايا للداعاشيات في وقتنا الحاضر والذين أصبحوا ينادون الى جهاد النكاح من قبل شيوخ الضلالة والتكفير ، والذين هو زنا ولكن تم تأطيره باطار ديني ، وعلى شكل فتاوي قام بها أئمة الشرك والضلالة ممن يدعون المشايخ والدين ، والذي ديننا الحنيف هو بريء من تلك الفتاوي ، والتي لا تمت إلى نهج ديننا الحنيف وسنته النبوية الشريفة وباي شكل من الأشكال...
ويستمر القتل والذبح والإرهاب وباسم الدين وفي زمن معاوية(لعنه الله) ليقول قولته المشهورة في دلالة على مدى أجرامه وارهابه وسفالته ليقول(ان لله جنوداً من عسل)(12) وقد قالها عند دس السم لمالك بن الاشتر. وقيل إن (لله جنودا منها العسل: قاله معاوية حين سقى الأشتر عسلا)(13). وحتى انه كان يتخلص من خصومه بالسم وحتى انه سم الإمام الحسن(ع) بالسم عن طريق زوجته جعدة بنت الأشعث(14). وكان سبب سمها للإمام هو أنَّ معاوية بن أبي سفيان أعطاها مائة ألف درهم، ووعدها بتزويجها من ابنه يزيد، ولكنه لم يفِ بوعده لها بعد سمها للإمام الحسن (ع) ولم يزوجها لابنه يزيد(15). ليقول معاوية لجعدة : أخشى أن تصنع بابني كما صنعت بابن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم(16).
وهنا يتصاعد مسلسل القتل والعنف ويتلون تاريخنا الإسلامي بالدم والعنف والإرهاب وهو تاريخ أسود لا يبعث على الفخر والزهو كما يدعي الكثير من أصحاب التاريخ المجيد والتليد
وبلاد العرب أوطاني...وأقول وبكل ثبات أنه تأريخ أسود ومعتم مليء بالقتل والدم والسلب
والنهب وسبي النساء ولا يمت إلى الرسالة الإسلامية والدعوة المحمدية بأي شكل من الأشكال الى فكر أهل البيت.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصادر :
1- الإحتجاج (ط دار النعمان) ج1 ص109 وقواعد آل محمد (مخطوط) ص669 و 270.
2- نوادر الأخبار ص183 وعلم اليقين ص286 و 288 و الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) للهمداني ص710 وبيت الأحزان ص117 و 118 والأسرار الفاطمية ص121 و 122.
3- شجرة طوبى ج2 ص282.
4- الصحاح ج1 ص216 وراجع: إختيار معرفة الرجال ج1 ص52، ومجمع الفائدة للأردبيلي ج1 ص199 ولسان العرب ج1 ص733 ومجمع البحرين ج4 ص102 وشرح أصول الكافي ج6 ص200 وبحار الأنوار ج28 ص216 وج40 ص306 عن الجوهري، والنهاية لابن الأثير ج1 ص189 و (ط مؤسسة إسماعيليان) ج1 ص193 والقاموس المحيط ج1 ص127 وكشف الغمة ج1 ص304 وغريب الحديث لابن سلام ج3 ص30.
5- النهاية لابن الأثير (ط مؤسسة إسماعيليان) ج1 ص193 ولسان العرب ج1 ص734.
6 ـ راجع كتاب الصحيح من سيرة الإمام علي ( المرتضى من سيرة المرتضى ) ج 9.سماحة آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي. ص 317ـ 318. منشورات مكتبة مركز الأبحاث العقائدية.
7 ـ ما الذي أباح لعمر أو لغيره من الصحابة قولهم في خلافة أبي بكر: إنها كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها، كما جاء في صحيح البخاري، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت ١٠ / ٤٤ [٨ / ٢٠٨٠]، مسند أحمد ١ / ٥٥، تاريخ ابن كثير ٥ / ٢٤٦، تاريخ الطبري ٣ / ٢٠٠ - ٢٠٥، سيرة ابن هشام ٤ / ٣٣٨، السيرة الحلبية ٣ / ٣٨٨ - ٣٩٢، كامل ابن الأثير ٢ / ١٣٥ و ٣٢٧، أنساب البلاذري ٥ / ١٥، تيسير الوصول ٢ / ٤٢ - ٤٤، نهاية ابن الأثير ٣ / ٢٣٨، الرياض النضرة ١ / ١٦١، الصواعق المحرقة: ٥ و ٨، وقال: سند صحيح، تمام المتون للصفدي: ١٣٧، تاج العروس ١ / ٥٦٨. وجاء في بعض المصادر: فلتة كفلتات الجاهلية فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، كما في التاريخ للطبري ٣ / ٢١٠، والتمهيد للباقلاني ١٩٦، وشرح ابن أبي الحديد ٢ / ١٩، وغيرها، وقد أشار إلى كلتا العبارتين في الغدير ٥ / 370 و 7 / 79. أبن الأثير في النهاية.
8 ـ تاريخ اليعقوبي 2: 158 أيام عمر بن الخطّاب، تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، للباقلاني: 495 باب الكلام في إمامة عمر، والشافي في الإمامة 2: 114 الوجوه الدالة على فساد النص على أبي بكر، المغني، للقاضي عبد الجبّار 20: 339 ذكر مطاعنهم في أبي بكر وبيان الجواب عنها، الملل والنحل، للشهرستاني 1: 24 المقدّمة الرابعة، الخلاف الخامس، شرح المقاصد في علم الكلام 2: 293 الفصل الرابع في الإمامة، المبحث الخامس، الصواعق المحرقة: 36 الباب الأوّل، الفصل الخامس، شرح المواقف، للجرجاني 8: 358 المرصد الرابع في الإمامة، نهاية الأقدام في علم الكلام، للشهرستاني: 269 القول في الإمامة، تذكرة الخواص، لابن الجوزي 1: 354 الباب الثالث في ذكر خلافته.
9 ـ النهاية في غريب الحديث 3: 467 حرف الفاء، باب الفاء مع اللام.
10 ـ مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٩٤. منشورات المكتبة الشيعية. شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٦ - الصفحة ١٢٥. كتاب تاريخ الخلفاء[الجلال السيوطي]. الخليفة الرابع: علي بن أبي طالب رضي الله عنه. أخرجه ابن سعد "٦٦/٢". أخرجه الحاكم في المستدرك "١٤٣/٣".
11 ـ راجع مقال الكاتب والسيناريست الكبير اسامة انور عكاشة : "أبناء الزنى كيف صاروا أمراء المسلمين”. في العديد من المواقع الالكترونية. والعديد من روايات الشيعة والسنة. ولا مجال لأنكارها لكثرة ورود هذه الروايات.
12 ـ أنساب السمعاني: 5 / 476
13 ـ مستقصى الزمخشري: 1 / 413. والمحاضرة للثعالبي / 19. الطبري في تاريخه: 4 / 71. جواهر التاريخ - الشيخ علي الكوراني العاملي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٠.
14 ـ ابن عبد البر، الاستیعاب، ج 1، ص 389؛ ابن الأثیر، أسد الغابة، ج 1، ص 492.
15 ـ المفید، الإرشاد، ج 2،، ص 15.
16 ـ أبن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 16، ص 11.