بسم الله الرحمن الرحيم
وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) البقرة /31.
قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد/28
(الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) الرعد/29
(أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) الزخرف /18
إن مشكلة العصر ومحنة الأبناء والآباء في عالم اليوم، أشد خطرا على سعادة الطرفين، لعدم فهم الآباء أسس التربية الصحيحة من جهة!.. من جهة أخرى: هو تمرد الأولاد على أوامر الوالدين!.. قبل التحدث عن منشأ هذا الإحساس من الجانبين ينبغي للمربي، أن يوضح مصدر تلك التربية الصالحة التي رسمها الله -سبحانه- بالصدق، والأمانة، والورع، والتقوى حتى ينشئ الجيل عكس الآية 18 من سورة الزخرف أعلاه .
.. مثل الأئمة الأطهار -عليهم السلام- كانوا يبذلون قصارى جهدهم في تعليم الأحكام الشرعية، وتلقين الموالين المعارف المحمدية، ويعرفونهم ما لهم وما عليهم.. ولا يعتبر الأئمة رضوان الله عليهم) الرجل تابعا لشيعتهم، إلا إذا كان مطيعا لأمر الله، مجانباهواه أخذ بتعاليم الإسلام وإرشادات السنة).. وكانوا يريدون من أتباعهم أن يكونوا دعاة الحق، وإدلاء على الخير والرشاد، بالعمل واللسان
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): ( كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع)، وعلى هذا أخذ أئمة أهل البيت على أنفسهم، أن يقوموا بمهنة بناء الشخصية الإسلامية.. لكي تتحقق المواصفات التي يتصف بها الموالي ..! .. فكيف إذن يكون الوالدين لكونهما المعلم والمرشد ..؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله في وصف التربية الصالحة : إن الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة .وقال (ص) أيضاً : من سعادة الرجل الولد الصالح . وقال علي بن أبي طالب عليه السلام : الولد الصالح أجمل الذاكرين . وقال أبو عبد الله رضوان الله عليه : ميراث الله من عبده المؤمن ولد صالح يستغفر له .قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مر عيسى بن مريم (عليه السلام) بقبر يعذب صاحبه ، ثم مر به من قابل فإذا هو ليس يعذب ، فقال : يا رب مررت بهذا القبر عام وهو يعذب ، ومررت به اليوم وهو لم يعذب ؟ ! فأوحى الله جل جلاله إليه : يا روح الله قد أدرك له ولد صالح فأصلح طريقاً وآوى يتيماً ، فغفرت له بما عمل أبنه .وسائل الشيعةج2ص560 .وقال الإمام علي كرم الله وجهه وعليه السلام.
: ولد السوء يهدم الشرف، ويشين السلف .وقال أيضاً : ولد السوء يعر السلف ،ويفسد الخلف. وأن كل ما ورد من آيات وأحاديث في الإصلاح والتربية هي من تراثنا الإسلامي وعليه يجب أن يكون الأباء القدوة ..! يكون خير خلف لخير سلف .
يقول الإمام الباقر (عليه السلام) (يا جابر، يكتفي من اتخذ التشيع يقول بحبنا أهل البيت!.. فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع، والتخشع، وأداء الأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبر بالوالدين، والتعهد للجيران من: الفقراء، وأهل المسكنة، والغارمين، والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الألسن عن الناس إلا من خير.. وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء).. وهذه المواصفات التي أشار إليها الإمام الباقر (عليه السلام) لى أساس بناء الشخصية، لترتفع بها نحو السمو.. ويلاحظ فيها المؤشرات التربوية الأخلاقية التي يقوم عليها بناء الفرد . ورد حديث رواه مسلم حيث يقول : اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ
وتقول إحدى معلمات المواد الدينية في أحد المدارس الثانوية للبنات
جاءتني إحدى الطالبات وكان يعتريها الخجل وقالت : هل لي أن أسألكِ سؤالا
فقلت : أكيد
قالت وهي مترددة : هل يجوز أن أحفظ القرآن من دون علم والدي ووالدتي ؟
فقلت لها وأنا مندهشة من سؤالها نعم يجوز !
تقول المعلمة فشغل بالي سؤالها وأحببت أن أعرف السبب !
فسألتها ولماذا لا تخبريهم بذلك ؟
فصدمتني بإجابة لم تخطر ببالي أبدأ
أريد أن أفاجئهم بتاج من نور يلبسونه يوم القيامة . ولكن يجب أن يعلم الأبوين عن حالات الأولاد السلوكية ومتى تكون مرحلة الصبا والفتوة عند الأولاد لأنها تتغير عند البعض في العمر والوقت والزمن مرحلة الصبا والفتوة
تبدأ هذه المرحلة من نهاية العام السابع إلى نهاية العام الرابع عشر من عمر الطفل ، وهي مرحلة إعداد الشخصية ليصبح الطفل راشداً ناضجاً وعضواً في المجتمع الكبير ، وفي بداية هذه المرحلة أو قبلها بعامٍ ينتهي بالتدريج تقليد الطفل للكبار ويبدأ بالاهتمام بما حوله ، وتكون إمكانياته العقلية قادرة على التخيّل المجرد ، وقادرة على استيعاب المفاهيم المعنوية .
وفي هذه المرحلة يبدأ الطفل بالتفكير في ذاته وينظر إلى نفسه إنها كائن موجود مستقل ، له إرادة غير إرادة الكبار ، فيحاول أن (يتحدى وان يفعل ما يغيظ الأهل ليعلن انه كائن موجود مستقل) (حديث الأمهات :207 .
ويحاول التأكيد على استقلاليته بشتى الوسائل والمواقف والتي تكون غالباً مخالفة لما ألفه في المرحلة السابقة ، فيختار كل ما يخصّه أو يتعلّق به بأسلوبه الخاص وبالطريقة التي يفهمها ، فيكون له ذوق خاص في اختيار ملابسه ، والرغبة في اكتساب المهارات العقلية والعلمية بمفرده ،
ويحاول إقامة علاقات اجتماعية مع بقية الأطفال بالطريقة التي يختارها .
وهذه المرحلة هي من أهم المراحل التي ينبغي للوالدين إبداء عناية تربوية إضافية بالطفل لأنّها أول المراحل التي يدخل فيها الطفل في علاقات اجتماعية أوسع من قبل ، وهي مرحلة الدخول في المدرسة .
ومن العوامل المؤثرة في إعداد وبناء شخصية الطفل ، علاقاته مع والديه وباقي أفراد أُسرته ، هذه العلاقة بجميع تفاصيلها تؤدي إلى اتّصافه بصفات خاصة تصحبه حتى الكبر ، وللمدرسة أيضا أثر عميق في شخصيته حيثُ يجد فيها أطفالاً من مختلف المستويات العلمية أكثر أو أقل منه ذكاءً أو أكثر أو أقل نشاطاً منه (فيباريهم أو يتغلب عليهم أو يخضع لهم فيؤثر ذلك في تكوين شخصيته) (علم النفس ، لجميل صليبا : 385)
وهنالك عوامل أُخرى مؤثرة في بناء الشخصية وهي مواصفات الجسم من حيثُ الطول والقصر ومن ناحية الضخامة والضعف ، ومن ناحية الصحة والمرض .
ومن أهم العوامل الأخرى هو تأثير الأفكار التي تعلمها الطفل في بناء شخصيته وفي هذه المرحلة تزداد حاجاته ، فيجب على الوالدين إشباعها ومنها (علم النفس التربوي لفاخرعاقل: 478 ـ 486 )
. الدوافع الحيوية كالحاجة إلى المأكل والمشرب والملبس وغير ذلك
والحاجة إلى السلامة النفسية والعاطفية والتحرر من القلق .
والحاجة إلى القبول من قبل المجتمع أثناء علاقته به .
والحاجة إلى الاِهتمام به وتقدير مكانته .
والحاجة إلى تعلم المهارات اللازمة للنجاح في الحياة الجديدة .
ونضيف إلى ذلك الحاجة إلى فلسفة وأفكار ومفاهيم ملائمة لمستواه العقلي ، وهذه المرحلة هي مرحلة الحاجة إلى التربية المكثّفة والمتابعة المكثّفة ، مع ملاحظة الحاجة إلى الاستقلال المتولدة عند الطفل .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « الولد سيّد سبع سنين وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين » ( مكارم الأخلاق : 222 ).
وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام : « يرخى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً ويستخدم سبعاً » (مكارم الأخلاق : 223 ).
وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « دع ابنك يلعب سبع سنين ويؤدّب سبعاً والزمه نفسك سبع سنين » (مكارم الأخلاق : 222 ).
