متى يتم انصاف الكورد الفيليين؟
    الأحد 4 يونيو / حزيران 2023 - 11:21
    زهير كاظم عبود
    خطوات إيجابية حققها الدستور العراقي حين اكد في نصوصه على الحقوق والمساواة ٬ وثمة مبادئ قانونية راسخة تؤكد على المسؤولية عن الاعمال غير المشروعة التي تقع على النفس او المال ٬ كما ان كل تعد يصيب الغير باي ضرر يستوجب التعويض.
     
    وقائمة المتضررين من النظام البائد طويلة ولم تستثن احد ٬ وشرعت الهيئة التشريعية قوانين تعيد بعض الحقوق لتلك الفئات المتضررة من النظام السابق ٬ الا ان حالة غريبة لم نجد لها أسبابا موجبة او مقبولة تكمن في تجاهل حقوق الفيليين ٬ وتجاوز محنتهم ومامروا به من مصائب واهوال قد لا نبالغ ان قلنا انه لم يتحمل مثلها احد في العراق ٬ وبصرف النظر عن جريمة الإبادة الجماعية التي طالتهم ٬ والتي اكدتها المحكمة الجنائية العراقية العليا في قرار الحكم البات في قضية الفيليين التي عرضت امامها ٬ والتي زاد من التأكيد عليها مجلس النواب العراقي بتشريع واضح وصريح من ان ما جرى عليهم يقع ضمن جريمة الإبادة الجماعية ٬ الا ان جريمة اخرئ لم يتطرق لها النص القانوني في الإعلان العالمي لحقوق الانسان يتمثل في جريمة تجريدهم من الجنسية العراقية ونزعها عنهم وبقاء أبناء الفيليين دون جنسية طيلة فترة تهجيرهم وتسفيرهم ٬ وهي حالة قد تكون فريدة في التاريخ الحديث لأنها طالت جزء كبير من أبناء الشعب العراقي ٬ واللافت للنظر ان المنظمة الدولية لم تلتفت الى هذا الجانب من المحنة الإنسانية التي عانى منها الفيليين دون غيرهم ٫ فقد نزعت عنهم الجنسية العراقية ومواطنتهم بزعم انهم مواطنين إيرانيين ٬ في حين اعتبرتهم الجارة ايران عرب عراقيين ٬ والجنسية توفر الأساس القانوني للحماية القانونية للمواطن ٬  وقضية تجريد المواطن من جنسيته التي تشكل رمزيا لمواطنته تم تطبيقها بشكل محدد ولأسباب خاصة ضد بعض المواطنين ٬ الا ان الامر يأخذ شكلا وبعدا اخر حين تكون الضحية مجموعة بشرية تتمتع بكامل الحقوق والواجبات على الأرض العراقية ٬ وهي كما ذكرنا سابقة تاريخية قيدت في تاريخ العراقي السياسي الحديث لتشكل صفحة سوداء كالحة  من صفحات النظام البائد.
     
    الإعلان العالمي لحقوق الانسان عرف الإبادة الجماعية ضمن فقرات خمسة تضمنها النص المذكور ٬ وما وقع على الفيليين زاد علي هذه الفقرات بتجريدهم من مستمسكاتهم الرسمية وبقاء اغلبهم دون جنسية  ٬ وازداد الامر سوءا  حين تم سلب ممتلكاتهم واموالهم المنقولة منها او غير المنقولة٬ وتم التصرف بهذه الأموال لصالح الحكومة العراقية واجهزتها الأمنية والاستخبارية ٬ وقرار المحكمة الجنائية العراقية العليا والمعزز بقرار مجلس النواب العراقي لم يتم ترجمتهما الى واقع ملموس باي شكل كان ٬ ولم تلتفت الضمائر المعنية بالحقوق الى الابعاد النفسية التي تحملها جيل من أبناء الفيليين نتيجة تلك الجرائم ٬ ولا حجم وفداحة الخسائر المعنوية التي سببها اغتصاب أموالهم والاستيلاء عليها  قسرا وتقييد ايرادها الى خزينة الحكومة العراقية.
     
    ثمة مأساة ومعاناة أخرى لم يتطرق لها قرار المحكمة ولا التحقيقات السريعة التي جرت في قضيتهم ٫ فلم يتعرف احد على أماكن قبور شبابهم ممن تم دفنه حيا او تم إعدامه دون سبب ٬ ومن تم اخضاعه للتجارب الكيمياوية فقضى نتيجة ذلك الامر ٬ ولم نتعرف على الأدوات والازلام والتوابع الذين مارسوا ابشع الجرائم ضدهم حيث حصرهم قرار الحكم بعدد لا يتجاوز أصابع اليدين.
     
    والحقيقة ان الجميع يتفق مع منح الفيليين حقوقهم ٬ وتم توجيه من عاد منهم الى العراق لمراجعة المحاكم اودائرة  نزاعات الملكية للوصول الى استعادة حقوقه المسلوبة ٬ لكن الدولة غضت النظر عن قضية توظيف تلك الأموال واستغلالها لصالح الحكومة ٬ وأيضا تم تجاوز محنة الأمهات والأطفال النفسية من الذين فقدوا احبتهم ٬ والأكثر غرابة في الامر ان قسم من أبناء الفيليين لم يزل يرزح تحت حياة المخيمات (مخيم اورديكا ازنا ومخيم جهرم) لا يملكون المستمسكات القانونية التي تعيدهم لوطنهم ٬ وأيضا لا يجدوا لهم مأوى او مورد للعيش الكريم حين يقرروا عودتهم الى  العراق فباتوا ينهون حياتهم ضمن هذه الخيام في ايران التي ابقتهم دون جنسية حتى اليوم وتكاثرت قبورهم ضمن تلك المناطق.
     
    واذا قلنا ان لا خلاف على منحهم ما يستحقون من الحقوق ٬ واعتبار من سلبت جنسيته او حقوقه بمثابة السجين السياسي المشمول بقانون السجناء السياسيين ٬ واذا اتفقنا ان تلك الأموال المنقولة او غير المنقولة التي اعيدت لهم او تم تعويضهم عنها تم حجب ما غنمته الدولة وما استفادت منه من عمليات استغلاله او بيعه ومصادرته ٬ فلا يحتاج الامر الى دراسات او مؤتمرات بقدر ما يحتاج الى إضافة نص قانوني يمنحهم تلك الحقوق ضمن قانون السجناء السياسيين النافذ . 

    لم يجد الفيليين طيلة هذه الفترة التي مرت على السلطة الجديدة أي بارقة امل تجعل من المعنيين وأصحاب الضائر الحية ان تلتفت الى هذه الشريحة النقية المعطاء والتي ما بخلت على العراق في منحها الشهداء والدماء والعطاء ومساندة فعالة  لكل أحزاب المعارضة العراقية ضد نظام صدام  والتي حلت اغلبها اليوم على سدة السلطة في العراق او في إقليم كوردستان العراق ٬ متى سيتم الالتفات الى انصاف الفيليين؟
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media