نوعية الاختلاف اللغوي
السورانية
الكورمانجية
صوتي
baw, dill
bav, dil
مورفولوجي
namey min
kurî min
keçî min
nameya min
kurê min
keça min
سينتاكسي
xwardim
min xwar
min navê
مورفو سينتاكسي
kitêbekem
kitêba min
ويؤكد علماء اللغة على أن الدراسة الشاملة للغة ما تستدعي دراسة المكان ولغته من خلال ربط لغات هذه المنطقة بالعوامل الأخرى التي تؤثر فيها مثل الجغرافيا والتاريخ والسياسة والانتاج والاقتصاد والنشاط الثقافي والدين وحتى الفن والموسيقا والأدب فهذه الدراسة أفضل من القيام بدراسة لغوية في فراغ، من هنا ، لا يمكن لنا عزل اللغة الكردية من العوامل الأخرى التي لا بد أن أثرت في بنيتها اللغوية على نحو ما.
غياب الكتابة
ربّ قائل يرى أن تأخر ظهور الكتابة في الكردية زادت من سرعة هذه التغييرات الحاصلة في البنية اللغوية وساعدت على ظهور هذا التنوع اللهجوي وتثبيت الفروقات بين لهجاتها وفي هذا الخصوص يقول العالم اللغوي سوسير (( يسود الاعتقاد أن لغة تنحرف بسرعة أكبر في حال غياب الكتابة ولا شيء أكثر خطأ من ذلك فالكتابة تستطيع وهذا في بعض الظروف – أن تحدّ من سرعة تغيّرات اللغة وعلى النقيض من ذلك أن الاحتفاظ باللغة لا يمسّ إذا غابت الكتابة فاللغة الليتوانية التي ما زالت تستعمل حتى يومنا هذا في بروسيا الشرقية وجزء من روسيا لم تكن لتعرف بالوثائق الخطية إلا منذ عام 1540 ولكنها إذ ذاك تقدم بكليتها صورة عن الهندو أوربية بالصدق نفسه الذي تقدمه اللاتينية عن القرن الثالث قبل المسيح أن هذا وحده كاف لبيان كم هي اللغة مستقلة عن الكتابة))
لكن الحال بالنسبة للغة الكردية في الوقت الحالي أمر يثير مخاوف عديدة من مسألة الكتابة طالما أن الكرد يمارسون الكتابة بلهجتين مختلفتين إن لم نقل بثلاث وأربع لهجات وبالاضافة إلى أن كل لهجة تتطور على نحو منعزل ومستقل عن الأخرى مما سيؤدي عاجلاً أم آجلاً – إلى تكوين لغتين مستقلتين عن الأخرى كما كان حال اللهجات اللاتينية التي تمثل الآن خمس لغات مستقلة: الفرنسية والايطالية والبرتغالية والرومانية والاسبانية . بسبب أن كل واحدة منها تطورت في إطار كيانها المستقل ضمن حدود جغرافية معينة. وهنا أوكد أن الكرد وخاصة الفئة المثقفة منهم إن لم يتوصلوا إلى اتفاق واحد ورأي واحد من أجل إيجاد اللغة القومية الموحدة، لغة الكتابة المشتركة بين كل المثقفين من كل اللهجات، سيكون مصير اللغة الكردية التقسيم المؤكد، وبالتالي يصبح الكردي صاحب لغتين في أحسن الأحوال.
لغة الكتابة – اللغة المكتوبة
مهما يكن فإن اللغة المنطوقة تصيبها التغيير بينما المكتوبة تميل إلى الجمود والتمسك بالتقاليد، ويرى ماريو باى أن الصيغة المكتوبة للغة وخصوصاً إذا كانت اللغة واسعة الانتشار – تقوم بدور هام في تعطيل تيار التغيير الذي يلحق لغة الكلام بسرعة. إن لغة الكلام إذا تركت وشأنها تكون عرضة لتغيرات طبيعية فطرية تبعدها عن المركز تعبر عن نفسها بسرعة خلال الزمن وتظهر في شكل لهجات عبر الزمان (فاللغة اللاتينية التي بدأت بالظهور في روما وبعد انتشارها في معظم أجزاء الجنوب الغربي الأوربي تحولت إلى لهجات عديدة سرعان ما صارت لغات فرنسية واسبانية وهذه بدورها انقسمت إلى لهجات مختلفة، وإن انكليزية القرن السابع عشر بلهجاتها المتعددة لم تتطور فقط إلى لهجات القرن العشرين المختلفة على أرضها وحدها وإنما أفسحت الطريق كذلك لأشكال من الانكليزية الامريكية انقسمت بدورها إلى لهجات اقليمية)
ويؤكد العالم اللغوي سوسير على أهمية دور الكتابة في حياة اللغة اذ يقول "أن الصورة الخطية للكلمات كغرض مستمر ثابت هي أكثر قدرة من الصوت على تشكيل وحدة اللغةعبر الزمن" . ويضيف بقوله "أن اللغة الادبية تزيد الكتابة أهمية لا تستحقها، إذ لها معجماتها وقواعدها. كما أن التعليم لا يتم في المدرسة إلا بحسب الكتاب ونهجه. وفوق هذا يبدو أن اللغة إنما هي منظمة بقانون، ولكن القانون والحال هذه هو نفسه قاعدة مكتوبة خاضعة لاستخدام صارم: انه الرسم الخطي، وهذا ما يضفي على الكتابة أهمية أولية."
خطورة التعدد اللهجوي
اذا بقي الحال هكذا، فأن اللهجات الكردية الاربعة سوف تتحول إما إلى أربع لغات، أو إلى لغتين كرديتين: الكرمانجية والسورانية في أحسن الاحوال. أما اللهجات الاخرى سوف تنقرض شيئاً فشيئاً بحيث تغلب الكرمانجية على الزازاكية، وتغلب السورانية على الهورامية واللهجات الاخرى. والتاريخ يبين لنا هذه القضية بجلاء وذلك من خلال تجربة اللغات اللاتينية الخمسة في الوقت الحالي، والتي كانت في الاصل لهجات للغة واحدة، لكنها نتيجة للانقسام الحاصل بين هذه اللهجات، تطورت الواحدة منها بشكل مستقل ومنعزل عن الاخرى إلى درجة أن تحولت إلى لغات مستقلة ومنفصلة عن أخواتها. في الحقيقة لو نظرنا إلى البنية النحوية للهجات الكردية، نلاحظ أن الاختلاف الموجود بين الزازكية واللهجات الاخرى يصل إلى درجة الاستقلال الواضح بحيث يمكن أن نعد الزازاكية لغة مستقلة تنحدر عن الكردية. ورغم أوجه التقارب والتوافق بين الكثير من العناصر اللغوية في اللهجتين الرئيسيتين، إلا أننا في نفس الوقت نواجه معضلة لغوية تتعلق بالاختلاف الصارخ بينهما، ولا سيما ما يتعلق ببعض جوانب البنية التركيبية (السينتاكسية) للجملة الكردية بين السورانية التي تبتعد عن حالة الايركاتيف، والكرمانجية التي تلتزم بقواعد حالة الايراكتيف.
ضرورة اللغة المشتركة
ويؤكد ماري باى على ضرورة اللغة المشتركة بدلاً من اللهجات العديدة والمختلفة التي تعيق التفاهم بين البشر (( فإنه من المشكوك فيه أن يتمكن رجلان فرنسيان أحدهما من الشمال والاخر من الجنوب من أن يتفاهما بسهولة وفي الصين حيث تعد لغتها المكتوبة معقدة تنقطع الصلة بينها وبين لغة الكلام بشكل عاق تفاهم الصينيين من ذوي اللهجات المختلفة بعضهم مع بعض)) ولكن بالرغم من ذلك فإن الأمة تحتاج إلى لغة واحدة مكتوبة ومسموعة لأن وسائل الاتصال في هذا العصر تطورت بشكل مذهل حيث لم يعد الاتصال مقتصراً على الصحافة المكتوبة والراديو بل أصبح التلفاز والانترنيت يغطي المعمورة ويوفر الاتصال بالصوت والصورة.
في الحقيقة أنا من دعاة إزاحة اللهجات الكردية عن عالم الكتابة بكل الوانها (من صحافة إلى كتاب إلى رسالة ... الخ)، هذه اللهجات ليست إلا حجرة عثرة أمام تقدم وازدهار الثقافة الكردية، وأن عملية توحيد الطاقات العلمية لدى الكرد لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال استخدام لغة كردية موحدة تستخدم في الكتابة والاعلام والصحافة. ولا أرى أي مبرر لهؤلاء الذين يسوفون وضع الحلول لهذه المسألة إلى أجل غير مسمى إلا لكونهم عاجزين عن معالجة هذه القضية، أو أنهم ينطلقون من مصالح ذاتية وأنانية ضيقة، وسوء في التقدير، وخاصة إذا كان أصحاب الفك والربط من اؤلئك الجهلة والمعاقين المرتبطين بالاحزاب السياسية بواسطة أبواقهم المناسبتية والغير مناسبتية.
الكرد أكثر الشعوب حاجة إلى لغة قومية موحدة ولكن هذه المسألة من المفروض أن يتم تداولها ودراستها ومعالجتها من قبل لجان متخصصة ذات امكانيات أكاديمية أو خبرة تخصصية وعملية في المجال اللغوي واللسانيات، لأن مسألة كهذه لا يمكن أن تعالج من قبل الساسة، وإلا ستصبح القضية مثار جدل عقيم لا نصل إلى النتيجة المتوخاة، بل سنكون أمام منطلقات نابعة من رحم العنصرية اللهجوية والفئوية. أما اللغويون حتى وإن أتفقوا في النهاية على لهجة واحدة لا بد أن يأتي هذا الاتفاق بعد دراسة علمية ومناقشة مستفيضة وجدل واسع. وسوف تأخذ المسألة مراحل عدة إلى أن تصل إلى هذه النهاية.
وفي الجانب الاخر من المسألة يجب أن نأخذ هيكلية اللجان وخاصة في مرحلة الاقرار النهائي بعين الاعتبار، أي لا يمكن أن تكون اللجنة مكونة من أعضاء ينتمون الى لهجة واحدة، أو يغلب عليها اللون الواحد. ومن المفروض أن تكلف أرباب العمل الحقيقين بتداول هذه المسألة الحساسة والكبيرة بشكل مهني professional ، وبحس عال من المسؤولية التاريخية، وليس عن طريق ادخال حفنة من المزيفين أو الذين يحسبون زوراً على الدراسات اللغوية الكردية. بالاضافة إلى هذا لا بد من ايجاد آلية تساعد على سير العمل باتجاه الجانب الايجابي ويمكّن اللجان من دراسة الامر بشكل علمي وشامل ومتكامل من كافة أبعاد القضية.