فهذه المرحلة مرحلة تربوية شاقّة لرغبة الطفل في الاستقلال ، ولتوسع علاقاته خارج الأسرة ، فتحتاج إلى جهد متواصل في التربية والمراقبة في جميع ما يخصُّ الطفل ، في أفكاره وعواطفه وفي علاقاته ، وفي دراسته وتعلمّه ، وفي إشباع حاجاته المختلفة فهو بحاجة إلى التوجيه المستمر والإرشاد والتعليم ، والمساعدة في رسم طريق الحياة وتحمّل ما يصدر.
والتربية الصالحة وحسن الأدب من أهم المسؤوليات الملقاة على عاتق الوالدين ،
وهي حق للطفل أوجبه الإسلام على الوالدين ، والطفل في هذه المرحلة التي تسبق بلوغ سن الرشد بحاجة إلى تربيّة مكثّفة وجهد إضافي ، قال الإمام علي بن الحسين عليه السلام : « وأمّا حق ولدك ... انك مسؤول عمّا وليته من حسن الأدب والدلالة على ربّه والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه فمثاب على ذلك ومعاقب ، فاعمل في أمره عمل المتزيّن بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا ، المعذر إلى ربّه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه والأخذ له منه » (تحف العقول : 189).
ولحراجة المرحلة التي يمرُّ بها الطفل فانّ الوالدين بحاجة إلى الرعاية الإلهية للقيام بمهام المسؤولية التربوية ، قال الإمام علي بن الحسين عليه السلام : « اللهّم ومُنّ عليّ ببقاء ولدي ... وربِّ لي صغيرهم ... وأصِحّ لي أبدانهم وأديانهم وأخلاقهم ... واجعلهم أبراراً أتقياء بُصراء ... وأعنّي على تربيتهم وتأديبهم وبرِّهم ... وأعذني وذريتي من الشيطان الرجيم » (الصحيفة السجادية الجامعة : 128 ـ 129 مؤسسة الإمام المهدي قم 1411 هـ ط1 ).
في مستدرك الوسائل
وقد أكدّت الروايات على المبادرة إلى التربية وحسن الأدب ويذكر في مستدرك الوسائل 2 : 625 :ـ
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أكرموا أولادكم واحسنوا آدابهم ».
وفي نهج البلاغة ، تحقيق صبحي الصالح : 546 يقول : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « إنّ للولد على الوالد حقاً ، وإنّ للوالد على الولد حقّاً ، فحقُّ الوالد على الولد أن يطيعه في كلِّ شيء ، إلاّ في معصية الله سبحانه ، وحقُّ الولد على الوالد أن يحسِّن اسمه ، ويحسِّن أدبه ، ويعلمّه القرآن »
والتربية في هذه المرحلة أكثر ضرورة من المراحل الأخرى ، لان فطرة الطفل في هذه المرحلة لا تزال سليمة ونقية تتقبّل ما يُلقى إليها من توجيهات وإرشادات ونصائح قبل أن تتلوّث ويستحكم التلوث فيها ، فيجب على الوالدين استثمار الفرصة لأداء المسؤولية التربوية .
وفي نهج البلاغة: 393 يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته للإمام الحسن عليه السلام : « ... وانّما قلب الحدث كالأرض الخالية ما أُلقي فيها من شيءٍ قبلته. فبادرتك بالاَدب قبل أن يقسو قلبك ، ويشتغل لبُّك ، لتستقبل بجدِّ رأيكَ من الاَمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته .. »
ويذكر في كنز العمال 2 : 539 / 4675 قال عليه السلام : « علمّوا أنفسكم وأهليكم الخير وأدّبوهم » .
والمنهج التربوي المراد تحكيمه في الواقع هو المنهج الإسلامي الذي يدور حول العبودية والطاعة لله تعالى في كلِّ شؤون الحياة .
وفي مستدرك الوسائل 2 : 362 يذكر قال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : « اعملوا الخير وذكّروا به أهليكم وأدّبوهم على طاعة الله » .
ويؤكد في كتاب مكارم الأخلاق 220:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :((من حقِّ الولد على والده ثلاثة : يحسّن اسمه ويعلّمه الكتابة ، ويزوجّه إذا بلغ )).
والتعليم على القراءة والكتابة في عصرنا الراهن تقوم به المؤسسات التعليمية وخصوصاً المدرسة ، ولكنّ ذلك لا يعني انتفاء الحاجة إلى الوالدين في التعليم ، بل يجب التعاون بين المدرسة والوالدين في التعليم .
ويجب أن يكون التعليم غير مقتصر على القراءة والكتابة بل يكون
شاملاً لكلِّ جوانب العلم ، في مجالاته المختلفة كعلوم الطبيعة والعلوم الإنسانية كالأدب والتاريخ والفلسفة وغيرها ، إضافة إلى التركيز على الجوانب الروحية والعبادية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تأكيده على تعليم القرآن : « ... ومن علّمه القرآن دُعي بالأبوين فكسيا حلّتين تضيء من نورهما وجوه أهل الجنة » (الكافي 6 : 49 / 1 باب بر الأولاد) .
وتعليم القرآن يكون شاملاً لجميع جوانبه ابتداءً بتعلّم القراءة الصحيحة وفق الضوابط اللغوية ثم التشجيع على الحفظ مع مراعاة المستوى العقلي للطفل ، والتعليم على التفسير الصحيح لبعض الآيات والسور التي يحتاجها الطفل في هذه المرحلة ، وخصوصاً ما يتعلّق بالجانب العقائدي والأخلاقي ، والجانب الفقهي المتعلّق بالأحكام الشرعية المختلفة من العبادات والمعاملات
وفي هذه المرحلة يجب تعليم الطفل على كيفية العبادات ومقدماتها كالوضوء والصلاة ، قال الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام : « ... حتى يتّم له سبع سنين قيل له اغسل وجهك وكفّيك فإذا غسلهما قيل له صلِّ ، ثم يترك حتى يتم له تسع سنين فإذا تمّت له تسع سنين علّم الوضوء ... »
(من لا يحضره الفقيه 1 : 182 ).
والطفل بحاجة إلى تعلّم الحديث لتحصينه من التأثر بالتيارات المنحرفة ، قال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : « بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليه المرجئة » (الكافي 6 : 47 / 5 باب تأديب الولد).
واكتفي بهذه الأحاديث والروايات وكما سبق الآيات القرآنية من سورة البقرة والرعد والزخرف أعلاه مع أحاديث تنير كل قلب مرتبط بالله تعالى ومخلص لدينه ووطنه ولأمته وهذه هي شيمة الأصيل ..
ويا عزيزي طالب الذرية الصالحة، وترجو منهم بعد الممات أن يكونوا صدقة جارية!.. ألفت نظرك روى أبو إسماعيل قال: (قلت لأبي جعفرـ (عليه السلام): جعلت فداك!.. إن الشيعة عندنا لكثير، فقال: هل يعطف الغني على الفقير، ويتجاوز المحسن عن المسيء، ويتواسون؟.. فقلت: لا، فقال ليس هؤلاء شيعة، الشيعة من يفعل ذلك ).
المرجو أن تكون تربيتكم على هذا الغرار، لأن مسألة تربية الطفل تشغل مكانة كبرى من المسائل الاجتماعية في عصرنا هذا.. فالطفل هو اللبنة الأولى في المجتمع، إن أحسن وضعها بشكل سليم، كان البناء العام للمجتمع مستقيما، مهما ارتفع وتعاظم.. ولهذا يحتاج الطفل إلى هندسة وموازنة بين ميوله وطاقاته، ويفتقر كذلك إلى تربية صالحة، ينشأ فيها وتصقل مواهبه.. وكما يعوزه تنظيف موارد الثقافة التي يتلقاها والحضارة التي يتطبع عليها.. والتربية التي ينشأ عليها؛ لأنه عالم قائم بنفسه، يحمل كل سمات الحياة بصورة مصغرة، في جميع مكونات المجتمع.. هذا ما يقوله كل باحث تربوي .
