المحطة رقم 10 الفرزة السادسة عشرة
    السبت 9 سبتمبر / أيلول 2023 - 08:03
    عطا يوسف منصور
    باشرتُ في دائرتي غرفة التجارة رغم رفض رئيس الغرفة الشريفي التوقيع على امر المباشرة وفي عودتي حصرتُ هواياتي في اثنتين بعد أن كُنَّ ثلاثًا حيث ألغيتُ جولتي الصباحية التي أقوم بها قبل وقت الدوام وقلصتُ لقاءاتي مع الاخرين عدا لقاءاتي مع اصحابي الشطرنجيين تحاشيًا من عيون رجال الامن والبعثيين المغرضين إلّا أنّي أضفتُ الى قراءاتي الشعرية والادبية قراءة دينية وهي تفسير القران للطبرسي حيث كان المفتاحَ لِما استغلق عليَّ من الآيات العالقةً في ذهني وكان له الاثر حيث ترك التفسير بصمته الطيبة في نفسي ثم امتدّتْ قراءاتي الى الكتب الروحية وكان اول       كتاب قرأتُهُ /الانسان روح لا جسد/ جاء به لي المعلم احسان عبد القادر حمد ثم زودني بكتب أخرى تتكلم عن تحضير الأرواح مما زادتني شغفًا وتطورت القراءة الى قيامي بجلسات لتحضير الأرواح وهي مرحلة ابتدائية وذلك بواسطة الفنجان وهو لا يتطلب اكثر من اثنين امامها فنجان مقلوب على ورقة سميكة مكتوب عليها احرف الهجاء الابجدية تُسطّر حول حاشيتها وبوسطها يُكتبُ القسم وهو/ اُقسم بالله العظيم أنّي من الأرواح الطاهرة / ثم نضع بداية اصبع السبابة على قاعدة الفنجان الموضوع وسط الرقعة والمكان تحت نور خافت ثم يقرأ أحدنا بعض الآيات القرآنية لتهيئة الجو الملائم للرواح بدخول الفنجان ولتوضيح الصورة للقارئ أن بعد تحرك الفنجان نشعر نحن الاثنان ببرودة تلامس بداية  اصبعينا ويقوم أحدنا بسؤال الروح عن اسمه فيكتب الاسم ولكي نضمن مصداقيتَهُ يُطلبُ منه أن يُقسم بالقسم المكتوب في وسط الورقة فيذهب الفنجان الى مكان القسم وينسحبُ عليه ذهابًا وايابًا وأحيانًا تُقسم الروح أو تُغادر دون قسم وقد حصل موقف أضحكنا في احدى الجلسات حيث حضرت الروح وسألتُهُ عن الاسم فـتحرك الفـنجان وكتب اسمه / هوشي منّه / فطلبتُ منه أن يُقسم كالعادة فتحرك نحو الحروف وكتب / طيز/ فضحك الموجودون وانتهت الجلسة بطيز هوشي منّه.        ومن خلال قراءتي لكتب تحضير الأرواح التي يُزودني بها أسلفت المعلم احسان عبد القادر حمد انتقلتُ الى مرحلة أعلى وهي الجلوس حول طبلة مستديرة خشبية ويُكتب على حاشيتها الابجدية نفسها ويكتب القسم فوق بعض الحروف أو تحتها وفي
    وسط الطبلة يوضع مؤشر خشبي خفيف لتحديد اسم الروح ومصداقيتها كما هو في عمل الفـنجان واجريتُ عـدّة جلسات الا انها لم تـنجح فركنتُها في غرفة بسطح دارنا فكان كل مَنْ ينام فيها من الاهل يسمع بداخلها حركة أثناء النوم مما يدخل الى نفسه الخوفَ فقرر والدي ان يُخرجها دون علمي ولا أدري الى اين.                            بعد هذه المرحلة انتقلتُ الى درجة التحضير بالكتابة الورق والطريقة جلوس مجموعة من الأشخاص من اثنين الى أكثر وتوضع ورقة او دفتر مفتوح ويوضع قلم عليها ثم يَـقرأ أحدهم بعض الآيات القرآنية لحين حضور الروح فقد تحضر الروح او لا تحضر خلال وقت لا يتعدى عشر دقائق إذا لم تحضر الروح على عريف الجلسة ان يُنهيها. أخذت جلساتي الأولى واتذكر منها هو أن احد أبناء محلتي لا اعرف اسمه كلمني ولم يكن بيني وبينه تواصل كلمني عن موضوع تحضير الأرواح ولا ادري من اين علم بذلك وطلب مني تحضير جلسة في بيتهم فوافقتُ وحددنا موعدًا بعد المغرب في اليوم التالي جاءني كما اتفقنا وذهبتُ معه الى داره ودخلتُ حجرة الاستقبال فوجدتُ ثلاثة اشخاص لا اعرفهم فـتوقعتُ انهم من العائلة لنكوّن حلقة من خمسة اشخاص فهي انجح وبادرنا الى عقد الجلسة وأخذتُ بتلاوة الآيات في حجرة شبه مُظلمة الا ان يدي لم تتحرك لكني شاهدتُ نقطة ضوء متجهة نحوي ولا ادري هل شاهدها الجالسون معي أم لم يُشاهدوها رأيتُ نقطة الضوء متجهةً نحوي ثم انغرزت في كتفي الأيمن مما تسببت لي بألم حاد في عضلة الدفّة عندها أنهيتُ الجلسة وأخبرتُ صاحبي بعدم نجاحها وفي عصر اليوم التالي وبحدود الرابعة عصرًا طرق الباب المعلم احسان عبد القادر وعلى وجهه امارات من الاضطراب فبادرني بالقول: انتَ ما فعلتَ البارحة ؟؟!! فأخبرتُهُ بالموضوع وقال لي ان الخبر وصل الى الامن.                                                