مسرحية: المـرآة (نص مونودراما)
    الأثنين 17 يونيو / حزيران 2024 - 15:49
    محمد صخي العتابي
    ((العزلة ليست هروبًا من العالم بل هي رحلة للعودة إلى الذات))
    المكان ...(تفتح الستارة ببطء على رجل بملامح حزينة في وسط غرفة مظلمة مكتظة بالأشياء المهملة والمتناثرة، الضوء يتسرب من خلال النوافذ المغطاة بالغبار، يلقي ظلالاً على الأرض 
    المتسخة في وسط المسرح، تبرز مرآة عتيقة تتراكم عليها طبقات من الغبار، مما يجعل الصورة التي تعكسها مشوهة وغير واضحة. وفي الزاوية الخلفية من المسرح، يتواجد صندوق خشبي قديم ، على الجانب الآخر، تتواجد آلة طابعة قديمة،ومهملة مغطاة بالغبار والتراب، مع تناثر للورق الممزق حولها، لم تستخدم لفترة طويلة
    على جانب المسرح، يتمركز كرسي متهالك متراخي. في عمق المسرح رف مليئاً بالكتب المهملة والمتسخة)
    الرجل (وهو يتحدث إلى نفسه ويفكر بصوت مرتفع): أعتقد أنني وجدت المكان المناسب أخيرًا، بعيدًا عن صخب العالم الخارجي وفوضى الحياة. هنا، في هذه الغرفة المظلمة، يمكنني أن أكون وحدي وأن أفكر بسلام
    (يتجول في الغرفة وينظر إلى الأشياء المتناثرة)
    الرجل: هذه الأشياء المهملة والمنسية، لكل منها قصة، لكنها الآن أصبحت جزءًا من هذا الملاذ الخاص بي. إنها تشهد على أوجاعي وأفراحي، على أحلامي وتطلعاتي
    الرجل (يتوقف وينظر الى القلم): هذا القلم، كان رفيقي الوحيد في اللحظات الصعبة، يحمل كلماتي وأفكاري، وكأنه شاهد على كل ما مررت به.
    (يتأمل بعمق ثم ينظر حوله بإحساس من الراحة)
    هناك شيء مميز في العزلة، في أن تكون وحدك مع أفكارك ومشاعرك. لا يوجد أحد هنا ليحكم عليّ أو يعرضني للانتقاد، إنها حرية حقيقية.
    (يسترخي قليلاً ويغمض عينيه)
    لا أدري كيف أمضيت كل هذه السنوات في صخب الحياة اليومية، دون أن أدرك أن السلام الحقيقي يكمن في العزلة والتأمل. ربما أكون قد وجدت أخيرًا ملاذي النهائي
    (يسمع صوت أنفجار بعيد، يفتح عينيه بحذر)
     (بهمس): ما هذا الصوت؟ هل هو حقيقي أم أنه مجرد وهم من خيالي؟ (يتجول بحذر 
    في الغرفة يجد صندوقًا قديمًا في الزاوية، ينحني ليفتحه)
    هذا الصندوق... لم ألاحظه من قبل. (يفتح الصندوق ببطء، ليجد داخله صورًا قديمة ورسائل)
    (يجلس على الأرض ويبدأ بتصفح الصور)
    هذه الصور... إنها تذكرني بأيام الحرب التي مضت، بأشخاص فقدتهم وبأماكن لم أعد أزورها. (يبتسم بمرارة) كم كنت غافلًا عن قيمة هذه اللحظات.
    (يمسك برسالة قديمة ويقرأ بصوت عالٍ)
    يا ولدي، تذكر دائمًا أن الصبر مفتاح الفرج، وأن الحرب ليست فقط في الميدان، بل هي في قلوبنا وعقولنا أيضًا. لا تدع الغضب والكراهية يسيطران عليك، بل ابحث عن السلام في داخلك (يتوقف عن القراءة ويتأمل) هذه الرسالة... كانت من أمي عندما كنت في جبهات القتال. كم كنت أهمل تلك الرسائل، وكم كانت تحمل من حكم وبصيرة.
    (يغلق الرسالة ويعيدها إلى الصندوق)
    هذه الغرفة ليست مجرد ملاذ، إنها أيضًا تذكرة بما فقدته وبما تعلمته. هنا، يمكنني أن أسترجع الذكريات وأن أتعلم من أخطائي. ربما هذا هو السلام الذي كنت أبحث عنه، ليس فقط في العزلة، بل في التصالح مع الماضي.
    (يقف وينظر إلى الغرفة بابتسامة هادئة)
    ربما لم أكن أبحث عن الهروب، بل عن العودة إلى نفسي، إلى تلك الأجزاء المنسية مني. والآن، أشعر أنني أقترب من هذا الاكتشاف أكثر من أي وقت مضى.
     (يتوجه نحو رف كتب متهالك ويأخذ كتابًا قديمًا)
    هذا الكتاب... كان هدية من صديق قديم. (يبتسم بمرارة) لم أقرأه أبدًا، كنت مشغولًا جدًا بالصخب والضجيج. (يقلب الصفحات بلطف) ربما الآن هو الوقت المناسب لأغوص في عوالمه.
    (يجلس على كرسي مهترئ ويبدأ في القراءة، لكنه يتوقف فجأة وينظر إلى شمعة قديمة)
    هذه الشمعة... (يشعلها بهدوء) إنها رمز للنور في الظلام. حتى في أكثر الأماكن ظلمة، يمكن لنور صغير أن يبدد العتمة. (يراقب اللهب الراقص) ربما هي تذكرني بأن الأمل موجود دائمًا، حتى في أصعب الأوقات.
     (يقف وينظر إلى الغرفة بابتسامة هادئة)
    ربما لم أكن أبحث عن الهروب، بل عن العودة إلى نفسي، إلى تلك الأجزاء المنسية مني. والآن، أشعر أنني أقترب من هذا الاكتشاف أكثر من أي وقت مضى.
    (يتجه نحو نافذة صغيرة مغطاة بالستائر، يفتحها ويترك ضوء القمر يتسلل إلى الغرفة)
    ضوء القمر... إنه رمز للأمل والنور الذي يأتي من بعيد. حتى في أحلك اللحظات، هناك ضوء يرشدني.
    (يجلس في زاوية الغرفة ويغمض عينيه، مستمعًا لصمت المكان، مستمتعًا بالسكينة التي وجدها)
     (بهمس) هنا، في هذا المكان، أجد نفسي، أجد السلام. لا شيء يمكن أن يأخذ هذا عني.
    (يتسرب ضوء القمر من نافذة صغيرة، مما يضفي جوًا هادئًا على المكان)
    ربما هذا هو السلام الذي كنت أبحث عنه، في التصالح مع الماضي.
    (يتوجه نحو خزانة قديمة متهالكة ويفتحها، ليجد ساعة جيب قديمة)
    هذه الساعة... كانت ملك جدي. (يمسكها بحنان) كانت تذكرني دائمًا بقيمة الوقت، وكيف أن كل لحظة ثمينة. (يفتحها ويراقب حركة العقارب) ربما آن الأوان لأقدّر كل لحظة من حياتي.
    (يتجه نحو زاوية أخرى من الغرفة حيث توجد آلة كاتبة قديمة)
    هذه الآلة ... كم كتبت بها من قصص وأفكار
     (يمرر يده على المفاتيح) ربما حان الوقت لأبدأ كتابة فصل جديد في حياتي
    (يجلس على كرسي قرب الآلة الكاتبة ويبدأ في الطباعة)
    هذه الغرفة ليست مجرد مكان للعزلة، بل هي ورشة للإبداع والتأمل. هنا، أستطيع أن أبتكر وأحلم، بعيدًا عن كل الضغوط والتوقعات.
    (يتوقف عن الطباعة وينظر إلى الباب المغلق بإحكام)
    هذا الباب... رمز للعالم الخارجي، بكل فوضاه وصخبه
     (يبتسم بتحدي) لكنني أملك المفتاح. يمكنني أن أفتح الباب عندما أكون مستعدًا، وأخرج إلى العالم بقوة وتجدد.
    (يقف وينظر إلى الغرفة بابتسامة عميقة)
    ربما لم أكن أبحث عن الهروب، بل عن إعادة اكتشاف نفسي. والآن، أشعر أنني أقرب إلى ذلك أكثر من أي وقت مضى. هنا، في هذا المكان، وجدت السلام والحرية.
    (يجلس في زاوية الغرفة ويغمض عينيه، مستمعًا لصمت المكان، مستمتعًا بالسكينة التي وجدها)
     (بهمس) هنا، في هذا المكان، أجد نفسي، أجد السلام. لا شيء يمكن أن يأخذ هذا عني.
