المفكر العراقي الزاهد هادي العلوي 3 ـ 6 إشكالية أستثقاف المثقف العضوي أمام الزاهد العضوي
أ. د. إشبيليا الجبوري
ثمة مفارقة نسبية أثثت لثنائية الاستثقاف التي يمكن أن نتلطفها٬ إن شئتم. حين نذهب بنظام الخطاب؛ الذي يتلمسها حدوس القاريء "الوتر/الفرد"٬ وفق سياق ردهة تعدد وتنوع الموضوعات٬ أي إشكالية الأنظوم المعرفي٬ أو٬ العلق الخطابي٬ ما يتيح به الإمكان؛ تفرد الطيش٬ تأبينات ضجيج السؤال الهش٬ أي تحت وقع إسترجاعية القيادة الثقافية عابرة اللامعلم؛ التي تجعل لكل من الميل المرجعي داخل هشاشة علة المثقف العضوي أو عند الزاهد العضوي كإضافة٬ هذا ما ستسلط عليه الحلقة؛ سوي ضوء الوحدات الآتية؛ والكشف عنها. وما تفترضه هذه الإشكالية من ثنائية المفارقة بين الطرفين وفق سياق التوجهات الثقافية والموضوعات٬ التي يقوم عليها أحدهما٬ ويبذر لكل منهما جدار مرجعي يتكأ عليه: يتفرد مكانه٬ أن تعرف حججه٬ في تحديد ما يترتب معلولية الآخرعليه.
فإشكالية أستثقاف ما قبل الإرادة الثقافية الخالصة٬ وما آلت به٬ من ميل استثقاف المثقف العضوي في الإرادة الطبيعية عند (كانط)؛ أو أستثقاف ماقبل الإرادة الثقافية العضوية العاقلة كما هو عند (هيغل)؛ إشكالية أستثقاف المثقف العضوي الحياتي كما هو عند (شوبنهور)٬ أو أستثقاف المثقف العضوي القوي كما هو عند نيتشه٬ و ماركس في "رأس المال" الاجتماعي ـ الأقتصادي؛ و أستثقاف في إرادة الفرد/ الأوحد (في الله)/ ثقافة الزاهد العضوي٬ إستثقاف المشاء العضوي؛ كما في أكابر وجهابذة الزهاد المسلمين وغير المسلمين٬ ما أجتذبه طموح أستثقاف العضوية إليه٬ ممارسة وتطبيقات٬ مثقفه الزاهد العضوي٬ هو نهج مفكرنا هادي العلوي. إن شئتم.
عندئذ٬ هذا الحراك الاستراتيجي٬ و خطوات بناءه٬ مثابة المنطلق المعلوم٬ تولى منهج المعطيات الحقيقية٬ في تأطير الأتجاه العام للحلقة٬ عليه؛
فالمعطيات العلمية والتعليمية٬ ستكون في هذه الحلقة٬ هي:
I.كيف توجه الأبعاد الاستراتيجية للثقافة العضوية أمام الزاهد العضوي؟
II.ما إشكالية آهلية الرؤية الثقافية الاحترافية٬ وفعل جدولتها التنفيذية لكل منهما؟
III.ما خيارات التعليم والتعلم العملي مع المحاكاة الثقافية والمواقع للعمل الإبداعي؟
IV.أين تكمن مؤهلا للحصول على العمل الريادي العضوي في منظومتك الثقافية؟
V.متى يستثقف التفاعل والتواصل العضوي مع أفضل قادة الثقافية الاحترافية المتواجدين في فريقك؟
VI.كيف ومتى ومن يتم إستيضاح تقييم التطبيقات٬ مع مراجعة أفضل الممارسات في الثقافة العضوية الحقيقية.؟ (بربطها واستمراريتها مع الحلقات الماضية و اللاحقة)
لقد شغلت إشكالية استثقاف المثقف العضوي لدى عدد مم المثقفين مكانة هامة٬ غير ان الثقافة العضوية تعني عند المفكر هادي العلوي٬ بالبحث في عضوية الموجودات بما هو حقيقي. فالحقيقة هي أوسع مفهوم للثقافة العضوية وأكثر تجريدا٬ وقد اتخذ الماركسيون من الثقافة أول وأهم المشاغل الاستثقافية التي يعول عليها في تحديد قضايا الثقافة التنظيمية.
