الأخبار

مطربو الموصل يعلنون "البراءة" في الجوامع.. والمخاوف من التصفية تدفعهم إلى كردستان

17/03/2013 15:42
(السومرية نيوز) نينوى - يتذكر الموصليّون بحسرة مكاتب الموسيقيين والمطربين التي كانت تتوزع على مساحة كبيرة من مركز المدينة "الحدباء"، خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، حيث كانت من أكثر المدن العراقية احتفاءً بالطرب والموسيقى، والتي اختفت الآن وباتت مجرد صورةٍ للذكرى.

وفيما يخيم شبح العنف على المدينة الشمالية "ذات الربيعين"، يرسم المهتمون صورة غير مستقرة لمستقبلهم شبيه بالوضع الأمني الذي كان السبب المباشر لـ "كسر رأس" حلم صانعي الفرح.

خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين، كانت حنجرة ملا عثمان الموصلي، تصدح بحرية ومن دون خوف، غير أن مطربي الموصل ومنذ العام 2003 وبدلاً من توزيع ألحانهم وأغنياتهم، وزع عليهم ملثمون ومن جماعات متشددة تهديدات تخيّرهم ما بين القتل و"إعلان البراءة".

وبألم يقول احد ابرز مطربي المدينة المتنوعة اجتماعياً مما جعلها مدينة غناء، جاسم حيدر "اضطر اغلبنا إلى إعلان البراءة عبر كتابة ورقة أمام باب جامع أو مسجد في الأحياء التي نقيم بها".

البراءة أو ملاقاة مصير كوران

ويقول احد ابرز فناني الموصل جاسم حيدر والذي رغم إعلان براءته من الغناء، مازال يمارسه في حديث لـ"السومرية نيوز" إن "كانت لدينا مكاتب في منطقة النبي شيت وصولا إلى الدواسة، كان يتم حجز مطرب وفرقة الموسيقية عن طريق مكتب ودفع عربون، والمطربون الذين كانت تتوافد عليهم الحجوزات كانوا قلائل، والأجهزة حينها كانت بسيطة وقديمة وكلاسيكية ولاسيما في فترة الحصار".

ويروي حيدر أن "الحفلات كانت تبدأ من الساعة السابعة مساء وحتى فجر اليوم التالي، حفلات الزفاف كانت تقام في الأزقة والتي نسميها بالمحلة أو العوجة بالقرب من بيت العريس"، مضيفا انه  "وبسبب الأوضاع الأمنية المتدهور في الموصل ولاسيما في عامي 2006 و2007 وما بعدها، لم نرّ حفلات كالسابق، باتت تقام في قاعات مغلقة، اغلبها في منطقة الغابات السياحية".

وبرز في الموصل عدد كبير من المطربين، من أهمهم حسين الشكرجي، محمد زكي، تحسين حداد، عبد الله الأسمر، فخري فاضل، كريم بركات، جاسم حيدر، عبد الواحد حداد، جبار حاحة، محمود العربي، هلال السعد، حسين الصائغ، واحمد المصلاوي.

ويستعيد حيدر أياماً عصيبة مرت على المطربين والموسيقيين في الموصل، ويفيد بأن "اغلب المطربين تم تهديدهم لإرغامهم على ترك الغناء، خيرونا بين إعلان البراءة من هذه المهنة، أو القتل".

وبمرارة علت قسمات وجهه، يتابع حيدر حديثه بأن "اغلبنا اضطر إلى إعلان البراءة عبر كتابة ورقة أمام باب جامع أو مسجد في الأحياء التي نقيم بها، ورغم ذلك قتل مسعود كوران وغيره كثيرون".

وبشأن مقتل كوران، يقول حيدر "قتلوه أمام منزله في سوق النبي يونس"، مضيفا "كان من الأصوات الموصلية الكردية الشجية".

ويبين أنه "تم تفجير قاعة السلام في "الدركزلية"، وقاعة الشباب أغلقت هي وقاعة آشور لكونهما بالقرب من دار احد المسؤولين في المدينة".

هجرة أو توبة أو تقاعد!!

ويحاول حيدر أن يكون متفائلاً بقوله "المهنة موجودة لكنها خارج الموصل، وأكثر المطربين حولوا مكاتب الموسيقى إلى مكاتب لإيجار الأجهزة ومنها ما يعرف بالدي جي، أما جيلنا فقد توزع بين العمل في إقليم كردستان والهجرة إلى الخارج، بينما ترك قسم أخر المهنة وزاول أعمالاً أخرى أو أصبح موظفا حكوميا ينتظر الإحالة إلى التقاعد".

ويلفت إلى انه "بتنا نتعامل الآن مع مكاتب في إقليم كردستان، لكني مازلت احتفظ بفرقتي الخاصة المؤلفة من عازف اورگ وكمان وإيقاع ومسؤول عن أجهزة الصوت، في السابق كنا نقيم عشرين حفلا في الشهر الواحد خلال مواسم الربيع والخريف، أما الآن الحفلات تقتصر على وجبة غداء بحضور بعض الأقارب".

رياض احمد في الموصل

نقيب الفنانين في الموصل تحسين حداد، أو كما يلقب بـ"رياض احمد الموصل"، يوضح في حديث لـ"السومرية نيوز" انه "كنا سابقا لا نجد وقتا كافيا للراحة، لكثرة الحفلات والمناسبات والمهرجانات، كنا نخرج حتى ولو على مرض، المنافسة كانت حامية بين المطربين، فيمن يحيي حفلات أكثر، لكن بعد العام 2003 تغير الحال بالمرة".

وبينما يأمل حداد بعودة "الزمن الجميل والغناء الأصيل"، يجد في تذكر حفلاته، متعة حيث كان الناس يرون فيه "رياض احمد الموصل"، ويلفت إلى أن "الموصليين يحبون رياض احمد، ويجدون صوتي قريبا إلى صوته".

حداد الآن وبين فينة وأخرى، يشارك في أحياء سهرات تلفزيونية، أو يسهم في حفلات أو مهرجانات في بغداد أو الموصل أو كردستان العراق.

أصحاب القاعات يحتكرون المهنة

المصور جاسم الساهر، والذي كان يعمل مصورا في تلفزيون الموصل المحلي، بات اليوم صاحب قاعة للأعراس والحفلات، ويبين في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "صاحب القاعة بات يجهز كل شيء، من تجهيز الكوشة والإضاءة والموسيقى، إلى المطرب في بعض الأحيان والمصور".

وينوه إلى أن "بعض أصحاب القاعات يقدمون خدمات أكثر، في أن يكون مصور الحفل، فتاة، إضافة إلى توفير كهرباء مستمرة وساحة لوقوف السيارات، كل ذلك بسعر أراه زهيدا، مقارنة بالخدمات".

ويؤكد أن "الحجز خلال مواسم الزواج تشهد زخما كبيراً، أحيانا حفلات الزفاف تؤجل لمدة شهرين أو أكثر".

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية