د. صادق السامرائي
لكل مرحلة بضائع جاهزة للتسويق , ولا بد من إيجاد الأسواق لبيعها , أو صناعتها لترويجها.
ولكي تقضي على أية أمة , عليك بتسويق ما يضرها ويساهم بإنهاكها , وتدمير جوهر ذاتها وموضوعها.
ولكي يكون التأثر كبيرا والإنجاز أكيدا , يتم إستخدام أبنائها وتقديمهم على أنهم يمثلون ما يُراد لهم القيام به.
فهذا شاعر كبير , وذاك مفكر قدير , وكاتب شهير , وفيلسوف خبير , وقس على ذلك من المسميات والألقاب الخدّاعة , الهادفة إلى تأهيل المتلقي للقبول بما سيأتي.
وهو ذات الأسلوب المستخدم إعلاميا , لنشر الخبر وترسيخه في الأذهان , فيؤتى بمن تلقى عليهم الألقاب العظام , ويبدأ بالكلام معززا ما ذهبت إليه وسيلة الإعلام.
وواقعنا المعرفي والثقافي صار يتحرك على هذا الإيقاع التضليلي المخادع , الرامي لتأمين مصالح الآخرين في الأمة.
ولهذا أصبحت طوابير ذوي الألقاب الرنانة تتوافد على وسائل الإعلام والمواقع , وتتسرب إلى وسائل الإتصال للإغواء والتضليل والإلهاء.
وماكنة النيل من الأمة منشغلة بشق الخنادق والأنفاق لتحشر فيها أبناءها , أو تدفنهم بالأضاليل , وتسلب منهم حق الحياة.
وتسويق الأشخاص يعتمد نظريات نفسية توهم المسوَّق بما ليس فيه , وتدفعه للإنزلاق في وهاد الإمساك به من عنقه , بعد أن إبتلع الطعم وصار عبدا للمطلوب إثبانة.
ويستند على الغرائز والرغائب والآلية البالونية , التي تتخذ من النفخ وسيلة لرفع الشأن والطيران فوق الآخرين , وبعد أن ينتهي الدور ينفجر البالون.
ولهذا تجد النسبة الكبيرة من المسوَّقين يتفاعلون مع الآخرين بعدوانية وإنفعالية ونرجسية فائقة , من شدة الأوهام المحشوة فيهم , والتي أخرجتهم من حقيقتهم وماهيتهم , وأضفت عليهم ما لا يمت بصلة إليهم لكنهم ترجموه.
ووفقا لذلك يكون لهم تأثير على الناس , فيتحقق إستعبادهم , وإختصار أعدادهم بالتبعية والطاعة العمياء , المؤسسة لبناء حظائر القطيع اللازمة لإستتباب الخسران والهوان.
فإلى متى ستبقى بعض النخب منوّمة , لا تعرف سبيل الحق والرشاد , وتمضي في سكرتها الإتلافية لما فيها وما حولها؟!!
د-صادق السامرائي
2992021