لقد أخذ أفهوم الحقيقة كصياغة دفعت إليها المثقفون لتوصيف ماهية الفاعلية عند الأول بـ(المثقف العضوي)٬ وعند الآخر هو المثقف الزاهد العضوي). في حين أن الاصطلاح عند الأول يحمل العديد من الدلالات الثقافية المفيدة٬ ولهذا الغرض وظفه المثقفون اليساريون٬ ضمن السياق الأفهومي التنظيمي للثقافة٬ مع إقرارهم بأنه "مجاز توفيقي"٬ لا يدل عن طبيعة الهوية العليا للنظرية. هكذا أخذ الحال في أول الأمر كالذي يدل عليه مفكرنا هادي العلوي٬ على ما سنطلع عليه لاحقا.
لكن٬ المحور المرجعي بالنسبة للمثقف العضوي٬ له أعتماد المنطلق معلوم٬ كما هو مسلم به سلفا٬ بيروقراطيا٬ في مواجهة المثقف الزاهد العضوي٬ وغالبا ما تتعدد الإطر المرجعية الثقافية٬ وأحيانا قد تتبادل الأدوار فيما بينهما٬ تبعا لفاعلية الثقافة المحمولة المراد منها كشفها على القضايا الحقيقية وابلاغ النتائج المعرفية مع الجمهور/الشغيلة. بمعنى٬ إن القراءة الثقافية ومراقبة ما تتعدد به المواقف الملحقة٬ نلحظ تبادل التمثيل فيما بينهما٬ تبعا لطبيعة النظام؛ الذي سيفعل ما ينبغي الافصاح والتمثيل عنه٬ وتحليل الصلة الكائنة بين هذا الاتجاه المرجعي وبين الآخر٬ تبعا للاستحكام في القضايا المعرفية للنظام الثقافي٬ والأدوار التي تتخذ كأصل مولد في تلبية النظام المعرفي الثقافي٬ والإنتاج الفهام المعرفي٬ مثلما تستوضحة نشأة المرجعية للنظرية "المقدسة".
وعند اتخاذ "الزاهد العضوي" كـ(آخر) في علاقته مع الذات الاستثقافية العليا٬ أشكالا متعددة؛ فنلاحظ الزاهد العضوي٬ له تمثيل في مبدأ الثقافة العضوية٬ فتارة يعبر عن الماهوية الثقافية عندما تكون الذات المستثقفة هي الثقافة٬ وثانية يعبر عنها العلوي بتماثل الصفات عندما تكون الذات المستثقفة ثقافة وصفية٬ وايضا يعتمدها عن المعلولات الثقافية والشؤون الالقة بين الهامش والمركز كذات لعلة أصيلة. وجميع هذه الأواصر محكومة بمنطقالإنتاج الأفهومي للمعرفة٬ وكمولد للحراك العضوي المعرفي.
ويمكن إيجازها بأنها علاقة صراع ثقافة حقيقية ملموسة٬ وعلاقة صراع ثقافة محسوسة٬ وأيضا علاقة تحكمها المواقف الواضحة والصريحة. حيث يكون لطبيعة الثقافة الحقيقية علاقة ثقافية بالزاهد العضوي٬ وكذا وقفها به٬ وايجادها وتكوينها له. فالذات الزستثقافية لها إشكالية في العلاقة الأولى هي محض تخطيط صراع ثقافي استراتيجي٬ وفي الثانية هي محض تفكير عقلانية الاستثقاف المستدرك الاستراتيجي٬ والذي بدوره يرتضي بالأتي الملاحق هو " العلة والاصل الاستثقافي".
وهذا التوزيع بالمحاور للرؤية الاستثقافية للحقيقة يناسبها غمار التصور الذي تقدمه كل من الرؤيتين التحليليتن ثقافة المثقف العضوي وثقافة الزاهد العضوي. فعلى صعيد الرؤية الثقافية العضوية التقليدية٬ أن الذات الاستثقافية العليا٬ أو٬ الحقيقة المحضة٬ تنشيء المواقف والتطبيقات بالممارسة الصريحة للمعرفة٬ وإدارتها المعرفية تنزل بما يناسب التصورات التي تطرحها النظرية كذات مرجعية استثقافية عليا٬ فالمعرفة المعلومة هو سبب المثقف الهضوي الحقيقي النازل بتحقيق ثقافته المرجعية٬ معتقدا لولاه ماكان هناك تنزل ثقافي لمواقف معلنة وصريحة بتاتا٬ ولا كات هناك أواصر لساقات أنظومات ثقافية ترتبط بها الذات المستثقفة العليا والزاهد العضوي في تفعيل روابط العلاقة مع الجمهور. أما بحسب رؤية الزاهد العضوي٬ فالرؤية العرفانية لها ثلاثة إشكاليات استثقافية؛ استقاف ذاتي متعالي؛ وهي منزلة الذات الثقافية العليا/النظرية٬ والصفات القيادية والأفعال٬ والذات الثقافية المتعالية ذات نظرية بصفاتها وأفعالها٬ بغض النظر عن التقيميات الخارجية٬ والثانية هي المواقف العلمية المكرسة ثقافيا بمحض التجربة٬ ما يسودها عليها مواقف ثقافة النقدية العلمية٬ من اجل ثبات الذات المتعالية/ جادة النظرية وصحتها الوصفية.
ومن حيث المفارقة٬ تتقوم مواقف الثقافة النقدية العلمية بمواكبة الذات العليا/النظرية٬ فالنظرية الثقافية لا يمكن تصورها من غير تجريب وتقيم علمي ناقد٬ والعكس صحيحا. وكذا فإن المسؤولية القيادية تعتمد بدورها القيادة العلمية من غير رد. بمعنى القيادة العلمية ما كانت لها تحمل المسؤولية الاجتماعية والاخلاقية٬ لما كانت مبدأ الحقيقة. بإعتبار أن الأفعال الثقافية٬ تتقوم عضويتها بالعلم٬ وهذا المعنى حاضرا لدى المفكر العراقي هادي العلوي الذي اعتبر مراحل الثقافة الحقيقية هي من الأولويات الحاضرة في ذات مثقفه ـ الزاهد العضوي ـ؛ الثقافة الأحادية/ الفردانية الثقافية التي لا وصف ولا أسم ولا شكل لها٬ إلا بالزهد٬ والكفاح والمشقة لها "الثواب" فيما هو لاحق في المستقبل٬ فهي إيمان طوعي كما جاء لها من توقيفات في بعض الادبيات الثقافية. والمفارقة في الذات الاستثقافية المتعالية هي فردية/ منزلة الواحدية المتعالية أو الذات المتعالية الصريحة٬ التي لها حضور المواقف أسماء٬ تملي عليها الصفات لأضفاء الصفات الثقافية العليا٬ وعلى مستطرقها صفة الثقافة النقدية العلمية/التجريبية٬ حيث أن أول تعينات إشكالية الذات المستثقفة المتعالية لها " فردانية/ أحدية" هي ثقافتها الذاتية المدركة علميا٬ بذاتها المستثقة المتعالية٬ ولصفة التجارب والتطبيقات العلمية٬ مقامها القيادي بالنسبة إلى بقية الثقافة الوصفية للقائد المثقف أسوة النظر بمهام وواجبات الصفات الاستثقافية التشاركية المساهمة بتنزيل جهودها في الثقافة كحقيقة إلى بقية الصفاتا الثقافة العضوية الزاهدة٬ فالثقافة العضوية العلمية متقدمة مكانة٬ على الإرادة والقدرة والتفلسف٬ والسمع والنظر. وحتى صفة المثقف الحياتي عند (شوبنهور/نيتشه) رغم أنها مواقف