     (بتأمل) ربما لم أكن أبحث عن الهروب بل عن إعادة اكتشاف نفسي، هذا هو الأمر. العثور على السلام الداخلي والتصالح مع الماضي، هذا هو ما كنت أبحث عنه. وهنا، في هذه الغرفة المظلمة، وجدت ضالتي.
    (يتجه نحو نافذة الغرفة وينظر خارجها، حيث يرى القمر يتوهج في السماء)
    القمر... إنه يشع نورًا يذكرني بأن هناك دائمًا أمل، حتى في أعمق الظلام. لقد وجدت السلام هنا، ولكن يجب عليّ أن أعود إلى العالم الخارجي، إلى الصخب والضجيج.
    (يتوقف للحظة ويعود إلى الصندوق حيث الرسائل والصور، يقبل ورقة صغيرة بتأمل ويضعها في جيبه)
    يمكنني أن أعود، لكن لن يكون العودة كما كنت. سأحمل معي تلك الذكريات والتجارب، وسأستمر في السعي للسلام والتوازن، حتى في وجه التحديات.
    (ينظر حوله في الغرفة مرة أخرى، مع بعض الحنين وبعض القرار)
    لن أنسى هذا المكان، هنا حيث وجدت ذاتي مجددًا. ولكن العالم ينتظر، وعليّ أن أواجهه بكل ما أتيت به.
     (بتأمل عميق، وهو يتحدث بصوت هادئ) لقد زاد الوقت وزادت الذكريات، كل جزء في هذه الغرفة يحمل قصة لا تنتهي. هنا، بين هذه الأشياء المهملة والمتناثرة، ترقد حكايات الحب والفقدان، وتنبت أزهار الأمل من بذور اليأس.
    (يبتسم برحابة، وهو ينظر إلى الشمعة المتوهجة) 
    الشمعة... نور صغير في بحر من الظلمة، تذكرني بأنه وسط كل الضجر والتعب، يمكن لشعاع بسيط من الأمل أن ينير الطريق. إنها شمعة الأمل التي لا تنطفئ.
    (يمسك بالصندوق ويفتحه بحذر، معبرًا عن توتر مخفي)
    هذا الصندوق... مكان لتخزين الذكريات، محفوظات عن ماضٍ مليء بالحنين والألم. كل صورة، كل رسالة، تروي قصة مختلفة، تتناغم مع قصة حياتي الخاصة.
    (يخرج من الصندوق قلادة قديمة، يحملها بين أصابعه وهو يتأملها بحنين)
    هذه القلادة... عهدت بها إلي في زمن غابر، تذكرني بذلك الزمن الجميل، وبأشخاص كنت قد فقدتهم. إنها رمز للروابط الجميلة التي لا تنسى، والتي تبقى معنا حتى في أصعب اللحظات.
    (يتجه نحو النافذة وينظر إلى القمر المتوهج في السماء، معبرًا عن تأمل)
    القمر... إنه الرفيق الوحيد في ليالي العتمة، يراقبنا بصبر وهدوء، مثل ملاذ يقدم لنا الأمان والطمأنينة. كما يتوهج في السماء، يتوهج الأمل في قلوبنا.
    (يعود ليجلس على الأرض ويحتضن القلادة بين يديه، وجهه يعبر عن مزيج من الحزن والأمل)
    كل هذه الرموز، كل هذه الذكريات، هي جزء مني، جزء من رحلتي. ومهما كانت العواصف تهب علي، سأظل أحملها معي، لتذكيري بأنني استطيع تحمل أي شيء، وأن السلام يكمن في تقبل ماضيي وبناء مستقبلي.
     (يتأمل القلادة بين يديه بتأمل عميق، ويشعر بوزنها الخفي في يديه)
     (معبأ بالتفكير) كل هذه الذكريات، كل هذه القصص، تبدو وكأنها جزء لا يتجزأ من وجودي. (يجلس لحظة في هدوء، وجسده يتأرجح قليلاً مع تنفسه العميق)
     (يقوم بتدليك معصمه بأصابعه برهة، معبرا عن التوتر المتزايد) الحياة... هي مزيج من الأحزان والأفراح، وأنا لم أكن استعد لهذا المزيج. لكن هنا، في هذه الغرفة، أجد نفسي يتسلل إلى عمق تلك الأحاسيس.
     (يرفع يديه ليداعب خصلات شعره، ووجهه يعبر عن خيبة الأمل والقلق) أنا... لا أزال أبحث عن الإجابات، عن المعنى الحقيقي لهذه الرموز والذكريات. لكن هل سأجد إجاباتي هنا؟ أم أنني سأضيع في لعبة من الألغاز الملتوية؟
     (ينظر إلى النافذة بعيون محاولة للبحث عن الهدوء، وجسده يتشنج بشكل غير ملحوظ) الهدوء... أين الهدوء؟ أشعر وكأنني في عين العاصفة، ولا أجد طريقي إلى السلام الداخلي.
     (يضع يده على قلبه ويغلق عينيه للحظة، يحاول أن يسمع نبضاته المتسارعة) القلب... يضرب بقوة، كأنه يصرخ من الداخل، هل يخبرني بشيء ما؟ هل هو الدليل على أنني على الطريق الصحيح؟ أم أنه يحذرني من مصير لا يحمل سوى الفوضى؟
     (يستمر في التجول في الظلام، ممسكًا بالقلادة بين أصابعه بقلق متزايد، تتقاطع أفكاره في عقله كالحرب الداخلية وجهه يعبر عن التشكك والحيرة)
    لا أزال أبحث... أبحث عن معنى لهذه الحياة، عن هدف لوجودي، عن سبيل للسلام الداخلي. لكن هل يمكن أن يكون الجواب موجودًا في هذه الغرفة المظلمة؟
     (يتوقف بجوار نافذة صغيرة، يحاول أن يلمح لشيء من النور في عتمة الليل، لكنه يجد فقط الظلمة المستديمة يتأمل بعمق في اللاشيء، محاولًا فهم الدوافع الخفية وراء وجوده في هذا المكان المهجور) هل هذه الغرفة تمثلني؟ هل هي مرآة لروحي المضطربة؟ أم أنها مجرد هروب من واقع مرير؟
     (تزداد حدة التوتر في جسده، وهو يحاول بلا جدوى تهدئة تلك العواصف الداخلية المتلاطمة) قد يكون الجواب موجودًا في عمق نفسي، في تلك الأصوات الهادئة التي تناديني للتوجه نحو السلام. ولكن كيف يمكنني الوصول إليها؟
     (يعود ليجلس على الأرض مرة أخرى، يحاول أن يهدأ تنفسه المتسارع، ولكن الضغوطات 
     تبقى تتقاطع في عقله كالأفعى الملتوية يفتح هاتفه المحمول ويبدأ في تصفح الإنترنت بحثًا عن إجابات، وهو يعبر عن يأسه في العثور عليها) ربما يمكنني العثور على مسار جديد، على أفكار تغذي روحي وتهدي ذهني. 
    (يقوم بالضغط على الشاشة بشكل عشوائي، وهو ينغمس في عالم الويب بحثًا عن ما يمكن 
     أن يكون الحل وجهه يعبر عن الإحباط والارتباك، وهو يبحث بلا جدوى في بحر لا نهاية له من المعلومات) كل هذه البيانات... كل هذه المعلومات، ولكن لا جدوى. هل يوجد أي شيء يمكن أن يلقي ضوءًا على دربي المظلم؟
    (يقفل الهاتف بحزن، محاولًا تصوير الفوضى الداخلية التي يشعر بها بالفعل
    وجهه يعبر عن الإحباط واليأس، وهو ينتظر لحظة مواجهة) ربما لا يكون الجواب موجودًا في التكنولوجيا، ربما يجب علي أن ألقي نظرة داخلية أعمق، إلى مكان لم يلمسه البحث الإلكتروني.
    (يضع الهاتف جانبًا وينظر إلى الشمعة المتوهجة، يتنفس بعمق ويحاول أن يهدأ توتره المتزايد)
     (ينظر حوله في الغرفة المظلمة، محاولًا تحديد مكانه بالضبط) هل هذه الغرفة هي النقطة التي تمثل محطتي النهائية؟ أم أنها مجرد بداية لرحلة أطول؟
    (يقفز على قدميه ويبدأ في التجول حول الغرفة، يتجه نحو النافذة الصغيرة ويحاول أن يلمح شيئًا ما في الخارج يحاول التركيز على التفاصيل الخارجية، محاولًا فهم المكان الذي يجده نفسه فيه) هل هذه الغرفة في وسط المدينة؟ أم في أحد الأحياء النائية؟ أين يمكن أن يكون هذا المكان المهجور؟
    (يضع يده على جدار الغرفة ويشعر بالبرودة الشديدة، مما يعزز من شعوره بالعزلة والتوجه الغامض للمكان) إذا كانت هذه الغرفة في الطابق السفلي، فقد تكون في قلب المدينة. ولكن كيف ولماذا وجدت نفسي هنا؟
    (يبقى يتأمل بينما تتوارى الظلمة حوله، يبحث عن أي مؤشر يمكن أن يقوده لفهم المكان 
    الذي يجد نفسه فيه وهو ينظر حوله بحيرة من الظلام، يتجول في الغرفة بشكل غير متزن، يعثر على شيء غريب بين الأشياء المتناثرة)
    هذا... (يبتسم بشكل طفولي وهو يحمل لعبة دب قديمة) لقد وجدت الجانب الكوميدي في هذا المكان المظلم! (يتظاهر بالحديث إلى الدمية) أليس كذلك ؟ لا تقلق، سنجد طريقة للخروج من هذه المأزق الظلامي!
