التلوّث بالبلاستيك و تحّديات بيئية أخرى تواجه العالم و العراق
    الأربعاء 7 يونيو / حزيران 2023 - 14:24
    أ. د. جيهان بابان*
    رئيسة جمعية البيئة و الصحة العراقية في المملكة المتحدة
    في 5 حزيران 2023 تحتفل البشرية بالذكرى الخمسين ليوم البيئة العالمي على شكل فعالية دولية ستبدأ من  دولة ساحل العاج وبالتعاون مع من هولندا  وبأشراف من برنامج الأمم المتحدة للبيئة وتحت شعار " حملة دحر التلوث البلاستيكي, و الحلول".  ولكن ما يختلف في احتفال هذا العام  و الذي بدأ كتقليد سنوي منذ عام 1973  هو انعقاده في ظروف بالغة  الصعوبة و التعقيد نتيجة تفاقم  المخاطر على النظم الأيكولوجية المائية و البحرية و جميع عناصر و مكونات البيئة في العالم . ومن اهم أسباب  هذه  التحديات البيئية التي تواجه كوكبنا  اليوم التغير المناخي و الانحباس الحراري  و سوء الاستخدام  غير المسبوق من قبل البشر للموارد الطبيعية وأيضا فشل الحكومات و الأنظمة  و منها العراقية  في  اتباع سياسات تنموية مستدامة تحافظ على البيئة للأجيال القادمة .
     ويعد هذا الأحتفال أحد أكبر المنصات العالمية للتوعية البيئية يشارك فيها  الملايين من البشر  أضافة الى  الحكومات والشركات  ومنظمات المجتمع المدني من مختلف بقاع العالم  كما   وتهدف أيضا الى  حشد الإرادات السياسية والموارد البشرية و المادية للانتقال من حالة رسم الخطط و البرامج الى واقع التنفيذ للحلول و التطبيق العملي لها   و توفير المتطلبات البشرية و التكنولوجية و المالية  لمعالجة تلوث  البيئة الهواء و الماء و التربة و وقف التدهور في النظم البيئية المائية و المحافظة على التنوع البايولوجي من الانقراض. و يمثل اليوم أيضا مناسبة للأحتفال بالنجاحات عبر مراجعة ما تحقق  و بهدف تعزيزها و تعميقها و الأنتقال الى المزيد منها من اجل العيش في  كوكب أكثر خُضرة وخاليًا من التلوث.
    و بسبب ظروف حالة الطوارئ البيئية التي يمر بها العالم اليوم  نتيجة تفاقم التغير المناخي وان تباينت في ما يشهده العالم من تقلبات مناخية تتراوح بين الفيضانات و السيول الى الجفاف و التصحر نلاحظ وجود  اهتماما ملحوظا على صعيد الاتفاقيات الدولية لحشد الجهود من أجل بقاء درجات الحرارة  أٌقل من  1.5 درجة مئوية  مقارنة بمرحلة ما قبل الثورة الصناعية و الذي يتطلب تخفيض  انبعاثات الغازات الدفيئة إلى النصف خلال السبعة سنوات القادمة عبر  تقليل استخدام الطاقة الأحفورية و الأنتقال الى اشكال متنوعة من الطاقة المتجددة كالشمسية و الرياح و الأمواج و الهيدروجين أو تحويل النفايات الى طاقة كهربائية و حرارية و كذلك  تنفيذ برامج للحد من تلوث  الهواء. ومن أولويات البرامج البيئية في العالم لهذا العام هو التصدي لمشكلة التلوث بالنفايات البلاستكية وهي الملوث الأكبر للبيئة البحرية و الأشد ضررا عليها و خاصة الحبيبات  التي وصلت الى النظم البيئية المائية, و السلاسل الغذائية للبشر.  وتقدر كمية المنتج عالميا من اللدائن البلاستكية أكثر من 400 مليون طن سنويا اغلبها مصمم للأستخدام لمرة واحدة و يعاد تدوير اقل من 10% منها سنويًا و الباقي ينتهي في البحيرات والأنهار والبحار مما يشكل خطرا على الأنسان لدخوله في السلسلة الغذائية و الزراعية كما اكدت دراسات التقييم البيئي للتلوث البلاستيكي . و تتطلب  سعة هذا التلوث معالجات مستدامة تعتمد على الأقتصاد الدائري عبر تقليص الإنتاج و تدوير اكبر ما مكن و إيجاد بدائل صديقة للبيئة و الاستفادة القصوى من التقدم العلمي و التكنولوجي و الرقمي الذكية في مجالات المراقبة و التدوير وتوفير بدائل عن اللدائن و الحبيبات البلاستيكية  و بهدف تقليص تلوث البحار و المسطحات المائية بنسبة 80% و خفض الانبعاثات الدفيئة بنسبة 25% في عام 2040. و في هذا الشهر أصدرت الأمم المتحدة تقريرا تقنيا حول التركيب الكيمياوي للبلاستيك و كيف يمكن استخدامها في تدوير و معالجة النفايات البلاستيكية المنتشرة في كل مكان. 
