--
--
بغداد (ا ف ب) - علت الدهشة وجه سهير ام الطفلة رنا عندما كانت تتصفح كتاب التربية الاسلامية الذي يتضمن شرحا حول كيفية الصلاة عند السنة والشيعة في العراق، الامر الذي اثار انتقادات واسعة اسفرت عن قرار بعدم توزيع الطبعة الحالية للعام الدراسي المقبل.
وتقول سهير عبد الخالق (30 عاما) المقيمة في حي تونس، شمال بغداد، "اصبت بالصدمة لما رايته، لا اعتقد ان وجود صور صلاة للطائفتين فكرة جيدة للاطفال في سن السابعة".
وقد اثارت الطبعة التي وزعت العام الماضي في المدارس الابتدائية اعتراضات جهات عديدة، مما دفع بوزارة التربية الى اتخاذ قرار بطبع نسخة جديدة خالية من فصل الصلاة والصور للعام الدراسي 2010-2011.
ويتضمن كتاب التربية الاسلامية للعام 2008 فصلا بعنوان "الوضوء والصلاة" يظهر صورا لصبي يرتدي دشداشة بيضاء وطاقية للراس وهو يتوضأ، يغسل ذراعيه ورأسه وقدميه ويتحضر للصلاة واضعا كفيه فوق بطنه.
وتظهر صور اخرى زميلا له يرتدي قميصا وسروالا اسود اللون يهم بالوضوء بغسل الذراعين والراس ومسح القدمين، ويصلي باسطا يديه نحو الاسفل.
لكن الكتاب لم يتطرق الى ذكر سني او شيعي موردا ملاحظة صغيرة على هامش الصفحة تقول "حسب بعض الاراء الفقهية".
وتضيف سهير "هذه الصور ستسفر عن مفاهيم خاطئة في اذهان الاطفال، فالمدرسة يجب ان لا تعلمهم من هو سني ومن هو شيعي لان ذلك سيؤدي الى التمييز بينهم على الصعيد الديني".
وتؤكد ان "الاسلام واحد والرب واحد، يجب اعطاء معلومات عامة عن الدين للاطفال حول اركان الاسلام واهمية الصلاة والدين، هذا كل شيء".
وللخروج من هيمنة العرب السنة التي انتهت مع سقوط نظام صدام حسين عام 2003، قررت الحكومة تغيير الكتاب السابق الذي يظهر صورا لصلاة واحدة.
من جهته، قال محسن عبد علي مستشار وزارة التربية لفرانس برس "هناك تشاور مع جميع مكونات المجتمع حول الكتب الاسلامية بحيث تكون مقبولة (...) فالتخطيط للعملية التربوية يجب ان يكون مدروسا ومحكما ويقبله الجميع".
واضاف "نريد منهجا متكاملا مبنيا وفق معايير محكمة ودقيقة يوحد لا يفرق ويعزز اللحمة الوطنية مع احترام التنوع العقائدي في البلاد".
وتابع علي ان "كتاب التربية الاسلامية الحالي مؤلف العام الماضي، سناخذ ملاحظات المسؤولين والمختصين واولياء الامور وهذه تمثل وجهة نظر المجتمع، ونعرضها على لجنة التربية والتعليم في البرلمان للتوصل الى اتفاق".
ويمثل العرب الشيعة نحو 59 بالمئة من السكان والعرب السنة 23,5 بالمئة، والاكراد (سنة في معظمهم) تقريبا 15 بالمئة من مكونات الشعب العراقي.
ويقدر عدد الطلاب بست ملايين ونصف مليون باستثناء اقليم كردستان، تتراوح أعمارهم بين ست سنوات و 17 عاما اضافة الى 525 الف معلم.
من جانبها، قالت نهاد صبري نجم مديرة مدرسة "زهور بغداد" ان المدرسة "استلمت كتابي الرياضيات والتربية الاسلامية من وزارة التربية وابلغونا بضرورة عدم توزيعها والسبب هو اعداد طبعة جديدة اخرى غيرها".
واضافت "خلال اجتماع حضره مسؤولون، طلب منا حذف فصل الصلاة في كتاب التربية الاسلامية، لاننا يجب ان نعلم الطالب روح الالفة والتعاون ونبذ الطائفية، وزعنا الكتب واستمر التدريس من دون التطرق لفصل الصلاة".
بدورها، قالت المدرسة سعاد قاسم، العاملة في مدرسة "المهج" الابتدائية ان "كتاب التربية الاسلامية كان قبل 2003 يشرح الصلاة بصورة عامة، اما الكتاب الجديد فيعطي تفاصيل وصور عن الطائفتين".
وتابعت ان "هذا الموضوع قائم على النوايا. فلماذا هذه التفرقة بين الاطفال وزرعها في قلوبهم وندعي اننا ننبذ الطائفية"؟
من جهته، قال نايف ثامر حسين مدير "الشركة العامة لانتاج المستلزمات التربوية" التي تطبع 80 بالمئة من الكتب المدرسية ان "عدد المناهج التي طبعت العام الماضي 175 عنوانا، بينما طبع العام الحالي 137 عنوانا، 38 منها تاليف جديد".
واضاف "هناك لجان مختصة بتاليف المناهج هدفها الاول والاخير مراعاة الوحدة الوطنية بين افراد الشعب (...) نعرضها على اخصائيين ولجنة التربية البرلمان اضافة الى ديوان الوقف السني وديوان الوقف الشيعي".
بيد ان شيماء علي (29 عاما) قالت ان "هذه المواد لا ضير فيها لان تربية الطفل تعتمد على الام ففي العائلة الواحدة اكثر من طائفة في بعض الاحيان لا تؤثر هذه الامور على الطفل فهي مجرد مواد يدرسونها ويمتحنون بها".
وختمت موضحة ان "الامر كله يتوقف على كيفية تربيتي للاطفال وكيف اعلمهم ان يميزوا بين ما هو صحيح وما هو خاطىء".