د. صادق السامرائي
لم يكن بناء الملوية إعتباطيا , وإنما بعملية رياضية هندسية معقدة , لخصت قدرات الدولة العباسية العلمية في ذلك العصر , فقد بلغت ذروة المعارف والعلوم وأبدعت فيها وأوجدت ما هو أصيل وغير مسبوق في تمثله وتفاعله مع التحديات العقلية.
وكأنها إختصرت ما أبدعته دار الحكمة في بغداد , وما تمخضت عنه الترجمات والأبحاث والدراسات للعلماء فيها , وكيف أنهم غاصوا في مجاهيل العلوم وإستخرجوا المُشرق المنير.
وبسبب التعمق المعرفي والإدراك العلمي الفائق , صاروا يعبرون عنه بمبتكرات عمرانية وإبداعات متنوعة , وشاركوا العالم بما أنتجوه في زمانهم الساطع الأنوار.
وعندما نتأمل الملوية ونحسب درجاتها فعددها (399) , ومجموع الرقم (21) , وقسمته على مجموعه (7) وقسمة (399) على (7) يساوي (57) أقصى ما يبلغه عمر الإنسان آنذاك , ومجموعها (12) يمثل عدد أشهر السنة , وقسمة مجموعه على (3) يساوي (7) عدد أيام الأسبوع , والرقمان الأولان منه (99) يمثلان أسماء الله الحسنى.
وقسمة (399) على (3) يساوي (133) ومجموعها (7) , تمثل عدد أيام الأسبوع.
وإرتفاع الملوية (52) متر , والمجموع (7) , وأضلاع قاعدتها المربعة كل منها (33) متر , ومحيطها (132)متر , وعدد المقوسات في القاعدة (36) , في كل ضلع (9) , و (9 في33=297) , ومجموع الرقم (18) , وعندما تضرب (33 في 33) يكون الناتج (1089) ومجموعه (18).
إنها لعبة أرقام محيرة ذات دلالات فلكية زمنية , بحاجة لمزيد من الدراسة والتعمق والإستجلاء , وهناك العديد من الألغاز الهندسية التي تستدعي بحوثا , ذات درجة عالية من الإدراك والوعي والنظر الدلالي الرمزي لأبجديات العمارة ولغتها الهندسية والرياضية.
فالملوية تمثل تعبيرا مجسما لنظريات حسابية وهندسية وفلسفية , جسدت قدرات الفهم والإدراك المعرفي في عصرها.
فالذي هندسها وصممها لم يكن مهندسا عاديا , وإنما ألمعيا ومستوعبا لعلوم عصره , ويمتلك مهارات التعبير عنها بإتقان فائق.
فهل لنا أن نكتشف دلالات الملوية ورسالتها الروحية والمعنوية؟!!
د-صادق السامرائي