عن سيناريو إِنسحاب التَّحالف‎
    الجمعة 2 فبراير / شباط 2024 - 10:52
    نزار حيدر
       إِذا تتبَّعنا بيانات الأَجهزة الأَمنيَّة بمختلفِ عناوينِها إِلى جانبِ تصريحاتِ المسؤُولينَ العراقيِّين وعلى رأسهم السيِّد القائد العام للقوَّات المُسلَّحة فستتبيَّن لنا الحقائق التَّالية؛

       ١/ مازالَ تنظيم [داعش] الإِرهابي يُشكِّلُ خطراً على الدَّولة، فعلى الرَّغمِ من أَنَّ بعضَ المصادر تذكُر أَنَّ عدد عناصرهِ في العراق لا يتجاوز الـ [٢٠٠٠] فقط إِلَّا أَنَّ البيانات الأَمنيَّة الرسميَّة ذكرت أَنَّ أَكثر من [٤١٧٠] عنصر من التَّنظيم الإِرهابي تمَّ قتلهُم أَو اعتقالهُم منذُ أَن تشكَّلت حكومة السُّوداني ولحدِّ يَوم ذكرى إِعلان النَّصر النَّاجز في الحربِ على الإِرهابِ [أَي خلال ٤٠٧ يوم فقط] وهو رقمٌ مهولٌ كما نرى.

       ٢/ إِنَّ جُلَّ العمليَّات التي تُنفذِّها الأَجهزة الأَمنيَّة والعسكريَّة ضدَّ [داعش] وفي مُختلفِ مناطقِ البلادِ إِنَّما يتمُّ تنفيذها بإِسنادٍ إِستخباري وجوِّي من قِبل التَّحالف الدَّولي الذي يحتفِظ بمُستشارين بناءً على طلبِ الحكومةِ العراقيَّةِ كما يُؤَكِّد ذلكَ السُّوداني في كُلِّ بياناتهِ.

       ٣/ العراق بحاجةٍ إِلى التَّحالف الدَّولي لمُساعدتهِ في حمايةِ حدُودِهِ من تجَّار المُخدِّرات وتسلُّل الإِرهابيِّينَ، كما صرح بذلكَ مُستشار الأَمن القَومي السيِّد الأَعرجي خلالَ اجتماعهِ بقائدِ قوَّات [النَّاتو] في العراق.

       ٤/ مازالت الفصائِل المُسلَّحة [الميليشيات] التي تحتفِظ بسلاحِها خارج سُلطة الدَّولة تعبثُ بأَمنِ البلادِ وتُهدِّد سيادة الدَّولة وتتعرَّض للمصالحِ الوطنيَّةِ العُليا للبلادِ، وأَنَّ ما تمتلكهُ من سلاحٍ متطوِّر يفوقُ حتَّى سِلاح الأَجهزة الأَمنيَّة والعسكريَّة الرسميَّة يُمكِّنها من إِسقاط الدَّولة متى ما شاءت كما حصلَ في مرَّاتٍ عدَّةٍ في عهدِ الحكُومةِ الحاليَّةِ!.

       وتكمنُ خطورتها في أَنَّ سلاحَها وولاءَها لخارجِ الحدُودِ!. 

       ٥/ العراق مُستعدٌ لعقدِ إِتفاقيَّاتٍ أَمنيَّةٍ وعسكريَّةٍ جديدةٍ مع التَّحالف الدَّولي وتحديداً مع الوِلايات المتَّحدة كما صرَّح بذلكَ السُّوداني لوكالةِ [رويترز] في إِطارِ إِتِّفاقيَّةِ الإِطارِ الإِستراتيجي المُوقَّعة بين بغداد وواشُنطن، وهي الإِتفاقيَّة الشَّاملة الوحيدة التي شرَّعها مجلس النوَّاب بقانونٍ، وعلى أَساسِها جاءت كُل البروتوكولات والتَّفاهُمات بين البلدَينِ.

