شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والمغفرة والتوبة والدعاء والعطاء والوفاء واستجابة الدعاء، والتكافل والعون ونصرة المظلومين ورفض الظالمين.
وفي هذا الشهر الكريم تتجلى شخصية عظيمة كان لها دور كبير في نصرة دين الله الإسلام ونصرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أصعب ظروف الرسالة الإسلامية بداية البعثة، و قدّم التضحيات لنصرة الرسالة وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا الرسول الأعظم محمد (ص)، وبسبب ذلك تعرض للأذى حتى وفاته -عليه السلام- في فترة الحصار الطويل، وكانت وفاته يوم السابع من شهر رمضان المبارك السنة الثالثة قبل الهجرة ودفن بمكة المكرمة، في مقبرة الحجون ودفن بجانب أبيه عبد المطلب، انه مؤمن قريش سيد البطحاء السيد ابو طالب عم الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكفيله الذي اعتنى به ودافع عنه لآخر يوم في حياته، وهو والد أمير المؤمنين الإمام علي المرتضى، و جدّ سبطي نبي الرحمة و إمامي الهدى الحسن والحسين (عليهم السلام).
لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وجود عمه أبي طالب يجد الحماية "ولم يزل رسول الله (ص) عزيزاً، ممنوعاً من الأذى، ومعصوماً من كل اعتداء، حتى توفى الله أبا طالب-ع-".
*الوفاء والنصرة*
ومن باب الوفاء والنصرة في شهر الوفاء والنصرة شهر رمضان المبارك، استحضار هذه الشخصية الإيمانية العظيمة السيد ابو طالب (ع) لتكون قدوة واسوة حسنة، في كل العصور وخاصة هذا العصر حيث قل الوفاء والنصرة للحق وللمظلومين.
ولقد وظف سيد البطحاء وزعيم البيت الهاشمي القريشي مكانته وسلطته ونفوذه في خدمة الرسالة الإسلامية والدفاع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في فترة زمنية صعبة جدا حيث لا يوجد أنصار لرسول الله (ص) إلا أهل بيته وزعيمهم ابو طالب(ع) الذي كان طاعنا في السن، وتحملوا كل أنواع الاضطهاد والظلم والجوع والمرض والعزلة والقطيعة لمدة سنوات في شعب أبي طالب -أرض خاصة يملكها ابو طالب (ع)-، وخلال هذه الفترة ونتيجة الحصار والجوع والمرض … بالإضافة الى سنه الكبير، رحل ابو طالب وفقد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحب الناس اليه عمه أبا طالب وزوجته الوفية السيدة خديجة عليهم السلام، ولقب ذلك العام بعام الحزن لشدة حزن النبي (ص).
*حزن النبي على عمه أبي طالب*
جاء في الرواية انه: "لما مات أبو طالب رضي الله عنه أتى أمير المؤمنين -عليه السلام- النبي صلى الله عليه وآله فآذنه بموته، فتوجع توجعا عظيما وحزن حزنا شديدا، ثم قال لأمير المؤمنين عليه السلام: امض يا علي فتول امره وتول غسله وتحنيطه وتكفينه فإذا رفعته على سريره فأعلمني، ففعل ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فلما رفعه على السرير اعترضه النبي صلى الله عليه وآله فرقّ وتحزّن وقال: وصلت رحما وجزيت خيرا يا عم فلقد ربيت وكفلت صغيرا، ونصرت وآزرت كبيرا، ثم أقبل على الناس وقال: أما والله لأشفعن لعمي شفاعة يعجب لها أهل الثقلين".
*المكانة العظيمة لأبي طالب*
له نصيب ومكانة أبي طالب -رضوان الله عليه- بحيث الرسول(ص) سيشفع له، وليست مجرد شفاعة بل أعظم شفاعة بحيث يتعجب منها أهل الثقلين!.
وقال النبي (ص) بعد وفاة عمه أبي طالب: ما نالتني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب.
وبعد وفاة أبي طالب الناصر والمحامي والمعين والمدافع جاء نداء الله -عز وجل- يحمله جبرائيل: «أخرج من مكة فقد مات ناصرك».
سيدنا مؤمن قريش "ابو طالب" (ع) قدوة حسنة من الشخصيات الإيمانية التي تستحق الذكر في شهر رمضان المبارك، لتكون حية في وجدان أفراد المجتمع الإسلامي بل البشرية التي تعيش في أسوأ حالاتها حيث غابت فيها المشاعر الإنسانية والأخلاقية والقيم الدينية، عالم بلا أخلاق ولا إنسانية.
عالم يتفاخر بحضارته الغربية بتحقيق الاكتشافات الجديدة في عمق البحار والفضاء، وتطور التقنية التكنولوجيا الدقيقة، وأصبح العالم الكبير كالقرية الصغيرة، بفضل تقنية التواصل والكاميرات والبرامج الذكية القادرة على المراقبة والتجسس على البشر أينما كانوا، ولكنها عجزت عن رؤية الظلم والفقر والاعتداءات والحرمان …، وفشلت عن تحقيق أدنى معايير العدالة والقضاء على الفقر والبطالة والمجاعة، بل شهدنا ما يرتكبه الغرب باسم حضارته والمجتمع الدولي ودعمه للمجرمين الذين يرتكبون بمشاركته ومساندته حروب وجرائم إبادة ومنع الماء والغذاء والدواء والكهرباء عن البشر كما يحدث في غزة في فلسطين ، في ظل صمت الحكام العرب بل بمشاركة ومساندة من قبل بعض الحكومات العربية الصهيونية مع كيان الاحتلال الصهيوني في ارتكاب جرائمه الوحشية ضد شعب عربي مسلم مظلوم!.
بل من المؤسف ان يتعرض كل من يقف ويتضامن مع غزة وشعب فلسطين كافة ويحاول الدفاع عنهم ونصرتهم للاستهداف بالصواريخ والدمار والقتل كما حدث للمقاومة في لبنان واليمن والعراق نتيجة نصرة غزة.
*ناصر الرسالة والرسول*
شخصيك ناصر الرسالة الاسلامية وخاتم الرسل النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤمن قريش السيد أبو طالب عليه السلام، قدوة حسنة في نصرة الحق والعدل والمظلوم، وتقديم التضحيات والنفس في سبيل نصرة الحق والعدل والمظلوم.
سيدنا ابو طالب (ع) هو خير مؤمن، فهو مؤمن قريش وسيد البطحاء، قدم أجمل وأروع صور الكفالة والرعاية والوفاء والنصرة للرسالة الإسلامية وللرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). وبذلك حصل على مرتبة عالية في الجنان، ومكانة عظيمة عند المؤمنين الذين يسيرون على منهج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي قال بحق عنه ابو طالب (ع) ما يغبطه الأولون والآخرون حيث قال (ص): "أما والله لأشفعن لعمي شفاعة يعجب به أهل الثقلين".
*قوة إيمان سيدنا أبو طالب*
يوجد أشعار لسيدنا ابو طالب(ع) تدل على قوة إيمانه منها: قولُه في وصيِّته:
أُوصي بنصرِ نبيِّ الخيرِ أربعةً **ابني عليّاً وشيخَ القوم عبّاسا
وحمزةَ الأسدَ الحامي حقيقته **وجعفراً أن تذودوا دونَه النَّاسا
كونوا فدىً لكم أُمّي وما وَلَدَتْ ** في نصر أحمدَ دون النّاس أتراسا». (إيمان أبي طالب، الأميني).
وقوله:
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّداً ** نبيّاً كموسى خطّ في أوّل الكتبِ
نبي أتاه الوحي من عند ربّه ** ومن قال لا يقرع بها سنّ نادمِ
يا شاهد الله عليّ فاشهدِ ** إنّي على دين النبيّ أحمدِ
*ناصر المؤمن المظلوم*
المجتمع المؤمن الموالي الواعي الوفي الحي، يتضامن ويدعم ويدافع عن المؤمنين والمظلومين، وسيدنا أبو طالب (عليه السلام) مؤمن قريش مظلوم وهناك حملات إساءة له.. فيجب على كل مؤمن القيام بأي عمل للدفاع عن سيد البطحاء مؤمن قريش أبو طالب(ع)، والدفاع عن كل مظلوم.
رحمك الله يا سيدنا يا سيد البطحاء يا أبا طالب يا مؤمن قريش، ايها المحامي والمدافع والمعين والداعم للنبي الأكرم ص، يا والد أميرالمؤمنين وجد الأئمة الأطهار.
علي ال غراش