لقد صدمني الخبر فمَن يكون المخبر وكيف أستطيع تحديد الشخص هل هو صاحبي الذي طلب مني عقد الجلسة ام أحد الثلاثة الحضور أم الأربعة كل واحد كتب من خلال تنظيمه الحزبي وهو واجب كل بعثي او يكون من بينهم مخبر ولا اشك ان الكل بعثيون لذلك تركتُ التأويلات ولكني لم أترك تحضير الأرواح رغم ما حصل.                      واقتصر عملي بالتحضير في البيت ومعي أخي محمد رضا فكانت جلستي الأولى ناجحةً حصلتُ فيها على رسم صورة تخطيطية لوجه فتاة وفي بداية الجلسة شاهدتُ  نقاط ضوء كثيرة تنزل من سقف الحجرة حيث اتجهت احداهن ودخلت في كتفي الايسر ثم بدأت حركة يدي اليسرى لا اراديًّا برفع القلم والحجرة شبه مظلمة وبدأ القلم يخطُّ على الورقة ولا أرى شيءً ولكن يدي تدور وتدور وانا لا أعرف النتيجة وبعد زهاء دقائق على حركة القلم يسقط من يدي وأرى نقطة الضوء تعود من حيث أتتْ ورغم أن الوقت عندنا صيفًا والحجرة بلا مروحة أو مبردة تعمل الا أني كنتُ أشعر ببرودة تلامس وجهي وكان سروري كبيرًا بهذا النجاح.                                           وبعد أيام إتفقتُ مع أخي على جلسة أخرى وتم انعقادها في نفس المكان ونفس الأجواء وبدأتُ بالتلاوة فرأيتُ مجموعة من النقاط الضوئية ومن بينها ضوء على شكل مثلث قائم الزاوية وقد التصقت به نقطة ضوئية كروية أكبر مما كنتُ أرى في الجلسة السابقة حيث نزلتْ من سقف الحجرة فضربتْ أخي في جفن عينه اليسرى فجفل منها وقال:   ها شفت ؟؟!! لم أقل شيءً والمثلث الضوئي والكرة الملتصقة به تتجه نحوي وبعد ثوانٍ بدأت يدي اليسرى بالتحرك ومثل سابقتها أخذت بالتحرك الى أن انتهى الغرض بسقوط القلم من يدي وخروج الضوء عائدًا من حيث أتى كان سروري أكبر هذه المرّة فقد حصلتُ على صورة لوجه فتاة أخرى لا تشبه الأولى وفي عصر اليوم التالي وأنا أتكلم مع أخي محمد رضا ومعي الصورتان اندفعت والدتي نحوي وسحبت الصورتين ومزقتهما وكانت كلّما أحاول تحضير جلسة تقطعها بفتح الباب وانارة الضوء الى تركتُ جلسات تحضير الأرواح وكان بودي لو أستمر.                                        وكنتُ أقرأ في هذه الكُتب أن هناك في إنكلترا واوربا نوادي خاصة بتحضير الأرواح بحيث تكون الجلسة بحضور الروح مجسمةً والتكلم مع عريف الجلسة مستمدّةً طاقتها من الوسيط وهو مُسجّى على مكان مخصص له في مكان داخل الحجرة والروح هي التي تحدد ذلك الوسيط من بين الجالسين فسبحان الله رب العالمين.                          والشيء بالشيء يُذكر ففي صيف عام 1975 اتيتُ الى دارنا بحدود الساعة التاسعة ليلًا وكان الباب مفتوحًا كالعادة وعند دخولي وجدتُ اخي محمد رضا امامه أوراق بعضها مكتوب عليها ولم اجد أحدًا غيره في البيت فسألتُهُ عن الاهل فقال انهم في زيارة اختنا في دور المعلمين ثم سألتُهُ عمّا يكتبُ فقال لي انها عزائم لتحضير الجن وبالمصطلح الدارج جنجلوتيه وكان عمله هذا في خفية عنا حتى لا يشعر به والدانا فيمنعانه كما حصل معي فضحكتُ من قوله فتحداني بقراءة ورقة ناولني إياها فقرأتُها باستخفاف مرّة أولى وثانية وثالثة ورفعتُ رأسي واذا بيَ أرى كلبًا أسودًا لم أشاهد مثله لضخامته وكِبر حجمه وهذا الشيء لم يحصل عندنا طيلة عمرنا بدخول كلب فأخبرتُ اخي ان ينظر الى الباب فالتفتَ فطارت الأوراق من شدّة الصدمة فضحكتُ واخذتُ بالسخرية مما يكتب
     ومما حصل ثم تركتُهُ لأنام في سطح الدار ثم استلقيتُ على سريري وما امتعُ تلك الليالي التي كُـنّا ننام بها في سطح الدار والتي خسرها العراقيون.                       استلقيتُ على السرير وأنا بين الصحوة والغفوة سمعتُ أخي محمد رضا يناديني باسمي عدّة مرات فنهضتُ وناديتُهُ من فتحة السطح بانفعال ماذا تريد فأجابني أنتَ الذي ناديتني فتركتُ الموضوع وعـدتُ الى فراشي لأنام وفي رأسي يدور ما حصل واترك للقارئ تقدير الموقف.   

    الدنمارك/ كوبنهاجن                           
    الخميس 24 اب 2023  

    الحاج عطا الحاج يوسف منصور                    
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media