       ولقد وصفَ بيان وزارة الدِّفاع الأَميركيَّة [البنتاغون] والسَّفيرة الأَميركيَّة في بغداد بعبارة [شراكَة أَمنيَّة ثُنائيَّة مُستدامة] وقَولُ بيان القائد العام [علاقات أَمنيَّة ثُنائيَّة] وهي إِشارةٌ واضحَةٌ إِلى أَنَّ العراق يريدُ استبدالِ علاقاتهِ بدُوَلِ التَّحالُفِ ككُتلةٍ واحدةٍ إِلى علاقاتٍ ثُنائيَّةٍ معَ كُل دَولةٍ منهُ كُلّاً على انفرادِ، وخاصَّةً الوِلايات المُتَّحدة.

       ٦/ لحدِّ هذهِ اللَّحظة فإِنَّ العمليَّة السياسيَّة برُمَّتِها تعيشُ حالةَ القلَق وعدم الإِستقرار بسببِ الخلافاتِ العميقةِ ليسَ فقط بينَ ممثِّلي المُكوِّنات فحسب وإِنَّما كذلكَ بينَ عناوين المُكوِّن الواحد، ما يُهدِّد بالإِنتقالِ إِلى الصِّدام المسلَّح بينَ ساسة المُكوِّنات ومعَ بعضهِم البعض الآخر.

       ٧/ العراق لم يتمكَّن لحدِّ الآن من الإِعتمادِ على نفسهِ للدِّفاعِ عن سيادتهِ فهو مثلاً يقِفُ مُتفرِّجاً على القصفِ الإِيراني والتُّركي المُتكرِّر على أَراضيهِ والذي وصلَ أَحياناً بعُمقِ [٣٠٠] كيلوميتر، فضلاً عن أَنَّهُ عاجِزٌ عن وضعِ حدٍّ للنَّشاطِ العسكري التَّخريبي للفصائلِ المُسلَّحة والتي وصفَها القائد العام للقوَّات المُسلَّحة بالعصاباتِ خارجِ سُلطةِ القانون ووصفَ نشاطها هذا بأَنَّهُ أَعمالٌ إِرهابيَّةٌ وعدَ مرَّات وكرَّات منذُ [١٠] أَسابيع بأَنَّهُ سيتعقَّبهُم ويعتقلهُم ويُقدِّمهُم للعدالةِ كانَ آخرها بيانهُ يومَ أَمس.

       ٨/ وعلى مدى عقدَينِ كامِلَينِ فشلَ العراق في انتزاعِ السِّيادةِ على أَموالهِ إِذ مازالَ البنك الفيدرالي الأَميركي هوَ الذي يتصرَّف بها بناءً على القراراتِ الدوليَّة وقانُون حالة الطَّوارئ الذي يُجدِّدهُ البيت الابيض كُلَّ عامٍ. 

       تأسيساً على كُلِّ هذهِ الحقائقِ الدَّامغةِ، المُرَّة والمُرعبة، يُمكِننا أَن نتخيَّل حال العراق إِذا قرَّر التَّحالف الدَّولي الإِنسحاب فَوراً وترك البلادِ من دونِ ترتيباتٍ وتنسيقٍ واتِّفاقاتٍ أَمنيَّةٍ وعسكريَّةٍ جديدةٍ مع بغداد.

       هذا السِّيناريو المُرعب تحدَّث عنهُ السُّوداني في [دافوس] عندما أَكَّد على أَنَّ العراق يُريدُ التَّفاوض والتَّنسيق مع التَّحالف الدَّولي من أَجلِ انسحابٍ آمنٍ ومُنظَّم بعدَ أَن يتُمَّ الإِتِّفاق على شَكلِ العلاقةِ الجديدةِ بينَ الطَّرفين من أَجلِ أَن لا تحدُثَ أَيَّة فوضى، على حدِّ تعبيرهِ.

       النُّقطة المُهمَّة جدّاً بهذا الصَّدد هو أَنَّ البُعد المُهم في استمرارِ وجودُ التَّحالف الدَّولي في العراق هو البُعد السِّياسي وليسَ العسكري وهذهِ هي طبيعة أَي تواجد من هذا النَّوع في أَيَّة دَولة في هذا العالَم. 

       هذا يعني أَنَّ أَيَّ انسحابٍ من دونِ ترتيباتٍ قد يُفضي إِلى؛

       *تخريبُ العِلاقة بين العراق ودُول التَّحالف، وهو أَمرٌ لا تريدهُ بغداد بأَيِّ شكلٍ من الأَشكالِ، كما ذكرَ ذلكَ السُّوداني على لسانهِ، وخاصَّةً معَ الولاياتِ المُتَّحدة التي تربطها مع العراق إِتِّفاقيَّة الإِطار سابِقة الذِّكرِ .

       *عَودة حالة العِراق في مُحيطهِ الإِقليمي والدَّولي إِلى المُربَّع الأَوَّل، مُهمَلٌ لا يتعامل معهُ أَو يثِق بهِ أَحدٌ بالإِنفتاحِ الذي شهِدنا بداياتهِ منذُ حكومة السيِّد عبد المهدي ولحدِّ الآن.

       *عرقلةُ ورُبما وقف تدفُّق الدُّولار من الفيدرالي الأَميركي إِلى المركزي العراقي.

       *تنامي الخِلافات بينَ المركز والإِقليم قد تصِل إِلى حدِّ القطيعةِ ورُبَّما إِلى أَكثرَ من ذلكَ.

       *تمدُّد نفوذ دُول الجِوار أَكثر فأَكثر وخاصَّةً نفُوذ الجارتَينِ الشرقيَّة والشِّماليَّة.

       *إِجهاز الميليشيات على ما تبقَّى من مفاصِل الدَّولة، وبالتَّالي صِدامها المُسلَّح مع بعضِها البعض الآخر على النُّفوذ والإِمتيازات والأَموال!.

       *ولا نغفل هنا عن شخُوصِ خطرِ التَّنظيمات الإِرهابيَّة مرَّةً أُخرى مازالت هيَ بهذا الحجمِ من النَّشاطِ في مناطقَ عدَّةٍ من البلادِ. 

       الجديدُ بالذِّكرِ فإِنَّ إِتفاقيَّة الإِطار الإِستراتيجي المُشار إِليها آنفاً وما تبِعها من بروتوكُولات وملاحِق نصَّت على أَنَّ أَيَّة ترتيبات جديدة في هذا الملفِّ يجب أَن تكونَ بتوافُقِ الطَّرفَينِ بعد تقديمِ إِخطارٍ خطيٍّ وفي إِطارِ القوانين المعمُول بها في كِلا البلدَينِ [جمهوريَّة العراق والوِلايات المُتَّحدة] على أَن يبدأ سرَيان مفعُولها بعد مرُورِ عامٍ عليها.

       ولحدِّ الآن فإِنَّ السُّوداني يتحدَّث عن رغَباتٍ لم ترتق إِلى قرارٍ وذلك بسببِ شدَّةِ الخِلافاتِ السياسيَّةِ بينَ مُختلفِ الأَطرافِ في بغداد على هذا الملفِّ!.

       ٢٠٢٤/١/٢١

                                             لِلتَّواصُل؛

    Instagram; @nazarhaidariq
    www.tiktok.com/@nhiraq
    ‏Telegram CH; https://t.me/+5zUAr3vayv44M2Vh
    ‏Face Book: Nazar Haidar
    ‏Skype: live:nahaidar
    ‏Twitter: @NazarHaidar5
    ‏WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920
    Viber CH; https://invite.viber.com/?g2=AQAH50yHwKvWGlF3NiKuTBXN4cfcZJm1jGzkFU0bzlIanIjLkrUwc6lrqTlj3cHF
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media