    وقد وصلت تجليات الأزمة البيئية الى درجة كبيرة ومقلقة منها الحرائق الهائلة التي دمرت" رئة " كوكب الارض وهي الغابات المدارية المطيرة حيث تحولت مئات الألاف من الهكتارات الى أراضي جرداء وفي  اختلال التوازن في المناخ  سواء في ارتفاع حاد في درجة الحرارة او الفيضانات و السيول  المدمرة .   و من جهة أخرى أشرت  جائحة كوفيد-19 على هشاشة و خلل العلاقة  بين  البشر والتنوع البيولوجي الذي أدى الى انتقال فيروسات مميته الى الانسان الذي يفتقد مقومات المناعة ضدها  مثل  سارس و متلازمة الشرق الأوسط التنفسية و انفلونزا الطيور , الأمر الذي يؤكد على أهمية  بناء علاقة مستدامة  بالنظم الإيكولوجية الطبيعية وتنوعها البيولوجي. فطرحت اليونسكو مثلا في 2021 مشروع اعداد ميثاق حول العلاقة بين البشر وعالم الأحياء يعكس التطورات العلمية و التكنولوجية   و الأبعاد الأخلاقية و التحذير من الممارسات التي تمزق هذه العلاقة و التي في حالة اختلالها تهدد مستقبل البشرية و الأرض.
    ومن التحديات البيئية في العالم أيضا  تصاعد نسب  التلوث النيتروجيني في الهواء  و الذي يتطلب سياقات و إجراءات لتقليل انبعاثات غاز أوكسيد  النيتروجين ( احد اهم  مصادره في العراق استخدام الوقود الاحفوري كمصدر للطاقة لتشغيل وسائط النقل  و من المولدات الكهربائية)  و الأمونيا ( يمثل القطاع الزراعي المصدر الرئيسي نتيجة الأستخدام المفرط للسماد الكيمياوي ) و الكبريت و الدقائق الصغيرة ( التي تحملها العواصف الرملية و الترابية و تزيد من معاناة المصابين بالأمراض التنفسية و الربو) كجزء من استراتيجية وطنية  لتوفير " الهواء النقي "  لمعالجة كافة مصادر تلوث الهواء الذي هو احد اهم أسباب الامراض التي تصيب البشر خاصة في الجهاز التنفسي و القلب و الأورام السرطانية و التشوهات الخلقية  و توثر أيضا على كافة النظم البيئية الطبيعية لأن الهواء ضروريا للحياة و الصحة و البيئة ككل .
    و احتلت قضية المياه أولوية للعديد من بلدان العالم نتيجة التغير المناخي و قلة الأمطار و تمدد التصحر و الجفاف و فقدان الغطاء النباتي و زيادة العواصف الرملية و الترابية  . كما و أدت زيادة الملوثات الناتجة عن النشاط البشري  التي تصل الأنهار و البحيرات و المسطحات المائية بسبب مياه الصرف الصحي و البزل  و المياه العادمة الى  تغيرات كيمائية في نوعية المياه تجعلها غير صالحة للأستخدام البشري بسبب زيادة نسب الرصاص و الزئبق و الكاديوم على سبيل المثال  و تلوثها بالمخصبات و المبيدات  الزراعية الكيمياوية  و التي تسبب نفوق الأسماك و امراض تصيب البشر . ولذا تعطي الحكومات المحلية  في العالم  أولوية لبناء البنية التحتية الفعالة و القادرة على معالجة مياه الصرف الصحي و استخدامها للزراعة باعتبارها احد المصادر غير التقليدية لزيادة الموارد المائية. فمياه الصرفي الصحي تحوي  أنواع من البكتريا التي تسبب امراض معوية و القيء و الاسهال الحاد و الجفاف خاصة بين الأطفال ( كما حدث في البصرة في 2018 ) و التهابات الكبد و الكوليرا و التيفويد و شلل الأطفال.
    كما و تعتبر الملوثات النفطية من أكبر مصادر التلوث المائي انتشاراً وتأثيراً ، ويحدث التلوث نتيجة حوادث الناقلات و من عمليات استخراج وتكرير و خزن ونقل  النفط  ليجد  طريقه الى المسطحات المائية  و الأنهر و البحار و المياه الجوفية  . فمثلا يعتبر الخليج العربي من اكبر المناطق البحرية في العالم تلوثا بالنفط بسبب عمليات   الإنتاج البحري و حوادث الناقلات و يؤدي الى تسمم و موت الكائنات البحرية بينما تتجمع المواد الهيدروكربونية في الأسماك و تسبب إصابة البشر  بالأمراض السرطانية عند تناولها. ومن التحديات البيئية أيضا تراكم المخلفات الصناعية خاصة الكيمياوية و اشكال أخرى من النفايات الخطرة  مثل النظائر التي تحتاج الى معالجات خاصة حيث كان للعراق حصته بسبب الاستخدامات العسكرية لليورانيوم المنضب  خلال الحروب التي شهدها العراق منذ تسعينات القرن الماضي. العراق والتحديات البيئية
    في هذا اليوم العالمي و في عام 2023 يواجه العراق تحديات  بيئية كبيرة لها  تداعيات متواصلة  وواسعة نتيجة عقود من الاهمال الحكومي  و الحروب المتعاقبة و النشاطات الارهابية الداعشية التي استخدمت البيئة كأحد اسلحتها و ضحاياها في نفس الوقت عندما قامت بحرق المنشئات النفطية في القيارة و مشروع الكبريت وكما نرى اليوم في حرق الألاف  من الدونمات المزروعة بالحبوب  وفي عدة محافظات في  الوسط و الجنوب لغرض اثارة الفزع بين الفلاحين و تهديد الامن الغذائي . وقد وصلت مظاهر التدهور البيئي غير المسبوقة الى الحد الذي بدأت وسائل الاعلام العراقية و العالمية تتحدث عن موت الهلال الخصيب و نهاية العراق.  ففي بغداد مثلا و التي تعد من اصغر المحافظات مساحة  تشهد زيادة سكانية متسارعة و اتساع في  العشوائيات  و إزالة المساحات الخضراء و تجريف البساتين  فيها  مع وجود  أنشطة صناعية و اقتصادية و تجارية  لا تحظى بمراجعة و تقييم بيئي  حيث تتراكم نفاياتها و تسهم في تلوث الهواء و الانهر وأيضا  تهالك البنى التحتية و خاصة محطات معالجة  مياه الصرف الصحي و  المخلفات السائلة الثقيلة بينما تؤدي الملايين من وسائط النقل و المولدات الكهربائية الى تلوث الهواء .
     و تشكل شحة  المياه احد اكبر التحديات ان لم يكن اخطرها و لأسباب مركبة منها  التغير المناخي (يعد العراق أحد أكثر بلدان العالم تأثرا به) و تقلص الواردات المائية  الى الثلث نتيجة السياسات الجائرة لدول الجوار المتشاطئة و خاصة تركيا و ايران منها عدم تقاسم الضرر نتيجة التغير المناخي  و تقلص الترسبات المطرية و تلوث المياه الجوفية بينما تزداد   نسبة المواد الكيميائية فيها   ومؤشرات  تسمم المكونات الاحيائية  ونمو البكتيريا والطفيليات والأحياء الدقيقة و ازدهار الأعشاب  الدخيلة مثل نبته النيل .  كل ذلك يتطلب  من وزارة الموارد المائية  اعلان حالة الطوارئ  و تعديل الخطط الموضوعة بهذا الاتجاه و في  مقدمتها ترشيد استخدام المياه في القطاع الزراعي و تقليل الهدر و استخدام تكنولوجيات حديثة في الري عبر دعم مبادرة وزاره الصناعة بتصنيع منظومات الري الحديثة للفلاحين و بأسعار مدعومة ( و الذي يتطلب تعاون وثيق مع وزارة الزراعة) و الحفاظ على المساحات المزروعة و الثروة الحيوانية و انهاء التجاوزات المائية و  الحفاظ على أمن و  سلامة  الخزين المائي و في المقدمة منها المياه الجوفية التي تشهد تجاوزات واسعة للحفاظ عليها  كمصدر لمياه الشرب و معاقبة كل  ما يضر بسلامتها , و الشروع بخطوات فعلية لتحقيق حصاد المياه غير التقليدية مثل المياه العادمة و السيول على سبيل المثال فهناك مدن أوروبية و عربية يشكل هذا الحصاد مصدرها الرئيسي من المياه . هذا الوضع المائي الخطير و الذي مازال قابل للمعالجة اذا توفرت الإرادة السياسية و الكفاءة الإدارية و التخصيصات المالية و نظام فعال من الحوكمة , يهدد السلة الغذائية  و الامن الغذائي في العراق بل و يهدد وجود العراق ككل. و يتطلب ذلك أيضا ك الاهتمام بنوعية مياه الشرب سواء في توفرها او مطابقتها للقياسات العالمية لصلاحية المياه للشرب مثل نسب  التملح و الدقائق و الملوثات الكيماوية و البيولوجية و الجرثومية   عبر متابعة مشاريع تنقية و تحلية المياه التي مازالت تعاني من التلكؤ و الهدر المالي على الرغم من توفر فرص الاستثمار لعدة سنوات .و توفر التقنيات الحديثة التي تقلل من الهدر و التبخر خاصة في المسطحات المائية و الخزين المائي .
    و في الوقت الذي تعتبر الأهوار العراقية أحد أهم مواطن التنوع البيولوجي و موقعًا للتراث العالمي لليونسكو الا انها تعاني من  خطر الجفاف الشديد وارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار وارتفاع معدلات التبخر بفعل عوامل التغير المناخي والأنشطة البشرية غير المستدامة ستؤدي الى هلاك  النُظم البيئية الفريدة للأهوار. بينما تواجه المواطن العراقي مع اقتراب فصل العواصف الرملية و الترابية و ما تؤدي اليه من تدهور في الوضع الصحي خاصة للمصابين بالأمراض التنفسية و القلبية  و لتي تتطلب إجراءات خاصة لوضع مصدات عبر التشجير و بناء احزمة خضراء  ومقاضاة من يعملون على  تجريف مزارع النخيل و البساتين و إزالة المناطق الخضراء داخل المدن  لأي سبب كان. هذه التحديات البيئية تتطلب مواجهة شاملة و متكاملة للمخاطر البيئية بسبب ترابطها و تأثيراتها المتبادلة  و التي تتطلب  أدارة فاعلة واستراتيجية لتحديث  الخطط و الرامج البيئية ومتابعة المشاريع الحالية و تحديد واضح للأولويات  و توفير  المخصصات المالية و محاربة الفساد و الهدر المالي  . و ما هو مهم أيضا تحديث البنية الادارية مع ما ينسجم من متطلبات الحوكمة و المتابعة  و الاستفادة من اجهزة الرقابة البيئية  و قاعدة بيانات التلوث في  المحافظات و تفعيل جهاز  القضاء البيئي مثلا في محاسبة  التجاوزات على محرمات الأنهار و رمي المخلفات و النفايات الصحية و الصناعية التي تشكل تهديدا للصحة العامة و تطبيق القانون بحق المخالفين .  