وجاء عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) ودور الأسرة في التربية: ((وأما حق ولدك: فأن تعلم أنه منك، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره.. وإن عمل ابنك عملاً حسناً، قال له الناس: رحم الله أباك!.. وإن عمل سوءاً قال الناس: لعن الله أباك!.. وأنك مسؤول عما وليته من حُسن الأدب والدلالة على ربه -عز وجل- والمعونة على طاعته.. فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه، ومعاقب على الإساءة إليه )
وعن الإمام زين العابدين (عليه السلام) أيضا: ( وحقّ الصغير: رحمته في تعليمه، والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به، والمعونة له).. ولهذا يسعى الإسلام دائما إلى جعل الأسرة المسلمة قدوة حسنة طيبة، تتوفر فيها عناصر القيادة الرشيدة في تربية الأبناء.. وأهم قاعدة من قواعد التربية الإسلامية، هي توجد عملية تربوية لقدوة الصلاح، وحب الخير، والعمل الصالح.. لذ قال الإمام الصادق (عليه السلام): (وتجب للولد على والده ثلاث خصال: اختياره لوالدته، وتحسين اسمه، والمبالغة في تأديبه).. ومن هنا يعتبر الأبوان هما المسؤولان الأول عن تربية أبنائهم تربية صالحة، ليكونوا قرة عين له في مستقبله .
ويقول الإمام علي كرم الله وجهه وعليه السلام: (ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق، وأجمعت عليه من أدبك، أن يكون ذلك وأنت مُقْبِلُ العُمُرِ وَمُقْتَبِلُ الدَّهْرِ، ذو نيَّة سليمة، ونفس صافية، وأن أبتدئك بتعليم كتاب الله وتأويله، وشرائع الإسلام وأحكامه وحلاله وحرامه )...
وإن كنت -يا عزيزي- ترجو صدقة جارية بعد الممات كم ذكرت: عليك بتربيته حسب الكتاب والسنة والمجتمع الصالح، وقد رسم الرسول -صلى الله عليه وآله- مناهج في التربية الصالحة والوفاء.. روي عنه قال: (أحبوا الصبيان وارحمهم، وإذا وعدتموهم، ففوا لهم؛ فإنهم لا يرون إلا أنكم ترزقونهم.. إن الله –عز وجل- ليس يغضب لشيء، كغضبه للنساء والصبيان).. وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله-: (من حق الولد على والده ثلاثة: يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة، ويزوجه إذا بلغ).. وقوله صلى الله عليه وآله أيضا: (أكرموا أولادكم، وأحسنوا أدبهم؛ يغفر لكم ).
وقد ورد عن أبي لزهراء محمد -صلى الله عليه وآله - قال: (لأن يؤدب أحدكم ولده، خير له من أن يتصدق بنصف صاع كل يوم).. وإن كانت تربيتك لهم على هذه الوصايا والأوامر، فلا تقلق.. وإن نجاح تربيتك تكون كالإناء ينضح بما فيه .
وأرجو منك أن تتعمق بقول الله في عباده الصالحين قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا )الفرقان /74 ... والعبء والمسئولية لا بد أن تكون عهدتا في رقاب الوالدين .
ونعم ما قيل في هذا الصدد :
ما يبلغ الأعداء من جاهل * ما يبلغ الجاهل من نفسه
والشيخ لا يترك أخلاقه * حتى يوارى في ثرى رمسه
إذا أر عوى عاد إلى جهله * كذي الضنى عاد إلى نسكه
وإن من أدبته في الصبى * كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه مورقا ناضرا * بعد الذي أبصرت من يبسه .
واليوم يا أعزائي الأبوين أن تتعاونوا لخدمة الوطن لأن الوطن اليوم محتاج ذرية صالحة ليكونوا غدا أمناء علينا أيام نشيخ ونكبر ونكون كبار السن وهنا يكون قد حصلنا على جيل مثقف واعي لخدمة الوطن والموطنين ولأبويهم ولم ننال مثل هذا الجيل العقائدي إلا بتربية صالحة عقائدية مبنية على كتاب الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله والكتاب والسنة النبوية الشريفة وأن في الموضوع أحاديث منبعها من الذرية الطاهرة أهل البيت عليهم السلام والصحابة الكرام وبنعمته تتم الصالحة بعد أن نحصل على جيل عقائدي سوف نقضي على المرتشين والمخادعين والسراق الذين يستغنوا على رؤوس البعض .وبعد أن نتوفق لتعداد هذه الجيل العقائدي الصادق نتمكن أن نكون من البلدان العالم الذي يتمكن أن يكون علم بين الدول الكبرى المنتجة القوية في كل المجالات العلمية والاقتصادية والعملية ويداً بيد لبناء مجتمع مثقفة متربي ملتزم بالعقائد والأخلاق التي هي ثروة الأمم المتقدمة والله خير حافظ وهو ارحم الراحمين .
المحب المربي
سيد صباح بهبهاني
behbahani@t-online.de