نص ونصوص وتناص ونصوص على نصوص , هذا ما يدور في واقعنا الثقافي , فالنص يريد نصا آخر يفسره ويوضح مقاصد كاتبه , ونص يحوم حول نص , في دوامة هرائية لا قيمة لها ولا أثر.

ولا يوجد مثل هذه النشاطات في مجتمعات الدنيا الأخرى , فالكاتب يجب أن يكون واضحا في مقاصده وعباراته , لا أن يتلثم بالرمز والغموض والإدغام.

كتابات لف ودوران وتدويخ أفهام , وفقا لآليات تقسير وتأويل النص , وصار كل نص لا يعني شيئا من غير نص معقد يرتديه.

وترانا في محنة التفاعل التوضيحي للنصوص , وصارت آيات القرآن طلاسما بحاجة لنصوص تأويلية ذات آليات متنوعة , فأصبح القرآن مهجورا.

في المجتمعات المتقدمة , لو كتبتَ نصا غير واضح سيثور بوجهك محرر الصحيفة , ويطالبك بشرح ما تريد قوله بعبارات يسيرة على الفهم , لكي يكون المكتوب مقروءً , فلا فائدة من الكتابات المبهمة المعقدة , في زمن التواصلات السريعة , ونفاذ صبر القارئ.

وعندنا نهلل لما نسميه إبداعات ,  محشوة بما لا يُفهَم ولا يُعقل , لكي تتمنطق النخب بأنه إبداع وأيما إبداع , أما غير ذلك فهو إسفاف بالمباشرة والوضوح , فالإبداع في عرفنا أن يكون غامضا ومبهما , ومشحونا بإضطرابات أفكار وأوهام.

إن تقليعة النص وما يتصل به , تهدف للتجهيل ونشر الشعور بالقصور عند الناس , وإسقاطهم في مطبات التبعية والدونية والخنوع , وإقتاعهم بأنهم عالة على الآخرين , وعليهم أن يستلطفوا مصيرهم الأليم , فهم لا يفهمون ما يقرأون , وكأن هناك قلة تعرف , وكثرة عليها أن تتهاوى في ميادين حشر مع الناس عيد.

فلماذا لا نكتب بوضوح؟

هل أنها لعبة التخفي وراء المكتوب؟

هل الإبداع يهدف للتدويخ والتسئيم؟

الجواب في غوامض النصوص المدججة بالرموز!!

د-صادق السامرائي