الرئيسية

أ د. عبد الإله الصائغ

الدكتور محمد عمارة... فارس آخر يترجل

29/10/2006 06:15:36
-- -- بهدوء المناضلين واجه الدكتور محمد عمارة قرار الطبيب بانه مصاب بسرطان الرئة ! ولأنه طبيب ونطاسي ومجرب فقد عرف معنى ان يكون عراقي ومناضل ومغترب في رحمة السرطان ! واجه قدره بهدوء المناضلين الكبار فما لان ولا شكا ولا تأفف وكل ما فعله ان رسم على شفتيه ابتسامة لبثت على شفتيه لاتغادره حتى لحظة فاضت روحه الطاهرة ! كان محمد عمارة مناضلا تقدميا يساريا صلبا وقد كلفه ذلك سجنا وتعذيبا وتشريدا وتغريبا واخيرا كلفه منظوره التقدمي تهميشا من لدن حكامنا الجدد الذين فاضوا وافاضوا والتكنوقراط مبعد ومقصي ! عرفت المناضل الدكتور محمد عمارة و زوجته الدكتورة فتحية عمارة و ابنته الدكتورة سندس عمارة و ابنه الدكتور ثائر عمارة من خلال احتفالات الاتحاد الديموقراطي العراقي الوطنية والاجتماعية التي اضطلع بها الصديقان الأستاذان عامر جميل ونبيل رومايا ومن خلال احتفالات منظمة حقوق الانسان التي يضطلع برياستها الصديق الأستاذ حميد مراد وفي عموم مناسبات الجالية العراقية ! وقد سمعت المغفور له الدكتور محمد عمارة محاضرا ومحاورا ومتظاهرا ومحتجا وحالما ! بل عرفته حميما مع مرضاه لطيفا بالفقراء والمعوزين منهم ! وإن انسى فلن انسى سهرتنا في بيته نحن مجموعة من الاصدقاء فالح حسون الدراجي وحميد مراد وخيون التميمي وعقيل القفطان وكان يطعمنا بنفسه مفعما بحبنا والتفافنا حوله ! ولن انسى ايام تشكيل الاكاديمية العراقية في امريكا كيف كان والدكتورة فتحية عمارة اكثرنا نشاطا وحلما بتوفير مقاعد للطلبة العراقيين وزيارات للاساتذة ولم يغب يوما ولم يعتذر عن الحضور ! ولن انسى ايضا صالة مطعم لاشيش وقد حضر الدكتور عمارة والسيدة زوجته والدكتورة ابنته والدكتور ابنه ! كيف نودي عليه ليتسلم شهادة سفير للسلام العالمي وكان المرض قد اخذ منه حصته ولكن البسمة لم تغادر شفتيه قال لي ياصائغ انت عم اطفالي واريد حضورك في حفل زفاف ولدي على خطيبته الدكتور عنان ( سورية ) ! فقلت له مبروك سنكون معا ان شاء الله ! فغمز لي وقال لاتلح انتم احتفلوا معي او بدوني !! ففجعني بكلماته وكدت ان اصرخ او ابكي او اخرج من الصالة ولكنه ربت على كتفي وقال اريدك قوي ها ! جاء يوم الاحتفال ودخلنا قاعة كبرى وقد وقف للاستقبال الدكتورة فتحية عمارة وابنتها الدكتورة سندس وولدها الدكتورثائر والخطيبة الدكتورة عنان وعدد من اهل العريس العراقيين واهل العروس السوريين ياللهول لم يكن حبيبي محمد عمارة حاضرا بين المستقبلين فنظرت زوجته الي وفهمت سؤالي الكبير قبل ان اطلقه فقالت دون ان اسالها هو يرقد الآن في غرفة الانعاش ووضعه حرج جدا واوصانا واوصى اصدقاءه ان يحتفلوا كانه موجود بينهم ! اليوم هو السبت 28 اكتوبر 2006 وكانت السيدة ام وجدان قد اتصلت به هاتفيا مساء الأربعاء25 من اكتوبر 2006 كانت تمني النفس بمهاتفة احد من العائلة لكن المصادفة الغريبة هي ان الدكتور محمد عمارة كان المتكلم وصوته كانه آت من قرار عميق فقال للسيدة دجلة انا بخير واين اخي الصائغ فكلمته ولاشيء في صوته يوحي بالأمل ! قال لي كيف انت هذه الايام ياصائغ وادركت انه يعاني وهو يكلمنا فختمت معه الحديث واقفلت السماعة وبكيت على مأساتنا نحن المغتربين المنسيين ! اليوم وصلني ايميل بخبر نعيه من الصديق الاستاذ نبيل رومايا كان ذلك في الثامنة صباحا ثم هاتفني قبل قليل الصديق الدكتور صفاء المياحي مدير البيت العراقي وكان يبكي بكاء مرا ! وبكينا معا فالفجيعة بالدكتور محمد عمارة كبيرة وكبيرة جدا ! واين هي اريحية الحكومة العراقية كي تأمر بنقل جثمانه الشريف من مشيغن الى مسقط راسه في العراق ونخاطب بهذه المناسبة الاستاذ جلال الطالباني رئيس الجمهورية العراقية لكي يتولى الأمر بنفسه كما نخاطب الاستاذ نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي لكي يصدر اوامره للسبب ذاته ونخاطب الاستاذ مسعود البرزاني رئيس اقليم كوردستان كي ينهض بالأمر فقد عاش الفقيد الكبير ردحا من عمره في كوردستان مرة مختفيا عن انظار البعث واخرى مقاتلا وثالثة طبيبا ! كما نهيب بكل المنظمات والشخصيات الثقافية تعزيز طلبنا بنقل جثمان المغفور له الدكتور محمد عمارة الى العراق وانا لله وانا اليه راجعون .

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية