الرئيسية

جبال قنديل.. معقل تقليدي للحركات المسلحة الكردية.. يستخدم سكانه البغال للتنقل ويرتبطون بعلاقة طيبة مع (العمال الكردستاني)

05/11/2007 03:45:50
-- -- السليمانية: هيوا عزيز "الشرق الأوسط" - يبدو ان الاقدار تصر على ان تبقى سلاسل جبال قنديل الشاهقة، والواقعة بالكامل داخل أراضي اقليم كردستان العراق، ساحة معركة لا تنتهي بسبب المواجهات الدائمة بين القوات التركية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، اذ يعد جبل قنديل المعقل الرئيسي والملاذ الآمن الوحيد للأحزاب والحركات الكردية التي ظهرت في مراحل مختلفة من تاريخ الكفاح المسلح.
وتضم هذه السلاسل الجبلية، التي تمتد مسافة تزيد عن مائتي كيلومتر، العشرات من القرى التي يصل عددها الى 98 قرية، تتوزع بمسافات متباعدة على تلك سفوح ووديان جبال قنديل.

وظلت هذه المنطقة في نهايات القرن المنصرم وعلى مدى سنوات طويلة، المعقل الرئيسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني. وتحديدا منذ عام 1975، حين انبثق الحزب بعيد انهيار الثورة الكردية بزعامة الملا مصطفى بارزاني بأشهر قليلة، وحتى عام 1991 عندما اندلعت الانتفاضة الكردية في اعقاب الغزو العراقي للكويت والتي اسفرت عن انهاء سلطة بغداد في معظم مدن وقرى اقليم كردستان العراق.

وتبدأ تلك السلسلة الجبلية، التي يصل ارتفاعها الى 3 آلاف متر تقريبا، من منطقة حاجي عمران الحدودية في محافظة اربيل وتمتد على طول الشريط الحدودي المحاذي لايران وصولا الى المناطق الحدودية لبلدة قلعة دزة بمحافظة السليمانية لتنتهي عند قرية قاسم رش وهي آخر قرية ايرانية على الحدود مع اقليم كردستان في تلك المنطقة.

وطوال تلك الفترة كانت قرى وبلدات ووديان المنطقة تعد الملاذ الآمن والمصدر الرئيسي للحياة وديمومتها بالنسبة لمقاتلي البيشمركة. اذ شاطرهم سكان القرى طوال مراحل الثورة الكردية المعاصرة في المأكل والمأوى معظم ايام السنة لاسيما اثناء فصل الشتاء ذو البرودة القارسة. فتلك القرى النائية التي كانت البغال وسيلة النقل الوحيدة القادرة على الوصول اليها صارت في معظمها تنعم الآن بالكهرباء والمدارس والوحدات الصحية والطرق المبلطة، غير ان حياة القرويين ومعيشتهم ما زالت تعد عسيرة في تلك المناطق بسبب طبيعتها الجغرافية شديدة الوعورة ومناخها القارس.

وتحث الطبيعة القاسية للمنطقة سكانها على اتخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة لمواجهة قساوة الشتاء عبر خزن المؤن والسلع الغذائية الجافة التي يحتاجون اليها وبكميات كافية، فضلا عن تكديس الحطب والمحروقات قبل هطول الثلوج التي تسفر في الغالب عن انقطاع الطرق بين تلك القرى وبين المدن والبلدات المجاورة مثل رانية وقلعة دزة وسوران وحاجي عمران لفترات طويلة، اضافة الى خزن الاعلاف لمواشيهم التي تبقى محصورة في حظائر خاصة طوال موسم الثلوج.

ومن بلدة سنكسر التي تتوسط المسافة بين مدينتي رانية وقلعة دزة بمحافظة السليمانية، تنتشر طرق جبلية شديدة الوعورة، تنتهي بقمة جبل «كورته كه» الشاهقة التي تعتبر بداية الصعود الى جبال قنديل من الجهة الشرقية. وعلى مسافة 10 كيلومترات يوجد واد سحيق جدا يمتد بين الصخور الكبيرة واشجار التفاح والكمثرة والرمان والبلوط الممتدة على طول سفوح الجبال، حتى قرية «ليوزي» التي تعد احد معاقل اتحاد المنظومات الكردستانية الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني الذي يقتصر نشاطه على كردستان تركيا، او الجزء الشمالي من «كردستان الكبرى» كما يحلو للحزب تسميته في ادبياته.

ويحكي صباح مينا ابراهيم الذي يعمل مديرا لمدرسة ابتدائية في قرية «بوكريسكان» التي تبعد مسافة 30 كيلومترا عن ذلك الموقع عن اوضاع التلاميذ والمعلمين في مدرسته ومعاناتهم التي تتكرر سنويا دون حلول، في مقدمتها مشكلة الوقود والمحروقات والطرقات التي تنقطع مع حلول موسم الثلوج لتمنع وصول المعلمين الى مدرستهم وبالتالي حرمان التلاميذ من الدراسة لأسابيع طويلة اذ تغدو البغال وسيلة النقل الوحيدة سواء للقرويين او المقاتلين في المنطقة. وقال ان الحياة اليومية لسكان قرى سفوح جبال قنديل تعتمد على الرعي وتربية المواشي فيما تحتل الزراعة مساحة صغيرة جدا من حياتهم تقتصر فقط على فلاحة بساتين صغيرة للفواكه. ويقوم السكان بتسويق منتجاتهم من اللحوم والالبان والفواكه الى مدن رانية وقلعة دزة وسوران المجاورة ويعتمدون في معيشتهم على عائدات تلك المنتجات.

ويؤكد ابراهيم ان سكان هذه القرى يرتبطون بعلاقة وثيقة مع عناصر حزب «العمال الكردستاني» المناوئ لتركيا، مؤكدا بانهم يحظون باحترام سكان المنطقة لتصرفاتهم العصامية وعدم تطفلهم على بيوت القرويين وتحاشي الاختلاط بهم الا عند الضرورة القصوى او اثناء الاجتماعات الشهرية التي يعقدونها لأطلاعهم على نهج وافكار الحزب والاستماع الى آرائهم وملاحظاتهم وشكاواهم. واوضح ابراهيم ان مقاتلي الحزب وكوادره يعتمدون على امكاناتهم الذاتية في كل شيء ويرفضون تلقي اي مساعدات من الفلاحين والقرويين. وأسس حزب العمال في قرية ليوزي قبل عامين مستشفى خاصا لمعالجة مقاتليه وكوادره الجرحى الا انه صار يقدم خدماته العلاجية المجانية الى القرويين في المنطقة ولكن ايام الجمعة فقط، ففي هذا المستشفى كما يقول القرويون هناك طبيبة المانية تدعى الدكتورة ميديا التي تجيد اللغة الكردية بلهجتيها السورانية والكرمانجية باتقان شديد، وهي عضو فاعل في حزب العمال الذي انضمت اليه قبل 16 عاما اثر زواجها من احد كوادره في المانيا ثم انخراطها في العمل السياسي للحزب في مناطق كارا وبرواري بالا والكثير من مناطق كردستان الاخرى. ورغم انفصالها عن زوجها الكردي منذ سنوات الا انها ظلت مرتبطة بالنهج السياسي لحزب العمال.

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية