منذ بداية عدوان كيان الاحتلال الصهيوني على غزة بعد طوفان الأقصى أصبح واضحا للعالم ان أغلب الحكومات العربية تقف موقف المتفرج الصامت غير المكترث بما يحدث في غزة من ارتكاب كيان الاحتلال الصهيوني جرائم إبادة هي الأبشع في العصر الحديث، وكأن النظام العربي الرسمي ينتظر العدو الصهيوني إكمال مخططاته العدوانية بالقضاء على شعب فلسطين، ليتدخل باسم إنقاذ شعب فلسطين عبر إصدار صك الاستسلام للاحتلال والاعتراف العربي الرسمي بوجوده والتطبيع معه والارتماء في أحضانه بذل وهوان.
ومن يتابع تطور الأحداث في العالم العربي يجد أن أغلب الحكومات العربية تتسابق لإقامة علاقات مع كيان الاحتلال الصهيوني رغم ما يقوم به من عدوان وجرائم ومجازر ومذابح لدرجة ان شعوب العالم ومعظم دول العالم والمؤسسات الدولية ضده وتطالب بمحاكمته، وأصبح معزولا في العالم؛ ولكن بعض الحكومات العربية تعمل لفك عزلته بالتطبيع معه والتمسك بإقامة سلام معه، وهؤلاء ينطبق عليهم المثل الشعبي المشهور (القط يحب خناقه) !.
لقد سقط الاحتلال الصهيونية بعد وقوف شعوب العالم مع فلسطين وغزة، ورفض عدوان الاحتلال الصهيوني منذ أول يوم لعدوانه الإجرامي، ولغاية اليوم فهناك تظاهرات يومية في الغرب والعالم، واخيرا هناك تسابق بين دول غربية للاعتراف بدولة فلسطين لعزلة الاحتلال، وكذلك صدور قرار محكمة الجنايات الدولية باعتقال ومحاكمة قيادته الإجرامية، .. وكل ذلك يحدث بفضل طوفان الأقصى وصمود وصبر وتضحيات ومقاومة شعب فلسطين ومحور المقاومة وخاصة في لبنان واليمن والعراق، بينما الحكومات العربية تمنع شعوبها من التضامن مع فلسطين ونصرة غزة،.. مما يعني انها قد تخلت عن العزة بمساندة شعب فلسطين العربي المظلوم ..، من باب إنساني وقومي وديني وأخلاقي والمروءة والغيرة !.
بل هناك حكومات عربية تتكلم العربية وتحضر مؤتمرات الجامعة العربية ولكنها تدعم وتخدم مصالح كيان الاحتلال الصهيوني المجرم القاتل المتوحش، وتطلب منه إنهاء وجود المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة !. وليس مستغربا من تلك الحكومات ان تكتفي بالإدانة على ما يقوم به كيان الاحتلال الصهيوني من جرائم إبادة في غزة التي هي فصل من فصول جرائمه طوال تاريخه الاحتلالي لأرض فلسطين منذ نحو 75 عاما، واخر مجازره وجرائمه مجزرة مخيم فرح للاجئين عبر استهداف المدنيين الأبرياء في مخيم آمن حسب وصف كيان الاحتلال الغادر، سقط خلالها المئات بين شهيد وجريح معظمهم من النساء والأطفال الذين تعرضوا للحرق وقطع الرؤوس وتمزيق الأجساد .. انها جريمة وحشية ومروعة ..، فالادانة العربية الرسمية فقط – معيب ومخجل وضعف وذل أمام حجم الكارثة الإنسانية المفجعة، وتجعل العدو يستمر في عدوانه وجرائمه – دون خطوات عملية بقطع العلاقات مع كيان الاحتلال، وطرد سفرائه وتسميته في الإعلام الرسمي بالاسم الصحيح كيان الاحتلال العدو الصهيوني، وتقديم المساعدات ودعم شعب فلسطين والمقاومة، والسماح للشعوب العربية بالتعبير عن غضبها بالتضامن ونصرة غزة، وإذا لم تقم بذلك وهي أبسط الأمور المطلوبة فهي شريكة مع العدو.
*قمم عربية ترويج للتطبيع وضياع للحقوق العربية*
لقد تحولت المؤتمرات العربية إلى مجرد استعراض لالتقاط الصور التذكارية في القاعات الفخمة والتضخيم الإعلامي العربي الرسمي ومن يدور في مداره للمؤتمر، وهي قمم خالية من اي فائدة للأمة العربية، ومؤخرا افتقدت القمم العربية ما يميزها من رفع شعارات (الادانة والاستنكار والشجب للكيان الصهيوني ودعم شعب فلسطين) ولو كانت مجرد أقوال بلا أفعال، حيث أصبحت القمم مملة مخيبة بلا أقوال ولا أفعال ضد كيان الاحتلال ودعم للفلسطينيين (..) في ظل ما تتعرض له الأمة من تحديات وجودية كبيرة جدا في ظل العدوان الصهيوني الامريكي على غزة وعلى الأمة، واستسلام الحكومات العربية للاحتلال وأمريكا لدرجة التطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم المعتدي وقيام علاقات معه فوق الطاولة وتحت الطاولة لدرجة الدفاع عنه وتبرير عدوانه، وتحولت قاعة القمة العربية إلى منبر لانتقاد المقاومة التي تنصر فلسطين وغزة، وانتقاد عمليات المقاومة التي تستهدف سفن الاحتلال ومن تتعامل معه، وتبرير بعض الحكام باسم حرية الملاحة، رغم ان الملاحة متاحة لكل سفن العالم والمستهدف هي سفن كيان الاحتلال وكل سفينة تتجه إليه فقط للضغط عليه لإيقاف عدوانه على غزة، والادهى ان يتزعم القمم العربية المطبعون مع الصهاينة ومن لديهم سفارات مع كيان الاحتلال .. ، والتنازل عن اللات الثلاث العربية..، يا زين السكوت والصمت الرسمي العربي أمام ما يخرج منهم من تهريج رسمي يدل على روح الانهزام والانبطاح، وضياع للحقوق العربية.
انها جامعة حكام العرب بلا قيمة ولا فائدة ولا طعم ولا..، وإن طلاب الجامعات العالمية ومنها الغربية (غير العربية) أقوى وأشرف وأكثر تأثيرا ودعما لنصرة غزة والقضية الفلسطينية والقضايا العربية من الجامعة العربية، لقد صدق من قال ان الجامعة العربية هي جامعة ( .. )، جامعة ماتت منذ عقود، وإكرام الميت دفنه، إلا ان هناك من يرفض دفن الميت لأنه مستفيد من وجودها ولو بالاسم فقط!.
*الشعوب العربية .. قمع وصمت*
يحدث كل ذلك …، وأكثرية الشعوب العربية في حالة صمت خوفا من بطش الحكومات العربية القمعية التي تعارض أي نشاط أو مظاهرات للتضامن مع فلسطين، بل يوجد بعض العرب لغاية اليوم لا يكترثون بأهمية وتأثير مقاطعة الشركات التي تتعامل مع كيان الاحتلال، متأثرين بما يروجه إعلام الصهاينة العرب الداعم لكيان الاحتلال الصهيوني، ببث روح الانهزام والاستسلام وتقبل وجود كيان الاحتلال، والترويج بعدم فائدة مقاطعة الشركات التي تتعامل مع الاحتلال، وبث المغالطات والتشويش والتخوين والتثبيط لعدم الاهتمام بالقضية الفلسطينية وما يحدث في غزة من عدوان على أهلها، وأن ما يجري هناك لا علاقة له بالدول والشعوب العربية، والتشجيع على إقامة المهرجانات الاحتفالية والترفيهية .. والترويج بالاهتمام بالحياة المادية مدن حديثة ومتطورة وان كان على حساب الكرامة والعزة، والتخويف من عقوبة التضامن مع فلسطين أو رفع العلم الفلسطيني أو التظاهر للتضامن مع غزة!.
بينما شعوب العالم ومنها الغربية تخرج في مظاهرات حاشدة دعماً لفلسطين وغزة رغم مواقف أغلب الحكومات بدعم الاحتلال الصهيوني، ويقاطعون الشركات الداعمة لكيان الاحتلال، وطلاب وأساتذة الجامعات في الغرب (غير العرب) يجازفون بمستقبلهم (فصل من الدراسة والوظيفة واعتقال)؛ لإيمانهم بالتضامن مع فلسطين ونصرة غزة ورفض عدوان الاحتلال، وأهالي الطلبة يفتخرون بمواقفهم؛ لتسجيل موقف تاريخي مشرِّف.
بالمقابل يقوم الصهاينة العرب بدعم حكوماتهم العربية بمواقف الخزي والعار بمحاربة المقاومة الفلسطينية والتقليل من انجازاتها وصمودها، وممن ينصر غزة وفلسطين، حيث الإعلام العربي المتصهين يحارب حركات المقاومة الإسلامية في لبنان والعراق وحكومة اليمن في صنعاء ومحاربة إيران، بسبب وقوف هؤلاء (لبنان والعراق واليمن وإيران) مع المقاومة في فلسطين ومع غزة وينصرون قضية فلسطين عملياً، ويرفضون العدوان الصهيوني المدعوم من أمريكا والغرب والصهاينة العرب.
*حكومات عربية في خدمة الكيان المتهالك*
العجب وكل العجب سياسة بعض الحكومات العربية التي تحولت إلى مجرد شركات علاقات عامة لتسويق كيان الاحتلال الصهيوني في العالم العربي والعالم، وذلك باسم السلام وتتوسل منه السلام!. اي سلام مع معتدي مجرم قاتل، يرتكب أعظم جرائم إبادة ضد شعب عربي وهو شعب فلسطين في غزة، كيان مغرور متعجرف يرفض تسليم الأرض المحتلة فلسطين لأهلها ولا يقبل الاعتراف بحقوق سكانها الأصليين ووجود دولة فلسطين على أرض فلسطين عاصمتها القدس الشريف، ولا يحترم الدين الإسلامي ولا العرب بل على العكس؟.
حكومات عربية تطبع مع الاحتلال بينما شعبها يرفض التطبيع، فلا تحترم الإرادة الشعبية بعدم التطبيع بل تقوم بحملات القمع والاعتقال لشعبها بسبب رفضه للتطبيع والتضامن مع قضية فلسطين ونصرة غزة، حكومات خزي وذل تسوق السلام مع عدو متهالك، بينما هذه الحكومات ترفض السلام مع شعبها!. والاكثر عجبا من شأن بعض الحكومات العربية .. الادعاء بان أعتراف دول غربية بدولة فلسطين والمظاهرات الشعبية في العالم، نتيجة شرط التطبيع والعلاقات مع كيان الاحتلال – الصهيوني المجرم الارهابي – الذي يعيش العزلة والضعف والانكسار.
كيف لدول عربية تتسابق للاعتراف بكيان احتلالي مجرم عدواني متهالك يعيش حالة الضعف والانكسار والعزلة الدولية والرفض من شعوب العالم !؟.
الحقيقة واضحة حول السبب لاعتراف دول العالم بدولة فلسطين وتضامن شعوب العالم مع فلسطين ونصرة غزة، – ومن لا يعرف السبب فهو أعمى البصر والبصيرة -، فالسبب الحقيقي لذلك يعود إلى طوفان الأقصى وصمود وصبر وتضحيات ومقاومة شعب فلسطين البطل، الذي سطر أروع صور التضحية والبطولة، وكذلك إلى نصرة محور المقاومة في لبنان واليمن والعراق وإيران للمقاومة الفلسطينية بشكل عملي وتقديم الشهداء وكل أنواع الدعم لمواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي الغربي والصهاينة العرب، كيان لا يرضخ إلا بالقوة والمقاومة، وبفضل جهود الأحرار والشرفاء من العرب والعالم بدعم قضية فلسطين ونصرة غزة بالمواقف والتظاهرات والاحتجاجات، وبالكلمة عبر وسائل الاتصال والإعلام.
تحية شكر للمقاومين ولكل من يدعمهم ولو بالموقف والتظاهر والكلمة (كلمة الحق ونصرة المظلوم، مهمة جدا ومؤثرة في هذا الزمن).
علي ال غراش
جريدة رأي اليوم