ومعارف متقدمة على الثقافة النقدية العلمية٬ متقدمة ثقافيا٬ فإنها لا تستحق روح الثقافة القيادية لتقدم الثقافة النقدية العلمية بآهلية وحصانة٬ إذ إن الثقافة النقدية العلمية/ التطبيقية كما هو في نزول ثقافة المشاريع المتقدمة لتقدم المشقة العلمية بشرف وتميز٬ إذ الثقافة الحياتية النيتشوية مقابل الثقافة العضوية الغرامشية٬ لا تظهر إلا بالثقافة والعقلانية٬ فهي بالتالي كلزوميات وآهلية. أي٬ صفة الثقافة القيادية بالتالي لها شروط واستعدادات. ثم أن الثقافة النقدية العلمية٬ تجريبية٬ تقتضي وجود حقيقي٬ عياني٬ متحرك٬ و حقائق الاشياء لها ثابت إلى بقية الصفات٬ تعيينه له حاضرة من الأسماء والصفات٬ متقدم تعييناتها كما جاءت منه متطورة في أستعداد يستحق بالشرف الصراع٬ ومنه تظهر بقية الصفات ثقافة الإرادة والمشيئات العضوية والأسماد في التكلم٬ وإياها تعيين شهودها المتقدم في الظهور٬ ومن طلك يتبين دور إشكالية الاستثقاف ما يأتي به المثقف العضوي مقابل الزاهد العضوي في المسميات القيادية للثقافة.
وأخيرا٬ المحاور للمعطيات العلمية والتعليمية٬ حققت لنا ما يمكن تحديدها لرؤية الحلقة داخل إطار النظام الثقافي للموضوع٬ ابتداءا من منظور إشكالية استثقاف المثقف العضوي مقابل الزهد العضوي٬ وحتى كيف ومتى ومن يتم عليه إستيضاح التطبيقات بصدده للعمل وتفعيل مرتبة الثقافة؛ تلك التي تعبر بأفقها الظاهراتي أو الحقيقي. وبالتالي فإن أمامنا تحديات يشغلها الاستثقاف في فصول الفاعلية الجادة والحقيقية٬ والكفيلة بتحديد علاقات إنتاج الثقافة للذات المستشقفة العليا ما بين المثقف العضوي (عند غرامشي) مقابل الزاهد العضوي عند المفكر العراقي (هادي العلوي). وبالتالي الأمر الذي يتشكل عليها ثقافيا الممارسة الحقيقية لمعالم الفهم الفعال للأفعال٬ بتحديد علاقات الذات المنتجة والواقع٬ تبعا لمنطق الفعل٬ وصفة إنتاج المعرفة الاجتماعية والاخلاقية الثقافية على وجود الأعيان الثابتة أو الحقائق للأشياء٬ التي منها تظهر بقية الصفات المنتجة على شرائح الطبقات الاستراتيجية المتقدمة٬ بمقدمة ذلك الفهم الخاص بأصول الثقافة وتقدمها. إذ سنشهد أن إشكالية العلاقة الاستثقافية التي تعمل على بلورة فهمنا لمعالم المثقف/الزاهد العضوي التآلف والتوحيد والتعدد والاختلاف لمنطق تحديد الاهداف داخل أنظومة النظام الثقافي العام. وأن العلاقة الاستثقافية بينهما يستضيفات أبعادا معرفية على كيفية تطوير فمهمنا لطبيعة الصراع بين الرؤية الثقافية والاهداف والممارسة التطبيقية٬ وأيضا نظيراتها ما بين المركز والهامش في الإنتاج الثقافي المركزي لصناعة وتنفيذ القرارات٬ بحسب فهم المعاد الإنتاجي للمعرفة٬ وكيفية إعادة صياغة محددات الانتاج بحسب ما يضاف إليها من دراسات وابحاث تزود المخرجات المقيمة ٬ والتي تجعل لها إضافة في تحديدها وتشكيلها٬ لتلك العلاقات٬ بل ما تستند إليه من الهوية في الأصل المولد الذي يحكمها إلى أمام وتقدم.
إلى حلقة قادمة : أبعاد مأزق المثقف العضوي الفلسفي أمام الزاهد العضوي.(4 ـ 6)
ترجمة د. أكد الجبوري