من الصحافة الإيرانية: المنطقة المضطربة وخيار بايدن الانتقامي
    الثلاثاء 6 فبراير / شباط 2024 - 12:50
    [[article_title_text]]
    تعتبر منطقة الشرق الأوسط في جنوب غرب آسيا نقطة التقاء أكثر المناطق الجيوسياسية اضطرابا في العالم.

    ميدل ايست نيوز - تعتبر منطقة الشرق الأوسط في جنوب غرب آسيا نقطة التقاء أكثر المناطق الجيوسياسية اضطرابا في العالم. والمنطقة المضطربة تعرف أولا بافتقارها إلى البنى الهيكلية في علاقات الممثلين والجهات الفاعلة الناشئة مثل إيران والتي تتحفز للقيام بتحركات عملياتية، وثانيا بوادر التغير في ميزان القوى الإقليمي والدولي، وهو ما يمكن رصده في طريقة وعملية وعمق الصراع والمواجهة بين اللاعبين الإقليميين والدوليين في هذه المنطقة.

    إيران والمنطقة المضطربة
    تتمتع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالقدرة على التأثير على المجريات والجهات الفاعلة الإقليمية ونمط عمل الجماعات العدوانية، الأمر الذي يمكن أن يخلق سياقًا وعلامات لتوازن القوى والجري وراء الأدوار من قبل الجهات الفاعلة الإقليمية في الساحة المضطربة. وقد دعمت إيران التوازن والاستقرار الإقليميين بنفس الطريقة التي تشكلت بها سياسة الإنتاج واستعراض القوة الموجودة على جدول أعمالها.

    منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى، أشارت إيران إلى أن الوجود الإسرائيلي وسياساته في الساحة الإقليمية في الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا يشكل عاملا جذريا في خلق الأزمات، فيما اعتبرت أن الدعم الأمني ​​والاستراتيجي الذي تقدمه أميركا لإسرائيل وسياساتها الإقليمية، المبني على بوادر العمل العدواني، العامل الأساسي في استمرار الأزمة في الساحة الإقليمية.

    وعلى وقع الاضطراب الأمني والسياسي في المنطقة، حاولت إيران بشكل مستمر استخدام آليات التوزان في تحركاتها الإقليمية. فرغبة الأخيرة في اللجوء إلى القوة وتصعيد الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط المنكوبة بالأزمات كانت محدودة للغاية وكانت ذات طبيعة دفاعية بشكل أساسي ويُنظر إليها على أنها رد فعل ضد الإجراءات واسعة النطاق التي تقوم بها إسرائيل والولايات المتحدة. في الواقع، إن الطبيعة والأجواء التي تهيمن على المنطقة المضطربة قد خلقت ظروفا بالاعتماد على بوادر بزوغ الأزمات وهيأت الأرضية للجهات الفاعلة لمجابهة بعضها البعض.

    وكشفت حرب إسرائيل ضد أهالي غزة وحماس أنه كلما سيطرت أزمة ما على أجواء المنطقة المضطربة (الشرق الأوسط)، تعد الأرضية تلقائيا لظهور الجهات الفاعلة وأدواتها في المنطقة (جماعة أنصار الله في اليمن والفصائل المسلحة في العراق).

    كلما كانت منطقة ما في حالة من عدم التوازن، فإنها ستواجه بوادر أزمة متنامية. في حين أن أي توازن وإجراءات مضادة للسياسة العدوانية للجهات الفاعلة المتجاوزة للأعراف الإقليمية والدولية يمكن أن تهيئ الأرضية الخصبة للسيطرة على الأزمة وتحقيق التوازن فيها على مستوى غير متماثل. ما يميز المنطقة المضطربة هو أن أي أزمة وصراع أمني سينتقل من منطقة جغرافية إلى ساحات إقليمية أخرى. وينبغي اعتبار تفاقم الأزمة من بين المؤشرات والأهداف التي تحاول إسرائيل استغلالها لإحداث عنف شديد وصراع إقليمي لا يمكن السيطر عليه.

    قواعد الولايات المتحدة في الواجهة
    تدعم القيادة المركزية الأمريكية سياسة إسرائيل العدوانية ضد الفصائل الفلسطينية. كما استغلت حكومة واشنطن تلك السياسة ضد إجراءات الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعمة للمقاومة الفلسطينية ومظلومية شعب غزة. وبالقدر التي تتواجد فيه أميركا وبعض الدول الأوروبية وإسرائيل في ساحة التحالف، من الطبيعي أن تلجأ فصائل المقاومة أيضا إلى آليات العمل الجماعي لمواجهة إسرائيل والقواعد العملياتية للولايات المتحدة في الساحة الإقليمية.

    تراجع حجم مبادرات واشنطن فيما يتعلق بأزمة غزة، ويعود ذلك إلى طريق تعامل إسرائيل العدائية ضد سكان هذه المنطقة. كما دعم الرأي العام في الولايات المتحدة وأوروبا الغزاويين واعتبروا الإجراءات الإسرائيلية بمثابة إبادة جماعية. وعلى الرغم من افتقار الآراء التي نشرتها محكمة العدل الدولية والتي تدين إسرائيل لأي أثر استراتيجي على مجريات الحرب الدائرة، إلا أنها تعكس الرأي العام الدولي ضد الأعمال العدوانية الإسرائيلية.

    وضعت الولايات المتحدة حتى الآن سياسة "التوازن خارج المجال” على جدول أعمالها. وخلقت الحرب التي شنتها إسرائيل ضد حماس شكلاً جديداً من أشكال تحديد الأدوار الأميركية، إذ يمكن اعتبار ردات فعل فصائل المقاومة على أنه تحذير من تجاوز سياسة "التوازن خارج المجال” الأمريكية. وعلى الرغم من أن الإجراءات المتخذة ضد القواعد التكتيكية الأمريكية تشكل تحديات لهوية الولايات المتحدة وأمنها الإقليمي في المستقبل، إلا أن الحقيقة هي أنه بدون مثل هذه الخطوات، لن يكون السلام والاستقرار الإقليميين ممكنين.

    خلاصة
    يعتبر الدعم الأميركي لإسرائيل بمثابة زعزعة للاستقرار وانزلاق في فوهة "التوازن خارج المجال”. وخير مثال هو الإجراءات التي اتخذتها فصائل المقاومة كردات فعل على سياسة الدعم الشامل التي تنتهجها الولايات المتحدة لسياسة إسرائيل العدوانية والإبادة الجماعية في غزة. وعليه، من الطبيعي أن تضع الولايات المتحدة إجراءات انتقامية على جدول الأعمال. حيث يمكن أن تكون الإجراءات الانتقامية خفيفة أو شديدة بطبيعتها.

    ورغم أن إسرائيل وبعض الجماعات المحافظة في الكونجرس الأميركي حاولت تمهيد الطريق لمواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، إلا أن الرؤية الاستراتيجية الإيرانية والعقلانية التكتيكية التي تتبناها الولايات المتحدة دفعتها إلى الذهاب نحو خيارات غير مباشرة.

    ولم تلحق العمليات العسكرية الإسرائيلية الضرر في الأسرى الإسرائيليين فحسب، بل كبدت تل أبيب خسائر بشرية فادحة لم تشهدها في تاريخها.

    وعلى وقع هذا، يبدو من الطبيعي أن يتم اتخاذ إجراءات تكتيكية وعملياتية أمريكية ضد فصائل المقاومة، وهو أمر لا ينبغي السماح له بالتمدد لكي يفاقم الأزمة في الساحة الإقليمية، لا سيما وأن الولايات المتحدة وحماس تنتهجان سياسة إطلاق سراح الأسرى والتي تعتبر  من المصالح والأولويات السياسية للرأي العام في إسرائيل، حيث سيتم الذهاب إليه عبر الآليات الدبلوماسية.

     إبراهيم متقي
    رئيس كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة طهران
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media