ومن الاولويات أيضا  هو ان تعزز وزارة البيئة دورها الرقابي والتنفيذي مع الجهات ذات العلاقة و تشكيل مجالس لحماية البيئة  على صعيد المحافظات و بمشاركة حكومية قطاعية و منظمات المجتمع المدني و المجتمع المحلي و تحديث نظام التقييم و المراجعة البيئية  و شمولها جميع المنشئات الصناعية و مشاريع البناء  و مدها لما هو قائم  من مصانع و معامل بشكل منهجي و مخطط  و على اساس معايير و ارشادات واضحة و حديثة تقوم بها دوائر متخصصة في وزارة البيئة يتم استحداثاها على صعيد المحافظات و تنشر تقاريرها السنوية التي تكون الاساس للتقييم البيئي السنوي الذي كانت تعده وزارة البيئة ثم اختفى قبل عدة سنوات.  ومن الأولويات ايضا تفعيل  المشاريع الاستراتيجية التي تسهم في حماية البيئة مثل  المخطط الإنمائي الشامل للعاصمة بغداد  الذي يتضمن نقل المناطق الصناعية باتجاه حدود العاصمة، ومعالجة مشاكل النقل والإسكان على أساس حلول مستدامة   و أيضا  تأهيل قطاعات المياه والصرف الصحي.  ومع الإشادة بالجهد الذي بذلته وزارة البيئة في متابعة و تصديق الاتفاقات الدولية و تكوين مديرية خاصة بالتغيرات المناخية  في الوزارة و المحافظات  ورسم برامج و حلول  لتطبيق استراتيجيات التكيف و تخفيف  تأثيرات التغيرات المناخية  و بالتعاون مع الأمم المتحدة و المنظمات الدولية ذات العلاقة  ألا ان هناك الكثير مما يجب عملة لأحداث نقلة نوعية على صعيد تنفيذ  الخطط و البرامج المقترحة خاصة أن الميزانية الحالية لحكومة رئيس الوزراء شياع السوداني قد  اولت  قضايا البيئة تخصيصات اكبر من السابق  نسبيا .
    و يشكل الاحتفال بيوم البيئة العالمي  على  الصعيد المجتمعي كأفراد و عوائل و منظمات مجتمع مدني مناسبة للبدء بحملة من اجل  تنفيذ برنامج نشاط  بيئي توعوي في البيت و المدرسة و المدينة و الاحياء يعتمد على توضيح  جمال و عظمة البيئة في العراق  و  العمل لحمايتها من المخاطر كمسؤوليه تخص الجميع  . ويمكن ان يتخذ النشاط طابعا تطوعيا عمليا او فعاليات ثقافية من كتابات و صور و فيديو مثلا عن العواصف الترابية او تلوث بالنفايات و عن النظم البيئية المحلية عبر الاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي المختلفة   مثل  تويتر وفيسبوك وإنستغرام للترويج للعيش المستدام  . و يمكن ايضا تنظيم فعاليات ثقافية من الشعر و الرسم او قراءة اعمال مسرحية أو حفلا موسيقيا تُسلط فيه الاضواء  على قضايا البيئة. و يمكن ان تلعب الادارات المحلية دورا  هاما عبر زرع الاشجار لرفع معدلات  الأكسجين في الهواء و كمصدات للعواصف الترابية  او بتخصيص جوائز للفعاليات التي تسهم في نشر الوعي  البئي و عن اهمية الالتزام بنظام حياتي مستدام وصديق للبيئة  مثل ترشيد استخدام المياه  او ترميم المباني القديمة او زرع المحاصيل الموسمية في البيوت  و استخدام الاسمدة و المبيدات العضوية . أن نمط العيش المستدام الصديق للبيئة هو الذي يتبع اسس تقليل الأستهلاك واعادة الأستخدام و التدوير و يعتمد على مبدأ الأقتصاد الأخضر.
     و تقع ايضا في صلب مهمات الحكومة الحالية هو تحقيق العدالة البيئية عبر الأهتمام بتأثيرات التغيرات المناخية على المجتمعات المحلية , فعلى سبيل المثال يعتبر مجتمع  الأهوار المحلي  امتداد  لسكان بلاد الرافدين الأصليين و هم اكثر عرضة لتبعات جفاف الاهوار و يواجهون بشكل مباشر التبعات المباشرة للتغير المناخي  والتدهور البيئي بسبب ارتباطهم الوثيق بالطبيعة. كذلك سكان القرى خاصة النائية التي أصاب الجفاف مواردها المائية و الذي وصل الى حد النقص في مياه الشرب و نشوب النزاعات  مما اضطرت للهجرة اغلبها الى المناطق الحضرية  و الذي يشكل ضغطا بيئيا و أيضا اقتصاديا و اجتماعيا بسبب حاجتهم الى السكن و الرعاية الاجتماعية و الصحة  و منها النفسية بسبب تغير نمط حياتهم . و يشكل الأطفال و النساء و الشيوخ الفئات المجتمعية الأكثر تعرضا و حاجة لتطبيق العدالة البيئية ومنها ضمان توفير متطلبات العيش الكريم.
     وقد لعبت جمعية البيئة و الصحة العراقية  في المملكة المتحدة , كأحد منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون البيئة العراقية  دورها  في حشد الطاقات و الخبرات العلمية و الأكاديمية  لدراسة أسباب و تجليات التدهور البيئي في العراق و منها تأثير التغير المناخي و اشكال التخفيف و التكيف الممكنة  من خلال تنظيم 16 مؤتمرا حضوريا و  عبر المنصات الرقمية  و قدمت استنتاجاتها و المقترحات  الممكنة الى الجهات المختصة في العراق  عبر سفارة جمهورية العراق في لندن و بضمنها مشروع لمعالجة مشكلة النفايات و تحويلها الى طاقة متجددة و أيضا لتطبيق أسس التقييم و المراجعة البيئية  للمشاريع الصناعية و التجارية وطالبت بتشريع قانون خاص للحفاظ على الهواء في العراق والحد من حرق الغاز المصاحب و الأستفادة منه و استثماره بتحويله الى طاقة مفيدة. كما شاركت جمعيتنا في العديد من المؤتمرات الدولية ومنها التي نظمتها الأمم المتحدة مثل مؤتمر التغير المناخي الذي عقد في غلاسكو 2021.
    وستواصل جمعيتنا دورها و نشاطها و بالتعاون مع وزارة البيئة في العراق إضافة الى الوزارات الأخرى و بشكل خاص وزارة المياه و الزراعة من اجل تنمية اقتصادية و اجتماعية مستدامة تعتمد مبدا الاقتصاد الدائري الأخضر ومن  اجل عراق تزدهر فيه البيئة العراقية و خال من التلوث بما فيه خير لصحة المواطن و المجتمع العراقي.

    *الأستاذة الدكتورة جيهان بابان
    خبيرة في شؤون البيئة و الطاقة المتجددة
    مؤسسة و رئيسة جمعية البيئة و الصحة العراقية- المملكة المتحدة
    والمركز العراقي لبحوث الطاقة المتجددة و التغير المناخي-المملكة المتحدة
     (منحت مؤخرا جائزة البيئة من جامعة اوكسفورد بروكس-اوكسفورد لأفضل اطروحة قدمت حول استخدام الطاقة الشمسية لتحلية المياه في العراق لعام 2022) 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media