    (يبدأ في التصرف كما لو كان يحاول إقناع الدمية بخطط هروب مجنونة، مضحكة لوحده)
     (بصوت منخفض) نعم، سنقوم بصنع قارب من الأشياء هنا ونبحر بعيدًا إلى أرض الضوء والفرح! (يضحك على نفسه وهو يواصل تصور المواقف الطريفة)
    (يفقد توازنه فجأة ويسقط على الأرض، مما يثير ضحكه الخاص ويجعله ينظر إلى السقف بدهشة)
     (مع ابتسامة عريضة) يبدو أنني فعلت ذلك بأناقة! (يقف ويحاول إصلاح الملابس التي تمزقت في السقوط، مع تعبير وجه مبتسم عن الحماقة الطفولية)
     (ينظر حوله في الظلام، يبدأ في التأمل في الأشياء المتناثرة حوله بطريقة تعبر عن هويته 
     وثقافته يتجول ببطء حول الغرفة، ينظر إلى الأشياء بتأمل عميق، كأنها تحمل رموزًا خفية عن هويته) هذه الأشياء... تخبر قصة عن من أنا، عن ماضيي وحاضري، وعن الثقافة التي نشأت فيها.
    (يمسك بقلم قديم وينظر إليه بتأمل، وجهه مليء بالدهشة والفضول
    بصوت منخفض وهو يتحدث لنفسه) هذا القلم القديم... يبدو أنه يحمل الكثير من الحكايات. ربما كان يستخدمه جدّي لكتابة قصصه وحكاياته الشيقة، والآن أنا هنا أحمله، مكملًا تلك السلسلة من الحكايات.
    (يتوقف لحظة وينظر إلى صورة عائلية قديمة، وجهه يتغمر في الذكريات)
     (بصوت مليء بالحنين) وهذه الصورة... تجسد الروابط القوية مع عائلتي وأصولي. إنها تذكير بالقيم والتقاليد التي نشأت عليها، والتي تشكل جزءًا لا يتجزأ من هويتي.
    (يعود ليجلس على الأرض ويحمل الصورة بين يديه، يشعر بالقوة والارتباط بماضيه وثقافته، وينظر إلى الظلام بثقة وثبات)
     (بينما يستمر في التجول في الغرفة المظلمة، يلاحظ شيئًا غريبًا متموجًا في الزوايا الظلامية)
     (بصوت مرتفع) ما هذا؟!
     (يتوقف للحظة ويحاول التركيز على التموجات الغريبة، وهو يشعر بالرعب يتسلل إلى قلبه) هل يمكن أن تكون هناك شياطين مختبئة في هذا المكان المظلم؟
    (ينظر حوله بانتباه متزايد، يتحرك ببطء نحو التموجات المريبة، مع الحذر والانتباه
    يجد نفسه واقفًا أمام مرآة كبيرة، وجهه يعكس الخوف والدهشة) مرآة... لكن كيف؟ ولماذا؟
    (يقترب ببطء من المرآة ويفحصها بتأنٍ، يحاول فهم ما يحدث وراء هذا الظاهر غير المألوف)
     (وجهه يعبر عن التوتر والغموض، وهو يتأمل في المرآة بعيون مفتوحة على مصراعيها) هل هذه المرآة هي مفتاح للخروج من هذا العالم المظلم؟ أم هي مجرد مرآة لعوالم أخرى لم يكن ليحلم بها؟
     (ينظر إلى المرآة، يبدأ في تفسير الرموز والمجازات المخفية بها بخياله المثير)
     (بصوت هامس، يعكس الدهشة والفضول) المرآة... هي بوابة إلى عوالم مختلفة، رمز للانعكاس والتحول، ربما هي مفتاح للكشف عن الحقيقة المخفية وراء هذا العالم المظلم.
    (يرفع يده ببطء لمسح سطح المرآة، محاولاً إزالة الضباب الذي يحجب الرؤية)
     (بصوت مليء بالحماس) ربما إذا استطعت تحطيم هذا الضباب، سأكتشف ما هو مخبأ خلف هذه السطوح الزجاجية. ربما هناك عالم آخر ينتظر اكتشافه، أو ربما سأجد نفسي مجرد انعكاس للحقائق التي أختزنها في داخلي.
    (يستمر في محاولة مسح الضباب عن المرآة، وجهه مليء بالترقب والانتظار لما قد يكشفه هذا الفعل البسيط ، يشعر بتناقضات داخلية تشتد مع كل لمحة عابرة)
    (بصوت همس مليء بالحيرة) المرآة... رمز للحقيقة والوهم في الوقت نفسه، تناقض بين ما يعكسه سطحها وبين ما يختزنه العمق الغامض.
    (يواصل المسح بشغف، وهو يبحث عن إجابات داخل الغموض المحيط به)
     (بتعبير متضارب على وجهه) أنا... في نفس الوقت أعرف ولا أعرف، أبحث وأخشى، أتوق إلى الإدراك وأتجنبه في الوقت ذاته. هل يمكن أن تكون المرآة تجسيدًا لتلك التناقضات الداخلية؟
    (تتبدل مشاعره بين الأمل واليأس، وهو يواصل محاولاته لاكتشاف الحقيقة وراء المرآة
    مع كل حركة يقوم بها في محاولة لمسح الضباب عن المرآة، يلاحظ تغيرات في شخصيته 
     وتفكيره ينظر إلى صورته المنعكسة في المرآة، يرى وجهًا مختلفًا عن الذي اعتاد عليه، وجه يبدو مشوهًا بالخوف والشك) من أنا حقًا؟ هل هذه الصورة تمثلني بالفعل؟
    (يستمر في محاولة التفكير بوضوح، لكن كل ما يعكسه المرآة يبدو له وكأنه سراب بعيد 
     المنال يبدأ في الشك بكل شيء حوله، حتى في ذاته، وهو يشعر بالضياع والارتباك) ربما أنا لم أكن أفهم الحقيقة بشكل صحيح منذ البداية. ربما أنا أكثر تعقيدًا مما كنت أظن.
    (تبدأ تلك التحولات الداخلية في التأثير على سلوكه وحركاته، حيث يصبح تصرفه أكثر ترددًا 
    وحذرا وسط هذا التحول الداخلي والشك الذي يتزايد، يجد الشخص نفسه في لحظات من التأمل العميق والتفكير المرهق)
     (بصوت هادئ وهو يحاول استعادة توازنه الداخلي) ربما لا يكون هناك جواب واضحًا، ربما كل ما أراه هو انعكاس لتعقيدات داخليّة أعاني منها، أو ربما هو تجسيد لأفكار مضطربة تحتاج إلى فهم أعمق.
    (يسترخي قليلاً ويغلق عينيه، يحاول أن يستعيد السكينة الداخلية ويفتح بابًا للتفكير الهادئ)
     (يتأمل في مجموعة متنوعة من الأفكار والمشاعر التي تضطرب في داخله، يحاول ترتيبها وفهمها بشكل أفضل) ربما أنا بحاجة إلى قبول التناقضات في ذاتي، وتقبل الحقائق بلا تحفظ. ربما الإدراك الحقيقي يكمن في قدرتنا على التعايش مع الغموض والتناقض، والبحث المستمر عن الحقيقة دون توقف.
    (يستمر التفكير والتأمل في المرآة، يبدأ الضوء ببطء في التسلل إلى الغرفة المظلمة من خلال النافذة الصغيرة. الأشعة الضوئية تلمع على المرآة)
     (بصوت مدهش) الضوء... الضوء
    (ينظر إلى المرآة، ويلاحظ كيف يتلاشى الضباب ببطء، مما يكشف صورة واضحة لنفسه بداخلها)
     (بفرح وصوت قوي) أنا... أنا أراها الآن أرى الحقيقة وأقبل تناقضاتي أنا جاهز لهذا العالم بكل تعقيداته وألوانه.


                                                                             أنتهــــت

    تأليف/ محمد صخي العتابي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media